فهذه شروط اربعة ثقال تدل على ان الشارع يدفع هذه الفتنة عن اهل الاسلام لما يترتب عليها من مفاسد ومضار وتم شرط خامس في الواقع تمليه المصلحة بل وتدل عليه عمومات الشريعة بسم الله الرحمن الرحيم الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اسعد الله اوقاتكم معشر المشاهدين والمشاهدات في حلقة جديدة من سلسلة دروس العقيدة الاسلامية بعد ان تم الكلام على اصول الايمان الستة وما تبع ذلك من الكلام عن حقيقة الايمان وسوف ندلف في هذه الحلقة الى موضوعات ذات صلة بالعقيدة الاسلامية دأب علماء السنة على الحاقها بمتون العقيدة وذلك لاهميتها واتصالها بالامر العام للامة والسنة التي كان عليها السلف الصالح ومن هذه المسائل مسألة الامامة والجماعة فان الله سبحانه وتعالى اراد من هذه الامة ان تكون امة بحق امة ذاتها لحمة واحدة وارادة واحدة تؤدي وظيفة واحدة كما وصفها ربها بقوله كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر فهذه الامة خير الامم واحبها الى الله وهي اكثر اهل الجنة ولها وظيفة شريفة كريمة فهم الذين يدخلون هنا الناس في دين الله افواجا ويقودونهم الى الجنة بالسلاسل ومثل هذه المهمة العظيمة لا شك انها تحتاج الى منظومة اجتماعية وسياسية واقتصادية تستكمل جميع عناصر الامة بالمعنى الصحيح ولاجل ذا جاءت النصوص المتكاثرة في وجوب البيع وان لا يبقى مسلم على وجه الارض الا وفي عنقه بيعة فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم فيما رواه الامام مسلم من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية فيتعين على كل مؤمن ان يبايع امام زمانه ويسمع ويطيع السمع والطاعة لولاة الامر من اصول اهل السنة والجماعة اذا كان بالمعروف واقامة الحج والجمع والاعياد مع الامراء ابرارا كانوا او فجارا والنصح لهم والرد عند التنازع الى الكتاب والسنة. من الاصول العظيمة التي لم يزل اهل السنة والجماعة يتواصون بها والاصل في ذلك قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فجعل الله تعالى فجعل الله تعالى طاعته اصلا وجعل طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم اصلع واما طاعة ولاة الامر فانه لم يكرر ذكر العامل بل قال واولي الامر منكم مما يشعر بان طاعة اولي الامر مبنية على طاعة الله وطاعة رسوله ولهذا لزمت طاعته. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم على المرء المسلم السمع والطاعة فيما واحب وكره الا ان يؤمر بمعصية فاذا امر بمعصية فلا سمع ولا طاعة متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له. رواه مسلم فتبين بذلك وجوب السمع والطاعة والانقياد لما يأمر به ولاة الامر بالمعروف ولهذا يمكن ان نقسم ما يأمر به ولاة الامر الى ثلاثة اقسام القسم الاول ان يأمر ولاة الامر بما امر الله به ورسوله وتكون طاعتهم حينئذ واجبة من جهتين من جهة طاعة الله ورسوله. ومن جهة طاعة ولاة الامر كان يأمر بالصلاة وباخراج الزكاة وبالحج والجهاد وغير ذلك من شرائع الاسلام فتتعين طاعتهم فتتعين طاعتهم كقول النبي صلى الله عليه وسلم واذا استنفرتم فانفروا القسم الثاني ان يأمروا بمعصية الله فحينئذ لا سمع ولا طاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم انما الطاعة في المعروف هذا القسم ربما وقع من بعض الولاة الظالمين فحين اذ يأبى المؤمن ان يطيعهم في معصية الله عز وجل ولا يمتنع من طاعتهم فيما يوافق طاعة الله وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم لما حدث اصحابه كما في صحيح البخاري انهم سيلقون بعده اثرة وامورا ينكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال ادوا اليهم حقهم وسلوا الله حقكم واما القسم الثالث فهو ان يأمر ولاة الامر بما لم يرد بخصوصه طاعة لله ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يرد بخصوصه انه معصية لله او لنبيه صلى الله عليه وسلم فالاصل حينئذ الطاعة وهذا يكون في الامور العامة كالتنظيمات المدنية وما يراه ولاة الامر مما يسهل معيشة الناس ويحقق المصلحة العامة. وربما وقع في بعضها اخلال بمصلحة خاصة سيكون لزوم الطاعة تحقيقا للمصلحة العامة التي يأمر بها ولاة الامر مطلوب شرع. فيكون ذلك مطلوبا شرعا ومما نستفيده من حال الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حرصهم على جمع كلمة ووحدة الصف ما وقع من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما حينما بلغه ان عثمان رضي الله عنه اتم بمنى ومن المعلوم ان نبينا صلى الله عليه وسلم كان ايام منى يقصر الصلاة ويصلي كل صلاة في وقتها يقصر الرباعية الى اثنتين فلما بلغ فلما بلغ ابن مسعود ان عثمانا رضي الله عنه ان عثمان رضي الله عنه اتم بمنى استرجع. رأى ان ذلك مصيبة وحق له فان ترك السنة مصيبة قال انا لله وانا اليه راجعون. ليت شعري من اربع ركعات ركعتان متقبلتان فقال له بعض من من عنده افلا تقصر قال سبحان الله امير المؤمنين الخلاف شر فدل ذلك على ان الصحابة الكرام كانوا يغلبون المصلحة الاعلى ولو ترتب على ذلك فوات مصلحة ادنى ويدفعون اشد المفسدتين باخفهما ولا زالت تلك طريقتهم حتى ان بعض اهل البصرة اتوا انس ابن مالك رضي الله عنه وشكوا اليه ما يجدون من ظلم الحجاج ولا يخفى ان الحجاج ابن يوسف الثقفي كان اميرا ظلوما غشوما فجاءوا يشتكون الى انس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم اصبروا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انه لا يأتي على الناس زمان الا والذي بعده شر منه او قال هكذا سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم فكانت طريقة الصحابة الكرام الصبر على جور الولاة واحتمال ما يكون منهم دفعا لمفسدة اشد وذهب بعض القراء في زمانهم وبعض الفقهاء الى الخروج على الحاكم الجائر كما وقع من عبد الرحمن بن الاشعث ومن تبعه من الفقهاء الكبار كسعيد ابن جبير والاوزاعي فانهم خرجوا على الحجاج بن يوسف الثقفي بسبب غشمه وظلمه وجوره فكان ان جرد لهم حملة ووقع من جراء ذلك اه معركة عرفت باسم معركة دير الجماجم سنة اثنتين وثمانين واباد فيها كثيرا من الفقهاء والقراء العلماء واسر بعضهم ونتج عن ذلك آآ شر عظيم ومن ذلك الحين واهل السنة والجماعة يتواصون بلزوم السمع والطاعة وعدم الخروج على ولاة الامر ابرارا كانوا او فجارا ولاجلنا حرم الخروج على ولاة الجور ومنابذتهم ولو جاروا ففي حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال دعانا دعانا النبي وفي حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما اخذ علينا من بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا واثرة علينا والا ننازع الامر اهله الا ان تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان. رواه البخاري وهذا الحديث العظيم يبين ان الخروج على الولاة محرم الا بشروط ثقال عدها النبي صلى الله عليه وسلم وهي اربعة شروط الشرط الاول ان يكون الحاكم قد ارتكب الشرط الاول الرؤية المحققة لقوله صلى الله عليه وسلم الا ان تروا وهذا يدل على عدم الاعتماد على البلاغات والاشاعات والقيل والقال. فالامر جد خطير واما الشرط الثاني وهو ان يكون كفرا فلو كان فسقا لما جاز الخروج عليه فلو قدر ان حاكما ما كان يشرب الخمر او يأتي الفواحش فهذا لا يبيح الخروج عليه لان النبي صلى الله عليه وسلم قيد ذلك بالكفر واما الشرط الثالث فقوله بواحا ومعنا بواحة كما قال الخطابي وغيره من الشراح اي ظاهرا باديا مستعلنا فلو قدر ان حاكما من الحكام كان يأتي امورا كفرية في السر لا يستعلن بها ولا يجاهر بها فان هذا لا يبيح الخروج عليه ايضا لنا ظاهره وعليه باطنه واما الشرط الرابع وهو وجود البرهان وهو الحجة الساطعة الاكيدة التي لا يختلف عليها اثنان لقوله الا ان الا ان تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان فلو قدر ان المسألة كانت محتملة والعلماء مختلفون. هل هذا موجب للكفر ام لا؟ هل هو كفر بواح ام بواح ام لا؟ فان هذا لا يبيح الخروج عليه وهو القدرة فلو قدر ان هذه الشروط الاربعة قد اجتمعت فيبقى شرط خامس وهو القدرة فحيث لا قدرة فلا يجوز الخروج لان هذا يؤدي الى ابادة اهل الاسلام القضاء عليهم وقد قال الله تعالى في اية في العهد المكي المتر الى الذين قيل لهم كفوا ايديكم واقيموا الصلاة واتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال اذا منهم يخشون الناس كخشية الله او اشد خشية وقالوا ربنا لما كتبت علينا القتال الى اخر الاية فلابد ايضا من شرط القدرة واما المسارعة في الخروج على الولاة وشق عصا الطاعة ونزع البيعة فانه يترتب عليه من المفاسد من اثارة الدهماء واراقة الدماء ما لا يعلمه الا الله عز وجل وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وحسبك به قارئا ومطلعا وسابرا للتاريخ قال انه لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان الا وكان في خروجهم من الشر اضعافا ما كانوا يرجونه من الخير الا كان في خروجهم من الشر اضعاف ما كانوا يرجونه من الخير لاجل ذا ينبغي ان يتواصى اهل الاسلام بالاجتماع والائتلاف وان ينبذوا الفرقة والاختلاف وان يكونوا يدا واحدة على من خالفهم كما قال الله عز وجل واعتصموا لله جميعا ولا تفرقوا فالتفرق مذموم والخلاف شر. والواجب اقامة الدين والتعاون على البر والتقوى. كما امر ربنا بقوله شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجمع كلمة المسلمين على الحق وان يبرم لهذه الامة امر الرشد يعز فيه اهل طاعته ويذل فيه اهل معصيته ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد