بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. يقول المصنف رحمه الله تعالى واجزل له المثوبات والاجر وانه يجيء يوم الفصل كما يشاء للقضاء العدل وانه يرى بنا انكاره في جنة الفردوس بالابصار. كل يراه رؤية العيال كما اتى في محكم القرآن. وفي حديث سيد لنام من غير ما شك ولا ابهام. رؤية حق ليس يمترونها كالشمس صحوا لا سحاب دونها. وخص فضيلة حسبك بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد ففي هذه الابيات التي تناولناها الان بيان اثبات صفة المجيء لله عز وجل قال الناظم وانه يجيء يوم الفصل كما يشاء للقضاء العدل المجيء صفة فعلية من صفات الله تعالى قد دل عليها قول الله صريحا وجاء ربك والملك صفا صفا فاضاف الله المجيء الى نفسه. فقال وجاء ربك فالواجب على كل مؤمن ان ان يثبت ما اثبت الرب لنفسه وقريب من معنى المجيء معنى الاتيان وقد تكرر معنى الاتيان في القرآن العظيم فقال الله عز وجل هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر اه وايات اخرى هل ينظرون فيها ذكر اه اتيان الله تعالى فهذا دليل على اثبات المجيء والاتيان لله تعالى مجيئا واتيانا يليق بجلاله وعظمته. ولا يجوز تأويله ولا يجوز تأويلهما الى ما يخالف معناهما الظاهر في تقديري محذوف بان يقول وجاء ربك اي وجاء امر ربك فان هذا تحريف لفظي معنوي لفظي باظافة كلمة لا وجود لها وهي كلمة امر معنوي بصرف هذا المجيء المضاف الى الله عز وجل الى مجيء امره والعجب من هؤلاء المؤولة الذين يردون النصوص بسبب مقدمات فاسدة فيقال لهم وارجو ان تنتبهوا لهذا المعنى آآ اللطيف ان مسوغات قبول الخبر ثلاثة او اربعة متى نقبل خبرا من الاخبار اذا توفرت فيه اربعة عناصر العلم الصدق البيان النصح هذا في جميع الاخبار انت لا تقبل خبرا من الاخبار الا اذا كان المتكلم به عالما وكان صادقا وكان ذا بيان وفصاحة وكان ناصحا فالشرط الاول العلم المنافي للجهل لان خبر من لا يعلم مبناه على الجهل سيكون فيه تغرير لسامعه فلو قدرنا انه كان عالما لكن كان من شأنه الكذب فهذا لا يؤمنك ان يكذب عليك في خبره فقد يكون عالما بحقيقة الامر لكن كذب عليك واخبرك بخلاف الواقع. اذا لابد من الصدق المنافي للكذب حسنا ربما كان عالما وصادقا لكن كان ذا فهاهة وعي لا يحسن التعبير عن نفسه بحيث اذا اراد ان يقول ابيض قال اسود واذا اراد ان يقول حرق البارد وهذا يقع من بعظ الناس اه لا تسعفه العبارة والبيان فلابد ان يكون القائل مع علمه وصدقه عنده من البيان والفصاحة ما يعبر به عن حقيقة الامر الامر الرابع ان يكون ذا نصح وامانة فانه اذا كان غاشا فحتى لو كان عالما وصادقا وفصيحا لكنه قد يلبس على محدثه ويخلط كلامه بما يوهم خلاف المراد فلا يحصل المقصود حين نتأمل ايها الكرام في هذه الامور الاربعة نجد انها متحققة غاية التحقق في كلام الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم الله سبحانه وتعالى اعلم بنفسه وبغيره والله تعالى اصدق قيلا، ومن اصدق من الله قيلا والله تعالى احسن حديث فلا احد احسن من الله حديثا والله تعالى لا يريد ان يلبس على عباده او يشبه عليهم بل يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر اذا فجميع هذه المتطلبات الاربعة متحققة في خطاب الله تعالى لعباده كذلك بالنسبة لنبيه صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به عن ربه عز وجل نبينا صلى الله عليه وسلم اعلم الخلق بربه كما انه اصدقهم قيلا. قد قد زكاه ربه فقال وما ينطق عن الهوى كما انه صلى الله عليه وسلم افصحهم بيانا واوضحهم عبارة حتى جاء في اثر ان اصحابه قالوا له يا رسول الله ما رأينا افصح منك قبلك ولا بعدك ووصف الله فعله بانه يبين للناس وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم كما انه صلى الله عليه وسلم انصح الامة للامة فحاشاه من ان يغرر بهم او يغشهم فهذا فهذه الشروط الاربعة متحققة في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم فحينما ينبري متأخر من المتأخرين. زمانا ورتبة ويتسلط على نصوص الصفات ويقول ليس مراد الله بقوله كذا كذا مراده كذا وكذا. ليس مقصود النبي صلى الله عليه وسلم بقوله كذا مقصوده كذا وكذا ويأخذ في صرف المعاني عن ظواهرها الى معان اخرى مجازية يدعيها بلا اثارة من علم. فان انا نصيح في وجهه ونقول اانت اعلم بالله من الله؟ اانت اصدق من الله قيلا؟ اانت احسن من الله حديثا ونقول له ايضا اانت اعلم بالله من رسول الله؟ اانت اصدق من رسول الله؟ انت افصح من النبي صلى الله عليه وسلم كنت انصح للامة من معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم فانى له فيا عجبا لهؤلاء الذين صار هاجسهم وديدنهم الاشتغال بتأويل النصوص ولم يسعهم ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون وتابعوهم من القرون الفاضلة وعلة ذلك انهم تلوثت عقولهم بمقدمات الفلاسفة والمناطق حادت بها عن منهج السلف فادى بهم ذلك الى ان يعتقدوا اولا ويستدلوا ثانيا وكان الواجب عليهم ان يستدلوا ثم يعتقدوا. لان الدليل انما سمي دليلا لدلالته على المقصود. فاذا لم يستدعى دليل الا بعد اتخاذ القرار لا قيمة له حينئذ. وهم يصرحون بهذا ويقولون العقل مقدم على النقل ويزعمون ان العقل هو المحكم في النصوص. وان النصوص تبع له. وكأنه وكأن الخلق في غنى عن نصوص الكتاب والسنة وانه لا داعي لها وانما هي مجرد ادلة اضافية بل انها في بعض الاحوال تكون مشكلة تحتاج الى معالجة حتى تتفق مع مقرراتها فهذا من الامثلة انهم انكروا مجيء الله. فقال بعضهم وجاء ربك جاءت ملائكته. سبحان الله اتم الاية وجاء ربك صفا صفا. اي جاء ربك وجاء الملك صفا صفا ويبينها في الاية ويوم تشقق السماء بالغمام. ونزل الملائكة تنزيلا ويوم تشقق السماء بالغمام اي ان كل سماء تنشق والغمام هو السحاب الابيض الرقيق فتنزل ملائكة كل سماء فتحيط بمن في الارض. ثم السماء التي تليها فيحيطون بمن آآ سبقهم حتى تكون اطواق سبعة تحيط ببني ادم في ارض المحشر كل ذلك ارهاصا وتمهيدا لتنزل الرب ومجيئه لفصل القضاء بين عباده وكذا في الاية الاخرى هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة آآ فهذا بمعنى هل ينظرون اي هل ينتظرون ويرتقبون فلا ريب ان الاتي والجائي هو الله سبحانه وبحمده. ولا يحل تحريف هذا المجيء او الاتيان الى مجيء امره ومجيء ملائكته او نحو ذلك. بل هذا تأويل مذموم على اننا ننبه في هذا المقام على ان صفة المجيء والاتيان انما تدلان على الصفة اذا جاءتا مطلقتين. اما اذا اتى جاءتا مقيدتين فانهما لا يدلان على الصفة اضرب لكم مثال قال الله عز وجل فاتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم اتى الله بنيانهم من القواعد هنا ليس المقصود بالإتيان الصفة لانه قيدها بهذا السياق باتيان القواعد يعني بمعنى نسفها من قواعدها فحصل لهم الهلاك ومن ذلك آآ آآ قول الله تعالى ولقد جئناهم بكتاب فجئنا هنا مقيدة بالباء بكتاب الا تدل على اثبات صفة المجيء الذاتي لله عز وجل. وانما ولقد جئناهم بكتاب يعني آآ انزلنا اليهم كتابا فهي لا تدل اذا على صفة المجيء. لانها وردت مقيدة لا مطلقة كذلك في الحديث حتى اتى الله بالرحمة والخير حتى اتى الله بالرحمة والخير اي المطر ثلاثة في هذا السياق على اثبات صفة الاتيان اما اذا جاءت مطلقة مثل وجاء ربك اه هل ينظرون الا ان يأتيهم الله فانها تدل على ذلك ومجيء الله تعالى للفصل بين العباد يوم القيامة ثابت بالكتاب والسنة فيقضي بالعدل. ذكر الله تعالى ذلك ايضا اه بمعناه وفحواه في اه سورة طه وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما اه ثم بعد ذلك ذكر مسألة الرؤية وهي ايضا من المسائل الكبار التي اه كانت فيصلا بين مذهب اهل السنة جماعة ومذهب النفاة المعطلة من المعتزلة والجهمية وذلك ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ان الله تعالى يرى يوم القيامة عيانا بالابصار رؤية حقيقية وانهم يرون ربهم عز وجل في موضعين في عرصات القيامة يعني مواقف الحساب وبعد دخولهم الجنة جنة وقد دل على ذلك الكتاب والسنة وانعقد عليه اجماع الامة. اما دلالة الكتاب فمن ايات متعددة من اوضحها قول الله عز وجل وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة وجوه يومئذ ناضرة ناضرة الاولى من النظرة وهي الرونق والبهاء والجمال الى ربها ناظرة من النظر وهو المعاينة بالابصار ونظر اذا تعدت بالى فانها تدل على المعاينة بالابصار وهي في الواقع تارة تتعدى بالى تارة تتعدى بفي وتارة تكون اه مطلقة فاذا جاءت نظر مطلقة فانها تدل على التريث والانتظار واذا جاءت معدات بثي فانها تدل على التأمل والاعتبار واذا جاءت متعدية بالى فانها تدل على المعاينة بالابصار هكذا لغة العرب العرب امة لها ذائقة لغوية قواعد منضبطة ويميزون في دلالة في الالفاظ تمييزا بينه ولهذا اختارها الله تعالى وعاء لكلامه. وسعت كتاب الله علما وغاية وما ضقت عن آي بها وعظاتي ومرة اخرى نقول ان نظر اذا جاءت مطلقة فانها تدل على التريث والانتظار واذا جاءت معدات بثي فانها تدل على التأمل والاستبصار واذا جاءت معدات بالى فانها تدل على المعاينة بالابصار. وهكذا جاءت في هذه الاية وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة فنظرها الى وجه الله الكريم هو الذي اورثها هذه النظرة والبهاء والرونق. كما عبر ابن القيم رحمه الله آآ في ميميته المشهورة عن هذا المعنى. يقول رحمه الله فيا نظرة اهدت الى الوجه نظرة امن بعدها يسلو المحب المتيم ولكننا سبي العدو فهل ترى نرد الى اوطاننا ونسلم وقد زعموا ان قريبة اذا ناء وشطت به اوطانه فهو مغرم. واي اغتراب فوق غربتنا التي لها اضحت الاعداء فينا تحكموا فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم. في ابيات ذات معان جميلة يصور فيها ان الجنة هي المنزل الاول. كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لاول منزل. فمنزلنا الاول هو جنة عدن ثم لم يزل بنا الشيطان حتى سبانا. ولكننا سبي العدو من عدونا الذي سبانا؟ الشيطان فاخرجنا منها. اخرج ابانا ولكننا سبي العدو فهل ترى. نرد الى اوطاننا سلموا وقد زعموا ان الغريب يعني كأننا في هذه الدنيا غرباء عن دارنا ووطننا. وقد زعموا ان الغريب اذا نأى وشطت به اوطانه فهو مغرم واي اغتراب فوق غربتنا التي لها اضحت الاعداء فينا تحكموا فحي على جنات عدن فانها منازل الاولى وفيها المخيم. آآ الشاهد آآ في هذه القصيدة قوله فيا نظرة اهدت الى الوجه نظرة. امن بعدها يسلو المحب المتيم اه ومن ادلة القرآن قول الله عز وجل للذين احسنوا الحسنى وزيادة فقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم فسر الزيادة بانها النظر الى وجه الله الكريم ومن ذلك تفسير الصديق رضي الله عنه لقول الله تعالى لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد بان المزيد هو النظر الى وجه الله الكريم ومن ادلة ذلك ايضا ما استنبطه الامام الشافعي رحمه الله وغيره من قول الله تعالى على الارائك ينظرون ان الابرار لفي نعيم على على الارائك ينظرون. ينظرون الى ما الى وجه الله الكريم. من اين له ذلك قال لما حجب اولئك في السخط نظر هؤلاء في الرضا لانه لما ذكر الفجار ماذا قال عنهم؟ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون اذا يحرم الكفار من النظر الى وجه الله الكريم ويحجبون عنه. فلما قال على الارائك ينظرون صار ذلك بمقابل بايزاء الحجب الذي وقع للفجار فكان في حق المؤمنين الابرار نظر الى وجه الله الكريم. فهذه ادلة قرآنية على اثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة. واما من السنة فقد بلغت احاديث الرؤية مبلغ التواتر. ساق ابو عثمان الصابوني رحمه الله في عقيدة السلف واصحاب الحديث قدرا كبيرا منها وانشد ابن حجر رحمه الله في بيان المتواتر بيتين مشهورين آآ ظمنهما ذكر الرؤيا فقال رحمه الله مما تواتر حديث من كذب ومن بنى لله بيتا واقترب. ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذه بعض البيت الاول اه يدل على المتواتر تواترا لفظيا من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. وحديث من بنى لله بيتا بنى الله له بيتا في الجنة. ثم الذي في البيت الثاني يمثل هللة التواتر المعنوي. وهو ورود المعنى باحاديث وصيغ متعددة تورث وتوجب العلم به ظرورة. رؤية الشفاعة الحوض مسح الخفين قالوا هذه بعض يشير الى انه لم يريد الحصر والاستقصاء وانعقد اجماع المسلمين على ان المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة فيرونه في عرصات القيامة يعني مواقف الحساب كما دل على ذلك حديث ابي سعيد وابي هريرة غير حديث الصور وهو في صحيح البخاري وغيره ويرونه في الجنة اه كما نطقت بذلك الاحاديث والايات اه فهذه بحمد الله تدل على ان هذه من اصول اهل السنة والجماعة خالف اهل السنة والجماعة في هذا صنفان. قوم غلوا في اثبات الرؤيا قوم غلوا في اثبات الرؤية وهما الخرافيون من الصوفية وغيرهم الذين فتحوا باب الرؤية على مصراعيه حتى صاروا يزعمون ان الله يرى في الدنيا وربما رووا احاديث ضعيفة بل هالكة موضوعه في رؤية الله تعالى في الدنيا حتى لا يروون ان الله تعالى ينزل اه يوم عرفة على جمل عورق تعالى الله عما يقولون ويرون احاديثا انه يكون على صفة شاب جعد قطط وان النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض سكك المدينة الى غير ذلك من الباطل الذي اه نبه علماء الاسلام على بطلانه. ومن اعظم من نبه على بطلان هذه الاحاديث الموضوعة شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كما ترى ذلك في الوصية الكبرى الذي التي وجهها لاتباع علي ابن مسافر ومن افك الرافضة اللئام انهم يعمدون الى كلامي لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يتضمن النعي على رواية هذه الاحاديث ثم يقولون ان ابن تيمية يقول ان الله يرى في الدنيا وانه كذا وكذا وانه على صورة شاب ثم يفتحون اه موضع من كتبه ويسلطون الكاميرا على اسطر معينة وانما نقلها شيخ الاسلام على سبيل النكير والتنفير التحذير منها. فيصورون للسامعين بان هذه مقالته. وهو انما قالها من باب ابطالها وتزييفها. لكن القوم لا يستغرب عليهم الكذب. بل هم كما قال الشافعي ما رأيت من اهل الاهواء اكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرافضة اذا اه ثبوت الرؤية بالكتاب والسنة والاجماع ومن الناس من غلا في اثباتها حتى اه في الدنيا قبل الاخرة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اه لما ذكر الدجال وما يأتي به من الخوارق العظيمة المهولة. وانه يدعي الالوهية. قال واعلموا انكم لن تروا ربكم حتى تموتوا فكان هذا قاطعا. اما هل يرى في المنام ام لا فقد المحنا في بعض الاجابة على الاسئلة؟ الى امكان ذلك. من حيث الامكان يمكن ان يرى الانسان في المنام صورة اه يقع في قلبه انه رأى الله. والدليل على هذا قول النبي صلى الله عليه عليه وسلم رأيت ربي في احسن صورة وليس معنى ذلك ان الصورة التي رآها هي صفة الله عز وجل كما هي عليه في الواقع. فان الله تعالى لا تبلغه الاوهام ولا يرى في اه هذه الدنيا على صفته سبحانه وبحمده. لكنه يرى شيئا من جنس ايمانه. فان كان ايمانه اه تاما كاملا رأى ما هو اتم واحسن وان كان دون ذلك رأى ما يتناسب مع ايمانه. لكن تظل هذه من قبيل الرؤى والامثال المضروبة ونحو ذلك اه واما الطرف المقابل فهم نفاة الرؤية من المعتزلة والجهمية والرافظة والاباظية فان هؤلاء جميعا على عقيدة المعتزلة في نفي الرؤيا. فقالوا ان الله تعالى لا يرى في الاخرة واستدلوا بدليلين نقليين ودليلين عقليين اما الدليلان النقليان فقد استدلوا بقول الله تعالى لموسى عليه السلام لن تراني قال الله عز وجل اه قال ربي ارني انظر اليك. قال لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني. فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا. فلما افاق قال سبحانك تبت اليك فقالوا ها قد قال الله تعالى لموسى لن تراني فهو نفي مؤبد يدل على امتناع الرؤيا واجب اهل السنة اه عن هذه الاية بان قوله بان قوله تعالى لموسى لن تراني اي لن تراني في الدنيا لانه لا يطيق ذلك. اما في الاخرة فان الله تعالى يهب المؤمنين قوة يتمكنون فيها من النظر الى اليه سبحانه وتعالى ومن ما اجابوا به انه لو كان امر الرؤية ممتنعا في ذاته لانب الله موسى وعاتبه كما عاتب نوح عليه السلام حينما سأل ما لا ينبغي له. فان نوح عليه السلام قال لربه ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين. قال يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح. فلا تسألني ما ليس به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين فلما كان السؤال فاسدا في اصله اه اه عتب الله تعالى على نبيه ونبهه على خطأه حتى استغفر ربه واناب قال ربياني اعوذ بك ان اسألك ما ليس لي به علم والا تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين اما موسى عليه السلام فلم يؤنبه ربه ولم يعتب عليه ان طلب الرؤية. وانما احاله واحاله على امر ممكن. وهذا يدل على امكان الرؤية. قال لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فدل ذلك على امكان الرؤية من حيث هي ايضا مما يجاب به آآ او او مما استدل آآ به نفاة الرؤيا قول الله تعالى لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار ولاهل السنة جوابان عن هذه الاية الجواب الاول جواب عائشة رضي الله عنها في قولها في قوله لا تدركه الابصار قالت اي لا تدركه الابصار في الدنيا كجواب اهل السنة عن قوله لن تراني والجواب الثاني الجواب الثاني ان ان يقال ان نفي الادراك لا يعني نفي الرؤية الله تعالى انما نفى في الاية الادراك. والادراك هو الاحاطة ولا يلزم من نفي الادراك نفي الرؤية بدليل ان الله تعالى لما ذكر قصة موسى وفرعون قال فلما ترى الجمعان قال اصحاب موسى انا لمدركون قال كلا ارأيتم نفى الادراك مع حصول الرؤية الترائ مع ان الاية لا صلة لها بهذا الموضوع العقدي لكنها افادتنا بانه يمكن ان ينتفي الادراك مع امكان الرؤية فلما تراءى الجمعان حصل رؤية ولا ما حصل؟ تراءى الجمعان. قال اصحاب موسى ماذا؟ انا لمدركون هل ادركوهم؟ لا. قال كلا ان معي ربي سيهدين فهذا يدل على ان قوله تعالى لا تدركه الابصار ان المقصود لا تحيط به. وهذا حق فقد ترى الشيء دون ان تدركه. انت مثلا انظر الى القمر مثل في مثل هذه الليلة مثلا آآ ليلة ابدار ولا تحيط به مع انك تراه لكن لا تحيط بتضاعيفه وتفاصيله ترى الجبل من بعيد فيبدو لك جهة منه ولا ترى الجهة المقابلة ولا ترى ايضا ما في تضاعيف هذا الجبل من شجر وحجر وحيوان وهوام وغير ذلك. فلا يلزم من نفي الادراك نفي الرؤيا ثم ثم جواب لغوي في قوله لن تراني. وهو ان يقال ان لن لا تفيد النفي المؤبد فقد نص ابن مالك على ذلك بقوله ومن رأى النفي بلا مؤبدا فقوله اردد وسواه فاعددا هذا وللحديث صلة ان شاء الله. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين