بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد اعلموا ان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ايها الاخوة في الله نحمد الله سبحانه وتعالى الذي من علينا بهذا الاجتماع المبارك في بيت من بيوت الله وفي هذا المسجد من مساجد اهل السنة والجماعة فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل اجتماعنا هذا خالصا لوجهه الكريم نافعا لنا جميعا في الدنيا والاخرة ايها الاخوة في الله مجالسنا كما هو معلوم من مجالس اهل السنة والجماعة انها مذاكرة لكلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام بما يأملون ان الله جل وعلا ينفع به ونتذاكر واياكم في هذه الليلة المباركة حول فقرة واحدة من حديث عظيم قليل الالفاظ عظيم المعاني وهو ما اخرجه الامام مسلم رحمه الله عن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله تعالى يحب العبد التقي الغني الخفي فهذه ثلاث خصال اذا وجدت في عبد احبه الله سبحانه وتعالى ان يكون غنيا اي في قلبه فالغنى غنى القلب وان يكون تقيا لله جل وعلا وان يكون خفيا لا يحب الظهور ولا يحب الشهرة ولا يحب ان يلفت انظار الناس اليه وهذا الذي سنتحدث عنه باذن الله تعالى في هذه الليلة كيف يحرص المسلم ان يكون عبدا خفيا عبدا يسعى الى اصلاح حاله بينه وبين الله وان كان الناس لا يعلمون ذلك يسعى ان يكون عبدا له منزلة عند الله سبحانه وتعالى ولو لم تكن له منزلة عند الناس غاية همه ان يرظي الله وان ينظر الله تعالى اليه وهو في طاعته وان لم ينظر اليه الناس وهذه خصلة لا تكون الا في مؤمن صادق الايمان هذه الخصلة العظيمة لا تكون الا في مؤمن يريد وجه الله والدار الاخرة. فلا يمكن ابدا ان من يريد حطام الدنيا يكون خفيا ولا يمكن ابدا في من يريد الرياء والسمعة ان يكون خفيا فالخفي هو عبد غاية همه رضا رب العالمين غاية همه ان يصلح حاله بينه وبين الله والله تعالى يحب العبد الخفي يعمل الاعمال الكثيرة لا يشعر بها الناس كثير عمله وقليل ظهوره كما كان السلف رحمهم الله ورضي عنهم كانوا كثير العمل قليل الظهور والذكر لذلك العمل وحالنا والعياذ بالله قلت اعمالنا فاحببنا اظهارها لتكون كثيرة كان السلف اعمالهم الصالحة كثيرة جدا وكانوا يسعون اشد السعي في اخفائها وظهر منها الشيء الكثير مع ان اعمالهم اكثر ونحن قلت الاعمال الصالحة ضعفت ومع ذلك يسعى كثير في اظهارها لاجل ان يرى الناس ان عنده اعمالا صالحة فالله تعالى يحب العبد الخفي الذي يعمل ولا يشعر به احد تراه في مجال العلم مجتهدا في العلم لا يسمع الناس له حسا لا تراه الا مقبلا على العلم والخير والطاعة تراه في الصيام وفي القيام مقبلا على ذلك مجتهدا فيه تراه في باب الجهاد في سبيل الله والشجاعة ومواجهة الاعداء على احسن ما يكون ولا يعلم الناس به هنيئا لمن رزقه الله سبحانه وتعالى ذلك جاء في حديث ابي هريرة الذي في صحيح البخاري الذي اوله تعس عبد الدينار تعيس عبد الدرهم الى ان قال عليه الصلاة والسلام في الحديث طوبى لعبد اخذ عنان فرسه في سبيل الله اشعث رأسه مغبرة قدماه ان كان في الساقة اي مؤخرة الجيش كان في الساقة لا يبالي وان كان في الحراسة كان في الحراسة ان استأذن لم يؤذن له اذا استأذن يدخل على القادة على الكبار لا يأذنون له وان شفع لا يشفع لا تقبل شفاعته فتأمل هذا العبد اخذ عنان فرسه في سبيل الله ان يجاهد على فرسه كل من سمع جهادا كان في الصف الاول اشعث رأسه مغبرة قدماه لعظيم ما يبذله من الاعمال في الجهاد في سبيل الله ولانه لا يريد ان يظهر بمظهر من مظاهر الكبراء لا يبالي اين وضع اخلاص عنده لا يريد ان يكون في الاماكن التي يظهر فيها ان جعلوه في مؤخرة الجيش بقي في مؤخرة الجيش وقام بعمله احسن قيام وان جعلوه في الحراسة ولا يأذنون له في حضور القتال اصلا قام في الحراسة وقام بها خير قيام ولا يبالي اهم شيء ان هذا الموضع يرظى الله تعالى به عنه فيقوم به ومع ذلك لا يعرفه الناس لا يعرفه الناس لكن الله جل وعلا يعرفه الله جل وعلا يعرفه اذا استأذن لم يؤذن له اذا استأذن في دخوله على الملوك على اصحاب المناصب لا يأذنون له شخص غير معروف مع ان عمله في الواقع عمل عظيم عنده صدق واخلاص. ولكنه لا يعرف متخفي باعماله واذا شفع لم يشفع اي لا تقبل الناس شفاعته. ليس له تلك الوجاهة او المنزلة ولكن عند الله سبحانه وتعالى له منزلة عظيمة فاذا هذا هو العبد الخفي الذي يحبه الله سبحانه وتعالى ليس له هم في ظهور او شهرة همه ان يرضي الله جل وعلا وكم من انسان كاسد عند الناس ليس له منزلة لكن لو عند الله المنزلة العظيمة قال النبي صلى الله عليه وسلم رب اشعث مدفوع بالابواب يرده الناس من ابوابهم ويدفعونه لو اقسم على الله لابره لو اقسم على الله لابر الله تعالى قسمه لان له عند الله تعالى منزلة عظيمة فاهم شيء ان يكون الانسان له عند الله منزلة ان يكون له عند الله تعالى مكانة عظيمة وان لم يكن له عند الناس كذلك والله تعالى يحب العبد الخفي فليجاهد الانسان نفسه على اخفاء طاعته وعلى اخفاء اعماله ولا يبتأس سيرفع الله قدره والله سيرفعه الله وسيعلي شأنه ما دام ان همه في رضا الله جل وعلا سيرفع الله تعالى قدره وان لم يعلم الناس ما يقوم به وان استخفى نجد ان الله سبحانه وتعالى وكذلك نبينا عليه الصلاة والسلام في السنة مدح اخفاء العمل في كثير من المواظع قال الله سبحانه وتعالى ان تبدوا الصدقات فنعم ما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم. والله بما تعملون خبير فاذا ابديتم الصدقة واظهرتموها وكان في ذلك مصلحة من اظهارها فنعم ما هي واذا اخفيتموها ولم تظهروها فهو خير وافضل وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم فاخفاء الصدقة على الفقراء والمحتاجين والمساكين افضل من ابدائها اعون على الاخلاص واستر لذلك الفقير او المسكين الذي تتصدق عليه وهكذا لها فوائد عظيمة فمدح الله سبحانه وتعالى الذين يخفون الصدقات ويعطونها الفقراء وان فعلهم هذا اخير وهكذا جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله ومنهم رجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى من شدة اخفائها لا تعلم شماله ما تنفق يمينه رجل تصدق بصدقة فاخفاها عن الناس وسترها عنهم حتى لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه مع قربها منها لان همه ارظاء الله جل وعلا اهم شيء يعرف الله ويعلم الله انه عمل هذا العمل الصالح وان لم يعرفه الناس ووالله لو عمل الانسان عملا في جوف صخرة لعلمه الله ولنشر له بذلك ذكرا حسنا بين الناس حكمة الله جل وعلا ومن حاول اظهار عمله شوه الله تعالى سمعته كما جاء في الصحيحين عن جندب ابن عبد الله من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به الذي يسمع باقواله يقول الاقوال ليسمعها الناس يسمع الله به يجعل في قلوب الناس واذانهم ان هذا كاذب ومن يرائي يرائي الا به فتجد كلامه يظهر عليه اثر عدم الصدق والاخلاص فيه يسمع الله تعالى به والذي يستخفي بعمله الصالح ويسعى في ستره عن الناس لاخلاصه لله جل وعلا ينشر الله تعالى له طيب الذكر بين الناس وصدق اللهجة والثناء الحسن لاخلاصه لله سبحانه وتعالى رجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم تصدق بصدقة فاخفاها اي هذا محمود اخفاء العمل الصالح الذي ليس في اظهاره مصلحة هذا امر محمود صلاة الليل فضلت على سائر صلاة النافلة لانها خافية عن الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم افضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل لا يرى الانسان فيها احد يقوم يتوضأ ويصلي ربما كان الجو باردا فيصلي ولا يراه الناس ربما كان مرتاحا في نومه فيترك نومه ويقوم فضلت هذه الصلاة العظيمة لانها خافية عن اعين الناس لا يطلع عليه الناس فيها ولذا ترى الذي يقوم في تلك الصلاة ويجاهد نفسه عليها يجد لذة الايمان وحلاوة تلك الطاعة التي يعملها لله سبحانه وتعالى لان الدافع لها هو ارادة وجه الله فالاعمال تعظم اذا سعى العبد في اصلاحها واخلاصها واخفائها عن الناس ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله فائدة وهو يشرح صلاة داوود كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو انه كان ينام اول الليل ثلثه ثم يقوم كان ينام نصف الليل ثم يقوم ثلث الليل ثم ينام سدسه. وان هذه الصلاة هي افضل صلاة وهكذا كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي حتى اذا قرب اخر الليل اوتر ونام حتى يأتي بلال يوقظه لصلاة الفجر قال الحافظ ابن حجر ومن فوائد هذه الصلاة انها اعون على الاخلاص واخفى عند الناس فانه يصبح الى بين الناس الى المسجد لصلاة الفجر وعلى وجهه وعينيه اثار النوم فلا يظن من يراه انه بات مصليا بل يرى اثار النوم في وجهه ويظهر للناس انه نائم الى ان جاء يصلي الفجر وهو قد بات مصليا لله سبحانه وتعالى ولكن كان في تلك النوم قبل الفجر اخفاء لذلك العمل فعظمت تلك الصلاة عظمت منزلته وصارت افضل صلاة صلاة نبي الله داوود وهي صلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام لانها اخفى عن الناس فالانسان اخواني في الله مرغب الا يتظاهر باعماله الصالحة الا يستكثر بها امام الناس فانه والعياذ بالله الاستكثار بالاعمال ومحاولة اظهارها دليل على الاعجاب بها انه معجب باعماله ولذا يريد ان يظهرها للناس علينا ان نجاهد انفسنا في اخفاء اعمالنا الصالحة حتى تكون اعظم تكون اشد اخلاصا لله جل وعلا فوالله ان العمل كلما كان خافيا كان اشد اخلاصا وكلما ظهر وكان امام الناس احتاج الانسان الى جهاد اكثر ان يجاهد نفسه على الاخلاص وهكذا اذا كان العمل خافيا امن الانسان العقب فان الانسان انما يحصل له العجب باعماله التي تظهر اما ما كان خافيا عن الناس فانه ينتفي عنه العجب باذن الله انظر الى السلف كيف كانوا حريصين على اخفاء العمل كثير من سلفنا من الصحابة ومن بعدهم كانوا لا يريدون ظهور اعمالهم للناس جاء في الصحيحين عن ابي موسى رضي الله عنه حين حدث عن غزوة ذات الرقاع قال غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزة وكنا ستة نفر بيننا بعير نعتقده. اي الغزاة كثير ولكن هؤلاء الستة معهم بعير واحد يعتقدونه ان يركبون بالدور يركب واحد وخمسة يمشون ثم يركب الثاني والخمسة يمشون ثم يركب الثالث والخمسة الباقون يمشون ما عسى ان يركب اذا كانوا ستة على بعير واحد قال حتى نقبت اقدامنا اي تشققت وتقرحت من اسفلها وحتى نقبت قدمي وسقطت اظفاري وكنا نأخذ الخرق ونلفها على ارجلنا فسميت تلك الغزوة غزوة ذات الرقاع لاننا كنا نلف الرقاع على ارجلنا قال ابو بردة ثم ندم ابو موسى ثم ندم انه حدث بهذا الحديث فقالوا له لما ندم؟ قال يخشى ان يكون شيئا من عمله الصالح افشاه للناس هو يحدث عن هذه الغزوة وما حصل المسلمين فيها من الشدة ثم كره انه حدث بذلك وندم انه حدث بما حصل لهم لانه كان عملا مستورا فكره انه يكون افشى ذلك العمل الصالح حتى سقطت الاقدام وتشققت حتى سقطت الاظفار وتشققت الاقدام وتقرحت ومع ذلك ندم ابو موسى انه حدث بهذا الحديث وهكذا جاء في صحيح مسلم عن عمر رضي الله عنه انه كان يسأل من يأتي من اليمن يسأل امداد اهل اليمن عن اويس ابن عامر القرني الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم خير التابعين رجل يأتي من اليمن اسمه اويس بن عامر وقال من لقيه منكم يقول للصحابة هذا فليسأله يستغفر له وكان عمر كلما جاءه امداد من امداد اهل اليمن سألهم هل فيكم اويس ابن عامر حتى جاءه بعض الامداد مرة وقال هل فيكم اويس؟ قالوا نعم. فدعاه قال انت اويس ابن عامر قال نعم قال انت من مراد من قبيلة مراد ثم من قرن قال نعم قال كان بك برص فدعوت الله فاذهبه عنك الا موضع درهم قال نعم قال هل لك والدة؟ قال نعم. اذا هذه الاوصاف التي وصفه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له عمر استغفر لي عمر مبشر بالجنة يطلب من اويس بن عامر ان يستغفر له فقال له انت استغفر لي. انت عمر انت امير المؤمنين استغفر لي انت قال اني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يأتي عليكم اويس بن عامر مع امداد اهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فدعا الله فاذهبه الى موضع درهم. له والده وبها بر فمن لقيه منكم فليستغفر له فاستغفر له اويس ثم قال له عمر اين تريد الى اين انت متوجه قال الى الكوفة قال اكتب لك الى عامل الكوفة الى امير الكوفة يعظمه يرفع قدرك انت اويس الذي حدثنا عنك الرسول عليه الصلاة والسلام واخبر انك خير التابعين اكتب لك كتابا اذا قدمت على امير الكوفة تعطيه اياه يرفع مقامك وما قال اويس قال يا امير المؤمنين اكون في غبراء الناس احب الي لا اريد اظهر اكون في سائر الناس في اقل الناس منزلة وطبقة احب الي لا اريد ان توصي بي الامراء لا اريد ان توصي بي عامل الكوفة ليظهر قدري اكون في غبراء الناس احب الي هذا شأن السلف والله قوي ايمانهم قوي ايمانهم فكانوا بهذه المنازل عرفوا حقيقة الناس وان الناس ولو رفعوا الانسان ربما سيأتي يوم الذي كان يرفعه يلعنه لكن الله تعالى من رفعه الله هو الذي يكون مرفوعا واما الناس ان رضي عنك اليوم ربما سخط عنك غدا هكذا انظر الى استخفاء بالعمل ما جاء في قصة حصين بن عبد الرحمن في صحيح مسلم واصل الحديث في الصحيحين حين كان عند سعيد بن جبير فقال سعيد بن جبير ايكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة كوكب نجم سقط في الليل فرأى سعيد ابن جبير فسأل اصحابه الذين عنده وتلامذة من التابعين ايكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة قال حسين بن عبد الرحمن انا ثم انظر ماذا قال لانه يتبادر الى الذهن ما دام انه رأى الكوكب اذا كان مستيقظا في الليل. اذا كان يصلي. كان يدعو الله. كان يقرأ القرآن. كان يذكر الله فخشي ان يذهب ظن الناس الى هذا الامر وقال انا رأيته ثم قال اما اني لم اكن في صلاة ولكني لدغت عقرب او حي فاستيقظ لا يريد انه يحمد بشيء لم يفعله لا يريد ان يظهر انه كان على عمل صالح وهو لم يكن على عمل صالح الواحد منا اليوم يفرح ان الناس يظنون انه كان على عمل صالح يفرح اذا حسب الناس انه كان على طاعة وهذا التابعي رضي الله عنه ينفي هذا الوهم حتى لا يظن به الناس انه في ذلك الوقت من اهل الطاعة وهو كان من اهل الطاعة فلا يتحرى مثل هذا الكلام الا انسان ممن يريد وجه الله اما اني لم اكن في صلاة ولكني لدغت اي لدغني بعض ذوات السموم لدغني ما ايقظني من نومي فرأيت الكوكب الذي انقض لاني استيقظت وهكذا كثير تعدد من حال السلف رضي الله عنهم وكيف كانوا يسعون في اخفاء العمل والله ان الواحد منهم كان يعمل اعمالا اعمالا لا يقدر عليها اعداد من الناس بعدهم ومع ذلك يستخفي بها ولا يراها شيئا مهما قدم لا يرى عمله شيئا انظر الى عمر رضي الله عنه في حادثتين حصلتا له وكلاهما في صحيح البخاري لما طعن دخل عليه الناس يثنون عليه ويذكرونه بالخير ويبشرونه حتى دخل عليه شاب من الانصار وقال يا امير المؤمنين ابشر ببشرى الله كان لك من القدم في الاسلام ما قد علمت انت من السابقين للاسلام ثم صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم واحسنت صحبته ثم وليت فعدلت ثم شهادة بعد ذلك كله يثني على عمر انت من السابقين الاسلام سبقت الى الاسلام صحبت الرسول عليه الصلاة والسلام وكنت معه توليت الخلاف وعدلت وبعد هذا كله شهادة تطعن وانت تصلي ماذا اجاب عمر هذا الشاب من الانصار قال يا ابن اخي والله والله لوددت اني وذلك كفاف لا علي ولا لي كل هذه الاعمال التي ذكرتها ايها الشاب سبق الى الاسلام والصحبة والخلافة والعدل والشهادة ارجو ان القى الله كفاف ليس علي ذنب ولا لاجر خوف عظيم من الله جل وعلا مع اعماله العظيمة من يعمل مثل عمر عجز الناس ان يعملوا بعده مثل عمله في كل المجالات علما وفقها وعبادة وجهادا وعدلا وانفاقا في سبيل الله ونصرة للاسلام وصبرا ومع ذلك يريد ان يلقى الله كفاف جاء ايضا في صحيح البخاري ان عبد الله ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما قال لابي بردة ابن ابي موسى الاشعري قال له تدري ما قال ابي لابيك ابن عمر يقول اتدري ما قال ابي يعني عمر لابيك ابي موسى الاشعري قال وما قال له قال ان ابي قال لابيك يا ابا موسى ايسرك ان جهادنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وعملنا معه برد لنا اي ثبت لنا اجره وسلم لنا وان ما وراء ذلك نكون فيه كفافا لا علينا ولا لنا عمر يسأل ابا موسى يقول الاعمال التي عملنا مع رسول الله الهجرة الجهاد الاعمال الصالحة الاسلام هل ترضى انها هي تسلم لنا ويثبت لنا فيها الاجر وما سواها من الاعمال ليس علينا فيه اثم ولا لنا فيه اجر قال ابو موسى لا والله قد جاهدنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا وصمنا واسلم على ايدينا بشر كثير وعملنا اعمالا كثيرة وانا لنرجو ذلك قل بعد الرسول قد عملنا اعمال كثير نرجو ان الله يأجرنا عليها. ان الله تعالى يأجرنا عليها فماذا قال عمر؟ قال اما انا فوالذي نفسي بيده لوددت ان عملي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم برد لي وان ما وراء ذلك كفاه لا علي ولا لي فقال ابو بردة ابن ابي موسى حين سمع ذلك قال والله لابوك كان خيرا من ابي اي اعلم منه واعقل منه عمر الذي فتح الله به البلاد كسر به كسرى فتح الله تعالى به كثيرا من البلدان. قال في اخر حياته كما في الصحيح البخاري قال والله لان حييت لادعن ارامل العراق لا يحتاجن الى احد بعد الله غيري كل هذه الاعمال العظيمة يتمنى انها كفاف ليس له فيها اجر وليس عليه منها اثم الواحد منا اليوم يعمل اعمالا قليلة سيظل يتفاخر بها ويظل يمن بها على الله وعلى الناس انا قد عملت وانا قدمت وانا من الاولين في باب الجهاد او من الاولين في باب الدعوة الى الله او من الاولين القدامى في باب طلب العلم يا اخي عمر يريد ان يكون كفاف من كل تلك الاعمال التي عملها ونحن نفخر بالعمل اليسير ونحن نرى العمل اليسير كثيرا ماذا قدمنا لهذا الدين ولهذا الاسلام حتى نفخر او حتى نظهر هذه الاعمال اذا كان امير المؤمنين رضي الله عنه يقول هذا الكلام فلا يحق لنا بعد ذلك ان نسعى في اظهار شيء من اعمالنا او نفخر به او نعده عملا لا سيما اهل العلم فان الواجب عليهم عظيم ليسوا كغيرهم مهما عمل طالب العلم والعالم مهما عمل فعمله قليل بالنسبة لما كلفه الله ولما اوجب الله تعالى عليه ولما هو محمل من الامانة العظيمة فالانسان اخواني في الله يعرف قدر عمله ولا يحب الظهور به بل يحاول اخفاء عمله يحاول ستر عمله عن الناس هو ادعى لاخلاصه العمل اذا كان خافيا كان اخلص لله جل وعلا العمل اذا كان سرا بينك وبين الله كان احق الا يكون في للخلق نصيب بل يكون خالصا لوجه الله جل وعلا العمل اذا كان بينك وبين الله فهو اولى واجدر الا تغتر به والا يحصر لك به اعجاب ولا فخر والا يحصل لك اعتداد بهذا العمل مهما فعلت فنجاهد انفسنا اخواني في الله على ستر الاعمال الصالحة وعلى اخفائها عن الناس فان الله تعالى يحب العبد الخفي يحب العبد الخفي ومهما قدمنا مهما فعلنا من اعمال صالحة لا نظن ان ذلك كثير مقابل ما انعم الله تعالى علينا من النعم مقابل ما نحن فيه من نعم الله وفضل الله وخير الله جل وعلا فكيف بعد ذلك يسعى مسلم الى فخر بعمله او يحب ان يمدح به او يثنى عليه فيه او يحاول اظهاره واشهاره للناس الله جل وعلا اخبر ان الذي يحب يحمد بالشيء الذي لا يعمله المنافقون لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب. مفاز النجاة اي لا تحسبنهم في نجاة من العذاب ولهم عذاب اليم اناس اعمالهم قليل ومع ذلك يحبون ان يحمدوا بهذا القليل او بما لم يعملوا هذا اخبر الله تعالى به عن المنافقين. كما في سبب نزول هذه الاية في الصحيحين عن ابي سعيد رضي الله عنه ان رجالا من المنافقين كانوا اذا خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من الجهاد تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا له واحب ان يحمدوا وان يثنى عليهم بالجهاد الذي لم يفعلوه فاخبر الله تعالى ان هذا الصنف في عذاب لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب لا تحسبنهم في نجاة من العذاب ولهم عذاب اليم وجاء في الصحيحين عن اسماء رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور متشبع اي متكثر بالشيء الذي لم يعطى ولم يفعل يتكفر بالعلم ولا علم عنده يتكفر بالخير ولا خير عنده يتكفر بالطاعات ولا طاعة عنده تستحق ان يتكفر بها المتشبع بما لم يعطى بالشيء الذي لم يعطه ولم يحصل عليه تلابس ثوبي زور. كانسان لبس ثوبين ليسا ثيابا له يوهم الناس انها ثيابه يزور على الناس بها فلا تتشبع بالشيء الذي لم يعطى جاء في صحيح مسلم ايضا عن ثابت ابن الضحاك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ادعى دعوة يتكفر بها لم يزده الله الا قلة او قال الا ذلة من يدعي دعوة من علم او صلاح او طاعة او خير او فضل او منزلة يتكثر بها يتكفر بها ويظهرها لم يزده الله تعالى الا قلة يزداد بذلك التكثر قلة يريد ان يظهر عند الناس انه صاحب شيء كثير من العلم او الصلاح او الطاعات او الخير فلا يزيده الله تعالى الا قلة وكلما حاول يتكثر زاده الله قلة وصغارا في اعين الناس فعلينا اخواني في الله ان نجاهد هذه النفس الا نجعل هذه النفس تعتد بهذه الاعمال. مهما عملنا فنعم الله علينا اعظم مهما عملنا فما من الله تعالى به علينا اكثر مهما عملنا لا سيما طالب العلم حامل هذا العلم مهما عمل فالواجب عليه اعظم فان الله تعالى اوجب على اهل العلم ما لم يوجب على غيرهم في كثير من الابواب فلنجاهد انفسنا على ستر العمل واخفائه وعلى مجاهدة النفس ان تكون اعمالنا التي هي في حال غيابنا عن اعين الناس اكثر من اعمالنا حين نبرز للناس والله لو جاهدنا انفسنا على ذلك لصلح الحال ان يجاهد الانسان نفسه على ان تكون اعماله الصالحة التي يفعلها في حال غيبته عن الناس اكثر واعظم من اعماله التي يعملها امام الناس لكان هذا قائدا له الى الخير باذن الله سبحانه وتعالى فان الله جل وعلا يحب العبد الخفي يحب العبد الخفي الذي يحاول اخفاء اعماله الصالحة ويرضي بها ربه جل وعلا اسأل الله جل وعلا ان ينفعني واياكم بما قلنا وسمعنا في هذه الليلة المباركة وان يرزقنا الاخلاص في القول والعمل انه على كل شيء قدير. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك