الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذا هو المجلس الثالث عشر والاخير لشرح متن الورقات لامام الحرمين ابي المعالي الجوهيني رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا بعلومه في الدارين كنا وصلنا لكلام المصنف رحمه الله تعالى عن شروط المفتي او المجتهد وقول المصنف رحمه الله تعالى ومن شرط المفتي ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا خلافا ومذهبا ويكون كامل الالة في الاجتهاد عارفا بما يحتاج اليه في استنباط الاحكام من نحو ولغة ومعرفة الرجال وتفسير الايات الواردة في الاحكام والاخبار الواردة فيها والمصنف رحمه الله تعالى هنا لما فرغ فيما مضى معنا من بيان الادلة شرع في بيان شروط المفتي وهذا هو الباب السادس عشر فقال المصنف رحمه الله تعالى ومن شروط المفتي ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا والمقصود بذلك انه يشترط في من يفتي يعني في المجتهد والمقصود بالمفتي هنا يعني من هو اهل للفتوى والاجتهاد يشترط فيه ان يكون عالما بالفقه اصلا يعني عالما باصول الفقه وفرعا يعني وما ينبني عن هذه وما ينبني على هذه الاصول من فروع فهذا مما يشترط في الذي يفتي الناس او في المجتهد والمقصود بالمفتي هنا يعني الذي يبين الحق عند السؤال فالمفتي اسم فاعل من افتى يفتي اذا بين الحق عند السؤال فنقول لابد ان يكون عالما بالفقه ولابد ان يكون عالما باصول الفقه اما بالنسبة لاشتراط معرفة اصول الفقه فهذا مما لا خلاف فيه بين احد من الاصوليين. لابد ان تكون عالما باصول الفقه. اما بالنسبة لاشتراط معرفة الفقه فيخالف في ذلك كثير من العلماء. يقولون لا يشترط في المفتي ان يكون عالما بالفقه لماذا؟ قالوا لان الفقه ثمرة للاجتهاد وهو نتيجة للاجتهاد فلو كان الفقه شرطا للمجتهد للزم من ذلك الدور بمعنى ايه؟ بمعنى اننا لو قلنا لابد ان يكون عالما بالفقه. الفقه هذا انما هو نتيجة لاجتهاده. وهو عبارة عن ثمرة ثمرة لكونه مجتهدا باعتبار ان المجتهد لا يجوز ان يقلد احدا وانما يستخرج بنفسه الاحكام من الادلة الشرعية. هذا هو المجتهد الذي عنده قدرة في استخراج الاحكام من الادلة الشرعية لكن نفترض ان هذا العالم ما عنده قدرة انما يرجع الى اقوال من سبق. من اجل ان يستخرج منها الحكم الشرعي فهذا ليس بمجتهد وانما هو عالم مقلد عنده المام باقوال العلماء ويتخير من هذه الاقوال ويفتي بها الناس فنقول هذا مقلد لكن في مرتبة اعلى من المقلد الذي هو مقيد بمذهب من المذاهب. كلامنا عن العالم المجتهد فنقول لابد ان يكون عالما بالاصول وهذا مما لا خلاف فيه. واما بالنسبة لاشتراط علمه بالفروع وبالفقه فهذا فيه نظر لماذا؟ لان الفقه نتيجة وثمرة للاجتهاد لذلك بنقول لو كان الفقه شرطا للمجتهد للزم من ذلك الدور. لكن لابد ان يكون عالما بالاصول والمقصود بالاصول اصول الفقه هنا يعني النصوص من الكتاب والسنة التي تتعلق بالاحكام واما النصوص التي تتعلق بالمواعظ او تتعلق بالقصص او بامور الاخرة فالمفتي او المجتهد لا يحتاج الى معرفتها وانما يحتاج الى معرفة النصوص التي تتعلق بالاحكام من اجل ان يميز بين الظاهر المؤول والناسخ والمنسوخ وغير ذلك مما يتعلق به الاحكام فهذا هو شرط المفتي ولا يشترط كذلك في المفتي ان يكون حافظا لكتاب الله سبحانه وتعالى وكذلك لا يشترط ان يكون حافظا لنصوص الاحكام وانما يكفيه ان يكون عالما بذلك فعندنا فرق بين العلم بنصوص الاحكام وحفظ نصوص الاحكام الذي يشترط ان يكون عالما بنصوص الاحكام بحيث اذا احتاج الى شيء منها استطاع ان يرجع اليها وينظر فيها اما بالنسبة للحفظ فهذا ليس بشرط وانما يشترط ان يكون عالما بها عالما بمواقعها. اذا اراد ان يبحث في مسألة في المعاملات ان يرجع الى نصوص المعاملات في الكتاب والسنة وينظر في هذه النصوص ويستخرج منها الحكم الشرعي حتى وان لم يكن حافظا لها كما قلنا. فالحفظ هذا امر زائد. لكن ليس بشرط وكذلك مما يشترط في المفتي او المجتهد ان يكون عنده معرفة بالقياس وبانواع القياس من اجل ان يميز بين ما يصح وما لا يصح ما لا ما يصح القياس فيه وما لا يصح ما يجوز فيه القياس وما لا يجوز فيه القياس فلو وجد نصا لا يجوز له في هذه الحالة ان يعدل عن هذا النص الى القياس فلا اجتهاد مع النص ولابد من اذا اخذ بالقياس في صورة من الصور لابد ان تتوفر عنده اركان القياس من نحو الاصل والفرع والعلة والحكم حكم الاصل وكذلك لابد ان ينظر هل هذا القياس قياس علة ولا قياس آآ قياس شبه؟ ولا هو قياس دلالة من اجل ان يرجح بين هذه الانواع عند التعارض كما سبق معنا في الباب السابق. فلابد ان يكون عنده معرفة للقياس ولانواعه من اجل الى ان يميز بينما يجوز وما لا يجوز. وكذلك لابد ان يكون عالما بالفروع هي مسائل احاد تتعلق بها الاحكام. لانه لا يشترط ان تكون الاحكام عنده متواترة. لانه يجوز ان يحكم احاتي بعض السور علي ابن ابي طالب رضي الله تعالى عنه اخذ بقول المقداد في نجاسة المذ. وعدم وجوب الغسل من قال كنت رجلا مرزائا فاستحييت ان اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكانة ابنته مني باعتبار انه كان زوجا لفاطمة رضي الله عنها وارضاها. هي بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام بعث المقداد ابن الاسود من اجل ان يسأل له رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال اغسل ذكرك وتوضأ. فاخذ بقول المقداد رضي الله عنه وارضاه وعمل به فهنا اخذ بالاحاد وعمل به واعتمد عليه في هذا الحكم فلا يشترط في ان تكون الاحكام عند المفتي متواترة بل يجوز له ان يعمل ببعض الاحكام التي وصلت عن طريق الاحاد لابد ان يكون عالما بخلاف العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم حتى لا يدعي الاجماع في مسألة هي مختلف فيها. فيأتي وينقل الاجماع وهي في الحقيقة مما جرى فيه الخلاف بين العلماء. وهذا كثير في الفقه. يعني من يدري الفقه يتعرض لكثير من هذه المسائل. يأتي بعض العلماء ويزل ويخطئ ويدعي اجماعات في بعض المسائل وهي في الحقيقة مما جرى فيها الخلاف بين العلماء لان لو نقل الاجماع واخذ به الناس فمعنى ذلك انه لا يجوز لاحد ان يخالف في هذا القول باعتبار ان الاجماع حجة لذلك يشترط في المفتي ان يكون عالما بخلاف العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وكذلك مما يشترط في المفتي والمقصود بالمفتي هنا يعني المجتهد يشترط فيه ان يكون كامل الالة يعني صحيح الذهن. بصير العقل بحيث لا يتشوش ادراكه عند اختلاف الادلة وتعارضها فهذا مما يشترط فيه كذلك ويحتمل انه اراد رحمه الله تعالى بكامل الادلة ما سيذكره بعد ذلك مما يحتاج اليه في استنباط الاحكام من النحو واللغة الى اخره فيكون المراد بكمال الالة يعني عنده العلم بعلوم الالة من النحو والصرف واصول طول الحديث واصول الفقه الى اخره فهذا ايضا مما يشترط في المجتهد ولابد كذلك في المجتهد ان يكون عنده معرفة بالرجال فيأخذ برواية العدل دون المجروح طيب لو انه اخذ حديثا من الصحيحين واعتمد عليه في الحكم. اه هنا بنقول يجوز له الاقتصار على هذا الحديث حتى وان لم يعرف رجاله لماذا؟ لان رجال الصحيحين مما تلقت الامة احاديثهم بالقبول ولابد كذلك ان يكون عالما بتفسير الايات والاخبار الواردة في الاحكام من اجل ان يتمكن من الافتاء بها عند سؤاله عند الحاجة فهذا مجمل ما يقال في المجتهد. وهنا لابد ان ننبه لمسألة قبل ان ننتقل لما بعده من كلام المصنف رحمه الله تعالى. وهو هو ان ثم فرقا بين المجتهد والمفتي فالمجتهد اعم من المفتي. فكل مجتهد يفتي الناس وليس كل من يفتي الناس يكون مجتهدا فيمكن ان يكون الشخص مقلدا ومع ذلك هو اهل للفتوى لتعذر وجود المجتهد ففي هذه الحالة سيفتي هذا الشخص بمذهبه الذي درسه واتقنه ويعلم مخارجه ومداخله فمثل هذا الشخص يفتي الناس ولا حرج عليه وهذا الذي جرى عليه جرى عليه العلماء في كل زمان خصوصا بعد تعذر وجود مجتهدين فصارت الفتوى لا تخرج عن المذاهب الاربعة فنجد القاضي في هذه الناحية من الحنفية. وقاضي في هذه الناحية من المالكية وصار المفتون يفتون الناس بمذاهبهم حتى وان لم يكونوا مجتهدين. فكل الذي سبق وذكرناه انما هو في حق المجتهد قال بعد ذلك ومن شرط المستفتي ان يكون من اهل التقليد ويقلد المفتي في الفتوى قال وليس للعالم ان يقلد وقيل يقلد فهنا المصنف رحمه الله تعالى لما فرغ من بيان شروط المفتي الذي هو المجتهد شرع في بيان شروط المستفتي وهذا هو الباب السابع عشر فقوله رحمه الله تعالى من شرط المستفتي ان يكون من اهل التقليد هذا احتراز عمن اجتمعت فيه شرائط الاجتهاد فمن اجتمعت فيه شرائط الاجتهاد لا يجوز له ان يقلد طيب العامي ما حكمه؟ العامي هذا يجوز له ان يأخذ دينه من غيره. لان الشرع لم يكلف الناس جميعا بالاجتهاد. الاجتهاد هذا وجود المجتهد هذا فرض على الكفاية ولم يكلف الشرع الناس جميعا بالاجتهاد. لانه لو كلف الناس جميعا بالاجتهاد لبطلت معايشهم لانهم سينشغلون بادوات بتحصيل ادوات الاجتهاد وهذا سيؤدي الى ابطال معايش الناس الشرع لم يكلف الناس جميعا بالاجتهاد. وانما اراد الله سبحانه وتعالى طائفة من هذه الامة هي التي تقوم بها هذا الامر من اجل ان يرجع الناس اليها عند النوازل وعند الفتوى كما قال الله عز وجل فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون هذا هو المطلوب فيقول الشيخ هنا رحمه الله تعالى من شرط المستفتي ان يكون من اهل التقليد هذا احتراز عمن اجتمعت فيه شرائط الاجتهاد فهذا لا يجوز له ان يقلد قال فيقلد المفتي فيقلد المفتي. وهذا يشير به المصنف رحمه الله تعالى الى مسألتين هذا يشير به المصنف رحمه الله تعالى الى مسألتين. المسألة الاولى انه لا يجوز للعامي ان يقلد كل احد بل لابد للعامي ان يقلد من كان اهلا للتقليد ودي مسألة مهمة حتى تبرأ ذمة العامي لابد ان يستفتي من هو اهل للفتوى بخلاف ما عليه كثير من الناس للاسف الشديد تجد كثيرا من الناس يستفتي اي احد ويأخذ بقوله ويعمل به. يعني لو كان واحد بيصلي في المسجد ووجد صديقا له يصلي معه في المسجد هو من جملة العوام فسأله عن مسألة فافتاه. فترى هذا الرجل يأخذ بفتوى صديقه العمي ويعمل بها. ويقول سألت رجلا يصلي معي في المسجد هذا لا تبرأ ذمته بحال من الاحوال بهذا الذي فعله. وهو مؤاخذ عند الله سبحانه وتعالى. لابد ان يسأل من هو اهل للفتوى هذا هو الامر الاول الذي اشار اليه المصنف رحمه الله تعالى هنا الامر الساني وهو انه لا يجوز ان يقلد العالم بمجرد فعله لا يجوز ان يقلد العالم بمجرد فعله. لماذا لاحتمال ان يكون هذا العالم قد ترخص في هذا الفعل يعني فعل العالم ليس بحجة شرعية ممكن بعض الناس يقول رأيت فلانا من العلماء يفعل زلك هذا لا يكفي هذا لا يكفي لاحتمال انه فعل ذلك ترخصا طيب ماذا يصنع العامي؟ لابد ان يسأل. فان افتاه بهذا الفعل جاز له ان يأخذ به واذا لم يفته فلا يجوز له ان يأخذ به بمجرد الفعل. يقول المصنف رحمه الله تعالى قال ومن شرط المستفتي ان يكون من اهل التقليد فيقلد المفتي في الفتوى وليس للعالم ان يقلد وقيل يقلد. في قوله فيقلد المفتي في الفتوى هذا فيه مسألتان لا يجوز للعامي ان يقلد كل احد المسألة الثانية لا يجوز ان يقلد العالم بمجرد الفعل قال رحمه الله تعالى وليس للعالم ان يقلد وقيل يقلد. ليس للعالم يعني ليس للمجتهد ليس للمجتهد ان يقلد غيره. بل لابد ان يعمل باجتهاده ولو انه قلد غيره فانه يأثم بذلك وقيل يقلد قيل يقلد وهذا يشير به الى ان العالم يجوز له التقليد وهذا فيما اشكل عليه. وبه قال الامام احمد رحمه الله تعالى اسحاق وبه قال كذلك سفيان الثوري والاول هو الازهر انه لا يجوز له التقليد لانه مكلف بالنظر والاستدلال لانه مكلف بالنظر والاستدلال قال بعد ذلك والتقليد قبول قول القائل من غير حجة فعلى هذا قبول قوله عليه الصلاة والسلام يسمى تقليدا ومنهم من قال التقليد هو قبول قول القائل وانت لا تدري من اين قال فان قلنا انه عليه السلام كان يقول بالقياس فيجوز ان يسمى قوله صلى الله عليه وسلم تقليدا وهنا المصنف رحمه الله تعالى لما فرغ من بيان شرط المفتي والمستفتي شرع في بيان التقليد وهو الباب الثامن عشر ثم رسمه رسم التقليد بانه قبول المستفتي قول المفتي من غير حجة يعني من غير ذكر دليل قال فعلى ذلك يعني على هذا التعريف يسمى قبول قول النبي عليه الصلاة والسلام تقليدا. لماذا سمينا قول قول النبي صلى الله عليه وسلم تقليدا لانه ربما عمل النبي عليه الصلاة والسلام بالاجتهاد في بعض المسائل وعمل بالوحي في مسائل اخرى وبهذا قال جمهور الشافعية وبعض العلماء يقول لا يجوز للنبي عليه الصلاة والسلام الاجتهاد لماذا؟ لانه ما كان ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فعلم من خلال ذلك انه صلى الله عليه وسلم لم يأخذ الا عن وحي. فعلى ذلك على هذا القول اذا قلنا ان النبي النبي صلى الله عليه وسلم لا يجتهد فلا يسمى الاخذ بقوله تقليدا لان قوله صلى الله عليه وسلم لا يكون عن اجتهاد وانما هو عن وحي ولهذا قال رحمه الله تعالى ومنهم من قال هو قبول قول القائل ولا تدري من اين قال طيب هنا علمنا انه صلى الله عليه وسلم قال من الوحي. يبقى هذا لا يسمى تقليدا على هذا القول. فبعض العلماء يسمي الاخذ قول النبي صلى الله عليه وسلم تقليدا باعتبار انه صلى الله عليه وسلم يقول احيانا عن اجتهاد واحيانا يقول عن وحي وبعض العلماء يقول لا ما يسمى تقليدا لانه لا يأخذ الا عن وحي عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله تعالى واما الاجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض فالمجتهد ان كان كامل الالة في الاجتهاد فان اجتهد في الفروع واصاب فله اجران. وان اجتهد واخطأ فله اجر واحد ومنهم من قال كل مجتهد في الفروع مصيب فالمصنف رحمه الله تعالى ختم الابواب بالكلام عن الاجتهاد. فلما فرغ من بيان رسم التقليد شرع في بيان الاجتهاد وهذا هو الباب التاسع عشر قال الاجتهاد هو بذل الوسع في بلوغ الغرض يعني في ادراك الاحكام الشرعية قال فالمجتهد ان كان كامل الالة في الاجتهاد يعني ان كان قد توفرت فيه شروط المجتهد فان كان كذلك واجتهد واصاب كان له اجران. اجر الاجتهاد واجر الاصابة اما لو اخطأ فانه يكون له في هذه الحالة اجر واحد. كان له اجر واحد. لانه امتثل امر النبي صلى الله عليه وسلم ولا اثم عليه في هذه الحالة فيما لو اخطأ. لانه ادى الذي عليه وبذل ومن العلماء من يقول كل مجتهد مصيب. وهذا ضعيف. وذلك لاجتماع النقيضين في مسألة واحدة وهما النفي والاثبات قبل الاجتهاد فعلى ذلك لابد ان يكون المصيب واحدا ولا يجوز ان يكون المصيب في المسألة اثنان لان الله عز وجل يقول فماذا بعد الحق الا الضلال؟ وهنا برضو لابد ان نلفت النظر الى مسألة مهمة. ما معنى ذلك؟ ان الحق واحد لا يتعدى وانه ليس بعد الحق الا الضلال. معنى ذلك ان الحق عند الله سبحانه وتعالى واحد. فمن اصاب ذلك الحق الذي هو عند الله فهذا له اجران ومن لم يصبه فهذا له اجر واحد من المجتهدين. كما قلنا. فعلى ذلك من يقول بان الحق واحد معناه ان من يجتهد ويصل الى الحكم الشرعي باجتهاده فهذا هو الحق في حقه نقول هذا ضعيف. يعني الان شافعي اجتهد في مسألة وتوصل باجتهاده الى ان الحكم الى ان الحكم في هذه المسألة هو كذا ومالك رحمه الله تعالى اجتهد في مسألة واداه اجتهاده الى ان الحكم في هذه المسألة هو كزا وابو حنيفة كذلك واحمد رحمه الله تعالى كذلك فهل معنى ذلك ان هذه الاقوال مع اختلافها حق؟ الجواب لا. الحق في هذه الاقوال المختلفة واحد فقط. وهو ما وافق ما عند الله تبارك وتعالى يبقى هنا الحق اخفاه الله سبحانه وتعالى من اجل ان يجتهد هؤلاء المجتهدون. فمن اجتهد ووافق ما عند الله فهذا هو الذي يصيب الاجرين ومن اجتهد ولم يصب ما عند الله سبحانه وتعالى ولم يوافقه فهذا له اجر واحد على اجتهاده لهذا بنقول لهذا الخفاء لا ينكر شخص على اخر في مسائل الخلاف السائر لماذا؟ لان الحق خفي والمجتهد لا يستطيع ان يجزم انه اصاب الحق الذي عند الله سبحانه وتعالى ولهذا قعد العلماء هذه القاعدة المشهورة لا انكار في مسائل الخلاف يعني في الخلاف السائغ فهمنا؟ اصل هذه القاعدة لا خلاف لا انكار في المسائل الخلاف. السائغ اصل هذه القاعدة ان الحق عند الله سبحانه وتعالى واحد وهذا الحق اخفاه الله سبحانه وتعالى بمعنى انه ليس بظاهر وانما يسعى اليه المجتهدون لمعرفته فمن وافق الحق الذي عند الله عز وجل فهذا له اجران. ومن لم يوافق هذا الحق الذي عند الله سبحانه وتعالى فهذا له اجر واحد ولخفاء هذا الحق لا انكار في مسائل الخلاف وطبعا لما نقول لا انكار في مسائل الخلاف يعني في الخلاف السائغ. طب لو كان المسألة فيها خلاف لكن الخلاف غير سائغ فهذا فيه الانكار بلا شك. كأن يكون الخلاف في هذه المسألة مع وجود النص الذي لا يحتمل الا معنى واحدا فحينئذ ننكر القول على من قال به لانه خالف النص ويكون الخلاف حينئذ غير سائغ. او يكون الخلاف من بعض العلماء في مقابل الاجماع الحاصل قبل ذلك. فنقول لا يجوز لك ايها العالم ان تخالف هذا الاجماع فنرد قول هذا العالم ونحكم بان هذا الخلاف ليس بسائر لكن لو كان المسألة ليس فيها نصا وليس فيها اجماعا فالخلاف حينئذ يسع الجميع ولا انكار في هذه المسائل على هذا النحو فهمنا الان؟ فلذلك بنقول من اصاب الحق فله اجران كما قال عليه الصلاة والسلام. ومن اجتهد ولم يصبه فهذا له اجر واحد اتأمل قولي بان كل مجتهد مصيب يعني مصيب للحق هذا ضعيف لانه يلزم منه اجتماع النقيضين في مسألة واحدة طب لو قال اردت بكل مجتهد مصيب يعني مصيب للاجر طيب هل هذا صواب ولا خطأ؟ نقول نعم هذا صواب. لو اردت بان كل مجتهد مصيب للاجر نعم لان في كل الاحوال هو مصيب للاجر اذا لم يكن اه مصيبا للاجرين فهو مصيب للاجر الواحد. بهذا الاجتهاد طيب قال بعد ذلك ولا يجوز ان يقال كل مجتهد في الاصول كل مجتهد في الاصول مصيب لان ذلك يؤدي الى تصويب اهل الضلالة من النصارى والمجوس والكفار والملحدين وهذه مسألة ايضا مهمة فالمصنف هنا رحمه الله تعالى لما فرغ من بيان جواز الاجتهاد في المسائل الفروعية شرع في بيان عدم الاجتهاد في المسائل الاصولية وهي المسائل الاعتقادية. فلو جاز الاجتهاد في مسائل الاعتقاد لادى هذا الى تصويب من اخطأ من الملل كقول النصارى بالصليب. وقول المجوس بالظلمة والنور لخلق العالم وقول الكافرين المخالفين في التوحيد والمخالفين في بعثة النبي عليه الصلاة والسلام والمخالفين من الملحدين الذين يقولون بعدم وجود الخالق وهذا كله باطل بلا شك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لذلك من خرج علينا في يعني هذه الازمنة ويقول النصارى على حق واليهود على حق والمجوس على حق وكل هؤلاء على حق آآ لانهم اجتهدوا آآ اداهم اجتهادهم الى ان آآ القول بالوهية المسيح او بنحو ذلك من هذه العقائد الباطلة نقول من يقول بهذا هذا زنديق هذا زنديق وليس بمسلم والقول بتصويب اهل العقائد او اهل الملل هذا لم يقل به احد من ائمة الاسلام بل انكروا هذا القول اشد الانكار لان هذا فيه ابطال للشرائع في الحقيقة وفيه ابطال للوحي وابطال لبعثة الرسل من اصلها وللكتب المنزلة من عند الله تبارك وتعالى التي جاءت بالامر بالتوحيد والا لماذا اهلك الله سبحانه وتعالى الامم المخالفة للرسل الا من اجل انهم خالفوا في الاعتقاد والتوحيد فالحاصل يعني ان القول بان آآ انه يصوغ الاجتهاد في مسائل الاعتقاد التي هي مسائل الاصول هذا لا هذا القول قول باطل وهو ضلال لانه يؤدي الى تصويب اهل الضلالة من النصارى والمجوس والكفار والملحدين طيب وهذا يجرون الى مسألة اخرى. الخلاف بين اهل القبلة يعني الخلاف بين اهل الحديث والاشاعرة والمعتزلة وغيرهم من الفرق هل ايضا نقول بان الخلاف في هذه المسائل من الخلاف السائغ الجواب قطع الله قطعا هذا ليس من الخلاف السائغ. والحق فيما عليه اعتقاد الصحابة رضي الله تعالى عنهم جميعا لكن مع ذلك نقول هم يعني من يخالف اعتقاد الصحابة قد يكون معذورا قد يكون معذورا بتأويل قد يكون بخطئه من غير عمد. فالقول في هؤلاء ليس كالقول في اهل الملل التي هي خارجة عن ملة الاسلام فالتعامل مع اهل القبلة مختلف عن التعامل مع غير اهل القبلة من النصارى واليهود وغير هؤلاء. فمن كان من اهل القبلة وخالف اعتقاد الصحابة رضي الله تعالى عنهم او الاعتقاد الذي كان عليه الصحابة فهؤلاء على خطأ بلا شك وهذا الاعتقاد ننكره اشد الانكار لان النبي صلى الله عليه وسلم قال ستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة. فمعنى ذلك انه صلى الله عليه وسلم قد توعد من يخالف ما عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم جميعا والوعيد في هذه المسألة دليل على انهم اتوا فعلا مخالفا للشرع اتوا فعلا غير جائز فعلى ذلك نقول هم بلا شك مخطئون فيما قالوا لكنهم قد يكونوا آآ معذورون فيما قالوا به لتأويل او لخطأ او نحو ذلك فلهذا نرجع ونقول ان القول بجواز الاجتهاد في في الاصول وان كل مجتهد في الاصول مصيب هذا باطل ولا يجوز القول به بحاله على انه نقل عن عبيد الله بن الحسن العنبري جواز الاجتهاد في الاصول لكن الظاهر انه اراد بذلك الخلاف الواقع بين اهل القبلة وليس الخلاف الواقع بين اهل الاسلام وغيرهم من الملل فالظاهر انه اراد الخلاف الواقع بين اهل القبلة كالخلاف الواقع بين الاشعرية وبين اهل الحديث والمعتزلة ونحو ذلك فهمنا الان؟ فهذا الخلاف حتى كما قلنا هذا الخلاف ليس بسائغ وفيه الانكار لكن قد يكون مع هؤلاء قد يكونوا معذورون لانهم قصدوا تعظيم الله سبحانه تبارك وتعالى. لكن مع ذلك حتى لو اراد العنبري هذا القول يعني ان لو انه اراد بجواز الاجتهاد في الاصول يعني اهل القبلة لانهم معذورون بتعظيمهم لله سبحانه وتعالى نقول هذا ايضا لا يصح لان اهل الملل ايضا ما قصدوا بزعمهم الا الحق وتعظيم الله سبحانه وتعالى. فلذلك بنقول سواء اراد بذلك اهل الملل او اراد بذلك اهل القبلة في تزويغ الاجتهاد في الاصول نقول هذا خطأ ولا يجوز والدليل على بطلان هذا القول انكار الصحابة رضي الله عنهم على المبتدعة والقدرية والخوارج ولم ينكروا عمن خالف آآ بعضهم بعضا في الفروع لم ينكروا على من خالف في الفروع وانما انكروا اشد الانكار على من خالف من آآ على من خالف في الاصول من نحو القدرية والخوارج ونحو هؤلاء. حتى ان علي رضي الله عنه وارضاه قاتل هؤلاء الخوارج كما لا يخفى علينا جميعا الحاصل ان احنا بنفرق بين الخلاف في الفروع والخلاف في الاصول الخلاف في الفروع لا انكار في طالما ان الخلاف آآ كان سائغا واما الخلاف في الاصول فهذا فيه الانكار. وقد يكون صاحب هذا الخلاف معزور فيما لو كان من اهل قبلة كما قلنا لكن هذا لا يخرجه عن دائرة الخطأ وقد يعذرهم الله سبحانه وتعالى بتأويل او بخطأ او بنحو ذلك. واما اهل الملل الذين لم يدينوا الذين لم يدينوا بدين الاسلام اصلا فهؤلاء في النار قولا واحدا كما تواترت بذلك النصوص من الكتاب والسنة واجماع الصحابة والعلماء رضي الله تعالى عنهم جميعا وبهذا نكون قد وصلنا لختام هذا المجلس وختام هذا الكتاب ايضا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. ونسأل الله سبحانه وتعالى في الختام ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وان يجعل ما قلناه وما سمعناه زادا الى حسن المصير اليه وعتادا الى يمن القدوم عليه انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين