وبين من هو الاشقى؟ قال الذي كذب وتولى الذي كذب بالحق ولم يذكر هنا ما الذي كذب به يشمل كل تكذيب بما يجب التصديق به من خبر الله وخبر رسوله الذي ذكره المصنف رحمه الله وجعله كقوله وعلى الله قصد السبيل اتاه ابن جرير اي جعل اه معنى قوله ان علينا للهدى كقوله وعلى الله قصد السبيل اي والى الله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان علينا للهدى وان لنا للاخرة والاولى فانذرتكم نارا يصلاها الا الاشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الاتقى الذي يؤتي ما له يتزكى. وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى ذكر ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره تفسيرا لهذه الايات قال قتادة ان علينا للهدى اي نبين نبين له الحلال والحرام. وقال غيره من سلك طريق الهدى وصل الى الله وجعله كقوله تعالى وعلى قصد السبيل حكاه ابن جرير وقوله وان لنا للاخرة والاولى اي الجميع ملكنا اي الجميع ملكنا وانا المتصرف فيهما وقوله فانذرتكم نارا تلظى. قال مجاهد اي توهج قال الامام احمد حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن سماك ابن حرب قال سمعت النعمان سماك؟ اي نعم احسن الله اليك عن سماك ابن حرب قال سمعت النعمان ابن بشير يخطب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول انذرتكم النار انذرت النار انذرتكم النار حتى لو ان رجلا كان بالسوق لسمعه حتى لو لو ان رجلا كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا قال حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه وقال الامام احمد حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة قال حدثني ابو اسحاق قال سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اهون اهل النار عذابا يوم القيامة رجل توضع في اخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه. رواه البخاري. وقال مسلم حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة. قال حدثنا ابو اسامة عن الاعمش عن ابي اسحاق عن عثمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اهون ان اهون اهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار ان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى ان احدا اشد منه عذابا وانه لاهونهم عذابا الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يقول الله تعالى ان علينا للهدى هذه الاية جاء ذكرها بعدما تقدم من ذكري اختلاف سعي الناس وتشتته حيث قال تعالى ان سعيكم لشتى. ثم ذكر حال من اعطى واتقى وصدق بالحسنى وحال من بخل واستغنى وكذب بالحسنى مآل كل واحد منهما فذكر الحال والمآل لكل واحد من هذين الفريقين قال ان علينا للهدى ان علينا اي ان مما اوجبه الله تعالى على نفسه والزم به نفسه ان يبين الحق وطريق الرشاد الصراط المستقيم لكل احد وهذا قطع للعذر عن اولئك الذين يعتذرون بعدم معرفة الحق او علمه فانه قد تبين الحق و استبان الهدى من الضلال ولذلك قال ان علينا للهدى اي بيانا وايظاحا وكشفا و تبيينا يقول المصنف رحمه الله اي تبيين الحلال والحرام وهذا وجه من اوجه بيان الهدى وليس حصرا وقال غيرهم من سلك طريق الهدى وصل الى الله وهذا معنى اخر في قوله ان علينا للهدى اي ان طريق الهدى يوصل الينا وهذا معنى مختلف عن المعنى السابق فمعنى علينا بمعنى الينا وهذا من تبادل حروف الجر اي ان الينا للهدى اي من سلك طريق الهدى وصل الى الينا وهذا هو المعنى الثاني قصد السبيل فمن قصد السبيل واستقام على الطريق وصل الى الله كلا المعنيين قريب لكن المعنى الاول اظهر والله تعالى اعلم وانسب بعد ذكر انقسام احوال الناس واختلاف سعيهم وان هذا السعي ليس لخفاء الحق ولا لعدم العلم به ومعرفته بل ان الله تعالى بين الحق بيانا تنقطع به الحجة ويستبين به الهدى من الضلال وانما ظل من ظل لما يقع له من اتباع الهوى وتسلط الشياطين واصحاب السوء والاغتراب الدنيا قال وان لنا للاخرة والاولى اي الجميع ملكنا وانا المتصرف فيهما وهذا مناسبته والله اعلم بيان عدل الله تعالى فيما يجريه من احكامه وان كل ما اجراه عدل فهو المتصرف في ملكه جل في علاه وان لنا اي ملكا للاخرة اي ما يكون فيها من نعيم وعذاب. والاولى وما يكون فيها من احوال وخلق ثم عاد السياق نعم هذا السياق الى ذكر ما كان من من من من القرآن الكريم ومما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من النذارة قال فانذرتكم نارا تلظأ فانذرتكم اي خوفتكم نارا توضأ والتخويف هنا بالقرآن وبالرسول وبما جعله الله تعالى من الايات التي يستدين بها الحق يعرف بها مآل اهله ومآل اهله الباطل ومنتهاهم فانذرتكم والانذار هو التحذير المتضمن للتهديد والتخويف فانذرتكم نارا توضأ ونكر النار هنا لتعظيمها وتفخيمها وانها نار عظيمة تلظى اي تتلهب وتتوهج ثم ذكر في غذارته صلى الله عليه وسلم احاديث منها ما رواه احمد وساقه باسناده عن النعمان البشيري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول انذرتكم النار انذرتكم النار حتى لو ان رجلا كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا اي كان يرفع صوته بهذه النذارة قال حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه من شدة انذاره صلى الله عليه وسلم وساق الحديث الاخر حديث النعمان عند البخاري ان اهون اهل النار عذابا يوم القيامة رجل توضع في اخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه اي يفور من شدة حرارتهما نعوذ بالله من ذلك وهذا من النذارة بيان هذا هو نوع نذارة من النار ومثله ما رواه مسلم من حديث النعمان البشير ان اهون اهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماؤه كما يغلي المرجل اي كما يغلي وعاء الماء بالمال اذا اجتمع غليانا ما يرى ان احدا وما يرى ان احدا اشد منه عذابا وانه لاهونهم عذابا وهذا ايضا نوع نذارة قول فانذرتكم المتكلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن ان يقال المتكلم بذلك الله جل وعلا وكل ذلك واقع كل ذلك واقع فان الله تعالى انذرنا النار وحذرنا منها والنبي صلى الله عليه وسلم انذرنا مما انذرنا به مما انذرنا منه الله تعالى فانذر النار وحذرنا منها قال لا يصلحها الا الاشقاء وقوله لا يصلاها الا الاشقى اي لا يدخلها دخولا يحيط به من جميع جوانبه الا الاشقى. ثم فسره فقال الذي كذب اي بقلبه وتولى اي عن العمل بجوارحه واركانه. قال الامام احمد حدثنا حسن بن موسى قال حدثنا ابن لهيعة قال تحدثنا عبد ربه بن ساعد عن المقبري عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار الا شقي الى ومن الشرقي قال الذي لا يعمل بطاعة ولا يترك لله معصية. وقال الامام احمد حدثنا يونس والسريج قال تحدثنا فليح عن هلال ابن علي عن عطاء ابن يسار عن ابيه عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل امتي لتدخلوا الجنة يوم القيامة الا من ابى. قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال من اطاعني دخل الجنة. ومن عصاني فقد ابى ورواه البخاري وعن محمد بن عن محمد بن سنان عن فريح به يقول الله جل وعلا لا يصلاها فانذرتكم نارا تلظى لا يصلاها. اي لا يعذب بها الصلي هو العذاب بالشيء والشوي لا لا يصلاها اي لا يعذب بها ولا يذوق صليها الا الاشقاء الاشقى يعني الشقي هذا افعل جيء به جيء بصيغة افعل والمراد به الشقي ولكنه اشقى اشقى بني ادم ولهذا بعض المفسرين فسر الاشقى بالشقي والصواب ان الاشقى هو الاكثر شقاء وهو كل من كفر بالله فهو اكثر شقاء من غيره وبعضهم قال هذا لا يراد به المفاضلة انما يراد به الوصف ولذلك قال لا يصلح الا الاشقى فسر الاشقى بالشقي وتولى اي جمع الى الكذب الاعراب وهو التولي وهذان نوعان من الكفر تكذيب الحق كفر والتولي عنه كفر وقد اجتمعا في هذا ولذلك قال الاشقى فلو كذب ولم يتولى او تولى ولم يكذب كان اخف كفرا لكن ذكر الله تعالى هذه الوصفين لبيان عظم ما كان عليه المستحق للنار من من العذاب ووقوله لا يصلح الا الاشغال ليس حصرا اه على هذا فقط بمعنى ان هذا الحصر مراده لا يصلحها صليا دائما مستمرا مؤبدا لا يصلح حصريا مستمرا مؤبدا اما دخول النار فيدخلها العصاة ممن قدر الله تعالى ان يطهروا بالنار فهم يصلونها لكن شتان بين الصلي هذا وصلي ذاك لا يصلح الا الاشقى الذي كذب وتولى قال وسيجنبها الاتقى اي سيجنب النار نعوذ بالله منها الاتقى والاتقى هو من حقق خصال التقوى ولذلك قال بعضهم الاتقى التقي وهو لو جرى على وجهه لكان له وجه لانه اتقى من من دول ممن دونه قال المصنفين وزحزحوا عن النار التقي التقي التقي النقي يزحزح عن النار التقي النقي ثم فسره اي فسر الاتقى بقول الذي يؤتي ما له يتزكى نعم وقوله وسيجنبها الاتقى ايوة سيزحزح عن النار التقي النقي الاتقى ثم فسراه بقوله الذي يؤتي ماله يتزكى ان اصرف ما له في طاعة ربه ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا وما لاحد عنده من نعمة تجزى اي ليس بذلهما ليس بذله ما له في مكافأة من اسدى اليه معروفا. فهو يعطي في ذلك وانما دفعه ذلك ابتغاء وجه ربه الاعلى اي طمعا في ان يحصل له رؤيته طمعا في ان يحصل له رؤيته في الدار الاخرة في روضات الجنات. قال الله تعالى ولسوف يرضى اي ولسوف يرضى من وصف بهذه الصفات وقد ذكر غير واحد من المفسرين ان هذه الايات نزلت في ابي بكر الصديق رضي الله عنه حتى ان بعضهم حكى الاجماع من المفسرين على ذلك ولا شك انه داخل فيها واولى الامة بعمومها فان لفظها لفظ العموم وهو قوله تعالى وسيجنبها الاتقى الذي يؤتي ماله او يتزكى وما لاحد عنده من نعمة تجزى. ولكنه مقد ولكنه مقدم الامة وسابقهم. ولكنه مقدم الامة وسابقوهم في جميع هذه الاوصاف وسائر الاوصاف الحميدة. فانه كان صديقا تقيا كريما جوادا باذلا لامواله في طاعة مولاه ونصرة رسول الله. فكم من دراهم فكم من فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه ربه الكريم. ولم يكن كاحد من الناس عنده منة يحتاج الى ان يكافئه بها. ولكن كان فضله واحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل. ولهذا قال له عروة ولهذا قال له عروة ابن مسعود وهو سيد ثقيف يوم صلح الحديبية امام الله لولا يد لك كانت عندي لم اجزك بها قال اجبتك وكان الصديق قد اغلق لم اجزك بها لاجبتك. وكان الصديق قد اغلظ له في المقالة. فاذا كان هذا حاله مع سادات العرب ورؤساء القبائل فكيف بمن عاداهم؟ ولهذا قال وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى. وفي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من انفق زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنة يا عبد الله هذا خير فقال ابو بكر يا رسول الله ما على من يدعى من ضرورة فهل يدعى منها كلها احد؟ قال نعم وارجو ان تكون منهم اخر تفسير سورة الليل ولله الحمد والمنة اذا قوله سيتجنبها الاتقى جاء بيانه في قولها الذي يؤتي ماله اي يعطي ماله يتزكى اي يطلب زكاء نفسه وطهرتها من الشح ومن سيء الاخلاق وما لاحد عنده من نعمة تجزى اي ليس عطاء لاجل مكافأة او رد جميل او طمع في احسان او مقابلة لمنفعة الا ابتغاء وجه ربه الاعلى اي ليس ثمة قصد ولا هناك غاية من هذا الا انه يبتغي وجه الله الا ابتغاء اي طلب وجه الا ابتغاء وجه ربه الاعلى اي طلب وجه ربه الاعلى جل في علاه وابتغاء وجهه والسعي في مراضيه اي طمعا في ان يحصل له رؤيته في الدار الاخرة وهذا معنى من المعاني والمعنى الاخر الا ابتغاء وجهه اي الا قصده جل وعلا الوجه يطلق ويراد به الذات وهذا لا بأس به في بعض السياقات لكن لا ينفي اثبات صفة الوجه له جل في علاه الا ابتغاء وجه ربه الاعلى. اي جهته جل في علاه فغرضه من هذا الانفاق هو الرغبة فيما عند الله عز وجل الرغبة في رضاه جل في علاه ولسوف يرضى. هذا قسم من الله عز وجل بانه سيرضي من كان هذا عمله ولسوف يرضى اي هذا الذي وصفه بالاتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى هذا سيعطى ما يرضيه ولسوف يرضى و ذكر المصنف رحمه الله ان هذه الايات نزلت في ابي بكر وهو احد القولين في سبب النزول انها نزلت في ابي بكر والذي يظهر كما هو ظاهر صنيع المصنف انها عامة في ابي بكر وغيره ممن حقق هذه الصفات لكن ابا بكر المقدم في ذلك واستدل لهذا بما في الصحيحين من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من انفق زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنة يا عبد الله هذا خير هذا خير يعني هذا الذي انفقته قدمته من المال خير فقال ابو بكر يا رسول الله ما على من دعي من منها ظرورة اي ما عليه ظرر يسلم من كل ظرر ان يدعى من ابواب الجنة فهل يدعى منها كلها احد اي هل يدعى من هذه الابواب كلها احد فقال ابو بكر فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم ولك نعم وارجو ان تكون منهم وذاك لكثرة خيره وعظيم بره واحسانه وتقدمه رظي الله عنه والمقصود ان هذه الايات ليست خاصة لابي بكر ولا في ابي ولا في امية بن خلف ابي بن اه ابن خلف بل هي عامة بكل من تحققت فيه هذه الصفات والله تعالى اعلم والله وصلى الله وسلم على نبينا محمد