القرآن معشر المؤمنين والمؤمنات كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود تكلم الله تعالى به حقيقة فاوحاه الى جبريل فنزل به الروح الامين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسعد الله اوقاتكم ايها الاخوة المشاهدون والمشاهدات في حلقة جديدة من سلسلة دروس العقيدة نتكلم في هذه الحلقة عن موضوع مهم الا وهو موضوع القرآن فان هذا الموضوع من الموضوعات العقدية التي جرى الخلف فيها بين اهل القبلة في ازمنة خالية. ونود في هذا ونود في هذه الحلقة ان نبين وجه الحق في هذه المسألة والواجب اعتقاده على كل مؤمن ومؤمنة وحديثنا عن القرآن العظيم فرع عن حديثنا عن صفة الكلام لله عز وجل فينبغي ان يعتقد المؤمن ان الله سبحانه وتعالى قد وصف نفسه بصفة الكلام في ايات كثر في كتابه الله تعالى يتكلم بكلام حقيقي. لا يشبه كلام المخلوقين بحروف واصوات اسماء يسمعها من شاء من خلقه وهو سبحانه وتعالى يتكلم متى شاء كيف شاء اذا شاء وبيان ذلك ان الله سبحانه وتعالى قد قال وكلم الله موسى تكليما فاتى بالفعل الماضي كلم واكده المفعول المطلق بقوله تكليما مما يدل على تحقيق هذه الصفة وكذلك ايضا قال سبحانه مدللا على انه يتكلم حسب مشيئته. قال ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه اذا كلامه سبحانه قد وقع بعد مجيء موسى فهذا يدل على انه سبحانه يتكلم متى شاء. فهو متعلق بمشيئته ومعتقد اهل السنة والجماعة ان الله سبحانه وتعالى يتكلم بكلام حقيقي الكلام ليس مجازيا ولا معنويا بل هو كلام حقيقي مكون من حروف واصوات ومعاني. فالكلام لا يطلق الا على مجموع المعنى والحرف والصوت ولا يكون دالا على جزء مسماه بل هو يشمل هذا وهذا فيعتقد اهل السنة والجماعة ان الله تعالى يتكلم بكلام حقيقي وانه وان كلامه لا يماثل كلام المخلوق بل هو كلام فخم جليل عظيم جميل وان الله تعالى يسمعه من شاء من خلقه فقد اسمعه الابوين في الجنة حين ناداهما ربهما الم انهكهما عن تلكما الشجرة وكذلك ايضا آآ اسمعه موسى عليه السلام حينما اتى الى الطور كما قال تعالى وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا مما يدل على ان كلامه سبحانه يتنوع اذ المناداة هي الصوت لمن بعد والمناجاة هي الصوت لمن قرب واثبت الله تعالى لنفسه الكلام في مواضع عدة كتابه كقول الله تعالى وتمت كلمة ربك صدقا عدلا فقال كلمة ربك فاضاف الكلام الى نفسه وقال مخاطبا عبده ونبيه وكليمه موسى قال يا موسى اني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي لان التوراة كلام الله كما القرآن كما الانجيل وايضا خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم في كتابه فقال وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى اسمع كلام الله اي القرآن وهذا مدخل لحديثنا عن القرآن العظيم. فما القرآن اما انه كلام الله فدليلهما اسلفنا من قول الله تعالى وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله حينما يستجير بنا مشرك فالواجب علينا ان نجيره ثم نحضر له قارئا يقرأ عليه القرآن اذا بهذا نمتثل امر الله تعالى فاجره حتى يسمع كلام الله. فثبت حقا وصدقا ان هذا المسموع هو كلام الله ومما يدل على ذلك ايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يعرض نفسه على قبائل العرب في الموسم قبل الهجرة كان يقول صلى الله عليه وسلم الا رجل يحملني الى قومه لابلغ كلام ربي الا رجل يحملني الى قومه لابلغ كلام ربي فان قريشا قد منعوني ان ابلغ كلام ربي عز وجل رواه الخمسة فهذان دليلان من الكتاب والسنة على ان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. اي والله. خلافا لما ادعته المعتزلة من انه مخلوق فكيف يكون شيء من صفات الله تعالى مخلوقا؟ هذا لا يمكن وانما ارادوا بهذه الدعوة ان يتوصلوا الى انكار صفات رب العالمين فانه اذا تم لهم ان القرآن مخلوق ادى بهم ذلك الى القول بان صفة الكلام مخلوقة ثم سحبوا ذلك على بقية صفات رب العالمين ثم سحبوا ذلك على بقية صفات رب العالمين فاجعلوها مخلوقة وحينئذ تكون اضافتها الى الله. لا من باب اضافة الصفة الى الموصوف وانما من باب اضافة المخلوق الى خالقه. فتوصلوا الى مرادهم الباطل من انكار صفات رب العالمين ولاجل ذا تصدى لهم اهل السنة والجماعة وعلى رأسهم الامام المبجل احمد بن حنبل رحمه الله رحمة واسعة ووقف في وجوههم وقفة حفظ الله تعالى بها الدين في المحنة كما حفظ بابي بكر الصديق الدين عام الردة ودليل انه منزل كثير في كتاب الله كقول الله تعالى نزل به الروح الامين اي جبريل على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وقال سبحانه وتعالى وهذا كتاب مبارك انزلناه وهو منزل وقال لو انزلنا هذا القرآن على جبل فلا ريب ان القرآن منزل وانه غير مخلوق وقول بعض السلف منه بدا واليه يعود معناه منه بدا اي ان الله تعالى تكلم منه اي ان الله تعالى تكلم به ابتداء او ان مرادهم منه بدأ اي منه صدر ولا منافاة بين المعنيين اي المراد انه صدر من الله ابتداء لا انه خلقه في غيره كما يدعي المبطلون. او انه كلام جبريل او كلام محمد صلى الله عليه وسلم حاشا وكلا بل هو كلامه سبحانه واما قولهم واليه يعود ومرادهم بذلك ما ورد في بعض الاثار انه يسرى بالقرآن من الصدور ومن السطور اخر الزمان وهذا يكون والله اعلم حين يهجر العمل به فيرفعه الله تكرمة له تكلم الله به حقيقة كما اسلفنا وهو كلام حقيقي يشمل الحروف والمعاني. لا الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف وليس القرآن كما زعم بعض المخطئين انه الكلام النفسي فبعض الفرق زعمت ان القرآن او ان كلام الله معنى قائم بنفسه واما ما يسمعه الانبياء فانها حروف واصوات مخلوقة زعموا ولا شك ان هذا تكلف باطل لم يخطر ببالي احد من الصحابة رضوان الله عليهم اذا هو كلام الله حقيقة تكلم به حقيقة فاوحاه الى جبريل فنزل به على قلب محمد صلى الله عليه وسلم هذا وينبغي ان نعلم معشر المؤمنين والمؤمنات ان هذا القرآن العظيم اذا تلاه الناس او كتبوه في المصاحف او حفظوه في الصدور. او سجلوه على الاشرطة. لم يخرج بذلك عن ان يكون كلام الله حقيقة فان الكلام انما ينسب ويضاف حقيقة الى من قاله مبتدأ. لا الى من قاله مبلغا ومؤديا التلاوة غير المتلو والكتابة غير المكتوب والحفظ غير المحفوظ والتسجيل غير المسجل وهكذا في سائر التصرفات فالفعل الكتابة والتلاوة والتسجيل ونحو ذلك. الفعل فعل القارئ او الكاتب او الحافظ واما الكلام واما الكلام فهو كلام الباري قال تعالى قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين امنوا وهدى وبشرى للمؤمنين للمسلمين ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه اعجمي. وهذا لسان عربي مبين فقطع الله تعالى حجتهم واكثر من نسبه الى قول البشر وتوعده بسقر. فقال تعالى ساصليه سقر لما قال الوليد ابن المغيرة ان هذا الا قول البشر فاكثره الله تعالى فقال ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع ان ازيد كلا انه كان لاياتنا عنيدا سارهقه صعودا انه فكر وقدر. فقتل كيف قدر. ثم قتل كيف قدر. ثم نظر. ثم وبسر ثم ادبر واستكبر فقال ان هذا يشير الى القرآن ان هذا الا سحر يؤثر ان هذا الا قوله البشر ساصليه سقر فهذا جزاء من نسب القرآن الى غير الله عز وجل ويشكل على بعض الناس قول الله عز وجل انه لقول رسول كريم يقولون ها هو قد اضافه الى الرسول والجواب عن هذا ان يقال ان الله سبحانه وتعالى حينما قال انه لقول رسول كريم ذكر وصف الرسالة اذا هذا لكونه رسولا مبلغا والدليل على ذلك ان الله تعالى قد قال في موضع في سورة التكوير انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين. مطاع ثم امين يريد به من؟ يريد به جبريل وقال في سورة الحاقة انه لقول رسول كريم. وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تريد من؟ يريد محمد صلى الله عليه وسلم فلما اراد مرة الرسول الملكي واراد مرة الرسول البشري علمنا بذلك ان اظافته اليهما انما لكونهما مبلغين مؤديين الكلام انما يضاف حقيقة الى من قاله مبتدئا لا الى من قاله مبلغا ومؤديا ونظير ذلك في كلام الناس لو قام انسان واختطب فقال ايها الناس من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو ات آت الى اخر الخطبة المشهورة. فقال قائل كلام من؟ هذا او قول من؟ هذا لقلنا له على البديهة هذه خطبة قس بن ساعدة الايادي ولم ننسبها الى هذا المتمثل بها الحافظ لها. لان الكلام انما يضاف الى من قاله مبتدأ. لا الى من قاله مبلغا ومؤدي ولو ان انسانا قام فانشد قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوا بين الدخول فحوملي فقال قال من الشاعر؟ لقد امرؤ القيس ولم ننسب هذا البيت الى من انشده علينا لان الكلام انما يضاف الى من قاله مبتدأ لا الى من قاله مبلغا ومؤديا فيجب القطع معشر المؤمنين والمؤمنات بان القرآن كلام الله حقيقة حروفه ومعانيه و انه ليس مخلوقا كما زعمت المعتزلة ولا يجوز التوقف ولا يجوز التوقف في هذه المسألة ولهذا دم السلف رحمهم الله كالامام احمد وغيره الواقفة الذين يمسكون عن هذه المسألة بل يجب القطع والبيان بان القرآن كلام الله حروفه ومعانيه ويجب معشر المؤمنين والمؤمنات ان يجل المؤمن هذا الكلام العظيم فاذا قرأ القرآن علم بان هذا الكلام ليس ككلام الناس وهذا من اعظم الاسباب التي يحصل بها التدبر فان المؤمن اذا علم ان لهذا القول مزية لا يدانيها مزية. وانه كلام رب العالمين وقع من نفسه موقعا عظيما وانتفع به اسأل الله العظيم ان ينفعنا بالقرآن العظيم وان يفتح لنا من معانيه وكنوزه واسراره ما ينفعنا به في الدنيا والاخرة والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد