اثابكم الله شيخنا الكريم بارك الله فيكم ونفع بعلمكم هذا سائل يقول يجمع كيف يجمع الانسان بين الاخلاص وشكر من احسن اليه من الناس وما النصيحة لمن فرط في شيء من هذه العبادات اثابكم الله الاخلاص مأخوذ من الخلوص وهو صفاء الشيء وسلامته من الشوائب الله عز وجل طيب لا يقبل الا طيبا واطيب الطيب لله عز وجل العمل الطيب الخالص لله عز وجل الذي لا تشوبه شائبة الرياء ولا اي شائبة تدنس اخلاص العبد فيه لله سبحانه وتعالى انت اذا عملت العبادة تعملها لله عز وجل واذا احسن اليك فتشكر الله باداء العبادة والقيام حقه سبحانه وتعالى ثم تشكر المخلوق شكرا دون ذلك الشكر ولا تشركوا مع الله غيره وانما تشكر المخلوق بما يليق به من الشكر وتشكر الخالق بما يليق به من الشكر ولذلك قال الله تعالى ان اشكر لي ولوالديك شكر الله هو اكمل الشكر وشكر المخلوق شكر ناقص يليق ولذلك لا تعارض بين الاثنين تؤدي حق الله كاملا خالصا على الوجه الذي يرضيه واما بالنسبة للمخلوق فشكر المخلوق من شكر الله عز وجل لانه هو الذي سخر المخلوق وهو الذي اوجده ولذلك تعتقد الفضل لله اذا كتب الله لك الشفاء من المرض بفضله سبحانه ثم بفضل طبيب ماهر متقن لعمله فانت تقول اللهم لك الحمد لولا الله ما شفيت لولا الله ما سلمت ولا عوفيت اشف انت الشافي لا شفاء الا شفاؤك ولولا الله لما نفع الدواء في الداء ما انزل الله من داء الا وانزل له دواء. فالذي انزل الدواء والداء هو الله ولا يمكن للدواء ان ينفع الا اذا اذن الله. فتوحد الله وتعتقد مهما رأيت من ابداع المخلوق ومن عمله فلا فليس بشيء امام الله عز وجل الله هو الذي خلقه وخلق الدواء الذي وضعه وخلق اليد التي عملت الجراح وخلق الله العقل الذي فكر به المخلوق وخلق وخلق كله لله وكله بامر الله ولولا الله ثم فضل الله لسقط من يفعل لك الجراح اثناء الجراحة ميتا ولو اراد الله ان تنشل يده وهو يمسك المشرط لانشلت ولو اراد الله ان يصيبه وله او يسقط او يصيبه وعاء كلها الطاف من الله تحار العقول فيها لو كشف للناس لطف الله بالقليل والكثير حالت عقولهم من عظمة الله جل جلاله بديع السماوات والارض وبديع ما فيهن ومن فيهن صنع الله الذي اتقن كل شيء كل شيء اتقنه الله لا تحسب ان هذا الدواء وهذا الطبيب وهذه السيارات وهذه الطائرات وهذه القاطرات كلها بامر الله وبتسخير الله وتمضي بامر بدليل انك ترى بعضها يسير سنين ولا فيه شيء وفجأة تراه يقف ولا يستطيع الانسان ان يعرف كيف وقف. لان الله اجراه اجراه بعلمه قبل ان يخلق الخلق وامر القلم ان يجري بما هو كائن وما يكون الى قيام الساعة الذي اجراه الله فالذي اجرى لك الخير من الخلق هو الله والذي جعل القدرة في المخلوق ان تنفعك وان تقول هو الله ان تخلص لله وتوحد لله التوحيد الخالص لا يمنع هذا ان تتذكر ان هذا الطبيب صنع اليك معروفا ولا يمنع هذا ان تكافئ من صنع المعروف بما يليق به اهل الاسلام اهل وفاء وعلمهم الله في كتابه وفي سنة النبي عليه الصلاة والسلام الوفاء فليسوا بلؤماء وانما هم كرماء بكرامة الله عز وجل فاذا عجزت شكرته جزاك الله خيرا ان كان مسلما او دعيت دعوت له بالهداية والصلاح واذا عجزت دعوت الله له. من صنع اليكم معروفا فكافئوه فان لم تستطيعوا فادعوا له فهذا لا يؤثر في الاخلاص. ولا يؤثر في حق الله عز وجل انما البلاء ان يعتقد الانسان ان الذي شفى هو الطبيب وان الذي انقذ هو الطبيب. اعوذ بالله وان الذي انقذ هذا الدواء وان وان لا يمكن لشيء ان ينفع الا اذا اذن الله ان ينفع ولا يمكن لشيء ان يكون منه الخير الا اذا اذا الا اذا اجرى الله فيه الخير. ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها الله هو الذي يفتح الرحمة وهو الذي يمسكها فلما تجد احسانا من مخلوق تعتقد الفضل اولا لله هذا هو الذي ينبغي عليك وهذا لا يمنع من شكرك للمخلوق. ليس هناك تعارض ولا تناقض امرك الله بهما تؤدي الشكر لله بالذي يليق به وايضا تؤدي الشكر للمخلوق بالذي يليق به على الوجه الذي يرضي الله في كل الامرين والله تعالى اعلم