من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم سحر والسحر الذي اصابه صلى الله عليه وسلم لم يكن متعلقا كل شؤونه وما يكون منه. ولهذا لم يظهر هذا للصحابة رضي الله تعالى عنهم انما كان في امر خاص يتعلق باهله فكان يخيل اليه انه اتى الشيء ولم يأته او انه فعل الشيء ولم يفعله وهذا يدل على ان قد تقدم ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن هذه عن هاتين السورتين بانهما لم يرى مثلهما قط وذلك لعظيم ما فيهما من اسباب الوقاية والسلامة من الشرور والاذى ثم ذكر بعد ذلك سحر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول رحمه الله وقد سحر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذه المسألة جاء الخبر عنها في الصحيح الحمد لله حمد الشاكرين احمده حق حمده له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد نواصل ما كنا قد بدأنا به من القراءة في كتاب تجريد التوحيد احمد ابن علي المقريزي الشافعي رحمه الله ونعلق على ما يسر الله تعالى من ذلك فاسأل الله الاعانة والتيسير والتسهيل والتسليم ومن كان عنده سؤال يكتبه ونجيب عليه ان شاء الله تعالى نهاية المجلس بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه به اجمعين اما بعد غفر الله لشيخنا وللسامعين. قال المصنف رحمه الله تعالى في كتابه تجريد التوحيد المفيد وهاتان السورتان اعظم عوذة في القرآن وجاءت الاستعاذة بهما وقت الحاجة الى ذلك. وحين سحر النبي صلى الله عليه وسلم وخيل له انه يفعل الشيء وما فعله واقام على ذلك اربعين يوما كما في الصحيح. وكانت عقد السحر باحدى عشرة عقدة فانزل الله المعوذتين احدى عشرة اية فانحلت بكل اية عقدة. وتعلقت الاستعاذة وفي اوائل القرآن باسمه الاله وهو المعبود وحده لاجتماع صفات الكمال فيه. ومناجاة العبد لهذا الاله الكامل الاسماء الحسنى والصفات العليا المرغوب اليه في ان يعيذ عبده الذي يناجيه بكلامه من الشيطان الحائل بينه وبين منادي ربه ثم انسحب التعلق باسم الاله في جميع المواطن التي يقال فيها اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لان اسم الله هو الغاية ولهذا كان كل اسم بعده لا يتعرف الا به. فنقول الله هو السلام المؤمن المهيمن. فالجلالة تعرف وغيرها لا يعرفها هذا الموضع من كلام المؤلف رحمه الله ذكرنا في الدرس السابق انه نوع استطراد حيث ذكر رحمه الله الارتباط بين اسم الله عز وجل وحصول المقاصد والمطالب ومما ذكره رحمه الله قوله وجاءت الاستعاذة بهما وقت الحاجة الى ذلك الاستعاذة بهاتين السورتين وهما سورة الفلق وسورة الناس جاءت الاستعاذة بهما اي قراءة اي قراءتهما التعوذ بالله عز وجل بما جاء فيهما من الاسماء جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في وقت الحاجة هذا العارظ الذي اصاب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يكن مؤثرا على تبليغه للرسالة ولم يكن مؤثرا على حاله مع الناس صلوات الله وسلامه عليه. وهذا من الابتلاء الذي ابتلى الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم وهو لا اتنافى مع ما اخبر الله تعالى به من عصمة رسوله يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس. فالعصمة التي اثبتها الله لرسوله هي منعه من ان ان يناله اعداءه صلى الله عليه وسلم بما يمنعه من تبليغ الرسالة والا فان النبي صلى الله عليه وسلم قد وكسرت رباعيته واذاه آآ خصومه في نفسه وفي اهله وفي بدنه لكن ذلك كله مما رفع الله تعالى به درجة وجعل العاقبة ومن ذلك انه سحره لبيد بن الاعصم وهو من المنافقين وقيل من اليهود وعلى كل الاحوال فذاك السحر لم يكن مؤثرا على النبي صلى الله عليه وسلم بل اخرجه الله تعالى من اثره ونجاه منه بما رقاه به الملائكة الذين دلوه على هذه الرقية العظيمة وهي ما في سورة الفلق والناس من اسباب بالسلامة من الشرور والافات لذلك جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة اشعرت ان الله قد افتاني فيما فيه شفائي يعني فيما جعل فيه شفائي فقد جاءني رجلان احدهما عند رأس اي في المنام والاخر عند رجلي فقال احدهما الاخر ما بال الرجل؟ قال مطبوب يعني اصابه طب وهو السحر قالوا من طبه؟ اي من اصابه بذلك؟ فقال احدهما للاخر لبيد بن الاعصم. ثم رخاء رقياه بسورة الفلق والناس فكان في ذلك شفاؤه صلى الله عليه وعلى اله وسلم فخرج من هذا البلاء المبين قد اخبر المؤلف بان النبي اقام على ذلك اي على هذه الحال من السحر نحوا من اربعين يوما يقول كما في الصحيح وليس بذلك نصا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحديد مدة السحر وانما جاء في مسند الامام احمد انه سحر صلى الله عليه وسلم وكان سحره مدة ستة اشهر ولكن هذا لا يثبت من حيث الاسناد ولهذا ليس ثمة ما يصار اليه في سحره صلى الله عليه في مدة سحره صلى الله عليه وعلى اله وسلم والذي يظهر والله تعالى اعلم انها مدة لم تكن طويلة بل كانت قصيرة وذاك ان هذا الذي اصابه لم يكن قد شعر به احد ولم ينقله ولم يحكيه عنه صلى الله عليه وسلم الا عائشة رضي الله تعالى تعالى عنها وكانت من اخص الناس به. ثم قال رحمه الله وتعلقت الاستعاذة في اوائل القرآن باسمه الاله اي صارت الاستعاذة مشروعة عندما يبتدأ الانسان في اوائل قراءته. كما قال الله تعالى فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم والاستعاذة بالله عز وجل تكون عند القراءة وتكون عند ما يعرض للانسان من تزيين الشيطان ان يقع في سوء او او شر. ولذلك قال جل وعلا واما ينزغنك من الشيطان نزغ نزغ فاستعذ بالله انه عليم وفي الاية الاخرى انه هو السميع العليم ذكر اسم الاله في الاستعاذة يدل على انه الذي يكون منه العطاء وهو المسؤول في كل مطلوب ومنه النجاة جل وعلا. فذكر اسم الله في الاستعاذة يدل على انه المطلوب في حصول المقاصد والمراغب ودفع ودفع المخاوف ويكون منه العطاء والهبات سبحانه وبحمده يقول رحمه الله ثم وهو المعبود وحده لاجتماع صفات الكمال فيه وهو المعبود وحده اي الذي يستحق ان يعبد وحده لا شريك له وموجبات ذلك اجتماع صفات الكمال فيه وهذا بيان اتصال توحيد الربوبية توحيد الالهية بتوحيد الاسماء والصفات تقدم ان توحيد الربوبية وهو افراد الله بالخلق والملك والرزق والتدبير يستلزم توحيد الالهية فمن كمل توحيد الربوبية قاده الى ان يوحد الله في الهيته. فلا يتوجه الى غيره ولا يقصد سواه. وكذلك توحيد والصفات فمن علم الله وما له من الكمالات ما له من الاسماء الحسنى والصفات العلى فانه لابد ان ينتهي به المآل الى ان لا يتوجه الى غير الرحمن جل في علاه في مطالبه ومسائله ومراغبه كل ما يرجوه حصولا وكل وكل ما يخافه وقوعا فينزل به حاجاته ويسأله جل وعلا كل ما يرغب فيه من خير الدنيا والاخرة ولهذا يقول وهو المعبود وحده لاجتماع صفات الكمال فيه. ثم قال ومناجاة العبد لهذا الاله الكامل ذي الاسماء الحسنى والصفات العلى يعني صاحب الاسماء الحسنى والصفات العلى المرغوب اليه في ان يعيذ عبده الذي يناجيه بكلامه من الشيطان الرجيم الحائل بينه وبين مناجاة ربه اي هذا وجه كونك تبتدأ القراءة بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. فان الشيطان اعظم من يحول بين الانسان وبين الهداية اعظم من يحول بينك وبين الاستقامة وبين الهدى والتقى والصلاح هو الشيطان الذي اخذ على نفسه عهدا ان يقعد للناس الصراط المستقيم. كما قال تعالى في محكم كتابه قال فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين من اعظم ما يفعله الشيطان عند قراءة القرآن ان يصد الناس عن التلاوة ابتداء فاذا قوي الانسان نفسه وقرأ شيئا من قرآن اشغله بالهواجس والافكار واذا سلم من ذلك منعه من التدبر وجعل همه في اقامة التلاوة تجويد اللسان واتقان التلاوة دون النظر في معاني وكل هذا من الحوائل التي قد يقذفها الشيطان في طريق الانسان ليحول بينه وبين تدبر معاني كلام الرحمن ولهذا ترعة الاستعاذة في بداية القرآن وفي في بداية تلاوة القرآن لاجل ان ينصرف الشيطان وينحسر كيده عن الانسان فلا يمنعه من الانتفاع من هذا الكتاب والاستفادة منه. يقول رحمه الله ثم انسحب التعلق باسم الى في جميع المواطن الذي يقال فيه اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لان اسم الله هو الغاية للاسماء اي ان الاستعاذة تتعلق بسم الله اذا استعذت فاستعذ بالله. فاذا اردت طلب الحماية الصيانة والعصمة من الشيطان فانك تذكر اسم الله فما تقول على سبيل المثال اعوذ بالرحمن اعوذ بالملك اعوذ بالعزيز اعوذ بالرحيم ما تقول هذه الاسماء؟ مع انها كلها اسماء من اسمائه لكن القرآن والسنة. جاء في تعلق الاستعاذة بسم الله عز وجل لانه الاسم الدال على جميع الكمالات على سائر اسماء الله عز وجل ولهذا يقول لان اسم الله هو الغاية للاسماء يعني جميع اسماء الله عز وجل تضمنها هذا الاسم العظيم فهذا الاسم العظيم وهو اسم الله فيه الدلالة على جميع اسماء الله وصفاته الحسنى فهو دال على الرحمن دال على الحي دال على القيوم دال على العليم الدال على الحكيم دال على العزيز دال على الملك دال على المصور فجميع اسماء الله عز وجل يستدل عليها بسم الله ولهذا فانه يأتي مقدما على سائر اسماء الله عز وجل ولهذا يقول ولهذا كان اسم كان كل اسم بعده كل اسم اذا ذكر معه الله يتقدم اسم الله عليه. وذلك لانه دال على سائر اسمائه جل في علاه. ولهذا كل اسم بعده لا يتعرف الا به فانت عندما تقول بسم الرحمن الله او تقول بسم الله الرحمن الرحيم تقول بسم الله تقدم ذكر اسم الله على سائر اسمائه الحسنى جل وعلا لانها لانه الغاية الذي جمع ما في اسمائه الحسنى من المعاني فكلها راجعة اليه ولذلك قال ولهذا ولهذا كان كل اسم بعده لا يتعرف الا به فنقول الله هو السلام المؤمن المهيمن فالجلالة تعرف اي اسم الجلالة الله يعرف غيره من الاسماء وغيرها لا يعرفها. وتأمل ذلك في سورة الفاتحة الحمد لله رب العالمين. بل في البسملة بسم الله الرحمن الرحيم. في اعظم اية من اياته الحكي من ايات الكتاب الحكيم اية الكرسي الله لا اله الا هو الحي القيوم وفي اعظم سورة جاءت في بيان وصف الرب قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. فاسمه فاسم الجلالة الله يتبعه كل اسماء الله وكل صفاته والخبر عن افعاله فهو المقدم على ما سواه هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر. سبحان الله عما يصفون. هو الله الخالق البارئ المصور فانظر الى تقدم اسم الجلالة على سائر اسماء الله عز وجل وقال جل وعلا حا ميم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا اله الا هو فجاء في اول ما ذكر من اسمائه اسم الجلالة الله لانه دال على سائر اسماء الله عز وجل ولذلك قيل ان هذا الاسم هو الاسم الاعظم والصواب انه اسم اعظم ولكنه ليس مقصورا عليه بل الله هو الاسم الاعظم لله عز وجل الحي القيوم يندرج في الاسم الاعظم وكذلك الحميد والمجيد والعظيم فان الاسم الاعظم هو كل اسم اشتمل على معاني اسمائه وصفات مجده سبحانه وبحمده