الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد اعلموا ان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ايها الاخوة في الله نحمد الله سبحانه وتعالى الذي من علينا واياكم بهذا اللقاء المبارك وبهذا الاجتماع الطيب نسأل الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا واياكم بذلك وهكذا نشكر لاخواننا في الله القائمين بالدعوة الى الله تعالى وتعليم الناس في هذه المدينة في هذا المسجد اخونا ابو همام الشيخ صالح حفظه الله وسائر اخوانه فجزاهم الله خيرا ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا جميعا على دينه الحق حتى نلقاه اخواني في الله في هذا المجلس نتكلم واياكم نتذاكر في هذا الموضع ذنبا من الذنوب العظيمة ومن الكبائر الفاشية بين الناس والتي يتساهلون بها وقل من يسلم من ذلك الا من سلمه الله تعالى هذا الذنب وهذه المعصية هو ذنب الغيبة للمسلمين هذا الذنب الذي قل ان يسلم منه مجلس وقل ان يخلو منه اجتماع الا ما كان في طاعة الله وفي ذكر الله سبحانه وتعالى والا فهذا الذنب تساهل به الناس اصبح امرا معتادا في مجالس الناس واماكنهم واجتماعاتهم ومراسلاتهم صار امرا يسيرا مع انه امر عظيم يا تعظيمه في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام وباذن الله تعالى حتى لا نتشعب في الكلام فالكلام يطول يكون حديثنا عن هذا الموضوع في عدة نقاط الاولى في معنى الغيبة والنقطة الثانية في حكم الغيبة والنقطة الثالثة في الادلة من القرآن ومن السنة التي شددت في هذا الامر وحذرت منه والنقطة الرابعة في شرعية رد الغيبة لمن سمعها ان يردها على المغتاب والنقطة الخامسة في الامور او المواضع التي تباح فيها الغيبة مما ورد في الدليل من القرآن والسنة والنقطة السادسة في كفارة الغيبة لمن صدرت منه فاما المسألة الاولى وهي معنى الغيبة فالغيبة كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث قال هي ذكرك اخاك بما يكره فالغيبة اذا ذكر الانسان بما يكره مما هو فيه في حال غيبته فلا بد فيها من هذه الامور ذكر الانسان بالشيء الذي يكرهه ان يذكر بشيء يكره ان يذكر به بحيث لو بلغه ذلك الامر لساءه ذلك ولكره هذا الذكر وكل شيء يكره اخوك المسلم ان تذكره به فهو من الغيبة سواء كان ذلك في بدنه سواء كان ذلك في خلقه او في خلقته في خلقي وخلقتي او في خلقه سواء كان ذلك في ثيابه سواء كان ذلك في حركاته في مشيته في كلامه كل شيء يكره ان تذكره به اذا ذكرته به تكون قد اغتبته مما هو فيه تذكره بما يكره وهو فيه اما لو كان ليس فيه فهذا ذنبه اعظم هذا بهتان ان تقول في مسلم في حال غيبتي شيئا يكرهه وليس فيه فهذا من البهتان ولذا جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه يوما اتدرون ما الغيبة قال الله ورسوله اعلم قال الغيبة هي ذكرك اخاك بما يكره وقالوا يا رسول الله ارأيت ان كان في اخي ما اقول اذا ذكرته بامر هو فيه قال ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته صار هذا ذنبا اعظم وهو البهتان ولذا جاء في مسند الامام احمد وسنن ابي داود عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال في مسلم ما ليس فيه اسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال قالوا يا رسول الله وما ردغة الخبال قال عصارة عرق اهل النار فاذا الغيبة ان تذكر بالشيء الذي هو فيه في حال غيبته وعدم حضوره وليس ذلك خاصا باللفظ انك تذكر ذكرا بلسانك بل حتى باشارتك اذا اشرت باشارة فيها احتقار لانسان فيها ذم له فهي غيبة اذا قلدت كلام انسان بعظ الناس يأتي يقلد صوت انسان او يقلد مشية انسان كيف يمشي او يقلد اكل انسان كيف يأكل على سبيل الذملة هذه غيبة جاء في سنن ابي داوود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله يكفيك من صفية او حسبك من صفية كذا وكذا صفية زوجته ضرت عائشة قال بعض الرواة تعني انها قصيرة حسبك من صفية انها قصيرة قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته لو جعلت هذه الكلمة في ماء البحر لغيرت ماء البحر قالت وحكيت له انسانا حكيت لها اي قلدت بعض افعاله. اما قلدت كلامه او مشيته وبعض حركاته وقال عليه الصلاة والسلام ما احب اني حكيت انسانا وان لي كذا وكذا فاذا بهذا نعلم ان الغيبة ان تذكر اخاك المسلم في شيء يكرهه وهو فيه ذلك الشيء فيه ولكنه يكره ان تذكره به في حال غيبته وكم يحصل من الناس يذكرون الناس في اماكنهم في مجالسهم في مراسلاتهم في اتصالاتهم يذكر اخاه بما يكره مما هو فيه في حال غيبته واما المسألة الثانية وهو وهي حكم الغيبة فقد اجمع العلماء على تحريم الغيبة. وانها لا تحل ونقل الاجماع على ذلك غير واحد من اهل العلم تبني كثير في تفسيره والامام النووي في كتاب الاذكار وغيره فلا خلاف بين العلماء ان الغيبة من المحرمات بل نقل الامام القرطبي رحمه الله في تفسيره يا جماعة اهل العلم على انها من كبائر الذنوب فهي من الذنوب الكبيرة العظيمة التي لا تكفرها الحسنات بل تحتاج الى توبة فان الكبائر في معتقد اهل السنة والجماعة لا بد فيه من التوبة فهي اذا ذنب عظيم ومن كبائر الذنوب من الذنوب العظيمة التي ورد التخويف من ذلك في ادلة كثيرة وهي المسألة الثالثة الادلة التي وردت في كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم في تحريم الغيبة والتحذير منها وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ولا يغتب بعضكم بعضا بعد ان قال يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله والله تعالى نهى في هذه الاية عنان يغتاب بعضنا بعضا وظرب لذلك مثلا ان مثل من اغتاب اخاه المسلم كمن اكل لحمه وهو ميت فمن الذي يطيق ان يأكل لحم اخيه ميتا. اخوه المسلم ميت امامه وهو يقطع لحمه ويأكل فبشاعة هذا الذنب وهذه المعصية كبشاعة هذا الفعل فابدا لا يطيق مسلم فطرة سليمة ليس في عاهة ولا مرظ لا يطيق ان يقطع من المسلم لحما ويأكل وهو ميت والله تعالى جعل من اغتاب اخاه كمن اكل لحمه ميتا ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه لا احد منكم يحب هذا الامر تكرهونه جميعا فلماذا لا تكرهون الذنب الذي شبه به في القرآن جاء في مصنف ابن ابي شيبة وعند البخاري في الادب المفرد بسند صحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه انه كان يمشي يوما مع اصحابه فمروا على بغل ميت والبغل هو دابة بين الحمار والفرس قد انتفخ هذا البغل قال عبدالله بن عمرو رضي الله عنه والله لان يأكل احدكم من هذا البغل حتى يملأ بطنه خير له من ان يأكل لحم مسلم والله لان يأكل احدكم من هذا البغل الميت الذي قد انتفخ خير له من ان يأكل لحم مسلم اي باغتيابه له وعند البخاري ايضا في الادب المفرد وهو في جامع ابن وهب ايضا بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ما التقم احد لقمة شرا من غيبة مؤمن هي لقمة يأكلها يأكل لحم اخي ما التقم احد لقمة شرا من غيبة مؤمن فاذا هذا ذنب عظيم ذنب ليس بالسهل لو تفكر الانسان في هذا الامر الذي شبهه الله تعالى به لما اطاق الغيبة كل من يغتاب ينبغي ان يتذكر اخاه المسلم ميتا بين يديه ايطيق ان يأكل لحمه فهذه غيبة المؤمن اخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام ان غيبة المسلم سبب للعذاب في القبر وسبب للعذاب في النار جاء عند الامام احمد وابي داود عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال مررت ليلة اسري بي على قوم لهم اظفار من نحاس اظفار من نحاس والنحاس قوي شديد من اقوى الحديد لهم اظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم قال فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في اعراضهم هؤلاء الذين يخمشون وجوههم وصدورهم في هذه الاظفار من النحاس هم الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في اعراضهم باغتيابهم لهم فكما قطعوا اعراض الناس في الدنيا يجعلهم الله تعالى يقطعون اجسادهم في القبر وهذا العذاب في وهذا العذاب في القبر فان النبي صلى الله عليه وسلم رأى هؤلاء يعذبون ليلة الاسراء ليلة عرج بي الى السماء ورأى الجنة والنار فرأى هؤلاء يعذبون اي في قبورهم وقد جاء ادلة اخرى ان الغيبة من اسباب العذاب في القبر وهي من اسباب العذاب في النار ايضا وفي حديث ابي هريرة عند الامام احمد وعند البخاري في الادب المفرد ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت له امرأة وذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها امرأة كثيرة الصلاة والصيام والصدقة قالوا يا رسول الله لكنها تؤذي جيرانها بلسانها قال النبي صلى الله عليه وسلم هي في النار فذكروا له امرأة اخرى وذكروا من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها انما تتصدق بالاثوار من اي القطع اليسيرة من الاقط وهو اللبن المجفف ولكنها لا تؤذي جيرانها بلسانها وقال النبي صلى الله عليه وسلم هي في الجنة. فتلك المرأة مع كثرة الصلاة والصيام والصدقة الا انه ما سلم جيرانها من لسانها من القدح فيهم من ذمهم من غيبتهم من ذكرهم بالسوء وقال النبي صلى الله عليه وسلم هي في النار اذا هذا الذنب العظيم يعرض العبد للعقوبة يعرض العبد للعذاب اذا مات يعذب في قبره يستحق العذاب في قبره واذا قامت الساعي يستحق العذاب في النار فاذا كان كذلك فالواجب على المسلم ان يجتنبوا وان يبتعد منه هذا الذنب كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف الا من المنافقين هم الذين كانوا يغتابون المسلمين وقد جاء في سنن الترمذي عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر ثم نادى باعلى صوته يا معشر من اسلم بلسانه ولم يفضي الايمان الى قلبه. اي لم يدخل الايمان الى قلبه وهم منافقون اسلموا بالسنتهم ولم يدخل الايمان الى قلوبهم يا معشر من اسلم بلسانه ولم يفضي الايمان الى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم لا تؤذوا المسلمين اي بالسنتكم ولا تعيروهم اي بعيوبهم تذكرون عيوبهم على سبيل التعيير لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم اي لا تتبعوا زلاتهم لا تتبعوا ذنوبهم واخطائهم فانه من تتبع عورة اخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضح ولو في جوف رحلة يجازيه الله الذي يذكر عيوب اخيه المسلم يشيعها بين الناس الله جل وعلا يشيع عيوبه يتتبع الله تعالى عورته ومن تتبع الله عورة فضحه فهذا الفعل كان من اذية المنافقين للمسلمين بل كان يوجد لريح المغتابين لفعل المغتابين يوجد له ريح في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء عند البخاري في الادب مفرد وعند احمد باسناد حسن عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجت ريح كريهة خبيثة منتنة رائحة خبيثة منتنة قال النبي صلى الله عليه وسلم اتدرون ما هذه الريح قال الله ورسوله اعلم قال هذه ريح الذين يغتابون المسلمين جاء في رواية ايضا للبخاري في الادب المفرد قال ان ناسا من المنافقين اغتابوا ناسا من المسلمين فهاجت هذه الريح لاجل ذلك انتشرا ريح الغيبة رائحة خبيثة منتنة قال بعض العلماء سئل قالوا لماذا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وجدت ريح الغيبة اما في هذا الزمن لا نجد ريحها فاجاب قال انها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانت قليلة فلما كانت قليلة ولم تعتد عليها الانوف هاجت تلك الريح الخبيثة قال واما في زماننا ويتكلم عن زمنه قبل مئات السنين قال فانها كثرت حتى امتلأت منها الانوف فصار الناس لا يشعرون بها قال كانسان دخل بيت الدباغين الذي يأخذ الجلود يزيل ما فيها من الشحم يصلحها قال كانسان دخل بيت الدباغين لا يستطيع ان يستقر فيه بينما اهل ذلك البيت مقيمون فيه يأكلون فيه وينامون فيه اعتادوا ذلك والذي يأتي عليهم الى بيتهم وليس منهم لا يستطيع القرار ولا البقاء معهم فهكذا لما كثرت امتلأت منها انوف الناس فلم تعد تغير الجو الذي حولهم برائحته الخبيثة ولما كانت قليلة في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام انتشر ريحها هذه ريح الذين يغتابون الناس ولذا جاء في حديث عائشة الان في الذكر انها تغير البحر حين قالت يكفيك من صفية انها قصيرة مع انها ضر لها والكلام الذي بين الظرات يتسامح فيه ما لا يتسامح في غيره فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد قلت كلمة لو مزجت لو خلطت بماء البحر لغيرته فهذا الذنب العظيم اذا غير الهواء في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام حين وجد من المنافقين وهكذا اخبر الرسول عليه الصلاة والسلام انها تغير البحر تغير صفاءه تغير مائة لانه ذنب ليس بالذنب السهل بل كمن سبق لم يكن في الغالب معروفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم الا من المنافقين هذا الذنب العظيم يأكل حسنات المسلم اكلا يأكلها في صحيح البخاري عن ابي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان عنده مظلمة لاخيه المسلم من عرظه العرظ هو موظع المدح والذم. سواء كان في نفسه او اهله. كل ما يمدح به الانسان ويذم به فهو عرظه من كان عنده مظلمة لاخيه في عرظه يتكلم فيه بغير حق او في ماله او في شيء فليتحلل منه اليوم في الدنيا قبل الا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح اخذ منه بقدر مظلمته. تؤخذ حسناته لهذا الذي ظلمه وان لم يكن له حسنات اخذ من سيئات صاحبه وطرحت عليه فهو يذهب حسنات المسلم ويحرقها ولذا من جميل ما نقل عن الامام ابن المبارك رحمه الله انه قال لو كنت مغتابا احدا لاغتبت والدي قالوا له لماذا تغتاب والديك قال هما احق الناس بحسناتي اي حسناتي ستؤخذ يوم القيامة فلو كنت ساغتاب احدا ساغتاب والدي لتنقل حسناتي اليهما فالمغتاب للناس يوزع حسناته يفعل الخيرات والطاعات ثم يوزعها بهذا الفعل وربما بلغ الى حد لا يكون له فيه حسنات فتؤخذ سيئات هؤلاء الناس تطرح عليه فاذا هذا الذنب ذنب عظيم عظمه الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر منه لاجل لا يتساهل منه الناس. لا يتساهل به الناس المسألة الرابعة وهي انه يشرع لمن سمع غيبة ان يردها يشرع لمن سمع انسانا يغتاب مسلما ان يرد الغيبة ويدفع عن اخيه ولو كان حقا جاء في سنن ابي داوود والترمذي عن ابي الدرداء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من رد عن عرض اخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة من رد عن عرض اخيه المسلم رد الله عن وجهه النار يوم القيامة فاذا سمعت مسلما يذكر مسلما بسوء ذكره بالله وادفع عن اخيك المسلم يأجرك الله تعالى على ذلك. يرد الله تعالى عن وجهك النار يوم القيامة ويجزيك الله تعالى به خيرا في الدنيا والاخرة كما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه عند البخاري في الادب المفرد وابن وهب في الجامع بسند حسن انه قال من اغتيب عنده مؤمن فنصره اي رد عنه من اغتيب عنده مؤمن فنصره جزاه الله بها خيرا في الدنيا والاخرة ومن اغتيب عنده مؤمن فلم ينصره جزاه الله بها في الدنيا والاخرة شرا في شرع للمسلم اذا سمع من يغتاب مسلما ان يرد عن عرض اخيه ولد النبي عليه الصلاة والسلام لما سمع ذلك رد على القائل ما يقول كما جاء في الصحيحين عن عتبان ابن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم لما زار عتبان ابن مالك الى بيته اجتمع اهل الدار اي اهل الحارة الى بيت عتبان بن مالك يجلسون مع الرسول عليه الصلاة والسلام تخلف منهم رجل اسمه ما لك ابن الدخشم وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل مالك لا اراه لماذا لم يحضر معنا فقال رجل من الجالسين قال يا رسول الله ذاك منافق لا يحب الله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم الا تراه يقول لا اله الا الله قال بلى ولكننا نرى وده وحديثه الى المنافقين قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله فرد الرسول عليه الصلاة والسلام عن عرض ما لك بن الدخشم لما ذكره هذا الرجل من الصحابة رضي الله عنهم اجمعين. في مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام وجاء ايضا في الصحيحين عن كعب ابن مالك في حديثه الطويل لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم تبوك وكان كعب بن مالك تخلف عن غزوة تبوك ثم تاب الله عليه فلما وصل الى تبوك قال ما فعل كعب بن مالك اين كعب بن مالك؟ لماذا ما جاء فقال رجل من بني سلمة اي من قوم كعب قال يا رسول الله حبسه برداة والنظر في عطفيه البرد والعطفان ثياب اي هو رجل يحب الدعة يحب الراحة لم يخرج معنا الى الجهاد بل بقي في الراحة والدعة حبسه اي خلفه عن الجهاد برداوى النظر في عطفيه فقال معاذ ابن جبل بئس ما قلت يقول لهذا الرجل بئس ما قلت يدفع عن عرض اخيه كعب ابن مالك والله يا رسول الله ما علمنا عليه الا خيرا فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فمن السنة لمن سمع مسلما يغتاب مسلما ان يدفع عن عرض اخيه وان يذكر هذا المغتاب بالله واذا فعل الناس ذلك قلت الغيبة وانتهت من مجالس المسلمين واظ محلك لكن ترى الناس يشتهونها ويسترسلون فيها فتكثر في مجالسهم المسألة الخامسة الامور التي تباح فيها الغيبة هناك ابواب من ابواب الدين والمعاملات يجوز للمسلم ان يذكر اخاه المسلم بما يكره في حال غيبته للمصلحة وهذه الامور لخصها العلماء في ست ابواب اكثر هذه الابواب اجمع العلماء على جواز الغيبة فيها اي على جواز ذكر المسلم بما يكره في هذه المواضع الموضع الاول التظلم ومعنى التظلم اي ان يأتي انسان الى من يستطيع انصافه من ولي الامر حاكم قاضي من الامن من الشرطة شيخ قبيلة يأتي انسان يتظلم عنده يقول ظلمني فلان ابن فلان فلان ابن فلان اخذ حقي فلان ابن فلان اعتدى علي فلا شك ان هذا الذكر يكرهه المذكور لكن هذا الذاكر ذكره للمصلحة يتظلم لانه لا يمكن رد حقه الا بذلك والدليل على جواز ذلك قول الله سبحانه وتعالى لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم فمن ظلم له ان يذكر غيره ولو بما يسوؤه في الظلم الذي ذكره به لا في غيره وهكذا جاء في مسند الامام احمد وسنن ابي داوود والنسائي وغيرهم عن الشريد بن سويد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته الليل بمعنى المماطلة والتأخير والواجد اي الغني الذي يجد المال ويستطيع الاداء فمن كان عنده دين لك وحل اجل الدين وكان قادرا ان يقضيك ولكنه يماطل ويؤخر فهذا الفعل منه ظلم كما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة مطل الغني ظلم مماطلة الغني عن قضاء دينه الذي حل اجله وهو قادر على ذلك غني هذا ظلم قال في حديث الشريف لي الواجب تأخير قضائي وهو واجد للمال ظلم يحل عرظه وعقوبته يحل عرضه اي يجوز ان تشكوه الى من بيده الامر يجوز ان تذكره عند من ينصفك منه ويحل عقوبته ايضا يحل للسلطان للقاضي ان يحبسه وان يعاقبه بذلك فهذا الامر الاول من الامور التي تباح فيها الغيبة ان يكون الانسان يذكر الشخص بما يكرهه على سبيل التظلم الثاني الاستعانة على تغيير المنكر يكون هناك منكر عند شخص من الناس ولا يستطيع الانسان ان يغيره فيأتي الى من يستطيع ان يغيره يذكر له ان فلانا يعمل كذا وكذا وكذا من المنكرات ونيته انه يعينه على تغيير المنكر وقد جاء في الصحيحين عن زيد ابن ارقم رضي الله عنه انهم كانوا في بعض الغزوات فقال عبد الله بن ابي رأس المنافقين قال لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا لا تنفقوا على من عند الرسول لا تعطوهم شيئا حتى يتفرقوا عنه وقال لان رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل يقصد بالاعز نفسه واصحابه من المنافقين ويقصد بالاذل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة قال ان رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل فانطلق زيد ابن ارقم الى الرسول عليه الصلاة والسلام فاخبره قال سمعت عبد الله بن ابي يقول كذا وكذا فذكره بما يكره عند الرسول لاجل ان يغير هذا المنكر فدعاه الرسول صلى الله عليه وسلم دعا عبد الله ابن ابي فجاء فحلف واجتهد في الايمان انه ما قال فقال الناس كذب زيد رسول الله زيد من الارقام كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم فانزل الله القرآن يصدق قول زيد اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسول والله يشهد ان المنافقين لكاذبون الى ان قال هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله ويقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز من الاذل. فانزل الله تصديق زيد في سورة كاملة. الشاهد منه ان زيدا ذكر هذا المنافق لاجل ان يغير النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنكر الذي سمعه زيد ايضا جاء في الصحيحين عن ابن مسعود انه سمع رجلا يقول حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين وغنائم حنين كانت كثيرة وجعل يعطي بعظ الذين اسلموا من رؤساء القبائل يتألفهم كان يعطي الرجل مئة من الابل فقال رجل والله ان هذه قسمة ما عدل فيها وما اريد فيها وجه الله يتهم الرسول انه ما عدل وما اراد وجه الله فجاء ابن مسعود الى الرسول صلى الله عليه وسلم يخبره بما قال هذا الرجل وانما اخبره ابن مسعود ليغير هذا الامر الذي سمعه من هذا المنافق فاذا اذا كان هناك انسان على ذنب على معصية وتريد تغيير ذلك المنكر فتذكره لمن يستطيع تغييره فهذا امر جائز الامر الثالث من الامور التي تجوز فيها الغيبة الاستفتاء اذا كنت تأتي تستفتي تسأل فتقول لمن تستفتيه ان ابي اخذ كذا وكذا من حقي فما الحكم في ذلك؟ ان اخي فعل كذا وكذا تذكره؟ وانت تريد فتوى جاء في الصحيحين عند هند او في قصة بن عتبة بنت عتبة زوجة ابي سفيان لما اسلمت يوم الفتح سألت الرسول عليه الصلاة والسلام قالت يا رسول الله ان ابا سفيان اي زوجها رجل شحيح جاء في رواية رجل مسيك اي شديد الامساك للمال بخيل ليس يعطيني ما يكفيني واولادي بالمعروف فهل يجوز ان اخذ من حقه بغير اذنه قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف والشاهد انها ذكرت زوجها بما يكره ولكنها كانت في سياق الاستفتاء في سياق طلب الفتوى ان ابا سفيان رجل شحيح فاذا احتاج المستفتي ان يذكر من يستفتي فيه فهذا جائز واذا استطاع ان يسأل بدون ذكر من يستفتي فيه كان يقول للمفتي ما تقول في رجل فعل كذا وكذا ما تقول في رجل قال كذا وكذا فاذا تمكن فهذا احسن الامر الرابع من الامور التي تباح فيها الغيبة التحذير للمسلمين من الشر والنصح لهم من الظرر ترى انه يحصل للمسلمين شر واضرار من بعض الجوانب فتذكر ذلك الذي تخشى منه الشر على المسلمين لاجل الا يحصل لهم منه شر سيدخل في ذلك يرحو الرواة رواة الحديث فان السلف كثيرا بينوا ضعف كثير من الرواة بل بعض السلف بين ضعف ناس من اقاربه سئل علي ابن المديني رحمه الله علي ابن عبد الله ابني جعفر السعدي سئل عن ابيه ما حال ابيك في الحديث قال ابي ضعيف كان ضعيفا في الحديث فبين حال والده وانه ضعيف في الحديث لاجل الحفاظ على الحديث لانه قد ينقل احاديث ضعيفة تضر المسلمين فبين ذلك مثله ايضا جرح الشهود اذا انتصب شهود بين يدي الحاكم وانسان يعرف ان هؤلاء الشهود ليسوا عدولا فانه لا بد في الشاهد ان يكون عدلا اي صاحبة طاعة وبعيد عن المعاصي. قال الله واشهدوا ذوي عدل منكم فاذا كان الشاهد صاحب معاصي او يعلم منه الكذب يشهد كذبا ويتساهل فيه فيجوز لمن يعلم حاله ان يقول للقاضي او الحاكم ان هذا الشاهد لا تقبل شهادة هذا يكذب هذا يفعل كذا وكذا من المحرمات لاجل ان يسلم للناس الدين ويسلم للناس امر الدنيا وهذا جائز باجماع العلماء ايضا يدخل في ذلك من النصح للمسلمين والتحذير لهم من الشر الاستشارة من لا يستشيرك انسان يريد مصاهرته يريد الزواج بابنته لا يستشيرك ماذا تعرف عن فلان فواجب عليك ان تنصحه وان تبين له ما تعرف عن فلان حتى ولو كان فيه ذكر بما يكره لاجل النصيحة وهكذا من اراد مشاركة انسان في مال اراد يشارك انسان في مال او يعامله او يضع عنده وديعة وامانة فجاء يسألك ماذا تعرف عن فلان فواجب ان تبين له وان تنصحه حتى ولو ذكرت ذلك بما يكره جاء في صحيح مسلم ان فاطمة بنت قيس بعد ان انتهت عدتها من زوجها خطبها رجلان من الصحابة معاوية بن ابي سفيان وابو الجهم فجاءت تستشير الرسول عليه الصلاة والسلام قالت ان معاوية وابا سفيان ان معاوية وابا الجهم خطبان قال الرسول عليه الصلاة والسلام اما معاوية فلا مال له جاء في رواية قال فصعلوك لا مال له. والصعلوك في كلام العرب هو الذي ليس بيده مال فقير واما ابو الجهم رجل ضراب للنساء في رواية لا يضع عصاه عن عاتقه الرسول عليه الصلاة والسلام بين ما يعلم ان معاوية انسان لا مال له معدم وان ابا الجهم رجل يظرب النساء مع انهم صحابة رظي الله عنهم ولكنها النصيحة هكذا يدخل في ذلك في تحذير المسلمين من الشر ومن الضرر ذكر اهل البدع الذين يظرون الناس قد يكون هناك مبتدع يدعو الناس الى بدع يجعلهم يخالفون سنة الرسول عليه الصلاة والسلام يدعوهم الى مخالفة هدي النبي عليه الصلاة والسلام فاذا رأى انسان من يتأثر به ومن يأخذ على عنه العلم او يأخذ عنه تلك البدع يجوز ان يحذره منه ويقول له اجتنب فلانا ولا تجالسه او لا تسمع كلامه او لا تحضر مجلسه فانه يدعو الى البدع والمخالفات وهذا من النصح للمسلمين بل هو من اعظم الاعمال اذا كان الدافع له النصيحة النبي عليه الصلاة والسلام يقول الدين النصيحة وليحذر المسلم في هذا الجانب فقد يكون الدافع له الى هذا الامر حسب يحسد هذا الشخص ان الناس مقبلون عليه او يكون الدافع له حب الرئاسة لا يريد احد يرتفع عليه فيقول ذلك باعتبار انه يقول احذر من اهل البدع فيجب في ذلك ان يتعاهد الانسان نيته وان يصلحها حتى لا يقع في المحظور. فاذا كان الدافع له النصيحة والحرص على المسلمين فان هذا من اعظم الاعمال التي تقرب الانسان الى الله لان هذا المبتدع يضل الناس عن طريق الرسول عليه الصلاة والسلام خط الرسول عليه الصلاة والسلام خطا مستقيما. قال هذا سبيل الله يوصل الى الجنة وخط خطوطا عن يمينه وشماله قال هذه سبل الشيطان ولكل سبيل منها دعاة وقال عليه الصلاة والسلام في مثل ذلك دعاء على ابواب جهنم من اجابهم الي قذفوه فيها وكون المسلم يذكر هذا الذي يضل الناس عن دينهم من الامر المهم لو لم يذكر الناس اهل البدع من زمن السلف لحصل للناس ظرر لغيرت العقائد ولغيرت العبادات ولا انحرف كثير من الناس عن هدي الرسول عليه الصلاة والسلام فهذا الامر الرابع مما تباح فيه الغيبة النصح للمسلمين وتحذير المسلمين من الشر الامر الخامس الذي تباح فيه الغيبة ذكر المجاهر للفسوق والعصيان ليحذر منه وليكف شره فاذا كان انسان يجاهر بالمحرمات يجاهر بشرب الخمر يجاهر سفك الدماء يجاهر باخذ الاموال وانتهابها يجاهر بالاعتداء والظلم فيجوز ان يذكر لاجل يحذره الناس يقال لفلان لا تسمع لهذا او لا تجالس فلانا فانه يفعل كذا وكذا. نعم هو يكره هذا الامر لكن انت فعلته لاجل ان تحذر الناس من هذا الشر جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ان رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وقال ائذنوا له بئس اخو العشيرة بئس الصاحب بئس الجليس هذا الشخص فلما دخل الان له النبي صلى الله عليه وسلم القول وتكلم معه بالكلام اللين فقالت عائشة يا رسول الله حين استأذن قلت بئس اخو العشيرة فلما دخل النت له القول قال يا عائشة ان شر الناس من تركه الناس اتقاء فحشه صاحب فحش هذا فنحن نداريه اتقاء فحشه استدل به البخاري في صحيحه على جواز غيبة اهل الفساد والريب الامر السادس والاخير من الامور التي تباح فيها الغيبة التعريف ان يعرف انسان يذكر انسان بشيء قد يكون يكرهه ولكن لا يعرف الا به كما جاء عن السلف يقولون فلان الاعرج عبد الرحمن ابن هرمز الاعرج سليمان بن مهران الاعمش عاصم بن سليمان الاحول فلان ابن فلان الطويل فلان ابن فلان القصير. وليس في نيته الذم وليس في نيته العيب انما في نيته التعريف بعض الناس الان لا يعرف الا بهذا الامر. يعرف بالاعرج. ما يعرفه الناس الا الاعرج فاذا ذكرته بغير ذلك لا يعرفونه فاذا ذكرت لقصد التعريف فهذا ليس باثم قال النبي جاء في حديث ابي هريرة في الصحيحين قال فقام ذو اليدين وكان في يديه طول فكانوا يذكرونه في ذي اليدين ايداه طويلة استدل به البخاري على جواز ذكر الصفات في التعريف كالطويل والقصير ونحوها فهذه ستة امور تباح فيها الغيبة وما عدا ذلك فالاصل ان الغيبة محرمة المسألة السادسة والاخيرة وهي كفارة الغيبة اذا كان الانسان قد صدرت منه الغيبة فعل الغيبة اغتاب المسلم فما كفارة ذلك كفارة ذلك بالتوبة ولابد من التوبة فان الغيبة من كبائر الذنوب التي تفتقر الى التوبة بقي هل من شرط التوبة ان يتحلل من الذي اغتابه هل لا تقبل توبة من الغيبة الا اذا ذهب الى هذا الذي اغتابوا قال سامحني فقد اغتبتك في يوم كذا وكذا اكثر العلماء على انه لابد ان يتحلل لابد ان يستسمح من اخيه الذي اغتابه يذهب اليه ويستسمح لقول الرسول عليه الصلاة والسلام من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرظه او من شيء فليتحلل منه اليوم قالوا فالرسول صلى الله عليه وسلم امر بالتحلل وهكذا جاء في صحيح البخاري عن ابي سعيد ان اهل الجنة اذا جاوزوا الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا وهكذا جاء في صحيح مسلم ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال تدرون من المفلس الذي يأتي يوم القيامة بحسنات ثم يأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وسب هذا واخذ مال هذا وسفك دم هذا وظرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فاذا فنيت حسناته اخذ من سيئاتهم فطرحت عليه. ثم طرح في النار ولذا ذهب اكثر العلماء الى ان المغتاب لا بد ان يستسمح الذي اغتابه وان هذا من شرط التوبة وهذا هو الاصل لكن قد يكون في مواضع الاستسماح والتحلل يستلزم مفاسد كما قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الوابل الصيب قال فانه في بعض الاحيان لو استسمحت منه ربما يكون هو لم يعلم بالغيبة ولم يسمع بها. فاذا جئت تستسمح منه اساء بك الظن وعاداك وهجرك وابغضك وقاطعك قال فهذه مفسدة عظيم الفرقة اشد من مفسدة الغيبة قال فيكفي في هذا انه يستغفر له ويدعو لاخيه الذي اغتابه ويثني عليه في في المواضع التي اغتابه فيها فاذا كفارة الغيبة التوبة واذا تمكن ان يتحلل من اخيه يعرف ان اخاه عاقلا اذا تحلل منه سامحه وعفا عنه ولم يحصل بينه وبينه عداوة فانه يتحلل منه ويستسمح ويقول قد اغتبتك وقد جاء عن السلف كثيرا انهم استسمحوا ممن اغتابوه بل استسمح البخاري من بعض مشايخه انه فعل يوما شيئا في الدرس فابتسم البخاري ابتسم كالذي يضحك عليه استسمحه من ذلك واما اذا كان يعلم ان هذا الذي اغتابه لا يتفهم الامر وربما اساء به الظن وحصلت بينه وبينه عداوة وايضا لم تصل الى الغيبة فيكفي انه يدعو له ويستغفر لاخيه الذي اغتابه ويتحرى ان المواظع التي اغتابه فيها يثني عليه ويذكره بالخير فاذا فعل ذلك كان هذا كفارة لهذا الذنب الذي ارتكبه وهذا ما اختاره شيخ الاسلام رحمه الله وتلميذه ابن القيم اذا اخواني في الله هذا الباب باب عظيم ولا يجوز للمسلم ان يتساهل به او ان يسترسل فيه الا في حدود المصلحة الشرعية التي اجازها الشرع كما سبق في الستة الامور التي جاءت بالادلة وما عدا ذلك فيجب على المسلم ان يبتعد عن ذلك وان يتحرى اصلاح نفسه ومداواة عيوبه جاء عن الربيع ابن خثيم والربيع ابن خثيم هو من المخضرمين اي من كبار التابعين من الزهاد العباد الثقات كان ابن مسعود كما في مصنف ابن ابي شيبة يقول له والله ما رأيتك الا ذكرت المخبتين ولو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك جاء عن الربيع ابن خثيم انه قال له اصحابه وكان عنده حكم ومواعظ عظيمة قال له اصحابه لم نرك تذم احدا قال والله اني لست راضيا عن نفسي حتى اتفرغ لذم الناس انا يقول مشغول بنفسي عندي امور وعيب احتاج اصلحه فلست راضيا عن نفسي حتى اتفرغ لذم الناس وقال الامام البخاري رحمه الله كما ذكره ابن حجر في الفتح قال ما اغتبت احدا منذ علمت ان الغيبة حرام ما اغتبت احدا منذ علمت ان الغيبة حرام فاذا علمنا انها حرام وان من كبائر الذنوب فيجب علينا ان نجاهد انفسنا في ذلك ان ننزه مجالسنا مجالس المسلمين اليوم قل ان تجد مجلس يسلم لا يقومون من المجلس الا وقد ذكروا اعدادا من الناس بالذم والقدح والعيوب ليجاهد الانسان نفسه على ذلك يشغل النفس بذكر الله اذا شغل لسانه بذكر الله انشغل عن هذه المحرمات يجاهد نفسه على الا يقع في هذا الذنب المحرم والله سبحانه وتعالى سيعين على ذلك. نسأل الله جل وعلا ان يعيننا على انفسنا وان ينفعنا بما سمعنا وان يعلمنا علما ينفعنا والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين