مع الانسان الى قصص اولئك الذين اسلموا ودخلوا في دين الله عز وجل وبيان السبب الذي دعاهم الى دخول هذا الدين لا شك انه مما يثبت الانسان على دينه ويكون الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فأرحب بكم اخوتي الأعزاء في لقاء جديد نتدارس فيه الايام الخالية التي مضت من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ايام العز والشرف ايام نصرة دين الله عز وجل. نتذاكر فيها سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرة اصحابه الاجلاء لنقتدي بهم ولنسير على طريقتهم كما قال جل وعلا والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها نعم نتدارس تلك السيرة سيرة الصحابة كيف لا وهم من جاءت النصوص ببيان فظلهم ورفع مكانتهم؟ يقول الله جل وعلا لقد رضي الله وعن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة ويقول سبحانه وتعالى محمد رسول الله. والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركاعا سجدا الاية ومن الاحاديث التي نستلذ روايتها ونستطعمها احاديث احاديث اسلام اولئك القوم كيف هداهم الله عز وجل؟ وكيف استجابوا لدعوة الحق؟ وكيف تركوا ما اعتادوه قبل ذلك من طرائق جاهلية بعبادة الاوثان من اشجار واحجار الى عبادتي رب العباد سبحانه وتعالى. ولعلي في هذا اليوم اذكر قصة طريفة تتعلق باسلام الصحابي الجليل ابي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه حكاها ابن عباس. يقول ابن عباس رضي الله عنهما الا اخبركم باسلام ابي ذر فقال من حوله؟ نعم بلى فقال قال لي ابو ذر كنت رجلا من غفار وهي قبيلة من القبائل فبلغنا ان رجلا قد خرج بمكة يزعم انه نبي فقلت لاخي يقول ابو ذر لاخيه اركب الى هذا الوادي وانطلق الى هذا الرجل فاسأل الذي يزعم انه هو نبي يأتيه الوحي والخبر من السماء فاعلمني بخبره و بين لي علمه وحاله واسمع من قوله ثم ائتني بخبره كان ابو ذر حريصا على الهداية راغبا فيها ويعرف ان الطريقة التي يسيرون عليها ليست بطريقة صحيحة ولذلك اراد ان يستقصي وان يسمع مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم بدون ان يستجيب لتلك الاشاعات التي كان يثيرها اهل مكة حول النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابو ذر فانطلق اخي فلقي النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع الينا فسأله ابو ذر ما عندك ما هو الخبر الذي لديك فقال اخوه والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير ويأمر بمكارم الاخلاق وينهى عن الشر وسمعت منه كلاما ما هو بالشعر فقال ابو ذر رضي الله عنه لاخيه لم تشفني من الخبر. ما شفيتني مما اريد فلذلك قرر ابو ذر رضي الله عنه ان ينطلق ليسأل احوال النبي صلى الله عليه وسلم قال ابو ذر فاخذت جرابا وعصى وشن الجراب نوع من انواع ما يوضع فيه الاطعمة والشنة قربة يوضع فيها الماء قال اخذت جرابا وعصى وشن فيها ماء ثم اقبلت الى مكة فجعلت لا اعرفه واكره ان اسأل عنه يخشى ان يتفطن له اهل مكة وبقيت اشرب من ماء زمزم واقول في المسجد حتى ادركني بعض الليل قال فمر بي علي ابن ابي طالب رضي الله عنه فقال علي له لابي ذر كأن الرجل غريب قال فقلت نعم فقال علي انطلق الى المنزل قال فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا اخبره وما لا يعلم ما حالي فبات ابو ذر في بيت علي رضي الله عنه. قال ابو ذر فلما اصبحت غدوت الى المسجد وظللت في المسجد لا اسأله عنه وذلك انه خشي ان يتفطن له اهل مكة قال واحتمل قربتي واحتمل آآ قربتي وانتظر ان يخبرني احد من الناس بما يقع تجاه النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد ان يسأل عنه ابتداء وانما يريد ان يصل اليه الخبر وان يستمع اليه وان يقابله ليأخذ الخبر اه منه مباشرة. المقصود انه عاد الى المسجد مرة اخرى ولم يعلم خبر هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. ماذا فعل وكيف كانت نتيجته لعلنا ان نتكلم عنها بعد الفاصل بارك الله فيكم. حياكم الله بعد هذا اصل ذكرنا شيئا من وقال قصة اسلام ابي ذر رضي الله عنه حينما ارسل اخاه ليستكشف له خبر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعطه معلومة كاملة تشفي نفسه فقرر ان يذهب بنفسه. جاء الى المسجد وجلس فيه وقابله علي رضي الله عنه فدعاه الى بيته فاكرمه وبات عنده فلما اصب عاد الى المسجد وبقي في المسجد لا يوجد احد يخبره خبر النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يريد ان يسأل عنه وظل ذلك اليوم في المسجد. وهو لا يرى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يراه النبي صلى الله عليه وسلم. حتى جاءه المساء فعاد الى الموطن الذي هيأه لمبيته في المسجد في الليلة الماضية قال فمر به علي رضي الله عنه في الليلة الثانية فقال علي رضي الله عنه اما ان للرجل ان يعلم منزله بعد قال ابو ذر فقلت لا فقال علي رضي الله عنه انطلق معي انظري الى كرم الصحابة وحرصه على ان يجعل له مكانا يأويه ليقوم بضيافته قال فقام معه فذهب وهو لا يسأله عما عنده ولا يسأله عن اسمه ولا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء وبات عنده ولما اصبح عاد الى المسجد حتى اذا كان اليوم الثالث قال فعاد علي على مصر ذلك. فاقام معه ثم قال له علي رضي الله عنه الا تحدثني ما امرك ما الذي اقدمك هذه البلد؟ البلدة اراد ان يعرف شأنه وان يعرف السبب الذي من اجله قديما قال فقلت له ان كتمت علي واعطيتني عهدا وميثاقا ترشدني فعلت واخبرتك وذلك انه خشي من اهل مكة لان اهل مكة كانوا يتكلمون في رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدحون فيه ويصدون يعني الاستجابة له ومع ذلك اظهره الله. وهكذا دعوة الحق واهل الحق والصدق يظهرهم الله عز وجل مهما ما كادهم من يكيدهم قال علي رضي الله عنه اني افعل. يعني وعده بان يكتم عليه ووعده بان يرشده فاخبره ابو ذر واخبره بقصته وانه ارسل اخاه وانه لم يشفه وانه قدم اه اليه. فقال له بلغنا انه قد خرج ها هنا رجل يزعم انه نبي فارسلت اخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فاردت ان القاه فقال علي رضي الله عنه اما انك قد رشدت فانه نبي حق وهو رسول الله فاذا اصبحت فان هذا وجهي اليه. يقول اذا اصبحت انا ساذهب اليه هذا وجهي اليه فاتبعني فاذا دخلت في مكان فادخل فيه ادخل حيث ادخل. فاني ان رأيت احدا اخافه عليك فانني حينئذ ساقوم الى الحائط كانني اصلح نعلي او كاني اريق الماء وحينئذ تمضي انت وتعرف ان الوقت وقت مخوف فان مضيت ولم اتوقف عند شيء من الجدران فحينئذ فاتبعني حتى تدخل معي وتدخل مدخلي قال ابو ذر فمضى علي رضي الله عنه ومضيت معه. فانطلقت اقفوه حتى دخل ودخلت معه على النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ولقيه ورآه. قال ابو ذر للنبي صلى الله عليه وسلم اعرض علي اسلام بين لي ما هو هذا الدين وما هي حقيقته قال فعرض النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدين على ابي ذر و سمع من قول النبي صلى الله عليه وسلم واستمع للايات القرآنية التي هي خطاب من رب العزة والجلال للبشر. تهز الافئدة هزا. وتحرك الظمائر تحريكا شديدا قال ابو ذر فاسلمت مكاني لما سمع هذه الايات القرآنية وما فيها من الخطاب ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم يا ابا ذر اكتم هذا الامر اكتم هزا الامر وارجع الى بلدك وارجع الى قومك فاخبرهم يعني ادعهم واخبرهم بما رأيت من حالي حتى يأتيك امري فاذا بلغك ظهورنا فاقبل يعني ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبره ان امره سيظهر وانه سيكون له قبول وانتشار. وانه سيكون له مكانة. وهذه معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في كونه اخبر بما سيؤول اليه امره من جهة وفي كونه قد اظهره الله عز وجل ونصره. مع انه كان مستخفيا كان وحيد واتباعه قلة وكان يضاده قومه مع ما لديهم من قوة وقدرة. ومع ذلك اخبر النبي صلى الله عليه اي وسلم ابا ذر بانه سيظهره الله عز وجل على قومه. وهكذا سنة الله في الكون انه يظهر اهل الحق وينصرهم ان الله يدافع عن الذين امنوا. قال تعالى يريدون ان يطفئوا نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون. هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ولعلي ان اتي الى تمام قصة ابي ذر بعد الفاصل مرحبا بكم واهلا وسهلا في سياق قصة اسلام الصحابي الجليل ابي ذر رضي الله عنه فانه لما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم اقتنع و اسلم ودخل في دين الله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اكتم هذا الامر وعد الى قومك فبلغهم حتى يأتيك امري بان الله قد اظهر هذا الدين فاقبل لكن ابا ذر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فقال له والذي نفسي بيده والذي بعثك بالحق لاصرخن بها بين اظهرهم. يعني انني ساعلن اسلامي عند ملأ قريش لا اخاف من احد فخرج ابو ذر رضي الله عنه حتى جاء الى المسجد عند الكعبة وقريش في المسجد قد اجتمعوا فصاح ونادى باعلى صوته ابو ذر رضي الله عنه فقال يا معشر قريش اني اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله فما كان من قريش الا ان صاح صائحهم. قوموا الى هذا الصابئ قوموا فاضربوه فقاموا اليه. فاضربوه حتى اضجعوه وسقط على الارض فقال ابو ذر رضي الله عنه فضربت حتى كدت ان اموت قال فجاء العباس وادركني واكب علي واصبح يحميني ثم اقبل عليهم فقال ويلكم الست ثم تعلمون ان هذا الرجل من غفار قبيلة غفار اتقتلون رجلا من غفار؟ الم تعلموا ان طريق تجارتكم وممر قمي الى الشام يمر بقبيلة ذو فهر فاذا قتلتموه فان قومه سيثأرون وسيأخذون قبائل وسيأخذون القوافل التي ترسلونها اليه. قال فاقلعوا عني قال ابو ذر فلما اصبحت الغد اليوم الاخر رجعت الى المسجد وملأ قريش قد اجتمعوا فيه فقلت مثل ما قلت بالامس رفعت صوتي اني اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله فقالوا قوموا الى هذا الصابع فصنعوا به مثل ما صنعوا بالامس ظربوه ظربوه ظربوه حتى كاد يموت. قال فادركه العباس كما حدث منه بالامس قال وادركني العباس فاكب علي وقال مثل مقالته بالامس اتقتلون رجلا من غفار تلك القبيلة التي تمر قوافلكم من طريقها وتجارتكم من طريقهم فانكفوا عنه قال فهذا اول اسلام ابي ذر رضي الله عنه. وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان ابا ازر يموت وحده ويبعث وحده. فكان كما اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بل اخبر انه يبعث امة وحده رضي الله عنه شارك مع النبي صلى الله عليه وسلم في معاركه تأخر قليلا عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك ولكنه لحقه بعد ذلك فرح النبي صلى الله عليه وسلم بلحوقه وقصص اسلام الصحابة فيها معان عظيمة وفيها ايات وبراهين. وفيها دلائل على صدق هذا الدين. ولذلك فان وسببا من اسباب تمكينه من دعوة عباد الله الى الدخول في دين الاسلام وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم زاخرة بقصص اولئك الصحابة الذين اسلموا في ذلك العهد ودخلوا في دين الله عز وجل وفيه بيان الاسباب التي دعتهم الى الايمان بهذا الدين والاستجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذلك فمن المستحسن بالانسان ان يحرص على قراءة سيرة اولئك الذين دخلوا في دين الله في الزمان الاول وفي ازمنتنا الحاضرة ولا زال الناس يدخلون في دين الله حتى في زماننا هذا فبطلت مقالة اولئك الذين قالوا ان الدين انما انتشر بالسيف فها هو في زمان النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة اسلم به طوائف كثيرة. ثم في زماننا الحاضر نجد ان كثيرة يسلمون بدون ان يكون هناك سيف على رقابهم. بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير وجعلكم الله من الهداة المهتدين من الدعاة لدينه. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين