ان سعد بن معاذ رضي الله عنه لما طعن في غزوة الخندق اصابه شهم وجرحه ينزف ودعي الى الحكم في بني قريظة كان من دعائه ان قال وجرحه يثجب دما ويتوقف قال اللهم ان كانت الحرب قد وضعت اوزارها فليس من قوم آآ او قال اللهم اني اللهم اني اظن ان الحرب قد وضعت اوزارها وذلك بعد هزيمة اهل الشرك وانفضادهم عن المدينة يوم الاحزاب فقال اظن يا ربي ان الحرب قد وضعت اوزارها وليس من احد احب الي ان اقاتل ان اقاتلهم من قوم كذبوا رسولك واخرجوه كذبوا رسولك واخرجوه. ان كانت يا رب الحرب قد وتعت اوزارها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فهذا درس من دروس سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد تقدمت فيها ابواب مع بحجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة للمدينة وقد تقدمت فيها ايضا بعض الفصول فيقول وبالله تعالى التوفيق ان الانسان خلق في كبد كما قال تعالى لقد خلقنا الانسان في كبد اي في تعب ومكابدة ومشقة هذا حال الانسان منذ ان يخرج من بطن امه الى ان يدفن فيكابد في صغره الالام ولا يستطيع ان يعبر الا بالبكاء ويكابد الفطام واذا اشتد ساعده وقوى آآ وقوي امره بدأ يكابد شقاوات زملائه وضرب المعلم له لتأديب وبدأ يكابد كما يرى في دنيانا الاختبارات والمدرسين وبدأ يكابد الوظيفة والعمل ويكابد ايضا الزوجة والاولاد ويكابد الامراض ويكابد الهموم ويكابد الشرط ويكابد المباحث ويكابد الاعداء ويكابد يكابد ويكابد. الى ان تأتي هزيمته ومنيته ويضعف ازا تقدم به السن فينهزم فلا يستطيع ان يقف بعد ان كان قائما وكما قال القائل وقد اصبحت ارى الاثنين اربعة والاربع سنين لما هدني الكبر فيكابد امورا. فضلا عن هذا المذكور كله فان المسلم يكابد في امر دينه ايضا مكابدة اشد من تلك المكابدة التي ذكرت فيكابد اعداء الله ويناضلهم ويدال عليهم ويدالون عليه ويستمسك بدينه فيبتلى من اجل دينه قد يشتد عليه الابتلاء ويشتد ويشتد فلا يعد يتحمل هذا الابتلاء في مكان معين فينتقل الى مكان اخر يستطيع ان يقاوم فيه ذلك او يبتعد عن موطنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك ان يكون خير المال المسلم غنم يتبع بها شعث الجبال ومواقع القطر في رب دينه من الفتن. ولقد قال تعالى يا عبادي الذين امنوا ان ارضي واسعة. فاياي فاعبد ودون عبادته لا لا تكن في ارض دون ارض اذا عجزتم عن عبادتي في موطن فارضي واسعة هاجروا الى موطن اخر. تستطيعون فيه ومعه ان تقيمون ان تقيموا وامر دينكم وان تعبدونني ولا تشركوا بي شيئا. فلذلك نحن ليس لنا كبير تعلق بالاراضي ولا بالبلاد ولا بالدور ولا بالزوجات ولا بالاولاد. انما منتهى امانينا ان يرضى عنا ربنا سبحانه وتعالى فان كان في دفاع عن اراضينا او عن اه اه عن غيرها ما يقرب الى الله تقربنا الى الله بذلك فعلى العموم شرعت الهجرة من مكان الى مكان من ارض الشر والفساد الى ارض الخير والصلاح لاقامة الدين فهون علينا ربنا الخطب اذ قال يا عبادي وادي يا عبادي الذين امنوا ان ارضي واسعة. فيا فاعبدون وهو سمى بقوله كل نفس ذائقة الموت ثم الينا ترجعون. سواء بقيتم في ارضكم. او هاجرتم من الى ارض اخرى فستموتون. كل نفس ذائقة الموت فهون الله علينا الخطب. فماذا عسانا ان نمكث في هزه الدنيا الفانية الزائلة الا سنوات قلائل وبعدها نفارقها الى دار الخلد ان شاء الله فلذلك المدة التي نحياها يجب ان تكون في طاعة الله وفي مرضات الله. الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه واجهوا الكثير والكثير والكثير فاذن لهم بالهجرة من بلاد الكفر انذاك وكانت مكة اذا كبلدة كفر. كما قال تعالى وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت اي كفر اهلها. فكفرت بانعم الله فاذاقها الله لباسا الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. فاذن الله لاهل الايمان في الهجرة. وهذا السبب الاول او اعظم اسباب الهجرة ان الله اذن لهم. والا فلو لم لم يأذن الله لهم ما هجروا وقد عاتب الله سبحانه وتعالى او ذكر النبي من انبيائه الكرام في معرض العتب قال تعالى وزنوني اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه. غاضب قومه لما كذبوه وترك لهم البلاد وخرج دون اذن من لهم الخروج فالتقمه الحوت وهو مليم ايهم ملوم يلام على انه خرج دون اذن من الله بذلك. لكن رسولنا صلى الله عليه وسلم اذن له ولاصحابه بالهجرة فهذا اول شيء يلفت النظر اليه اذن يقاتلون بانهم ظلموا ازن لهم في القتال. وكذلك اذن لهم في الهجرة. فالنبي ما تحرك الا باذن من الله سبحانه وتعالى له بذلك. ولكن كي يطرحوا سؤال هل الرسول واصحابه خرجوا من مكة برضاهم او خرجوا مجبرين على الخروج. الذي يظهر من الادلة انهم خرجوا وقد اجبروا على الخروج. نعم قد اذن الله لهم في ذلك. لكنهم خرجوا وهم مجبرون على الخروج من ديارهم دل على ذلك ما يلي. قوله تعالى الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله فقوله الذين اخرجوا من ديارهم يفيد انهم اخرجوا قال تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا. ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وقال تعالى الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار قال تعالى واخرجوهم من حيث اخرجوكم فكل هذه النصوص دل على ان اهل الشرك اخرجوا رسول الله لم يكن له بد من الخروج هم الذين اخرجوه لم يكن مختارا يعني قال تعالى وكأين من قرية هي اشد قوة من قريتك التي اخرجتك اهلكناهم قم فلا ناصر لهم وقد وقف الرسول على جبل الحزراء وهو خارج من مكة متجها للمدينة ينظر الى مكة و ما فيها ويقول والدمع ينزلف من عينيه والله يا مكة انك احب بلاد الله الى الله واحب بلاد الله الي ولولا ان قومك اخرجوني منك ما خرجت وايضا دل على ذلك فافجرها او سأل ربه ان كان هناك قتال لرسول الله مع اهل الشرك من اهل مكة ان يبقى. والا فيستشهد في هذا الحدث فانفجرت جرحه فشاهدني من كلامي ان سعدا قال اللهم انك تعلم انه ما من احد احب اليه ان اقاتلهم من قوم كذبوا رسولك واخرجوه فالادلة متضافرة على ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرج من مكة الى المدينة ولم يكن هو الذي يريد ان يحرش. فهذا اولا يلفت النظر اليه ان النبي اخرج ودل على هذا صريح قوله عليه الصلاة والسلام ولولا ان قومك اخرجوني منك ما خرجت فهذا الدال الصريح على ذلك. وبه ينفصل النزاع في هل الرسول خرج او اخرج هذا ابتداء. ثم ان الرسول او اخرج ومن اسباب خروجه ايضا دفع الاذى الواقع عن اصحابه وكذلك اقامتهم الحرص على اقامتهم لشعائر دينهم فان ابا جهل ابن هشام مسلا كان يقول عن رسول الله لرأيتم محمدا يعفر وجهه عند الكعبة لاطأن عنقه فكان الرسول واصحابه يؤدون شعائر دينهم في مكة بضغط امام ضغط شديد عليهم ولا يستطيعون اظهار دينهم ولاظهار كل ما عندهم. فكانت شوكة الكفر قوية. تمنعهم من ممارسة شعائرهم ابو بكر لما ابتنى بداره مسجدا وكان يرفع صوته اتى المشركون اليه. ستفتن ابناءنا ونساءنا اخفض صوتك وبدأوا يهددونه ويتوعدونه فكان المسلم لا يستطيع اقامة دينه في مكة. ولم يكن ايضا في مأمن من اوائل الكفر ومن غدر اهل الكفر. فكان من اسباب هجرتهم ان تقام امور دينهم ان امرا دينهم. وهذا المشار اليه عموما. يا عبادي الذين امنوا ان ارضي واسعة فاياي وبدون وما سمعتموه من حديث الرسول عليه الصلاة والسلام يوشك ان يكون خير ما للمسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن. وقال الخليل اني ذاهب الى ربي ساهدين اني ذاهب الى ربي شاهدين لما كذبه قومه قال اني ذاهب الى ربي سيهدين فهذا اولا اذن الله لرسوله وللصحابة بالهجرة سانيا حتى يتمكنوا من اقامة امر دينهم في امان وكذلك نصح العالم الرجل الذي قتل مائة نفس نصح العالم الرجل الذي قتل مائة نفس. لما سأله هل لي من توبة قال له نعم من ذا الذي يحول بينك وبين التوبة؟ ولكن اترك ارضك ارض السوء واذهب الى ارض كذا فيها قوم يعبدون الله فاعبد الله معهم اترك البيئة الكافرة او الزالمة التي انت فيها والصحبة الاشرار وانتقل الى مكان اخر. فيه يعبد الله فاعبد الله مع هؤلاء القوم الذين يعبدون الله. فمن مقاصد الهجرة ايضا اظهار شعائر الدين اظهار شعائر ديننا وكذلك التمكين لدولة الاسلام التمكين لدولة الاسلام من مقاصد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم واقامة التشريعات والاحكام في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن بعض اسباب الهجرة باختصار شديد بارك الله فيكم ثم حفظكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاك الله خيرا. واياك. اتفضل