فمن فرض فيهن الحج فلا وما تفعلوا من خير يعلمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. جعلنا الله واياكم معشر المشاهدين والمشاهدات ممن فقهه الله في الدين. سوف نخصص هذه الحلقة للحديث عن المواقيت والمواقيت نوعان زمانية ومكانية. اما المواقيت الزمانية فهي خاصة بالحج ويدل عليها قول الله تعالى يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج. وقد قال الله سبحانه وتعالى الحج اشهر معلومات وتلكم الاشهر هي شوال وذو القعدة وذو الحجة. هذا هو القول الراجح وقد ذهب بعض اهل العلم الى ان اشهر الحج هي شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة. ولكن الاية تدل على ثلاثة على ثلاثة اشهر كاملة. سيما وان جملة من المناسك تقع بعد عشر ذي الحجة. كرمي الجمار وربما طواف الافاضة وهو ركن الحج وطواف الوداع والمبيت بالمزدلفة فهذا يدل على ان اشهر الحج تتناول شهر ذي الحجة باكمله فيجوز للانسان ان يحرم بالعمرة في شوال مثلا متمتعا بها الى الحج. ولا تقع له متعة لو احرم بالعمر في رمضان وما قبله. اما العمرة فكل العام ميقات لها. اما المواقيت المكانية فهي مواضع حددها النبي صلى الله عليه وسلم على طريق اهل الانصار. لا يحل لمن مر بها او هداها من طريق البر او البحر او الجو ان يتجاوزها دون احرام. فمن تجاوز هذه المواقيت مريدا للنسك وجب عليه ان يعود اليها فيحرم منها. فان لم يفعل فاحرم وما بعد تجاوزها فعليه دم عند الفقهاء جبرا لهذا الخلل وقد استدل لذلك باثر موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما من نسي شيئا من نسكه او تركه فليهرق دمعه رواه مالك والشافعي. وهذه المواقيت المكانية قد عينها نبينا صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع عين لاهل نجد قرن المنازل وهو المسمى الان بالسير. وعين لاهل الشام الجحفة ويحرمون حاليا من رابغ قريبا من الجحفة. وعين لاهل المدينة ذا الحليفة وهو المسمى الان ابيار علي وعين لاهل اليمن يلملم وهو المسمى الان السعدية. بل قد جاء في حديث انه عين لاهل العراق ذات عرق وهي المسماة الان بالضريبة. وقال صلى الله عليه وسلم هن لهن. ولمن اتى عليهن من اهلهن ممن اراد الحج او العمرة فعلمنا بذلك ان من قصد الحج او العمرة وكان على طريقه احد هذه المواقيت لزمه ان يحرم منه ولم يجز ان يؤجله الى ميقات اخر. بل يلزمه ان يحرم من اول ميقات حاده. فان تجاوزه وجب عليه ان يرجع اليه. فان احرم بعده لزمه عند الفقهاء دم. وهي شاة تذبح وتقسم على فقراء الحرم. ويشرع لمريد النسك رجلا كان او امرأة اذا بلغ الميقات جملة من الامور. منها اولا الاغتسال. لما روى زيد ابن ثابت رضي الله عنه انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لاهلاله واغتسل. رواه الترمذي ولقوله لاسماء بنت عميس رضي الله عنها حينما ولدت محمد ابن ابي بكر في ذي الحليفة قال اغتسلي واستثري بثوب واحرمي. رواه مسلم. اذا هذه سنة محكمة ينبغي على اهل الاسلام من الحجاج والعمار الا يفرطوا فيها وهي الاغتسال في المواقيت ويشرع لهم ايضا التنظف. وذلك بازالة شعر العانة والابطين لقطع الرائحة الكريهة وتقليم الاظافر ان احتاج الى ذلك ذلك انه ربما قال به المقام في حج او عمرة فتأذى من جراء كثرة الشعر او النتن الذي سلوا به فكان من المبالغة في التنظف لمن بلغ الميقات ان يحلق عانته وينتثاء بطيه ويقلم اظفاره حتى لا يحتاج الى شيء بعد ذلك. واما الرجل خاصة اذا بلغ الميقات فانه يشرع له التطيب بما يجد في رأسه ولحيته. لما روت عائشة رضي الله عنها قالت كنت اطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان يحرم ولحله قبل ان يطوف بالبيت. فدل قولها لاحرامه قبل ان يحرم انه كان يفعل عن هذه السنة في الميقات. وقد قالت ايضا كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اراد ان يحرم تطيب باطيب ما يجد ثم ارى وبيص المسك في رأسه ولحيته. حديث متفق عليه وكونها ترى وبيس المسك في رأسه ولحيته يدل على انه يصبه صبا ويكثر منه صلى الله عليه وسلم ولكن لا يجوز للمحرم ان يلبس ثوبا مطيبا. ولا ان يطيب ثياب احرامه. لقوله صلى الله الله عليه وسلم في شأن المحرم ولا يلبس من الثياب شيئا مسه زعفران او ورس متفق عليه فان قدر انه فعل ذلك جاهلا لزمه ان يغير ملابس احرامه او ان يغسلها حتى تذهب الرائحة منها ولا يضره لو بقي اللون مما يشرع للرجل ايضا في الميقات التجرد من الثياب المعتادة. ولبس ازار ورداء ابيضين نظيفين او جديدين. ولبس نعلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم وليحرم احدكم في ازار ورداء ونعيم رواه احمد. وقال صلى الله عليه وسلم مرخصا ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين لم يجد ازارا فليلبس السراويل متفق عليه. ففي هذا سعة لمن لم يجد النعلين ان يلبسا الخفين وهل يلزمه قطعهما الراجح والله اعلم انه لا يلزمه ذلك. فان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في حديث وليقطعهما لكن ذلك وقت وقع في المدينة ثم لما كان في المناسك اذن بلبس الخفين ولم ينوه بقطعهما. مع ان القوم الذين كانوا يستمعون اليه في المناسك اضعاف اضعاف من كان يستمع اليه في المدينة فيخرج ذلك مخرج النسخ والتيسير والسعة. اما المرأة فليس لها لباس مخصوص للإحرام. فتلبس ما شاءت من الثياب الساترة المحتشمة غير متبرجة بزينة لكن لا تنتقب ولا تلبس القفازين كما اسلفنا في ذكر محظورات الاحرام فاذا فرغ مريد النسك رجلا كان او امرأة مما مضى احرم بمعنى نوى الدخول في على نحو ما سنبينه لاحقا ان شاء الله. ويستحب ان يقع احرامه عقب صلاة مفروضة. ان وافق وقتها او نافلة ينوي بها سنة الوضوء. وذلك انه ليس للاحرام في صلاة خاصة على القول الصحيح. وانما احرم نبينا صلى الله عليه وسلم اثر صلاة مفروضة فمن اتى الميقات ووافق ذلك وقت الصلاة فليتهيأ بالاغتسال التجرد ولبس ازار ورداء. وتلبس المرأة ما تشاء. ثم يؤدي تلكم الصلاة المفروضة. فاذا فرغ منها احرم وان لم يوافق ذلك صلاة مفروضة فانه يصلي ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء. او يصلي ان كان قد قدم ضحى ركعتين ينوي بهما سنة الضحى ويجعل احرامه عقبهما والاحرام هو نية الدخول في النسك. لا مجرد لبس ملابس الاحرام كما يظن كثير من العامة ينوي بقلبه ويلبي بلسانه بما اراد من نسك. قال ابن عباس رضي الله عنهما اوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من صلاته ثم خرج ومراده بقوله اوجب اي احرم قال فلما ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته واستوت به قائمة اهل فادرك ذلك منه قوم فقالوا اهل حين استوت به راحلته. وذلك انهم لم يدركوا الا ذلك ثم سارة حتى على البيداء فاهل فادرك ذلك منه قوم. فقالوا اهلا حين على البيداء؟ رواه ابو داوود وبذلك يزول الاشكال والتعارض الظاهري بين مختلف السياقات في حكاية احرامه صلى الله عليه وسلم. وان كلا حدث بما رأى وما سمع ويستحب لمن كان يخشى عائقا يمنعه من اتمام نسكه ان يشترط عند احرام لما روت عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها فقالت يا رسول الله اني اريد الحج وانا شاكية. فقال حجي واشترطي. فان لك على ربك شرطتي وفي رواية حجي واشترطي ان محلي حيث حبستني. متفق عليه اين يقع المانع؟ يستفيد المشترط فائدتين اولاهما التحلل من احرامه. الثانية سقوط دم الاحصاء واما من كان لا يخشى مانعا ولا عائقا فلا يشرع له الاشتراط. ولا حرج ان تشترط المرأة ان كانت تخشى نزول الحيض لا سيما ان كانت تخشى فوات الرفقة وان يرجع رفقتها قبل ان تطهر. فلا حرج ان تشترط هذا واسأل الله سبحانه وتعالى ان يبلغنا واياكم ما نرجوه من خير الدنيا والاخرة وصلى الله وعلى نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وتزودوا فان خير الزانقون