فيزعمون انه لا قدر وانه لم يعلم الله عز وجل ولم يكتب ولم يقدر حوادث الاشياء ولم يعلم حوادث الاشياء قبل وقوعها فالقدرية هم الذين ينفون علم الله السابق للحوادث اثبت خالقا اخر وان لم يقولوا انه اله مكافئ له. تنبيه مهم وهو ان من اثبت خالقا مع الله لا يوجد من يقول انه خالق مكافئ مساو لله من كل وجه ثم قال رحمه الله والذين اشركوا به تعالى في الربوبية منهم من اثبت معه خالقا اخر وان لم يقولوا انه مكافئ له. وهم المشركون ومن وها هم من القدرية وربوبيته سبحانه للعالم الربوبية الكاملة المطلقة الشاملة تبطل اقوالهم لانها تقتضي ربوبيته لجميع ما فيه من الذوات والصفات والحركات والافعال وحقيقة قول القدرية المجوسية انه تعالى ليس ربا لافعال الحيوان ولا تتناولها ربوبيته. اذ كيف يتناول ما لا يدخل تحت قدرته ومشيئته وخلقه وشرك الامم كله نوعان شرك في الالهية وشرك في الربوبية. فالشرك في الالهية والعبادة هو الغالب على اهل الاشراك. وهو شرك عباد الاصنام عبادي الملائكة وعباد الجن وعباد المشايخ والصالحين الاحياء والاموات الذين قالوا انما نعبدهم ليقربونا الى الله زلفى ويشفع لنا عنده وينالنا بسبب قربهم من الله وكرامته لهم قرب وكرامة كما هو المعهود في الدنيا من حصول بالكرامة والزلفة لمن يخدم اعوان الملك واقاربه وخاصته. رحمه الله لما ذكر ما يتصل صلة اسماء الله الحسنى بافراد الله بالعبادة. وان اسماء الله الحسنى لا يؤمن بها احد حق الايمان الا ويقوده ذلك الى افراد الملك الديان بالعبودية فلا يشرك به سواه سبحانه وبحمده لانها دالة على عظمته تملأ قلب العبد بعظيم محبة الله عز وجل وتعظيمه واذا امتلأ القلب بمحبة الله وتعظيمه لم يكن فيه مكان لسواه ولم ينصرف العبد الى غيره بل حوائجه نازلة بالله عز وجل وحوائجه وحوائجه مقضية به فلا يتوجه الى غيره سبحانه وبحمده يقول المؤلف رحمه الله بعد ان ذكر هذا الارتباط بين توحيد الاسماء والصفات وبين توحيد الالهية عادلة الحديث عن الشرك في الربوبية قال والذين اشركوا بالله تعالى في الربوبية اي في انه الله الخالق المالك الرازق المدبر هذه قواعد واصول تحقيق توحيد الربوبية الذي يؤمن بان الله هو الخالق بان الله هو المالك بان الله هو الرازق بان الله هو المدبر لا خالق سواه ولا مالك غيره ولا اه ولا رازق سواه ولا مدبرة الا هو فانه يكون قد كمل توحيد الربوبية. وهذا التوحيد جبن الله الفطر عليه ولذلك كان يقر به عامة الناس الا افرادا من الخلق ظلوا فاعمى الله بصائرهم فانكروا ذلك انكارا باللفظ مع الاقرار بالقلب كما قال تعالى وجحدوا بها واستيقظوا انفسهم ظلما وعلوا كفرعون. الذي قال انا ربكم الاعلى فهو كاذب وانتهى مآله الى ان قال امنت بالذي امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين فليس في القلوب من يستقر في قلبه انه انه لا خالق للكون ولا رب للكون بل لا بد ان يؤمن بذلك كل احد انما قد يحصل من بعض الناس جحود في وقت من الاوقات استكبارا او اخلال اليقين بان الله هو الخالق المالك الرازق المدبر يقول رحمه الله والذين اشركوا به تعالى في الربوبية يعني في خلقه فاثبتوا خالقا سواه في ملكه فاثبتوا ملكا لغيره في تدبيره اثبتوا تدبيرا لسواه منهم من اثبت معه خالقا اخر بل يقول انه يخلق لكنه لا يكون في القدر والمنزلة والقدرة والقوة كقوة الله جل وعلا ومع هذا فهو مشركون لكن هذا يبين ان الفطر مجبولة على ان الخالق واحد جل في علاه. يقول رحمه الله وهم المشركون ومن ضاهاهم من القدرية. فالمشركون الذين يعبدون غير الله عز وجل يعتقدون ان من يعبدونهم قد يخلقون قد يملكون قد يدبرون لكنهم دون تدبير الله وخلقه وملكه وذكر القدرية والقدرية هم المكذبون بالقدر ولذلك سموا قدرية وهم الذين يقولون ان الانسان يخلق فعل نفسه وليس ما يكون منه خلق ليس ما يكون منه خلقا لله عز وهؤلاء رد عليهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم وبينوا كذبهم وظلالهم بينوا انحرافهم وخروجهم عن الصراط المستقيم فقال فيهم ابن عمر لما حدث عنهم اخبرهم انني منهم براء وانهم مني برءاء يعني ما داموا على هذا القول وهو ان الانسان يخلق فعل نفسه وان افعال العباد خارجة عن خلق الله عز وجل وهذا نوع من القصور في الربوبية. قال رحمه الله وربوبيته سبحانه للعالم الربوبية الكاملة المطلقة الشاملة تبطل اقوالهم والله عز وجل قد اخبر في القرآن عن ربوبيته لكل شيء. قال الله تعالى الحمد لله رب العالمين والعالمون جمع عالم والعالم هو كل ما سوى الله عز وجل فهو عالم فكل ما سوى الله مربوب له مخلوق له تحت ملكه وتدبيره وتصريفه لا يخرج عن تقديره جل في علاه. ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا. وقد قال الله جل وعلا الله خالق كل شيء من شيء يخرج عن خلقه سبحانه وبحمده فربوبية الله عز وجل للعالم كله تنقض هذه المقالة وهي ان الله لم يخلق افعال العباد. يقول رحمه الله لانها تقتضي الربوبية العامة تقتضي ربوبية الله لجميع ما في ما فيه من الذوات اي جميع ما في العالم من ذوات يعني الاعيان والصفات يعني وهي الامور العارظة والحركات والافعال وحقيقة قول القدرية المجوسية ان الله تعالى ليس ربا لافعال الحيوان لانه يخلق فعل نفسه ولا تتناولها ربوبيته وهذا يكذب ما دلت عليه الادلة من عموم ربوبية الله تعالى لكل شيء سبحانه وتعالى كيف يتناول ما لا يدخل تحت قدرته؟ ومشيئته وخلقه. والله على كل شيء قدير. وهو خالق كل شيء جل في علاه وكل شيء مربوب له سبحانه وتعالى فهو رب العالمين. وكل هذا ابطال مذهب القدرية وبيان ان القدرية انما انما اوتوا ودخل عليهم الشيطان من جهة انهم قصروا في فهم ربوبية الله العامة المطلقة لكل شيء بعد ذلك عاد المؤلف رحمه الله الى ذكر اقسام الشرك فقال رحمه الله وشرك الامم كلها نوعان اي يرجع الى صنفين النوع الاول شرك في الالهية وهو شرك في العبادة والنوع الثاني شرك في الربوبية وهو ان يجعل مع الله خالق ان يجعل مع الله خالق او رازق او مالك او مدبر سواه جل في علاه فهذا شرك في الربوبية. يقول رحمه الله فالشرك في الالهية والعبادة هو الغالب على اهل الاشراك. يعني اكثر ما انتشر ينتشر الشرك في الناس ليس بشأن الربوبية والخلق والملك والرزق والتدبير. انما في ما يتصل بالهية الله وانه لا يستحق العبادة طواه هذا هو الشرك الشائع المنتشر في الناس وهو انهم يعتقدوا ان منهم ان ان كثيرا ممن وقعوا في الشرك انما تورطوا في شرك العبادة بان جعلوا غير الله معبودا يتوجهون اليه الدعاء يتوجهون اليه بالاستغاثة يتوجهون اليه باستعاذة يتوجهون اليه بانواع القربات التي يتقربون بها لينالوا ما يأملون من خيرات الدنيا ويتوقون بذلك شرور الدنيا واما الاخرة فهم قسمان منهم من يعتقد انه في الاخرة سينتفع بهؤلاء ومنهم من لا يؤمن بالاخرة اصلا ولا يعتقد بعثا ولا نشورا فهمه وغايته هو ما يحصله من المصالح في هذه الدنيا يقول رحمه الله فالشرك في الالهية والعبادة هو الغالب على اهل الاشراك وهو شرك عباد الاصنام الذين يعبدون الاصنام اصنام انها تصوير لمن يعبد من دون الله فلما كان الانسان يتعلق بالمحسوسات وعقله ينصرف الى ما تدركه حواسه سمعا وبصرا ولمسا فانهم صوروا تصاوير لمن يعبدونهم من دون الله سواء كان هؤلاء المعبودون من الصالحين الذين ماتوا الانبياء الذين قضوا او كانوا من الملائكة فانهم يصورون هذه التصاوير ويعبدونها ليرتبطوا بها ومن خلالها بمن يعبدونهم من دون الله من الملائكة او الجن او الاموات من الصالحين والانبياء والصديقين والشهداء وغير ذلك. ولهذا يقول وهو شرك عباد الاصنام وعباد الملائكة وعباد الجن وعباد والصالحين الاحياء والاموات الذين قالوا انما نعبدهم ليقربونا الى الله زلفى وهذه حجتهم. وقد اخبر الله تعالى عن ذلك في السورة التي ابطل فيها الشرك وبين فيها ظلاله في سورة الزمر الا لله الدين الخالص يعني له العبادة التي لا شرك فيها. الا لله الدين الخالص. الدين الخالص ما هو هو التوحيد الا يكون في قلبك محبوب سوى الله ولا يكون في قلبك مرغوب مرجو مخوف الا الله عز وجل والا تصرف العبادة قولا ولا عملا لغيره سبحانه وبحمده هذه العبادة هي الدين الخالص الذي امرنا الله تعالى بان نتوجه بها اليه ونتقرب بها اليه. الا لله الدين الخالص. الخالص من الشرك الخالص من او ظاري الوثنية ثم قال والذين اتخذوا من دونه اولياء يعني والذين عبدوا غير الله واخلوا بالدين الخالص ما حجتهم؟ ما شبهتهم؟ انما نعبدهم ليقربونا الى الله زلفى. فهم يعبدون من يعبدونهم من هذه المعبودات التي يصرفون لها انواع العبادات وصنوف القربات لاجل ايش لاجل ان يتقربوا بها الى الله. يقولون هؤلاء عندهم جهة. هؤلاء لهم منزلة. هؤلاء عندهم مكانة. هؤلاء ارفع منا عند الله فنتوسل الى الله بهم ونصل الى الله في قضاء حوائجنا من طريقهم. وهذه الواسطة قد ابطلها الله عز وجل. فلم يجعل الله بينه وبين عباده واسطة في قضاء الحوائج وفي العبادة. قال الله تعالى واذا سألك عبادي عني ايش تايني قريب فاثبت قربه من كل عباده جل في علاه. فاني قريب يقضي حاجاتهم ويجيب دعواتهم ويغيثوا لهفاتهم ويعطيهم منالهم ويعطيهم امالهم ويبلغهم مناهم ويقيهم ما يخافونه من الشرور والاضرار واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. يقول رحمه الله ويشفع لنا عنده وهذا من اعظم ما اوقع كثيرا من الناس بالشرك طلب الشفاعة من اعظم ما اوقع كثيرا من الناس في الشرك طلب الشفاعة ولذلك ابطل الله تعالى ان يكون لاحد تصرف في الشفاعة الا باذنه كما قال تعالى قل لله الشفاعة جميعا فلا تسأل من غيره ولا تطلب من سواه. وقال تعالى من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه فلا شفاعة الا باذنه وقال تعالى وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ايش ويرضى فلا بد من الاذن والرضا والاذن والرضا لا يكون الا لاهل التوحيد. ولذلك سأل ابو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من احق الناس من اسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله قال من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه فالتوحيد هو الطريق الذي تنال به الشفاعات وتدرك به المقامات وينال به الانسان السعادات في الدنيا والاخرة. يقول رحمه الله ويشفع لنا عنده وينالنا وينالنا بسبب قربهم من الله وكرامته لهم قرب اه قرب وكرامة كما هو المعهود في الدنيا من حصول الكرامة والزلفة لمن يخدم اعوان الملك و اقاربه وخاصته وهذا قياس باطل فالله جل وعلا ملك الملوك جل في علاه. وهو الغني الحميد فلا يقاس بغيره من ملوك الدنيا واصحاب الجاه والغنى فاولئك مربوبون مقهورون والله تعالى هو الغني الحميد. يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. ثم قرر رحمه الله ان هذا المعنى وهو وجوب افراد الله بالعبادة. والا يكون في قلبك توجه الى غير الله عز وجل. هذا المعنى جاءت به الرسالات فكل الرسل من نوح عليه السلام الى خاتمهم محمد ابن عبد الله سيد الانام صلوات الله السلام عليه دعوا الى عبادة الله وحده والى لا اله الا الله التي تعني قطع التعلق بغير الله لا الا الله معناها لا معبود حق الا الله فلا يتوجه الى سواه سبحانه وبحمده ولا يلتفت الى غيره ولا تطلب الحوائج وتقضى المطلوبات الا منه جل في علاه. ولهذا يقول رحمه الله والكتب الالهية كلها والكتب الالهية كلها من اولها الى اخرها تبطل هذا المذهب وترده وتقبح اهله وتنص على انهم اعداء الله عالم وجميع الرسل صلوات الله عليهم متفقون على ذلك من اولهم الى اخرهم وما اهلك الله تعالى من اهلك من الا بسبب هذا الشرك ومن اجله واصله الشرك في محبة الله تعالى. قال تعالى هنا الان يبين المؤلف رحمه الله ما ذكرت قبل قليل من ان جميع المرسلين جاؤوا بهذه الدعوة العظيمة الكريمة التي الناس احوج ما يكونون اليها في كل عصر ومصر. وهي الدعوة الى لا اله الا الله الدعوة الى تحقيق هذه الكلمة ليس فقط باللسان. فقول اللسان يكون حتى من اهل النفاق الذين يظهرون ما لا يبطنون ويسرون في قلوبهم ما لا يجهرون به بل لا بد من ان يكون هذا العقد قائما في القلب وناطقا به اللسان فلا بد من ان يكون القلب معتقدا انه لا يستحق العبادة سوى الله جل في علاه. لا تصرف العبادة لغيره فجاءت الرسل من اولهم الى اخرهم بينت ظلال هؤلاء وكذبهم وزورهم بينت ان الشرك طريق الهلاك فان الشرك يفظي باصحابه وباهله الى مواطن العطب في الدنيا والاخرة. فالشرك ظلم عظيم والله لا يحب الظالمين. وقد حرم الظلم جل وعلا وبين عاقبة اهله وشؤم مآلهم فان مآل اولئك الى الهلاك يقول الله تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. وقال تعالى ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده انا انذر انه لا اله الا انا فاتقون على هذا جاءت الرسل لذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث كما في الصحيحين في صحيح البخاري ومسلم قال صلى الله عليه وسلم الانبياء من حديث ابي هريرة الانبياء اخوان لعلات دينهم واحد وامهاتهم متفرقة دينهم واحد هو التوحيد كما قال الله تعالى ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون وفي الاية الاخرى وانا ربكم فاتقون ثم بعد ان بين ما بين من خطورة هذا المسلك وهو الشرك في في الهية الله عز وجل بين كيف يقع الشرك او ما هو مبدأ وقوع شرك الالهية في قلوب الخلق