المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى وانزلنا اليك الكتاب الذي هو القرآن العظيم. افضل الكتب واجلها بالحق اي بالحق ومشتملا على الحق في اخباره واوامره ونواهيه. ومصدقا لما بين يديه من الكتاب. لانه شهد لها ووافقها وطابقت اخباره اخبارها وشرائعه الكبار شرائعها. واخبرت به فصار وجوده مصداقا لخبرها. ومهيمنا عليه اي مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة. وزيادة في المطالب الالهية والاخلاق النفسية. فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به في الكتب فامر به وحث عليه واكثر من الطرق الموصلة اليه. وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين. وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة والاحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة. فما شهد له بالصدق فهو المقبول. وما شهد له بالرد فهو مردود. قد دخله التحريف والتبديل والا فلو كان من عند الله لم يخالفه فاحكم بينهم بما انزل الله من الحكم الشرعي الذي انزله الله عليك. ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من حق اي لا تجعل اتباع اهوائهم الفاسدة. المعارضة للحق بدلا عما جاءك من الحق. فتستبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير لكل جعلنا منكم ايها الامم جعلنا شرعة ومنهاجا اي سبيلا وسنة. وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الامم. هي التي تتغير بحسب تغير الازمنة والاحوال وكلها ترجع الى العدل في وقت شرعتها. واما الاصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان. فانها لا تختلف. فتشرع في جميع شرائع ولكن اليمن وكم فيما اتاكم فاستبقوا ولو شاء الله ولجعلكم امة واحدة تبعا لشريعة واحدة. لا يختلف متأخرها ولا متقدمها. ولكن ليبلوكم فيما اتاكم فيختبركم وينظر كيف تعملون. ويبتلي كل امة بحسب ما تقتضيه حكمته. ويؤتي كل احد ما يليق به. وليحصل التنافس ان الامم فكل امة تحرص على سبق غيرها. ولهذا قال فاستبقوا الخيرات اي بادروا اليها واكملوها. فان الخيرات الشاملة لكل فرض ومستحب من حقوق الله وحقوق عباده لا يصير فاعلها سابقا لغيره مستوليا على الامر الا بامرين اليها وانتهاز الفرصة حين يجيء وقتها ويعرض عارضها. والاجتهاد في ادائها كاملة على الوجه المأمور به. ويستدل بهذه الاية على المبادرة لاداء الصلاة وغيرها في اول وقتها. وعلى انه ينبغي الا يقتصر العبد على مجرد ما يجزئ في الصلاة وغيرها من العبادات من الامور الواجبة بل ينبغي ان يأتي بالمستحبات التي يقدر عليها لتتم وتكمل ويحصل بها السبق فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. الى الله مرجعكم جميع الامم السابقة واللاحقة. كلهم سيجمعهم الله ليوم لا ريب فيه. فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون منه من الشرائع والاعمال فيثيب اهل الحق والعمل الصالح ويعاقب اهل الباطل والعمل السيء وان احكم بينهم بما انزل الله. هذه الاية هي التي قيل انها ناسخة لقوله فاحكم بينهم او اعرض عنهم. والصحيح انها ليست بناسخة وان تلك الاية تدل على لانه صلى الله عليه وسلم مخير بين الحكم بينهم وبين عدمه. وذلك لعدم قصدهم بالتحاكم للحق. وهذه الاية تدل على انه اذا حكم فانه يحكم بينهم بما انزل الله من الكتاب والسنة. وهو القسط الذي تقدم ان الله قال وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ودل هذا على بيان القسط وان مادته هو ما شرعه الله من الاحكام. فانها المشتملة على غاية العدل والقسط. وما خالف ذلك فهو ثور وظلم ولا تتبع اهواءهم كرر النهي عن اتباع اهوائهم لشدة التحذير منها. ولان ذلك في مقام الحكم والفتوى وهو اوسع وهذا في مقام الحكم وحده. وكلاهما يلزم فيه الا يتبع اهواءهم المخالفة للحق. ولهذا قال اياك والاغترار بهم وان يفتنوك فيصدوك عن بعض ما انزل الله اليك. فصار اتباع اهوائهم سببا موصلا الى ترك الحق الواجب. والفرض اتباعه. فان ولوا عن اتباعك واتباع الحق فاعلم ان ذلك عقوبة عليهم. وان الله يريد ان يصيبهم ببعض ذنوبهم. فان للذنوب عقوبات عاجلة واجلة. ومن اعظم العقوبات ان يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول. وذلك لفسقه اي طبيعتهم الفسق والخروج عن طاعة الله واتباع رسوله اي افيطلبون بتوليهم واعراضهم عنك حكم الجاهلية. وهو كل حكم خالف ما انزل الله على رسوله. فلا ثم الا الله ورسوله او حكم الجاهلية. فمن اعرض عن الاول ابتلي بالثاني المبني على الجهل والظلم والغي. ولهذا اضافه الله للجميع واما حكم الله تعالى فمبني على العلم والعدل والقسط والنور والهدى فالموقن هو الذي يعرف الفرق بين الحكمين ويميز بايقانهما في الله من الحسن والبهاء وانه يتعين عقلا وشرعا اتباعه واليقين هو العلم التام الموجب للعمل