الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. ثم اما بعد فقد ثبت عند اهل السنن ان ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله ارأيت ان وافقت ليلة القدر ما ادعو؟ فقال لها النبي صلى الله الله عليه واله وسلم تقولين اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني. ايها الاخوة الاكارم ان هذا الدعاء الذي دل النبي صلى الله عليه واله وسلم زوجه له هو دعاء عظيم يقال في عظيمة هي خير من الف شهر. ووجه عظم هذا الدعاء انه توسل لله جل وعلا باسم وبفعله مع فاما التوسل باسمه جل وعلا فان الداعي يقول في دعائه اللهم انك عفو العفو اسم من اسماء الجبار جل وعلا. فهو سبحانه الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفا وبالغفران والصفح موصوفا. ومن فقه العبد انه اذا اراد ان يدعو الله عز وجل سأله سبحانه وتعالى بالاسم الذي يناسب المطلوب. فاذا اراد ان يدعو برزق سأل الله عز وجل باسم الرزاق واذا اراد بطلب الولد سأل الله عز وجل باسم الوهاب كما دعا زكريا عليه السلام. ويدعو كذلك باسم الرحمن والرحيم ان رجا رحمة ويدعو باسم الكريم ان سأله سبحانه وتعالى بركة وصلاحا. عفو الله سبحانه تعالى هو تركه عقوبة العبد على ذنبه الذي اذنبه. ومن منا ذلك الرجل الذي عرى عن الذنب وسلم منه. اما مغفرته جل وعلا فهو ستره للذنب. فلا يكشف امر العبد ولا يهتك ستره فيفضحه. اذا عفا الله عز وجل على عبد فلم يعاقبه. وغفر له ذنبه فستره. ولم يفضحه في الدنيا والاخرة فانه هو السعيد اكمل السعادة. يقول الله جل وعلا فاولئك عسى الله ان يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا. لولا عفو الله جل وعلا عنا وعن الناس لما مشى على الارض احد ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى. فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. وهو كما قيل وهو العفو فعفوه وسع الورى. لولاه غار الارض بالسكان. هذا الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها كما قلنا ان فيه توسلا بسم الله عز وجل العفو وفيه توسل بفعله سبحانه وتعالى. اذ الله عز جل يحب العفو والمغفرة. ويحب التوبة من عباده. قال جل وعلا ان الله يحب التوابين يحب المتطهرين. ولذلك خلق الله عز وجل خلقه على صفات وهيئات واحوال توبتهم اليه وتستلزم استغفارهم وطلبهم عفوه ومغفرته. جاء في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة فرضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. الله سبحانه وتعالى يحب التوابين توبة من احب الطاعات اليه جل وعلا. ويكفي في محبتها شدة فرحه بها. في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله جل وعلا انا عند ظن عبدي بي وانا معه حين يذكرني. والله ان الله افرح بتوبة عبده من احدكم يجد ضالته في الفلاة. ثم ان المؤمن بعد ان يتوسل الى الله جل وعلا باسمه واليه سبحانه وتعالى بفعله وما يحبه فانه يسأل الله عز وجل ان يعفو عنه فلا يعاقبه بذنبه ولا يجزيه جزاء ما اقترفت يداه. فان العبد لا يدعو بها هذا الدعاء الا وقد اعترفت نفسه بانها مقصرة مفرطة. وانها مستحقة للعقوبة. وليس لها مطلب الا العفو فالعبد عليه ان يحتقر عمله ولو كان كثيرا. فيكون منتهى طلبه المغفرة والعفو عن الخطأ وعن التقصير. والمرء اذا تأمل في هذا الدعاء كيف انه يدعو بهذا الدعاء في ليلة اجتهدوا في احيائها ويكثروا من لزوم المسجد فيها. وقبل هذه الليلة سبقها شهر كامل فيه لله سبحانه وتعالى وحده منقطع اليه جل وعلا منطرح بين يديه اذا تأمل المرء هذه الحال مع هذا الدعاء فان هذا يدلنا على ان اهم المطالب انفكاك العبد من تبعات الذنوب طهارته من دنس العيوب. وفي الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان المؤمن يرى ذنوبه انه قاعد تحت جبل يخاف ان يقع عليه. وان الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على انفه فقال به هكذا اي بيده ثم طار. ولذلك فان اكمل الخلق هم اكملهم توبة واكثرهم استغفارا جاء في صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال والله اني لاستغفر الله واتوب اليه في اليوم اكثر من سبعين مرة. وهو من هو صلوات الله وسلامه عليه. ولما سمع ابو هريرة رضي الله عنه هذا من النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في كتاب الزهد للامام احمد قال اني لاستغفر الله في اليوم والليلة اثني عشر الف مرة بقدر ذنبي. انظر كيف مع كثرة استغفار النبي صلى الله عليه وسلم علموا الصحابة ذلك فقاسوا ذنوبهم وقاسوا حالهم الى حاله فزادوا في الاستغفار وطلب العفو منه جل وعلا ولذلك فان نبينا صلى الله عليه وسلم مع هذه الحال كان يسأل الله عز وجل العفو في كل كل يوم من غير تخصيص بليلة ولا غرو في ذلك. ولذلك ثبت في مسند الامام احمد وسنن ابي داوود باسناد قيد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح يقول اللهم اني اسألك العافية في الدنيا والاخرة. اللهم اني اسألك العفو والعافية في ديني ودنياي واهلي ومالي. اللهم استر عورتي وامن روعتي. اللهم احفظني من بين يدي ومن الف وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي واعوذ بعظمتك ان اغتال من تحتي. فالله جل وعلا من العفو والعافية. فلا تكون عافية الا بعفو منه تعالى ورحمة واحسان. اسأل الله العظيم رب العرش ريم ان يمن علينا جميعا بالهدى والتقى وان يعفو عنا تمام العفو. اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا اللهم انا نسألك العافية في الدنيا والاخرة. اللهم انا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا واهلنا اللهم استر عوراتنا وامن روعاتنا واحفظنا من بين ايدينا ومن خلفنا وعن ايماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا اعوذ بعظمتك ان نغتال من تحتنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين