بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وسيد المرسلين وبعد قال المؤلف رحمه الله تعالى قوله تعالى ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة ومن اوزار الذين يضلونهم هذه الاية الكريمة تدل على ان هؤلاء الضالين يحملون اوزارهم كاملة ويحملون ايضا من اوزار الاتباع الذين اضلوهم. وقد جاءت ايات اخر تدل على انه لا يحمل احد وزر غيره كقوله تعالى وان تدعو مثقلة الى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى وقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر اخرى والجواب طيب الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اه فنحمد الله تعالى على ما يسر من العود واسأل الله تعالى ان يكون العود احمد اه في هذا الكتاب كتاب دفع ايهام الاضطراب عن ايات الكتاب اه العلامة محمد الامين ابن محمد المختار الشنقيطي رحمه الله آآ كنا قد وقفنا على سورة النحل موضوع الكتاب واظح وهو اه ذكر الاجوبة عما اه يمكن ان يرد من توهم التعارض بين ايات الكتاب ولا ريب ان ايات الكتاب الحكيم لا تعارض بينها وليس فيها ما يتنافر بل هي متفقة متسقة فاذا ورد شيء اذا ورد شيء من ذلك الذي من ذلك التوهم يجاب عنه بالتأمل والنظر والتدبر كما قال الله تعالى افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فلما نفى عنه الاختلاف بين الطريق الذي يحصل به ادراك ما في هذا الكتاب من ائتلاف وانتظام واجتماع وهو التدبر آآ هذه الاية آآ في هذه السورة سورة النحل هي سورة آآ الامتنان والنعم التي ذكر الله جل وعلا فيها ما انعم به على عباده واول ما ذكر في هذا نعمة الوحي اتى امر الله فلا تستعجلوه سبحانه سبحانه وتعالى عما يشركون هو الذي ينزل الروح من امره على من يشاء من عباده انا انذر انه لا اله الا انا فاتقون بهذه السورة الكريمة ذكرت ما انعم الله تعالى به على عباده واولياءه فيما نحن فيه من آآ ايات ذكر قول الله جل وعلا ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة ومن اوزار الذين يضلونهم بغير علم. هذه الاية الكريمة ذكرها الله جل وعلا بي اه سياق ما اجاب به المشركون في قوله تعالى واذا قيل لهم ماذا انزل ربكم قالوا اساطير الاولين ثم قال جل وعلا معقبا على هذه الاجابة ليحملوا اوزارهم يعني الاوزار التي ترتبت على هذا القول وهو تكذيب المرسلين وزعم ان ما جاءوا به انما هو اساطير واكاذيب من مما يقوله الاولون قال الله جل وعلا بمحكم كتابه ليحملوا اوزارهم كاملة اي غير منقوصة يوم القيامة ومن اوزار الذين يضلونهم يعني ومن اثام الذين يضلونهم. هذه الاية ظاهرها ان هؤلاء يحملون اثمهم ويحملون مع اثمهم اثم من اضلوهم قد جاءت ايات عدة فيها ان آآ هذا الحمل ليس على ظاهره او انه قد يوهم تعارضا مع قوله تعالى ولا تزر وازرة وزر اخرى اي ولا تحملوا كاملة حملة اخرى هذا معنى قوله ولا تزر وازرة وزر اخرى والجواب عن هذا ما بينه المؤلف رحمه الله من ان مما سيبينه لكن الذي اوهم التعارض ان هذه الاية اثبتت ان هؤلاء يحملون اوزار غيرهم وفي غيرها من الايات لقوله تعالى ولا تزر اوزرة وزر اخرى افهمت انه لا يحمل احد وزراء وزر احد هذا معنى هذا وجه التعارض يجيب عن ذلك فيقول رحمه الله والجواب ان هؤلاء الضالين ما حملوا الا اوزار انفسهم لانهم تحملوا وزر الضلال ووزر الاضلال. فمن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من اوزارهم شيئا. لان تشريعه لها لغيره ذنب من ذنوبه فاخذ به وبهذا يزول الاشكال ايضا في قوله تعالى ولا يحملن اثقالهم واثقالا مع اثقالهم طيب هذه الاية الكريمة وهي قوله تعالى ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة ومن اوزار الذين يضلونهم بغير علم لا تتعارض مع لا تتعارض مع قوله ولا تزر وازرته وزر اخرى السبب ان الله تعالى في الاية التي نفى فيها ان يحمل احد وزر احد. اي الوزر الذي لا تسبب فيه وليس له آآ اثر في وجوده اما من اعان على وزر او دل على وزر فانه يتحمل من الوزر بقدر ما حصل من الاعانة او الدلالة والاغراء للوقوع في ذلك الوزر و قوله جل وعلا ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة ومن اوزار الذين يضلونهم او زار حملهم لاوزارهم واضح لانها ذنوبهم واما حملهم لاوزار من اضلوهم فالمقصود بالوزر المحمول هنا هو وزر الدلالة والتشجيع والاغراء بمواقعة السيئة وهذا لا ينقص من اوزار اولئك شيئا كما جاء في الصحيح من حديث جرير ابن عبد الله في قصة القوم الذين اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حفاة عراة فحثهم النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فجاء صحابي سرة فيها آآ مال تعجز عن تعجز عنها يداه و تتابع الناس بعد ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم من سن في الاسلام سنة سنة حسنة كان له اجرها واجر من عمل بها من غير ان ينقص من اجورهم شيئا. ومن سن في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها. ووزر من عمل بها لا ينقص من اوزارهم شيئا هذا ما دلت عليه آآ دل عليه الحديث من ان الدال على الخير له مثل اجر من دله على الخير والدال على اه ضلالة فعليه من الوزر مثل ما حصل بدلالته من الشر والفساد يشرح هذا ويوضحه ايضا ما جاء في الصحيحين من حديث مسروق عن عبد الله بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقتل نفس ظلما الا كان فعلى ابن ادم الاول اه كفل من دمها ثم قال صلى الله عليه وسلم ذلك انه اول من سن القتل فكان عليه وزر ما ترتب على هذا العمل من مشابهته والوقوع والوقوع في امثاله فلا تعارض بين الايتين او بين الايات نعم التي تليها الاية التي تليها قوله تعالى ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا هذه الاية الكريمة يفهم منها ان السكر المتخذ من ثمرات النخيل والاعناب لا بأس به. لان الله امتن به على عباده في سورة الامتنان التي هي سورة النحل وقد حرم الله تعالى الخمر بقوله رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. لانه وصفها بانها رجس انها من عمل الشيطان وامر باجتنابها ورتب عليه رجاء الفلاح ويفهم منه ان من لم يجتنبها لم يفلح وهو كذلك وقد بين صلى الله عليه وسلم ان كلما خامر العقل فهو خمر. وان كل مسكر حرام وان ما اسكر كثيره فقليله حرام والجواب ظاهر وهو ان اية تحريم الخمر ناسخة لقوله طيب هذا واضح يعني ظاهر التعارض في ان هذه الاية تدل على انه من الرزق الحسن او مما امتن الله تعالى به على الناس فسواه الله تعالى بالرزق الحسن ومن ثمرة النخيل والاعلام تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ثم هذه ليست انه من الرزق الحسن لكن لما قرنه به دل على انه موضع امتنان وفي الاية الاخرى في اية التحريم ما يدل على انه رجس من عمل الشيطان وانه محرم وانه ليس مما آآ يمتن به بل مما يجب الانتهاء عنه ولذلك قال فهل انتم منتهون؟ وقال فاجتنبوه لعلكم تفلحون الجواب يقول ان اية تحريم الخمر ناسخة لقوله تتخذون منه سكرة الاية ونسخها له هو التحقيق خلافا لما يزعم لما يزعمه كثير من الاصوليين ان التحريم ان تحريم الخمر ليس نسخا لاباحتها الاولى. لان اباحتها الاولى اباحة عقلية وهي المعروفة عند الاصوليين بالبراءة الاصلية وتسمى استصحاب العدم الاصلي. والاباحة العقلية ليست من احكام ليست من الاحكام الشرعية حتى يكون رفعها نسخا. ولو كان رفعها نسخا لكان كل تكليف في كل تكليف في الشرع ناسخا للبراءة الاصلية من التكليف به والى كون الاباحة العقلية ليست من الاحكام الشرعية اشار في مراقي السعود بقوله وما من وما من الاباحة العقلية قد اخذت فليست الشرعية كما اشار الى ان التحريم ان تحريم الخمر ليس نسخا لاباحتها لانها اباحة عقلية وليست من الاحكام الشرعية حتى يكون رفعها نسخا بقوله اباحها في اول الاسلام براءة ليست من الاحكام. وانما قلنا ان التحقيق هو كون تحريم الخمر نازحا لاباحتها لان قوله تتخذون تتخذون منه سكرا يدل على اباحة الخمر شرعا فرفع هذه الاباحة المدلول عليها بالقرآن رفع حكم شرعي فهو نسخ بلا شك. ولا يمكن ان تكون اباحتها عقد مقلية الا قبل نزول هذه الاية كما هو ظاهر. ومعلوم عند علماء عند العلماء ان الخمر نزلت في شأنها في شأنها اربع وايات من كتاب الله. الاولى طيب المقدمة الان واضحة في الجواب يقول ان اية تحريم الخمر ناسخة لقوله تتخذون منه سكرا الاية ونسخها له هو ونسخها له اي لهذا لهذا القول هو التحقيق هذا ما ذكره رحمه الله في الجواب ان هذا الامتنان كان في وقت الاباحة وآآ ازالة الاباحة بما جاء من التحريم فارتفع كل ما تقدم من الامتنان قال الله جل وعلا وانما قلنا ان التحقيق هو كون تحريم الخمر ناسخا لاباحتها لان قوله تتخذون منه سكرا يدل على اباحة الخمر شرعا ليش لانه امتن بذلك عليهم فرفع فرفع هذه الاباحة المدلول عليها بالقرآن رفع حكم شرعي فهو نسخ بلا شك ولا يمكن ان تكون اباحة اباحته اباحتها عقلية الا قبل نزول هذه الاية كما هو ظاهر. يعني العقلية الاباحة العقلية يعني تسحب باستصحاب الاصل وهو ان الاصل في الاشياء الاباحة. قال ومعلوم عند العلماء ان الخمر نزل في شأنها اربع ايات في كتاب الله. يبين ذلك فيقول تم حسنا هكذا قال بعض اهل العلم انه فصله ولكن يعني دلالة هذا تعرف ليست بظاهرة لانه قد يقال هذا من باب عطف العام على الخاص تتخذون منه سكرا قال ورزقا حسنا فيكون هذا من باب عطف العام على الخاص لا يمكن نعم ومعلوم عند العلماء ان الخمر نزلت في شأنها اربع ايات من كتاب الله. الاولى هذه الاية الدالة على اباحتها. الثانية التي ذكر فيها بعض معايبها وان فيها منافع وصرحت بان اثمها اكبر من نفعها وهي قوله تعالى قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما فشربها بعد فشربها بعد نزولها. نعم فشربها بعد نزولها قوم للمنافع المذكورة وتركها اخرون للاثم الذي هو اكبر من المنافع. الثالثة الاية التي دلت على تحريمها في اوقات الصلاة دون غيرها وهي قوله يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون الاية التي حرمتها تحريما باتا مطلقا وهي قوله تعالى يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر الى قوله فهل انتم منتهون؟ والعلم عند الله تعالى. واما واما على قول من زعم ان ان السكر الطعم كما اختاره ابن جرير وابو عبيدة او انه الخل فلا اشكال في الاية. اذا اجاب المؤلف رحمه الله عن ما يمكن ان يتوهم من تعارظ بجوابين الجواب الاول بان هذه الاية منسوخة باية التحريم والجواب الثاني ان السكر في قوله تعالى ليس المقصود به المسكر انما هو الطعم الطعام يعني او الخل نعم وعلى وعلى المعنى الثاني لا اشكال ليس ثمة ما يوهم تعارضا بين الايات. الاية الثالثة قوله تعالى انما سلطانه على الذين يتولونه الاية هذه الاية الكريمة فيها التصريح بان الشيطان له سلطان على اوليائه. ونظيرها الاستثناء في قوله تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاويين. وقد جاء في بعض الايات ما يدل على نفي سلطانه عليهم كقوله تعالى ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان. وقوله تعالى حاكيا عنه مقررا له وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم. وما كان لي عليكم من سلطان. الاية والجواب هو ان السلطان الذي اثبته له عليهم غير السلطان الذي نفاه. وذلك من وجهين. الاول ان واضح الان. قوله جل وعلا انما سلطانه الظمير يعود الى من الى الشيطان على الذين يتولونه يعني الذين يحبونه ويقربون منه هذه الاية الكريمة فيها تصريح بين الشيطان له سلطان وعلى اولياءه ونظيرها الاستثناء في قوله ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغوين وجاء في موضع اخر ان انه ليس له سلطان على على على الخلق قال وقد جاء في بعض الايات ما يدل على نفي سلطانه عليهم كقوله ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين قال وما كان وعليهم من سلطان ان يكون له عليهم سلطان مع انهم اتبعوه وآآ ساروا على نهجه واخذوا بامره ونهيه قال والاية الثانية وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان فالجواب على هذا يقول وذلك من وجهين الاول ان السلطان المثبت له هو سلطان اضلاله لهم بتزيينه وسلطان والسلطان المنفي هو سلطان الحجة فلم يكن لابليس عليهم من حجة يتسلطوا بها غير انه دعاهم فاجابوه بلا حجة ولا برهان اطلاق السلطان على البرهان كثير في القرآن. واضح هذا ان السلطان المثبت غير السلطان المنفي. الوجه الثاني. الثاني ان الله لم يجعل له عليهم سلطانا ابتداء البتة. ولكنهم هم الذين سلطوه على انفسهم بطاعته ودخولهم في حزبه فلم يتسلط عليهم بقوة لان الله يقول ان كيد الشيطان كان ضعيفا. الاية وانما تسلط عليهم بارادتهم واختيارهم ذكر هذا الجواب بوجهيه العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى. وهذا فيكون للسلطان باعتبار الاصل والابتداء. واما السلطان المثبت هذا بالنظر الى ايش؟ الى انهم مكنوه من انفسهم واتبعوه حتى كان له عليهم سلطان. فيكون هذا السلطان المنفي مختلف عن السلطان المثبت ايضا زمانا وحالا