انما لا يدرك الا بالوحي حيث قال صلى الله عليه وسلم فان في احد فان في احد جناحيه داء وفي الاخر دواء وفي وفيه ايضا من الاعجاز اخباره بانه يتوقع بالذي فيه الداء اولا وفيه من الفوائد ان مثل هذه الاخبار مما يتبين به صدق الايمان انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه ناقل الحديث كان اذا وقع ذباب في اناءه غمسه نعم ننتقل الى الحديث الذي يليه. قال رحمه الله تعالى وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلت لنا ميتتان ودمان. فاما الميتتان فالجراد والحوت واما الدمان فالكبد والطحال. اخرجه احمد وابن ماجة وابن فيه ضعف. هذا الحديث نقله الحافظ ابن حجر رحمه الله عن ابن عمر واشار الى انه قد اخرجه الامام احمد وابن ماجه واشار الى ان فيه ضعفا وهو من طريق عبدالرحمن بن زيد بن اسلم عن ابيه عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه وسبب ضعف الحديث هو ضعف عبدالرحمن فان عبدالرحمن ابن زيد بن اسلم ضعيف الرواية قد ظعفه جماعة من المحدثين فظعفه ابن المديني وظعفه ايظا النسائي جماعات من اهل الجرح والتعديل من ائمة اهل العلم ظعفوه لظعف روايته فالحديث من حيث الاسناد حديث ضعيف لكنه قد جاء عن عبد الله ابن عمر موقوفا فيما رواه الدارقطني والبيهقي من رواية سليمان بن بلال عن زيد بن اسلم وهذه غير رواية عبد الرحمن ابن زيد هذي من رواية سليمان ابن بلال عن زيد ابن اسلم وسليمان ثقة لكن عبد الرحمن لكنه لم يرفع الحديث بل وقفه على عبد الله ابن عمر حيث قال فيما رواه الدرقطني والبيهقي من حديث بسليمان ابن بلال عن زيد ابن اسلم عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه انه قال احلت لنا ميتتان ودمان وحلت لنا ميتتان ودمان الوارد في الحديث من قول ابن عمر رضي الله تعالى عنه وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم ان هذا هذه الطريق تقوي الطريق السابق من حيث ان ما جاء به الخبر عن ابن عمر موقوفا موقوفا عليه باسناد صحيح من انه احلت لنا ميتتان هذا لا يقال بالرأي انما لابد فيه من توقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم لان اظافة التحليل والتحريم لا تكون ليه الناس اينما يحكيها الصحابي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وحتى لو قيل بان بانه لا يأخذ حكما مرفوع الا ان الموقوف يعضد المرفوع في قول بعض اهل العلم في مثل هذا الحديث. وعلى كل حال الحديث من حيث المعنى ثابت لا خلاف بين اهل العلم في مضمونه. وان هاتين الميتتين وهذان الدمان مما احلهم الله لهذه الامة وقد جاء ذلك في جملة من الادلة نأتي على سياق بعضها في بيان الحديث عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلت لنا ميتتان. احلت اي ابيحت فالحل هو الاباحة والاباحة حكم شرعي يستفاد من ادلة الشرع بالنص او بالعموم الاباحة حكم شرعي يستفاد من طريقين ان اما بالنص على الحل والاباحة وهذا فيما جاء بالخبر عن الله بالحلم كقول الله عز وجل واحل الله البيع وحرم الربا فالاخبار بالاباحة هنا جاء بالنص على نوع من المعاملات والمعاقدات النوع الثاني من الاحياء من مما يستفاد منه الاباحة والحل هو العموم في ادلة الشريعة فان ثمة ادلة دلت على ان الاصل في الاشياء الحلة والاباحة وذلك في ادلة الكتاب وفي ادلة السنة وعلى هذا عامة علماء الامة. وقد حكى الحافظ ابن رجب الاجماع عن بعض اهل العلم الاجماع على ان الاصل في الاشياء الحل اذا الحل والاباحة في الاشياء سواء كان فعلا او عينا او قولا او عملا يستند الى نوعين من الادلة النوع الاول الدليل الخاص على حله واباحته كقوله تعالى واحل الله البيع وكقوله تعالى احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة. هنا جاء النص على الاباحة والحل والطريق الثاني ومنه هذا الحديث ايضا احلت لنا ميتتان والطريق الثاني الذي تستفاد منه الاباحة وهذا اوسع واشمل من غيره ان تستفاد الاباحة من عمومات الادلة. اذكر لذلك مثالا وهو قوله تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا اضطررتم اليه وقد فسر لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه. فدلت هذه الاية على ان ما كان محرما فان الشريعة اتي به مفصلا مبينا موضحا فما سكتت عنه الشريعة ولم تأتي بتحريمه فانه حلال مباح ليس لاحد ان يقول في شيء انه حرام حتى يقيم عليه الدليل من الكتاب او من السنة وليس ذلك بالاراء ولا بالاذواق ولا بما يحب الناس ولا بما يشتهون انما المرجع في ذلك الى النصوص من كلام الله كلام رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم هذان الطريقان يستفاد منهما معرفة اباحة الاشياء ومن ادلة السنة على ذلك ماذا ذكرناه قبل قليل من قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سعد ابن ابي وقا اعظم المسلمين جرما في المسلمين من سأل عن شيء لم يحرم اذا الاصل في الاشياء ايش؟ الحل والاباحة لانه سأل عن شيء لم يحرم فحرم من اجل مسألته فدل ذلك على ان الاصل في الاشياء الحل الحل والاباحة. والادلة على هذا متوافرة كثيرة المقصود ان الحل يستفاد من طريقين. هذا الحديث فيه قوله قوله صلى الله عليه وسلم احلت لنا ميتتان. الخبر بحل شيء والتنصيص عليه بقوله صلى الله عليه وسلم احلت لنا ميتتان افادنا ان هاتين الميتتين وهذين الدمين حلال بالنص وهذا الذي جاء به الحل بالنص اما ان يكون استثناء من محرم واما ان يكون تقريرا لاباحة يعني لما يجي النص مبينا لحل شيء فلماذا جاء النص باباحته اما ان يكون هذا لاجل استثنائه من محرم. الميتة والدم. الاصل فيهما تحريم. فجاء ما يدل على اباحته واستثناء هذين النوعين او هذين الشيئين من عموم المحرم وقد يأتي النص بالحل دفع توهم التحريم وقد يأتي النص بالحل بين الفرق بين المحرم والمباح. كالربا مثلا لما قالوا انما البيع مثل الربا المشركون قالوا انما البيع مثل الربا ليش؟ تمنع الربا يا محمد وتحل البيع قال الله تعالى واحل الله البيع وحرم الربا فهنا جاء التنصيص على الحل لبيان الفارق الذي خفي على اهل الشرك والكفر وان البيع يختلف عن الربا في حقيقته ولذلك اختلف حكمه في الشرع فأبيح منهما ابى ما ما دلت الشريعة على اباحته حرم الربا الذي يترتب عليه فساد الاموال فقوله صلى الله عليه وسلم احلت لنا ميتتان ميتتان جمع ميتة والميتة هي ما هي ما فارق الحياة حتف انفه هكذا يعرفه العلماء الميتة ما فارق الحياة حتف انفه يعني من غير اختياره لكن من دون فعل فاعل ليخرج بذلك ما فارق الحياة بالذكاة فانه لا يأخذ حكم الميتة لانه فارق الحياة بفعل ادمي بفعل فاعل فاذا توافرت شروط الاباحة كان مباحا ولا يلحق بالميتة انما الميتة ما فارق الحياة حتف حتف انفه ما زالت عنه الحياة بالقوة من غير اختيار واما الدمان فهو جمع دم والدم هو مادة سائلة يكون فيها ما ينتفع به البدن ويقوم وتقوم به وتقوم بها الحياة الدم مادة سائلة تجري في عروق الحيوان يكون بها حياته وقد حرم الله تعالى الميتة والدم فقال الله تعالى قل لا اجد فيما اوحي الي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير وقد جاء في الصحيح من حديث جابر ابن عبد الله ابن حرام الانصاري رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم امر من ينادي يوم فتح مكة ان الله حرم بيع الميتة والدم والاصنام والخنزير. هذه المنصوصات الاربعة جاء تحريمها في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر وهو مما يضاف الى الادلة الدالة على تحريم الميتة والدم فقوله صلى الله عليه وسلم احلت لنا ميتتان ودمان اي استثني من تحريم الميتة ومن تحريم الدم ما جاء به النص في حديث عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه. وجاء ذلك بذكره تنصيصا فقال اما الميتة الجراد والحوت هذا بيان للميتة التي احلت وابيحت مع كون وصف الموت فيها قائما الجراد معروف فواحده جرادة والجرادة اسم يستوي فيه المذكر والمؤنث فتقول هذا هذه جرادة سواء كان من ذكر الجراد او من اناثه وقد يؤنث بالتاء فيقال هذه جرادة في حق الانثى دون المذكر لتحقيق هذا الوصف والاصل في الجراد والجرادة انه يطلق على الذكر والانثى كالحمامة فانه لا يميز فيها بين الذكر والانثى وهي معروفة طائر يطير يشبه اه الحشرات من الفراش ونحوه الا انه يجتمع فيهما جرى عرف الناس باكله في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقد اقر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكل او اصحابه وجعل النص باباحته كون بعض الناس لا تطيب نفسه بأكله هذا لا يفيد التحريم. لان الحل والاباحة ليس امرا يرجع الى ما تستسيغه النفوس او تكرهه انما مرجعه الى النصوص. ولهذا لما قدم الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ما هذا؟ قالوا ضب قال اني لاجده في ارض قومي تعافى صلى الله عليه وسلم ولم يأكله فاجتره خالد واكل منه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بل تراه هي للشيء وعدم استساغته لا يفيد تحريمه ومنعه فبعض من بعض الناس قد يكره اكل الجراد او لا يستسيغه او يستبعده او لا يستطيبه فهذا شأنه لكن هذا لا يفيد تحريما ولا منعا من اكله انما التحريم يرجع فيه الى النصوص واما الحوت في قوله والحوت فهو العظيم من السمك وهو اشارة الى كل ما يكون من الاسماك فان الحوت يطلق على عامة السمك وان كان اسما يخص الكبير العظيم منه وقد جاء حل الاسماك في عموم قول الله تعالى احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة. فصيد البحر هو كل مصيد البحر من كل نوع منه سواء كان سمكا او غير سمك وقوله صلى الله عليه وسلم في بيان الدمأة الذنب قال واما الدمان فالكبد والطحال الكبد عضو في الجانب الايسر من البطن وهو معروف له اهمية في بدن الانسان وفي بدن الحيوان من حيث تصفية الدم وسائر ما يكون من المصالح وهو يشبه الدم المجتمع ولذلك صنف من جملة الدم لانه يتفق معه لونا وصفة وانه يصفي الدم ويجري فيه الدم جريانا يصلحه ولذلك صنف من جملة الدماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث اما الدمام فالكبد والطحال اما الطحال فهو يكون في الجانب الايسر من بطن الحيوان وهو ما بين المعدة والحاجز البطني والطحال يحصل به ايضا من منافع تصفية الدم وتخليصه من كريات الدم التي فيها آآ مفاسد او انتهى الانتفاع ارتفاع البدن بها ما هو معروف. والمقصود ان الكبد والطحال معروفان وهما من جنس الدم لونا صفة فلذلك اظيف الى الدم وان كانا ليس سائلين لانهما عضوان والدم مادة سائلة وقد تتجمد ثم ينزاح اي ليخرجه بعد ان يغمس وقوله فليغمزه عائد الى كل الذباب وليس الى بعضه ليشمل جميعه وقوله ثم لينزعه لبيان ان هذا الغمس غمس مؤقت وليس دائما وسيأتي فلما كان الامر كذلك جاء النص على اباحة الكبد والطحال لاشتباهما بالدم واضيفا الى الدم في قول النبي صلى الله عليه وسلم واما الدمام فالكبد والطحال. اه هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده بيان النبي صلى الله عليه وسلم لما احل بما حرر ابانة الحلال والحرام من مهام النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى في وصفه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وفيه من الفوائد ان الخبيث قد يستثنى منه ما لا خبث فيه وان كان موافقا له في الاثم فان النبي صلى الله عليه وسلم استثنى ميتتين من الميتة ودمين من الدماء وفيه النص على اباحة الجراد والادلة على هذا كثيرة ولا اعلم خلافا بين اهل العلم في حله واباحته والنص على اباحة الحوت سواء كان المقصود بالحوت جنس السمك او كان الحوت المقصود به عظيم السمك وقد جرى في زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم انهم وافقوا على الساحل في بعض غزواتهم سمكا عظيما وقد اصابهم من الجوع ما اصابهم فاكلوا منه وتزودوا فلما جاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن ذلك فاذن له في اكله لانه مما احل الله تعالى في قوله احل الله احل احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وقيل في تفسير طعامه انه ما ماتا من حيوان البحر وطفى ولو لم يكن للانسان فعل في صيده لان قوله احل لكم صيد البحر اي ما اكتسبتموه بفعلكم من حيوان البحر واما طعامه فالمقصود به ماء حصل من حيوان البحر دون فعل الانسان كميتة البحر التي تطفو على وجهه او يقضي بها او يقذف بها الموج الى الساحل فينتفع به الناس وفيه من الفوائد اباحة الطحال والكبد بالنص الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في هذا الحديث وان كان من حيث الجنس يتفقان مع الدم لكنهما مستثنيان وجه المجيء بهذا الحديث في كتاب الطهارة مع كونه يتعلق بالاطعمة وهو اقرب الى الاطعمة منه الى الطهارة هو بيان حكم الميتة والدم وانهما نجسان وانهما يجلسان الا ما استثني فان البحث في هذا الباب ليس في احكام الاطعمة وانما في احكام الطهارة فالمجيء بهذا الحديث لبيان نوعين من انواع النجاسات وهما الميتة والدم فالنجاة فالدم نجس اذا كان مسفوحا وكذا الميتة نجسة سواء كانت من الدواب التي تمشي على اربع او على آآ غير ذلك مما له نفس سائلة اي دم سائل. نعم. قال رحمه الله تعالى وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا وقع الذباب في شراب احدكم فليغمسه ثم لينزعه. فان في احد جناحيه داء وفي الاخر شفاء. اخرجه اخرجه البخاري وابو داود. وزاد وانه يتقي بجناحه الذي فيه الداء هذا الحديث الشريف رواه الامام البخاري في صحيحه وقد نقله المصنف رحمه الله في كتاب الطهارة في باب المياه لبيان ان مما يرد على الماء ما لا يؤثر عليه من حيث الطهارة والطيب من ذلك ورود الذباب وشبهه في الماء هل يؤثر في الماء من حيث طهارته هذا الحديث يفيد انه لا اثر هذه الهوام التي من جنس الذباب اذا وقعت في الماء هذا المقصود صياغ مقصود المؤلف رحمه الله من سياق هذا الحديث في باب المياه من كتاب الطهارة وقد اخبر بانه اخرجه البخاري وهو كذلك في الحديث في صحيح الامام البخاري من طريق عتبة بن مسلم عن عبيد ابن حنين عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه وهو حديث صحيح في اصح كتاب بعد كتاب الله. يقول في المصنف رحمه الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المصلي فيما نقل عن ابي هريرة قال قال رسول صلى الله عليه وسلم اذا وقع الذباب في شراب احدكم فليغمزه ثم لينزعه فان في احد جناحيه داء وفي الاخر شفاء وساق المصنف رحمه الله رواية اخرى وهي رواية حافظ الامام ابي داود وذكر زيادة ابي داوود حيث قال وانه اي الذباب يتقي بجناحه الذي فيه الماء وهذه الزيادة من طريق سعيد المقبوري عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه فهي بطريق اخر غير طريق عتبة بن مسلم عن عبيد ابن حنين غير طريق البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اذا وقع الذباب اي اذا سقط والذباب نوع من الحشرات المجنحة الذباب جمع ذبابة هكذا قال بعض اهل العلم في بيان اصل اشتقاق الكلمة وقيل ان الذباب يطلق على الفرد وعلى الجمع وسمي الذباب بهذا الاسم لانه ذب ويطرد عما يصيبه وهو من بديع صنع الله عز وجل وقد ظرب الله تعالى به مثلا في كتابه وامر الناس ان يستمعوا الى ذلك المثل قال الله تعالى يا ايها الناس وهذا خطاب لكل البشر لجميع الناس وانظروا الى التحدي العظيم من الملك الجبار العظيم سبحانه وبحمده يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ليس ثمة مثل في القرآن امر الناس بالاستماع له الا هذا المثل. ليتبين به عظيم ضعف البشر ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له كل ما يعبد من دون الله من الانس والجن والملائكة وسائر المعبودات من دون الله لو اجتمعوا على ان يخلقوا ذبابة ما استطاعوا فاذا كان كذلك فهل يستحقون ان يعبدوا؟ هل يستحقوا هؤلاء الذين يعجزون عن خلق ذبابة ان يعبدوا من دون الله؟ الجواب لا ولهذا كان هذا المثل في غاية الظهور لابطال عبادة غير الله عز وجل. يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له. ان الذين من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له. وعجزهم ابلغ من ان يخلقوا. وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستيقظه منه يعني الذباب عندما يقع على طعامك ويأخذ منه ما يأخذ فهل تستطيع ان تستنقذ ما اخذه الذباب لا يستطيع لا يستطيع احد ان يستيقظ ويأخذ ما رشفه الذباب واخذه من طعام الناس فاذا كان كذلك فهم في عجز مطلق قال الله تعالى وان يسمهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ضعف الطالب والمطلوب كلا الخلق ضعيف انس ولا ما يدعون ولا من يدعون من دون الله ولا هذا الذباب الذي على هذا القدر من القوة التي لا يستطيعها البشر اذا اخذ منهم شيئا لا يستطيعون ان يستخرجوه منه. وقد حضر والشافعي بعض الخلفاء فسأله لماذا خلق الله الذباب هذا الغريبة سأل الشافعية لماذا خلق الله الذباب؟ فلم يكن عند الشافعي جواب حاضر لكن كانت ثمة في المجلس ذبابة حاضرة فوجدها قد وقعت على الخليفة فقال خلقها مذلة للملوك طلاقها ليظهر بها عجز هذا الانسان الذي له هذه القدرة ولا يستطيع ان يذب الذباب عنه فكان جوابا حاظرا منه رحمه الله وغفر له. هكذا قيل وعلى كل حال الذباب من بديع صنع الله عز وجل ومن اياته التي لفت الانظار اليها في هذه الاية التي قرأتها قبل قليل في سورة الحج فينبغي للمؤمن ان يعرف عظيم قدر عظيم قدرة الله في هذا الخلق الضعيف. اذا وقع الذباب في اناء احدكم هكذا في بعض الروايات والرواية التي ساقها المصنف في شراب احدكم وفي بعض الروايات اذا وقع الذباب في طعام احدكم واجمع هذه الروايات روايات اذا وقع الذباب في اناء احدكم لانه يشمل اطعمه شراب لان الاناء ظرف ووعاء يحوي طعاما وشرابا فهو اعم الروايات وقد جاء النص على ذكر الطعام في بعض الروايات كما جاء في ما رواه النسائي وابن ماجة من طريق ابي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه انه قال اذا وقع الذباب في الطعام ليشمل كل مطعوم لان المشروب ايضا مطعوم. قال الله جل وعلا في قصة طالوت وجالوت عندما جاز البحر قال فمن لم فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فاني فانه مني فسمى الشرب طعاما فقوله صلى الله عليه وسلم اذا وقع الذباب في شراب احدكم يشمل كل سائل والرواية الاخرى التي فيها ذكر الطعام يشمل كل ما يستعمله الناس من مأكول او مشروب وفي الاناء ايضا يشمل كل ما في الانية من المواد سواء كانت مأكولة او كانت مشروبة. اذا وقع الذباب في اناء احد فليغمسه فليغمس والغمس هو ادخال الشيء في الاناء والغالب في الغمس انه يذكر السائل والمائع لا يذكر في ما ليس سائلا فلا يقال غمست يدي في الرز او في اللحم او فيما هو من الاشياء الجامدة غالبا يطلق ذلك السوائل لكن قد يطلق ايضا الجوامد ومنه قوله صلى الله عليه وسلم من قال لاخيه تعال اقامرك فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه فجعل الغمس في جامد يخالطه سائل لحم خنزير ودمه وهذا يفيد ان الغمس يطلق قد يطلق على ما فيه جامد ان كان فيه شيء من السائل فقوله فليغمسه اي فليدخله في الاناء تفسير هذا الامر في بقية الحديث حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم فان في احد فان في احد فان في احد جناحيه اي جناحي البعوضة داء وفي الاخر شفاء وهذا من الاسرار التي لا تعلم الا بالوحي فان ذلك لا يمكن ان يأتي من قبل رأيه صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم وهذا اخبار عن امر مغيب عن الناس وطريق علم الغيبيات هو هو خبر سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه فما غاب مما لا يعلمه الناس وجاء به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا مجال للعقل في ان يدخل في قبوله او رده لان الغيب لا تحتمله العقول فان العقل لا يمكن ان ينفي وجود دائم في احد جناحي الذباب ولا يمكن ان يثبت وجود شفاء في احد جناحي الذباب انما المرجع في ذلك الى الخبر وكل ما كان مرجعه الى الخبر فانه يرجع اليه ويعلم ان الشريعة لا يمكن ان تأتي بشيء تمنعه العقول شريعة رب العالمين لا تأتي بشيء تمنعه العقول. قد تأتي بشيء تحار فيه العقول تحاروا فيه العقول اي تندهش منه وتستغرب له وتفكر فيه لكن لا يمكن ان تأتي الشريعة بشيء يقال فيه يستحق عقلا ان يكون كذا فخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ان في احد جناحين غمسه امتثالا لامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. مع ان انس بن مالك رضي الله تعالى عنه من اكثر الصحابة مالا فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بان يكثر الله ما له وولده شفاء وفي الاخرين اه دواء هذا خبر غيبي لا تنفيه العقول لان العقل لا يمكن ان يمنع ذلك او يحيله لكن قد تندهش منه للعقول كيف علم ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الذي اخبره؟ وما الى ذلك؟ هذا شيء يرجع فيه الى الوحي وما جاء فيه الوحي ينقطع فيه المعارضة بالعقل. ولهذا بعض الناس الذين ضعف قدر الايمان في قلوبهم يستنكرون مثل هذا الحديث ويقولون ان هذا الحديث يخالف الذوق ويخالف الحضارة ويخالف ما دلت عليه العقول اين يخالف ما دلت عليه العقول؟ العقل لا يمكن ان يمنع ان يكون في احد جناح داء وفي الاخر دواء لا يمكن ان يمنع العقل ذلك. ومن اراد ان يقيم دليلا عقليا فليأت به. ولا يمكن ان يأتي احد بدليل عقلي يرد به خبرا سيد الانام لان العقول لا تمنع ولا ما جاءت به الشرائع وما جاء به الخبر عن الله وعن رسوله صلوات الله وسلامه عليه لكن كون الانسان تألف نفسه تكره نفسه هذا شيء هذا الامر لا علاقة له بالخبر. نؤمن بخبره لكن كرك. تكره ذلك او لا او لا تستسيغه او ما الى ذلك فهذا شأن اخر منفصل عن مسألة الطعن في الحديث او التقليل من قيمته او الهمز واللمس في من يؤمن به فهذا لا يفعله اهل الايمان اهل الايمان يصدقون ما جاء به الخبر عن سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه وهذا مقتضى الايمان به فان مقتضى الايمان بالنبي صلى الله عليه وسلم قبول ما جاء به من خبر تصيغه في الاخبار والانقياد له في الاحكام هذا مقتضى الايمان فلا يؤمن احد بالنبي صلى الله عليه وسلم الا اذا صدق ما جاء به خبر اذا صح عنه وثبت وان قاد له في الحكم فلا يرد حكمه صلوات الله وسلامه عليه فقوله صلى الله عليه وسلم فان في احد جناحيه داء خبر نبوي ان في احد جناحي الذباب داء وفي الاخر شفاء فالامر بغمس الذباب في الاناء اذا وقع فيه هو لاجل دفع ظرر الداء بالشفاء لدفع ضرر الداء الذي في احد الجناحين بالشفاء الذي في الاخر ولقائي لمن يقول قد يكون الجناح الذي وقع اولا هو ما فيه شفاء. فلماذا يغمسه ليصيبه الداء فالجواب على على هذا الرجاء في رواية ابي داوود حيث زاد فقال فقال صلى الله عليه وسلم وانه اي الذباب يتقي بجناحه الذي فيه الداء اذا سقط يميل على الجناح الذي فيه الداء فيكون اول ساقط من جناحي الذباب هو الجناح الذي فيه ادى وعلى هذا فانه لا يقول قائل لا انا لن اغمس لانه احتمال ان يكون الذي سقط اولا هو الذي فيه الشفاء فقد جاء الخبر بان الذي يسقط اولا هو ما فيه الداء كما جاء في رواية ابي داوود هذا الحديث فيه بيان جملة من الفوائد من فوائد هذا الحديث ان وقوع الذباب وشبهه مما لا نفس له سائلة لا يؤثر في طهارة الماء فاذا وقع بعوض وقع فراش وقع جراد ونحو ذلك الماء فانه لا يؤثر في طهارته من فوائد الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لهذه الامة كل ما تحتاجه ومن ذلك ما يتعلق بهذا الامر المتصل بسقوط الذباب في الماء. فالشريعة مستوعبة لكل ما يحتاج اليه الناس من المسائل كما قال الله تعالى في وصف القرآن تبيانا لكل شيء وكما قال الله تعالى في محكم كتابه ما فرطنا في الكتاب من شيء على احد قولين المفسرين في المراد بالكتاب فان من اهل العلم من قال في معنى الكتاب انه لوح محفوظ وهذا لا اشكال فيه وهو محل اتفاق وقال اخرون بل الكتاب هنا هو القرآن. فقول ما فرطنا في الكتاب من شيء يعني مما يحتاج اليه الناس بيانا صاحي معاشهم واصلاح معادهم وفيه من الفوائد ان انه يشرع ويسن لمن وقع الذباب في اناءه واراد ان يستعملها ما في ما في الاناء ان يغمسه ان يغمسه اي ان يدخل جميع الذباب في الاناء ثم يزح ليحصل له ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من توقي ظرر هذا الذباب وفيه من الفوائد ان ذلك على وجه الندب لمن اراد ان يستعمل الاناء لكن من اراد الا يستعمله فهذا شأنه لم تتطرق النصوص لذلك فمن كره استعمال مثل هذا وعزف عنه فشأنه لكن اذا اراد ان يستعمله فليفعل ما وجه اليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير له من ان يزهد فيه. فانه بذلك يحقق السنة ويتوقى ظرر هذا الذي وقع في الاناء وفيه من الفوائد الاعجاز النبوي بالاخبار عن امر المغيب لا يدرك بالعقل فكثرة المال لا تسوغ للانسان ان يعدل عن السنة اذا كان يطيقها. لكن لو ان انسان قال والله ما استطيع لا اقدر على ان اتناول هذا الذي وقع لا تطيب نفسي اجد آآ عزوفا عن ذلك يقال له فاتقوا الله ما استطعتم. كل الاحكام الشرعية منوطة بالاستطاعة اذا كنت لا تستطيع فلا حرج عليك لكن امن وصدق بما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. فان استطعت ان تمتثل ما امر به صلى الله عليه وسلم فذاك خير خير لك في دنياك واخراك وان لم تستطع فلا ترد سنته صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما سبب ايراد هذا الحديث في كتاب المياه؟ هو بيان ها ان المال لا يظره وقوع الذباب وشبهه في في مما لا نفس له سائلة فيبقى على طهوريته نعم ناخذ الاسئلة ثم نستكمل ان شاء الله تعالى التعليق على بقية الاحاديث بعد صلاة المغرب باذن الله