بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. ارسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا فبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى من اهتدى بهديه واستن بسنته الى يوم الدين. ثم اما بعد فان الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق على حين فترة من الرسل فبصر الله تعالى به من العماية وهدى به من الضلالة. وازال عن الاعين الغشاوة وعن الاذان الوقر وعن القلوب الاكنة. فقد كان الناس حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصف عز وجل لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة. ما البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة. كان الناس قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ما بين مشرك يعبد الاصنام وكتابي قد ضيع دينه. فانزل الله تعالى هذا الوحي المبين على قلب محمد سيد المرسلين ليكون منقذا للناس مخرجا لهم من الظلمات الى النور وهدى الله تعالى به امما في المشرق والمغرب. وانقذ به فئاما من الناس من الوقوع في النار. فكان دين الاسلام الذي طبق الافاق خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اخر عمره على اصحابه ذات ليلة فقال ارأيتكم ليلتكم هذه فانه على رأس مئة سنة منها لا يبقى على وجه الارض نفس منفوسة. لقد كان ذلكم الجيل جيل الصحابة رضوان الله عليهم هو خير القرون. وكانوا رضوان الله عليهم هم خير الناس. فمن قضى ذلك القرن الا وقد بلغ الاسلام مشارف الصين من جهة المشرق المحيط الاطلسي من جهة هات المغرب بل وعبر المسلمون الى شبه الجزيرة الايبيرية التي تسمى اسبانيا والبرتغال بل وتخطوا جبال البرانس حتى وصلوا الى اواسط فرنسا. وتوغلوا في جنوب افريقيا وحاصروا القسطنطينية. كل ذلك في ذلك القرن الذي يستحق ان يلقب بالقرن الذهبي. لا ان يلقب به غيره فيما بعد مما يقال عنه القرن الذهبي هو في الواقع العصر الخشبي لقد كان جيل الصحابة رضوان الله عليهم هو الصورة المثلى للاسلام الذي اراد الله سبحانه وتعالى ان يستنقذ به البشرية. وقد جرت سنة الله تعالى ان يقع الصراع بين الحق والباطل بين الايمان وبين الكفر بين التوحيد وبين الشرك تلكم سنة الله تعالى في خلقه. ولذلك خلقهم سبحانه وبحمده فلم تزل الحرب تدور بين اتباع الانبياء وبين اتباع الشيطان. لقد كان الله تعالى يتعاهد سريع ببعثة الانبياء والمرسلين رسلا مبشرين ومنذرين. لان لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل تاريخ البشرية هو تاريخ الانبياء. لا كما يصوره العلمانيون بتقسيم بتقسيماتهم الحديثة. بل هو في الواقع تاريخ الانبياء المستهل بادم عليه السلام ثم نوح عليه السلام ثم ابراهيم وموسى وعيسى انتهاء محمد صلى الله عليه وسلم. هكذا ينبغي ان نرصد تاريخ البشرية. وقد ضل الصراع ماثلا وكان اعظم الانبياء هم الملاحدة هم الزنادقة هم المعطلة. واشهر من عرف بالتعطيل من بني ادم هو فرعون حين قال وما رب العالمين؟ حين قال ما علمت لكم من اله غيري. حينما قال انا ربكم الاعلى. ولئن كان فرعون هو اشهر من عرف بالتعطيل. فقد وجد من المعطلة الذين يخاطبون النخب في في في الايمان من هم اشد خطرا الا وهم الفلاسفة. اعني بهم الفلاسفة الدهرية الزنادقة الذي كان على رأسهم ارسطو كما سيتبين فيما نعرض له. ايها الكرام موضوع هذا الدرس يتعلق بقضية الالحاد. هذه القضية التي رفعت رأسها في هذه السنوات الاخيرة بعد ان خمدت حينا من الدهر قبل مائة سنة بالضبط وفي عام الف وثلاثمائة وثلاثمائة وسبعة ثلاثين بالظبط قامت الثورة البلشفية اعني بها الثورة الشيوعية التي انتجت ما يسمى بالاتحاد السوفيتي. وبالتاريخ الميلادي الف وتسعمائة وسبعة عشر. قامت لتقول لا اله والحياة مادة. وقام اكابر مجرميها من تلاميذ ماركس وليمين اقامة دولة على هذا الاساس الخبيث لتنقض عرى الايمان وتنكر وجود الله عز وجل. لقد قامت بالحديد والنار لان انها كانت مناقضة للفطرة. لقد كانت مناقضة للعقل ايضا. ولكنها بقوة الحديد والنار وبازهاق في الارواح واثناء امم وشعوب حاولت ان تستوي حينا من الدهر الا ان ذلك لم يتاح لها فما هي الا سبعة عقود حتى تفكك هذا الكيان وانهار لانه قام على اساس انهار فانهار به في نار جهنم بينما غيرها من الملل والاتجاهات والايديولوجيات ظلت باقية لانها لم تبلغ في الكفر مبلغه بعد مضي هذا القرن الكامل استدار الزمان كهيئته. واذا بنا في هذه السنوات الاخيرة نسمع بالملاحدة الجدد من يطلق عليهم الملاحدة الجدد والفرسان الاربعة واذا بهم يملؤون الجو ضجيجا صلاة الفجة وكتب وقحة تنال من جناب الرب سبحانه وبحمده وتقدح فيه تفوه غثائيات تقشعر لها الابدان. واتيح لبعض هؤلاء المهووسين. الذين تستروا وتترسوا خلف اسماء مستعارة آآ عبر الوسائط المختلفة ان يفوقوا بمثل هذه الكلمات ويؤذوا مسامع المؤمنين اختبارات قذرة ونيل من ذات الرب سبحانه وتعالى ومن انبيائه وكتبه. ولعمر الله انها لسنة مضطربة قال اهل الايمان الا يعجبوا ان ينبري قوم من بني ادم ويجروا الى هذا الحظيظ والعياذ بالله. وها هنا في دور اهل العلم والايمان ان طلبة العلم هم نجوم السماء وهم اوتاد الارض هم بهجة المجالس وزينة المحافل وهم امتداد العروة الوثقى التي يطوح بها لكل غريق ليتمسك بها ويتشب فيستنقذه الله تعالى من الغرق في هذه اه البحار المظلمة. انتم معشر طلبة العلم من ينبغي ان تصدع لهذه الموجة الكاسحة من الالحاد. ثقوا تماما ان الالحاد يعد ظاهرة عالمية. لا اقول انه ظاهرة محلية كلا ولا كرامة. فلا والله لا يبلغون في بلاد المسلمين ان يكونوا ظاهرة. فانهم اقل واذل من ذلك ولكنهم في الواقع ظاهرة عالمية فالعالم المتمدن كما يقال له في اوروبا وامريكا وشرق الارض وغربها وغربها يعتنق الالحاد فيه فئام من الاكاديميين والمفكرين ولا يؤمنون بالاديان وما ذاك الا انهم فتحوا اعينهم واسماعهم على طروحات دينية غير مقنعة من بيانات محرفة ولو اتيح لكثير منهم ان يطلعوا على دين الله الحق وان يقفوا على ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم اجعلوا له ولخضعوا. وهذا يقع لافراد كثير منهم حينما يبلغهم الحق ان يقبلوا به ويذعنوا له. لان تهودين الفطرة لانه دين العقل. ما زال علماء بلة يقومون بهذا الدور الشريف. وكان من هؤلاء الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله المولود سنة الف وثلاث مئة وسبعة في القرن الرابع عشر الهجري والمتوفى رحمه الله سنة الف وثلاث مئة وست وسبعين. وهو شيخ شيء محمد بن صالح العثيمين رحمهما الله. لقد كان الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي اماما بحق. كان امام امة وكان يعيش حال الامة على كونه يعيش في بلدة من بلدات نجد المنكفئة على ذاتها لكنه قد تجاوز همه حدوده الاقليمية واتصل بعموم العالم الاسلامي واحاط بما يجري لقد ادرك رحمه الله تعالى خطورة الالحاد. وخطر الملحدين. والف في ذلك وخطر وناظر وكان مما الفه في هذا الصدد هذه الرسالة التي بين ايدينا بعنوان الادلة القواطع ابراهيم على ابطال اصول الملحدين. وكان ايضا مما الفه كتاب اخر بعنوان تنزيه الدين ورجاله وحملته مما ابتراه القصيمي في اغلاله. اراد به الرد على الملحد المشهور عبد الله القصيم الذي نبغى في زمن الشيخ رحمه الله ارتد وانتكس وصار يؤلف كتبا في تكريس الالحاد. وكان من ضمن كتبه كتاب يقال له هذه هي الاغلال. يشير بها الى تعاليم الدين فانتصب الشيخ للرد عليه والف تنزيه الدين وحملته ورجاله مما افتراه القصيمي في اغلاله ويقال ان القصيمي كان يقول مارد علي احد كما رد علي الشيخ عبد الرحمن السعدي ومما الفه ايضا في هذا الصدد رسالة لطيفة هي عبارة عن محاورة علمية افتراضية في هذا اسمها انتصار الحق يمثل فيها الحوار بين رجلين بين منتصر للحق ومنتصر للباطل. ثم كيف يقيم عليه الحجة ويقطع آآ شبهته. هذا كان من الجهد الذي بذله ناهيك عما كان ينبه عليه في خطبه على منبر جمعة وغير ذلك من مواقفه رحمه الله. فنحن بحاجة معشر طلبة العلم الى ان نقف على هذه الظاهرة ان ظاهرة الالحاد وان اه نحسن الجواب عنها. وثقوا تمام الثقة ان هذه الظاهرة امر هين وسهل وان جذرها قريب. وتأملوا معي هذا المثل القرآني. يقول الله عز وجل الم كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتفكرون. ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار. يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة يضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء. هما شجرتان شجرة الايمان وشجرة الالحاد. اما شجرة الايمان فاصلها راسخ في جذور قلوب المؤمنين وفرعها في السماء انها كلمة التوحيد لا اله الا الله التي لاجلها خلق الله الخليقة. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. كلمة طيبة كشجرة طيبة فتلكم الكلمة هي كلمة التوحيد. ان لا اله الا الله مثلها كمثل الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت فرعها في السماء واشبه ما يكون ذلك بالنخلة جذورها عميقة في التربة وفرض باسق في السماء ولها اغصان ولها ثمار ويتفيأ بلالها الناس. فتلكم هي كلمة التوحيد وكلمة الايمان فهي ثابتة صامدة. واما الكلمة المقابلة فهي كلمة الالحاد. ما مثلها الا كشجرة خبيثة. اجتثت فوق الارض. بمعنى ان جذورها سطحية. ما اسرع ما تذهب. ما لها من قرار. ولهذا قال الله مبينا اثر اعتصام المؤمنين بكلمة التوحيد يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة تجد ان المؤمن راسخ الايمان مهما اعتراه من البلايا والاحن والفتن والخطوب الا ان قلبه موصول بالله تعالى ايمانه كالجبال الرواسي والشواهد على هذا كثيرة جدا من سير الانبياء واتباع الانبياء من الكرام والتابعين لهم باحسان. يدل على هذا الثبات ويستمر هذا الثبات الى ان يوضع المؤمن في قبره فيفتن فتنة قريبة من فتنة المسيح الدجال. فيأتيه ملكان فيقولان له من ربك؟ ما دينك من نبيك؟ فاما المؤمن فيقول ربي الله. والاسلام ديني ونبيي محمد. ارأيتم؟ يظل هذا الثبات مستمرا الى هذه اللحظة الحرجة العظيمة الصعبة التي تبلغ في شدتها كفتنة المسيح الدجال فيثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة. اما المرتاب والشاك وقد عاش دنياه وهو متردد او غير مبال غير ابهم بتثبيت هذه الكلمة في قلبه حتى اذا وضع على المحك وقيل له من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ قال ها ها لا ادري. سمعت الناس يقولون شيئا فقلته الله الله كونوا عباد الله ممن يمسكون بالكتاب. وممن اه يتمسكون بالكتاب ويدعون اليه. فهذه اعظم رحمة يقدمها المؤمن لعباد الله. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا بالقرآن العظيم وبهدي سيد سليم وان ينفعنا ايضا بما تضمنه هذا الكتاب من من الادلة القواطع والبراهين. وفي عنوان كتابه يا كرام ما يدل على مسألة مهمة وهي ان ديننا بحمد الله يتضمن الدلالة العقلية نقلية ذلك ان بعض المتكلمين زعموا ان العقل مقدم على النقل وان النقل خلي من العقل ولا والله ليس الامر كذلك بل ان القرآن العظيم يتضمن من الادلة العقلية الباهرة ما هو اعظم مما ادعاه هؤلاء المتكلمون. والمتكلمون وقد يكون هذا المصطلح اه غير مألوف عند بعض هم المتكلمون هم الذين يحاولون اثبات العقائد الدينية بالطرق العقلية. بمعنى انهم خرجوا السلف الصالح الذين كانوا يعتمدون على الرواية والاثار. ادلة القرآن والسنة كعلماء الحديث المعروفين المشهورين الذين يعولون على الرواية والدراية فجاء يتكلمون بادلة او نحو الكتاب والسنة واتوا بادلة عقلية استفادوها من المنطق اليوناني قصفت الاغريقية زعموا انهم بذلك يثبتون اصول الدين. ولا والله لا الفلاسفة كسروا ولا الاسلام نصروا بل كانوا عبئا على اهل الاسلام. ولذلك كان في وقع في مقالاتهم اه امور منكرة ذكرها شارح الطحاوية عند الحديث عن اول واجب على المكلف. فاول واجب على المكلف هو التوحيد. فان نبينا صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذا اليمن قال له فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله. وفي رواية ان يوحدوا الله. هذا هو ومن واجب على المكلف كيف لا؟ وجميع انبياء الله حينما واجهوا اقوامهم واجهوهم بهذه العبارة الموحدة المتكررة يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. اما المتكلمون فلهم في ذلك مذاهب رديئة. فمنهم من قال ان الواجب على المكلف هو النظر او القصد الى النظر او الشك. وكل هذا باطل. كل هذا باطل. وليس معنى ذلك ان اهل الايمان ليسوا اهل للنظر كلا بل هم اهل النظر الحقيقي. فحينما يقرون بالتوحيد يقرون بالتوحيد مقرونا بفهم ووعي وادراك لكن لا كما يتطلبه هؤلاء المتكلمون ان يعيش الانسان حالة شك ينتقل بعدها الى اليقين. لقد وجد في بعض من يمتهنون الدورات فيما يسمى بالدورات الحديثة من يقدمون الدورات ويطلبون من مستميعيهم ان يتخلوا عن كل معتقد سابق. وان يشكوا في الله وان يشكوا في الرسول. وان يشكوا في القرآن. زعموا انه هذا هو الطريق الامثل لبناء الايمان الصحيح لبنة اللبنة. ولا والله ما اصابه بل وقعوا فيما وقع فيه الفلاسفة والزنادقة مما سنقرأه بعد قليل. فهذه الرسالة التي كتبها الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في ابطال اصول الملحدين اه اه اراد بها نقض الاصول. ولم يتعرض للتفاصيل. وذلك ان انه اذا انتقض الاصل انتقض الفرع المبني عليه. وقد اقتبس كثيرا من هذه الرسالة من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية. لكنه لم ينقله نقلا نصيا وانما اعاد صياغته باسلوبه السهل. البين الواضح لان من ذلك اه ابلاغ الحق. فاخذ وجوها كثيرة واضاف اليها من كلامه ومن كلام ابن القيم حتى تجاوزت الثمانين وجها. فنستعين بالله تعالى في قراءة هذه الرسالة في هذه الجلسات المتتابعة. تفضل بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ووالديه والحاضرين. جزاك الله خير. قال الشيخ السعدي رحمه الله فان الله تعالى بعث مبشرين ومنذرين وجعلهم الهداة والائمة الى خلع علاجه ليست مثبتة عندك؟ ها؟ الحمد لله نحمده واسع موجوده الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهده الله من يهده الله فلا الليلة ومن يضلل فلا فلا يضل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم الى يوم الدين. اما بعد فان الله تعالى بعث بعث رسله مبشرين وجعلهم الهداة والائمة الى كل علم صحيح نافع ودين. ودين صحيح والى كل صلاح وخير. وخص محمد محمد صلى الله عليه وسلم بان جعله خاتمهم وامامهم وانزل عليه الكتاب والحكمة فيهما الهدى والحق والنور وفيهم العلوم والحقائق الصادقة والاخلاق الفاضلة والاعمال الصالحة والاداب العالية اليهم اليهما ينتهي كل من وحق وكمال الله؟ نعم. هذا ما تضمنته دعوة نبينا صلى الله عليه وسلم والانبياء من قبله. ولنبي قيل صلى الله عليه وسلم ولشريعته من ذلك القدح المعلى فهي تتضمن العقائد الصحيحة والشرائع العادلة والاخلاق والاداب العالية. فما من خير الا وقد دل امته عليه. وما من شر الا وقد حذر امته منه. وينبغي لكل مؤمن ان يمتلئ قلبه يقينا بهذا وان يعتقد ان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم الغاية في الكمال لا يخارجه في ذلك ادنى شك. ثم قال وقد وضح الله ورسوله فيهما المسائل والدلائل والحقائق اليقينية البراهين القطعية فمن تمسك بهما واهتدى بهما سعد سعد في الدنيا والاخرة ومن اعرض عنهما او عارضهما ضل عن الهدى وشقي ونال الصفقة الخاسرة واعظم الناس انحرافا عنهما ملاحدة الفلاسفة وزنادقة الدهريين. وهم اكبر اعداء الرسل في كل زمان ومكان وهم شرار الخلق الدعاة الى الضلال والشقاء. فانهم تصدوا لمحاربة الاديان كلها. وزين لهم الشيطان علومهم التي فرحوا واحتقروا لاجلها ما جاءت به الرسل. فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم. وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون نعم وحسبك بين الشيخ رحمه الله تعالى ما دل عليه القرآن من ان من تمسك هداية الانبياء سعد في الدنيا والاخرة. ومصداق ذلك من كتاب الله تعالى ما ذكره في سورة طه. قال فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. ونحشره يوم القيامة اعمى. هذا وعد من الله تعالى تكفل الله لمن اتبع هداه الا يضل ولا يشقى في الدنيا والا يخزى في الاخرة. وبين الشيخ رحمه الله ان اشد الناس اعراضا عما جاء به الانبياء هم مناحدة الفلاسفة. وزنادقة الدهريين. وها هنا كلمات ينبغي ان نبينها. اولا كلمة الملاحدة اه الملاحدة جمع ملحد. والالحاد في اصل وضعه في اللغة مشتق من الميل. فان الحد بمعنى مال ومنه سمي لحد القبر لحظة وذلك لان الحافرة للقبر لا يزال يحفر آآ رأسيا حتى اذا اراد ان ان يضع موضعا للميت مال باتجاه القبلة؟ فيقال الحد. فهذا هو اصل الكلمة في اللغة. ان الالحاد هو الميل. والمقصود الميل ما يجب اعتقاده او عمله الميل عما يجب اعتقاده اه او عمله. ولا لفظ الالحاد ورد في القرآن العظيم في في موضعين في ذكر الالحاد في اسمائه وفي ذكر الالحاد في صفاته. فقال الله سبحانه وتعالى ولله اهي الاسماء الحسنى فادعوه بها. وذروا الذين يلحدون في اسمائه. سيجزون ما كانوا يعملون. وقال في الصفات وقال في الايات قال ان الذين يلحدون في اياتنا لا يخفون علينا اذا فالالحاد المذكور في القرآن نوعان. الحاد في اسمائه سبحانه والحاد في اياته سبحانه. فالالحاد في اسمائه من سبحانه الميل عما يجب اعتقاده فيها. وله صور متعددة ذكرها العلماء اشنعوا صورها هو التعطيل. اي بمعنى نفي او جحد او سلف او نفيه. كل هذه الكلمات كلمات مترادفة نفي او جهد او سلب او انكار. اسماء الله تعالى وصفاته. وهذا هو مسلك المعطلة الذين على رأسهم آآ فرعون ومن سلالتهم القرامطة الذين قالوا بنفي النقيضين ومنهم الجهمية الذين انكروا الاسماء والصفات ودونهم المعتزلة الذين اثبتوا الاسماء وانكروا الصفات. ثم آآ بعض الصفاتية بلوثة التعطيل باعلى درجات متفاوتة في من يطلق عليهم في من يطلق عليهم الصفاتية فصار عندهم نوع من التعطيل الجزئي. اذا من اعظم التعطيل من اعظم الالحاد في اسماء الله تعالى التعطيل والتعطيل درجات واشد التعطيل تعطيل القرامطة الذين قالوا بنفي النقيضين. وهؤلاء القرامطة هم طائفة من الروافض المتفلسفة نفوا عن الله الشيء ونقيضه. فيقولون لا موجود ولا معدوم لا حي ولا ميت لا عالم ولا جاهل. زعموا انهم لو قالوا بالاثبات لشبهوه بالموجودات. ولو قالوا لشبهوه بالمعدومات. لكنهم في الواقع وقعوا في شر مما فروا منه. فانهم وان فروا عن تشويهه وجودات وتشويهه بالمعلومات الا انهم وقعوا في تشبيهه بالممتنعات فانه يمتنع نفي الشيء ونقيضه ان نفي الشيء ونقيضه. فان النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان كما هو معلوم. والمقصود ان هذا هو اشد انواع التعطيل وهو تعطيل القرامطة ثم يليه تعطيل الجهمية المنسوبين الى الجهم ابن الصفوان السمرقندي. فان الجهم ابن السمرقندي كان شؤما على امة محمد صلى الله عليه وسلم. وقد جمع الجيمات الخبيثة الثلاثة. جيم التجهم وجيم الارجاء واجيب الجبر. فالجهم بن صفوان هذا الذي اه وجد في اول المئة الثانية من الهجرة. اه جاء بهذه العقيدة الباطلة فنسى ان يكون لله اسماء وصفات. وزعم ان الله هو الوجود المطلق بشرط الاطلاق. اي اثبات في وجود ذهني لان اي وجود لا يقترن بوصف فانما هو فكرة ذهنية لا وجود لها في الخارج. فلهذا كان مؤدى مذهب الجهمية الى انكار وجود الله تعالى. وان لم يقولوا ذلك صراحة. ثم جاء المعتزلة وهم الدرجة التي تليها الدرجة الثالثة من درجات التعطيل الكلي. فزعمت فاثبتت المعتزلة الاسماء ولكنها فرت طغتها من دلالتها على الصفات. فلئن كان الجهمية يقولون لا سميع ولا بصير ولا عليم ولا حكيم ولا قدير. فان المعتزل تقول نعم سميع بلا سمع بصير بلا بصر عليم بلا علم قدير بلا قدرة الى غير ذلك من المقالات البائرة التي انكرها السلف وردوا على اه اصحابها تألفوا في الرد على بشر من ريسي خاصة والرد على الجهمية عامة. كل هؤلاء من اصناف الملاحدة والحادهم الحاد تعطيل. ومن الالحاد في اسماء الله تعالى نقيض ذلك. وهو التمثيل اي الغلو في الاثبات الى درجة اه اضافة الاوصاف البشرية اليه سبحانه وتعالى. اي اثبات اه ما اثبت لنفسه على ما هو معهود في الاذهان. فيزعم هؤلاء ان له سمع كسمع او بصر بصري بصرنا ويد كايدينا الى اخره. وهذا ايضا نوع من الالحاد. لانهم ما قدروا الله حق قدره. فان الله تعالى ليس كمثله شيء ولم يكن له كفوا احد. لا تعلم له سميا. ولا تضرب له الامثال سبحانه وبحمده فهؤلاء نقيض اولئك وكل هذا من الالحاد والميل عما يجب اعتقاده. ومن ذلك ايضا ان تسمى اسماء الاصنام باسمائه فهذا درب من الالحاد كما كان اهل الجاهلية يشتقون من اسماء الله الحسنى اسماء مؤنثة اصنامهم فيقولون اللات من الاله والعزى من العزيز ومنات من المنان فهذا ضرب من الالحاد في اسمائه وكذلك ايضا وصفه بما لا يليق به من صفات النقص او العيب او مماثلة المخلوقين. فان هذا مما وقع فيه يهود خاصة فقالوا ان الله فقير ونحن اغنياء. وقالوا يد الله مغلولة ونحو ذلك من دروب الالحاد كل هذا من الالحاد في اسمائه التي ينزه الرب سبحانه عنها. واما الالحاد في اياته سبحانه وبحمده هو يتعلق اما باياته الشرعية واما باياته الكونية. فاما اياته الشرعية فالمقصود به الوحي المنزل على انبيائه انكار نسبتها اليه وانها من كلام الملائكة او من كلام الانبياء هذا ضرب من اتحاد وكذلك ايضا الالحاد في اياته الشرعية ونقصد بها الليل والنهار والشمس والقمر وما يجريه الله تعالى في كونه من المخلوقات بان تنسب الى غيره سبحانه فهذا ايضا درب من الالحاد الذي يمارسه العصر فتجدون انه يجري في ادبياتهم نسبة الشيء الى الطبيعة. او نسبة الشيء الى الى الصدفة من الالحاد في ايات الله. الا ترون ان منهم من يقول اذا رأى شيئا اه من جمال الطبيعة يقول ابدعت الطبيعة رسم هذه اللوحة الجميلة. او اذا اراد ان يصف امرا من آآ من الكوارث الطبيعية يقول غضبت الطبيعة فجرى كذا وكذا. ما هذا الا رشح من هذه العقيدة في اياته وهي نسبة الاشياء الى غير الله سبحانه وتعالى. فهذان نوعان ذكرهما الله تعالى في كتابه من الالحاد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين