بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقد تقدم معنى كلمة التوحيد وان الاتيان بها لابد ان يكون مقرونا بشروط سبعة وانه لا ينفع صاحبها ان يلهج بها دون استكمال هذه الشروط وان المقصود بهذه الشروط ان يتمثلها صاحبها وان تقوم فيه سواء وعاها وعدها واحصاها او لم مع ذلك بل العبرة استصحابها وقيام هذه الاوصاف في قائلها فلما ذكر اه كلمة التوحيد اردف ذلك بالحديث عن العبادة التي لاجلها خلق الخلق. فقال الناظم لتعريف العبادة وذكر بعض انواعها وان من صرف منها شيئا لغير الله فقد اشرك ثم العبادة هي اسم جامع. لكل ما يرضى الاله السامع. وفي الحديث مخها الدعاء خوف توكل رجاء ورغبة ورهبة خشوع. وخشية وخشية انابة خضوع. والاستعاذة والاستعانة كذا استغاثة به سبحانه والذبح والنذر وغير ذلك. فافهمه اوضح المسالك. وصرف لغير الله شرك وذاك اقبح المناهي. نعم احسنت. العبادة معناها في اللغة مأخوذ من قولهم بعير معبد. طريق معبد فهي بمعنى مدلل فمعنى العبادة في اللغة الذل والخضوع. فتقول العرب بعير معبد اذا كان ذلولا طريق معبد اذا وطأته الاقدام وصار مهيئا للسير عليه ففيه معنى الذل والخضوع واما معنى العبادة في الاصطلاح فلها تعريفان تعريف باعتبار حقيقتها وتعريف باعتبار احادها وافرادها وان شئت فقل تعريف باعتبار المتعبد له وتعريف باعتبار المتعبد به نوضح ذلك فنقول العبادة في حقيقتها كمال المحبة مع كمال الخضوع. او مع كمال الذل والخضوع. هذه حقيقة العبادة اجتماع كمال المحبة مع كمال الخضوع والذل لله رب العالمين هذه هي المحبة هذه هي العبادة باعتبار حقيقتها او باعتبار المتعبد له وهو الله سبحانه وتعالى فاذا قام في القلب محبة تامة وخضوع تام فداك عابد طيب تعريف العبادة باعتبار احادها وافرادها هو ما اشار اليه المؤلف وهو مستقى من من تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية للعبادة في كتابه العبودية انها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة ان العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه. وحين نقول لكل ما يحبه الله ويرضاه يخرج بذلك رجع لان البدع غير محبوبة لله ولا مرضية. بل المقصود ما شرعه الله على لسان نبيه. اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة فهذا تعريف للعبادة باعتبار المتعبد به باعتبار المتعبد به لهذا قال ثم العبادة هي اسم جامع. لكل ما يرضى الاله السامع اه وهي وفي الحديث مخها العبادة. نعم قد ورد حديث لكن فيه ضعف الدعاء مخ العبادة. واصح منه عند الترمذي الدعاء هو العبادة وقد دل على ذلك الكتاب فان الله سبحانه وتعالى قد قال وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عني عبادتي ان الذين يستكبرون عن عبادتي ولم يقل دعائي فدل ذلك على ان الدعاء هو العبادة وكذلك في قصة إبراهيم عليه السلام قال وادعو ربي عسى ان لا اكون بدعاء ربي شقيا فلما اعتزلهم وما يعبدون دون الله فالدعاء هو العبادة اه وكذا شواهد اخر تدل على هذا المعنى الذي نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم اه ولا ريب ان الدعاء اجلى مظاهر العبادة. اذ الدعاء نداء للمعبود وتعلق به مع انه غيب عليه. مما يدل على انه يعني اذا حينما يدعو العبد ربه فانه في الواقع يعتقد بان الهه الذي يدعوه يسمع كلامه ويرى مكانه ويعلم بحاله ويقدر على اجابة سؤله وطلبه في كشف الضر ويجلب النفع والى غير ذلك. فيتضمن الدعاء من معاني العبودية ما لا حصر له لهذا كان الدعاء هو العبادة لذلك ايضا كان كريما على الله. ففي الحديث الصحيح ليس شيء اكرم على الله من الدعاء وانشد بعضهم الرب يغضب ان تركت سؤاله. وبني ادم حين يسأل يغضب. اليس كذلك؟ الادمي حينما تطلب منه وتطلب منه وتطلب منه يضجر منك ويتبرم. والله تعالى اذا تركت سؤاله غضب عليك جاء في حديث من لم يسأل الله يغضب عليه الرب يغضب ان تركت سؤاله. وبني ادم حين يسأل يغضب والله تعالى يحب الملحين في الدعاء فضلا عن الدعاء نفسه. لكن حتى الالحاح عليه في الدعاء فلذلك كان للدعاء عند الله منزلة. وكان مظهرا للتوحيد. وكان صرفه لغير الله اجلى مظاهر الشرك. لهذا قال وفي الحديث مخها الدعاء ثم ذكر ايضا بعض انواعها خوف توكل كذا الرجاء. ايضا الخوف ايها الكرام من العبادة والدليل على ذلك قول الله تعالى فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين فامر الله بمخافته دليل على انه عبادة وفائدة الخوف انه يحجز العابد عن الوقوع في مناهي الله. فهو سياج امان يضبط سيره الى الله تعالى ولا يحتاج الانسان من خوف الله الى الا الى القدر الذي يحجزه عن معصية الله. وما زاد فلا حاجة له به. كما قال ذلك شيخ ابن تيمية رحمه الله لا يحتاج الانسان من خوف الله الا الى القدر الذي يحجزه عن معصيته وما زاد فلا حاجة له به. بمعنى انه لا ينبغي له ان يستدعيه. لان ذلك قد يورثه قلقا وآآ نكدا فمن الناس من يغلب عليه الخوف حتى لا يطيب له عيش. وهذا غير مطلوب. يكفيك من الخوف ما يحجزك عن معصية الله قال خوف توكل وهذه معطوفات لكن آآ صارت على سبيل آآ الاضافات توكل ما التوكل؟ التوكل عبادة قال الله عز وجل وعلى الله فتوكلوا فامر الله آآ المؤمنين بالتوكل عليه وسيد المتوكلين هو محمد صلى الله عليه وسلم وتوكل على الله بهذا امر الله نبيه اه والتوكل حقيقته اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع فعل الاسباب الموصلة اللي مطلوبة فان ذلك لا ينافي التوكل. لكن لابد ان يكون القلب معتمدا على الله. ولا يجوز صرف التوكل الى غير الله فلا يجوز ان يقول قائل توكلت على فلان حتى لو كان ذلك في امر مقدور عليه لان التوكل لا لا لا يصرف لغير الله تعالى. وقد نبه على هذا المعنى الشيخ محمد بن ابراهيم في فتاويه ان التوكل لك ان تقول وكلت فلانا بكذا وكذا لكن لا لا تقل توكلت على فلان في كذا وكذا. اذا التوكل عبادة لا يتصور صرفها لغير الله. كما لا تقول مثلا اسجد لفلان او اركع لفلان فان هذا لا يتصور الا في حق الله تعالى قال كذا الرجاء والرجاء هو اه طلب امر تشتاق اليه النفس الرجاء عبادة اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه. قال تعالى من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا قال تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا فالادلة على اثبات الرجاء كثيرة جدا في انه عبادة لله عز وجل كذلك الرغبة والرهبة الرغبة هي الطمع بما عند الله والرهبة هي الحذر آآ من آآ عقاب الله وكلاهما عبادة. كما قال الله عز وجل آآ انهم كانوا يسارعون في الخيرات. ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين. ولهذا ذكر بعدها الخشوع والخشوع بمعنى الخضوع والاخبات معان متقاربة. وهذا من اوصاف المؤمنين فانهم يخشعون لله عز وجل وترى الارض اه هامدة فاذا انزل نعم. اه هامدة بمعنى خاشعة خشوع الارض هو همودها فكذلك حال المؤمن مع ربه عز وجل يكون مفتقرا مستكينا متضرعا منطرحا بين يدي الله تعالى فهذا من اوصاف المؤمنين قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون وانها لكبيرة الا على الخاشعين الخشوع من صفات المؤمنين فهو عبادة خشية ايضا الخشية عبادة والدليل على ذلك قول الله تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء فلا تخشوهم واخشوك وما الفرق بين الخوف والخشية قال العلماء الفرق بين الخوف والخشية ان الخشية خوف مقرون بعلم بعلم بالمخشي فتكون الخشية على هذا اكمل لانها مقرونة بالعلم لهذا قال انما يخشى الله من عباده العلماء فلما كانت خشية العلماء مبناها على العلم بالله تعالى كانت اتم واكمل آآ انابة الانابة هي التوبة والرجوع الى الله تعالى اناب اناب بمعنى تاب وتاب كلها معان متقاربة آآ ولهذا قال الله عز وجل عليه توكلت واليه انيب اه خضوع والخضوع ايضا بمعنى الخشوع وهو الانقياد ومن انواع العبادة الاستعاذة. قال والاستعاذة وهي مأخوذة من العود والعود هو اللجئ والاعتصام. ويكون من امر مخوف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ بهذا البيت عائد وقال الله تعالى قل اعوذ برب الفلق قل اعوذ برب الناس وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين. واعوذ بك ربي ان يحضرون واني عذت بربي وربكم ان ترجمون وهكذا فان الاستعاذة عبادة مستقلة تعني الفزع واللجوء الى الله سبحانه وتعالى الاستعانة هي طلب العون والمدد من الله تعالى. اياك نعبد واياك نستعين قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ابن جبل يا معاذ اني احبك اني اوصيك لا تدعن دبر كل صلاة ان تقول اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وكذا قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا اذا الاستعانة عبادة الثابتة كذا استغاثة والاستغاثة طلب الغوث اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم. فهي طلب الغوث يتقرب بها الى الله تعالى. كذا استغاثة به سبحانه وكلمة سبحان اسم مصدر بمعنى تنزيها لله بمعنى تنزيها لله. قال والذبح والنذر وغير ذلك الذبح هو اراقة الدم وازهاق الروح تقربا الى الله عز وجل ولا ريب انه عبادة بل هو اشرف العبادات المالية. لهذا قال الله تعالى اه فصل لربك وانحر فلما فجعل الصلاة اشرف العبادات البدنية وبايزائها النحر وهو اشرف العبادات المالية قل ان صلاتي ونسكي الصلاة معروفة والنسك والتقرب الى الله بالهدايا والاضاحي وغير ذلك الذبح عبادة يتقرب بها الى الله تعالى. والنذر ما النذر؟ النذر هو الزام المكلف نفسه عبادة غير واجبة قال الله تعالى يوفون بالنذر وقال تعالى اه وقال النبي صلى الله عليه وسلم من نذر ان يطيع الله فليطعه. ومن نذر ان يعصي الله فلا فلا يعصه. وغير ذلك يعني انه لم يقصد الاستقصاء والاستيعاب فجميع ما سمعتم وما لم يذكر عبادات لا يجوز صرفها لغير الله لكن في بعضها ما يوجب التفصيل فعلى سبيل المثال الخوف انواع. ثم خوف طبيعي كالخوف من السبع. ومن العدو ومن النار ان تحرقه. ومن العدو ان فالخوف الطبيعي لا يلام عليه صاحبه. بل هو غريزة ركبها الله تعالى في ابن ادم لاستبقاء الجنس الانساني ولولا خوف لربما فني الخلق فهذا الخوف خوف طبيعي لا يلام عليه صاحبه النوع الثاني من الخوف ان يخاف اه من الناس سيحمله خوفه على ترك واجب من الواجبات او فعل محرم من المحرمات. فهذا خوف مذموم يلام عليه صاحبه ويأثم به كان يدع الجهاد خوفا من القتل او خوفا على مفارقة اهله وولده فهذا مذموم النوع الثالث هو الخوف من غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله فذاك خوف السر الذي هو خوف العبادة كالذي من اشياء مغيبة ومجهولة وغير ذلك فيعتقد انها توصل اليه الضر من دون الله فيخافها وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. فهذا خوف شركي اه وهكذا الاستعاذة مثلا فالاستعاذة اذا كان المستعاذ به مما يعيد آآ غيرة وجرت به العادة فلا حرج كقول الله كقول النبي صلى الله عليه وسلم يعود بهذا البيت عائد. لان البيت من دخله كان امنا. فاذا جعل الله تعالى العود او العوض في شيء من الاشياء فمن استعاذ به لا يقال عنه مشرك وانما لو استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه الا الله او استعاذ بغائب فان هذا من الشرك كما تلون انفا وانه كان رجال من الانس يعودون برجال من الجن فزادوهم رهقا. كذا الاستعانة من استعان بغير الله فيما لا يقدر عليه الا الله فهو مشرك الاستغاثة اذا استغاث بمن يقدر على غوثه لم يكن مشركا. اذا استغاث بمن لا يقدر على غوثه او لا يسمع فهو مشرك. قال الله قال الله تعالى فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فهذه استغاثة سائغة وكذا لو وقع انسان في حفرة او وقع في البحر او غير ذلك فقال النجدة الحقوني فهذه استغاثة فهي استغاثة بمن يقدر على الغوث فلا تكون شركا لكن لو ان انسانا دعا غائبا او غير قادر على الغوث فهذا ضرب من الشرك فلهذا قال بعد ذكر هذه الانواع قال فافهم هديت اوضح المسالك فدعاه الى الفهد والفهم ايها الكرام مهم ان يدرك الانسان مقاصد النصوص والالفاظ ويحسن التمييز بين ما يدخل فيها وما يخرج عنها فهذا هو الفقه في الواقع. ان يتمكن الانسان من التمييز بين الامور المشتبهات. وهذه هي طريقة الراسخين في العلم لهذا قال وصرف بعضها لغير الله شرك وذاك اقبح المناهي. وصرف بعضها اي بعض انواع العبادة لغير الله شرك وذاك اقبح المناهي فمن خاف غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله. من توكل على غير الله من رجا غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله. من رغب او رهب غير الله فيما هو من خصائص الله من خشع وخشع واناب وخضع لغير الله تعالى آآ من استعاذ بغير الله فيما لا يقدر عليه الا الله. من استعان بغير الله فيما لا يقدر عليه الا الله. من استغاث لغير الله فيما لا يقدر عليه الا الله. من ذبح لغير الله من نذر لغير الله فقد وقع في الشرك الاكبر. الذي لا يغفره الله لهذا قال وصرف بعضها لغير الله شرك وذاك اقبح الملاهي فالذبح والنذر كلها عبادات خالصة لله رب العالمين لا يجوز صرفها لغير الله ولما سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم وقال له وهذا يجمع الذبح والنذر. قال يا رسول الله اني نذرت ان اذبح ابلا ببوانة موضع اقرب ما يكون اليه الان ينبع قال اني نذرت ان اذبح ابلا ببوانه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل كان فيها وثن من اوثان الجاهلية؟ فقيل لا. قال هل كان فيها عيد من اعيادهم قال لا. قال فاوفي بنذرك فدل ذلك على اه البعد عن كل شائبة شرك حتى ولو كانت تتعلق بالمكان او بالزمان. مراعاة لكمال توحيد الله ولسد اه منافذ الشرك وذرائعه فتبين بهذا ايها الكرام ان العبادة تتغلغل في جميع مناحي الحياة. كما قال ربنا عز وجل قل ان صلاتي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له. وبذلك امرت وانا اول المسلمين. فعلى المؤمن المتبصر ان ينظر في حاله واقواله وافعاله هل فيها شرك لغير الله؟ هل فيها حظ لغير الله؟ هل هو يتقدم بشيء من هذه العبادات لغير الله تعالى او يصف شيئا منها لغير الله ان كثيرا من المسلمين وللاسف يبدر منه من التصرفات والافعال ما يلحقه بالشرك من حيث لا يشعر فكان واجب طلبة العلم ان يبينوا ذلك للناس بيانا شافيا يوقفوهم على ما يثلم دينهم وتوحيدهم التوحيد هو رأس المال واصل الدين. واذا سلم التوحيد للعبد سلم ما بعده. واذا فسد امر التوحيد فسد ما بعده. فنسأل الله سبحانه وتعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يرزقنا قلوبا سليمة موحدة حنيفة مسلمة. والحمد لله رب العالمين