الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فأرحب بكم ايها المشاهدون الكرام في لقاء نتذكر فيه الايام الخالية التي نستشرفها ونستفيد منها ونتدارسها لنتقرب بها لرب العزة والجلال فنكون باذن الله ممن ينادون يوم القيامة كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية احبتي ان الحوادث العظيمة التي وقعت في زمن النبوة كانت في ذلك الوقت لها تأثيرات كبيرة وكان لها صداها ولها تغيراتها وتغيراتها في المجتمعات ومن تلك الحوادث الكبيرة التي وقعت في ذلك الزمان حادثة تغيير القبلة وتحويلها من بيت المقدس الى الكعبة المشرفة وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مكة الى بيت المقدس لكنه يجعل الكعبة المشرفة بين يديه بحيث يأتي في الجهة الجنوبية فيصلي تجاه بيت المقدس ويجعل الكعبة المشرفة امامه. فيستقبل البيتين وهكذا استمر النبي صلى الله عليه وسلم في مكة على ذلك الحال حتى انتقل الى المدينة فلما انتقل الى المدينة بقي ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا يصلي تجاه بيت بيت المقدس وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه ان يصلي اتجاه الكعبة وكان اليهود يفرحون بموافقة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بكونه يصلي الى بيت المقدس لكن هذا الحكم كان له وقع كبير في النفوس حكم تحويل القبلة ولذا مهد الله عز وجل له بعدد من انواع التمهيدات فان الحكم بتحويل القبلة ورد في سورة البقرة وقبل ذلك مهد الله عز وجل له بعدد من الامور بمثابة التقدمة والتمهيد لهذا الخبر العظيم فمن ذلك ان الله جل وعلا ذكر في هذه السورة عددا من الاحكام التي لها نوع اتصال بهذا الحكم فمنها انه ذكر فضل ابراهيم عليه السلام ومكانته في قوله تعالى واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعل لكل الناس اماما و هكذا ايضا ذكر بتطهير هذا البيت ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود وذكر الله جل وعلا دعوة ابراهيم ابي الانبياء عليه السلام لهذا البيت ومن سكن فيه وربي اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات وهكذا ذكر الله جل وعلا تلك الحادثة العظيمة المتمثلة في بناء ابراهيم عليه السلام للبيت في قوله واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل والتذكير بان ابراهيم الذي بنى هذا البيت هو ابو الانبياء. وان الانبياء الذين اتوا من بعده هم من ذريته ومن ذلك كموسى وعيسى عليهما السلام وهكذا من الاحكام التي جاءت بالتمهيد لهذا الحكم العظيم المتعلق بتحويل القبلة موظوع النسخ فقد ذكر الله جل وعلا انه قد ينسخ بعض الاحكام في قوله ما ننسخ من اية او ننسها نأتي بخير منها او مثل بها لم تعلم ان الله على كل شيء قدير. وهكذا ما ذكر الله جل وعلا من كون المشرق والمغرب له سبحانه وتعالى. هذا ايضا بمثابة التمهيد لمسألة تحويل القبلة. ولله المشرق والمغرب. فاينما تولي فثم وجه الله ان الله واسع عليم وهكذا ايضا ما ذكر الله جل وعلا من شأن اولئك الذين يمنعون المساجد ويفترون على الله الكذب في ذلك فكانت هذه الاحكام بمثابة التمهيدات لهذا الحكم العظيم ثم نزلت الاية قد نرى تقلب وجهك في السماء. فلنولينك قبلة ترضاها. فول لوجهك شطرا المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرة فكان هذا الحكم الذي نزل في هذه الاية محل تندر من بعض المناوئين للنبي صلى الله عليه وسلم واصبحوا يستهزئون. يقول بعضهم لو كانت الاولى حقا فلم تركها. وان كانت الثانية هي الحق فلم لم اليها من اول الامر ما علموا ان الامر كله لله جل وعلا فنزلت الايات العظيمة سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. قل لله المشرق المغرب يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ثم ذكر فضل هذه الامة وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون اسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبعه الرسول يعني ان هذا التحويل لابتلاء الخلق واختبارهم هل يسلمون لحكم الله عز وجل او انهم يترددون ويشككون في ذلك لعلنا نتوقف لفاصل قليل حياكم الله اخوتي الاعزاء في ذكر هذه الحادثة العظيمة حادثتي تحويلي القبلة وهي حادثة عظيمة ذكرها الله جل وعلا في كتابه ومهد لها بانواع التمهيدات وكان مما ذكره الله جل وعلا في هذا الشأن ان قال وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق وما الله بغافل عما يعملون ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ما تبيعوا قبلتك. وما انت بتابع قبلتهم. وما بعضهم بتابع بعض نعم ما بعضهم بتابع قبلة بعض وزلك ان النصارى يصلون الى جهة المشرق وان اليهود يصلون الى جهة بيت المقدس. وبين الله عز وجل ان لكل ديانة قبلة تكون لاصحابها ولم يكن هذا من اسباب القدح في بعض هذه الديانات بسبب تغير هذه القبلة ثم ذكر الله جل وعلا ان الذين اتاهم الله الكتاب يعلمون انه الحق كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم يكتمون الحق وهم يعلمون. الحق من ربك فلا تكونن من الممترين وبالتالي ذكر ان هذه الاية العظيمة والحكم الكبير تلقاه المؤمنون بالتسليم وتوجهوا جهة الكعبة في صلواتهم وفي مقابلهم اولئك الذين شككوا في هذا الامر ولم يستجيبوا لامر الله عز وجل او من اولئك الذين يريدون ان يطعنوا في هذا النبي الكريم وفيما جاء به صلى الله عليه وسلم ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وانه الحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون. ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام. وحيثما كنتم فلوا وجوهكم شطرة لان لا يكون للناس عليكم حجة الا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني فكانت هذه الايات المتكررة في الامر بالتوجه نحو الكعبة المشرفة لتؤكد هذا الامر وتزيل ما يكون في النفوس من بقايا سابقة من كون القبلة الاولى الى جهة بيت المقدس. وفي هذا ان الانسان ينبغي به قبل ان يتخذ اي قرار له وقع في النفوس ان يمهد له وان يجعل النفوس تقبله حتى اذا جاءها قبلته ومما يتعلق بهذا انه لما نزل الوحي بتحويل القبلة استجاب المسلمون لذلك النداء الالهي. وتحولوا الى جهة في الكعبة في صلواتهم فاصبحوا يصلون لله عز وجل. والمؤمن يعلم ان شأن العبادات ان يتقبلها الانسان وان يستجيب لها. وان لا يتردد فيها باي نوع من انواع التردد. هو امر رب العزة والجلال الذي خلقنا والذي امرنا بما يعود عليه بما يعود علينا بالمصلحة والخير. وبالتالي علينا ان نستجيب له طاعة له تجلابا لرضاه ورغبة في الحصول على الاجر والثواب الاخروي ليكون ذلك من اسباب سعة وهكذا شأن المؤمن كما قال تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امر يهم فليس الدين بالاهواء والرغبات وانما الدين بالطاعة لله عز وجل. وانظر لنفسك اذا امرت من تحت يدك من مرؤوسيك او ممن يعملون لديك او من ابنائك فانظر هل ما تقبله نفسك منهم ان يستجيبوا لامرك وان يمتثلوه او ان يتشككوا فيه ويردوه اذا لم يكن موافقا لرغباتهم واهوائهم وبالتالي علينا الا تنساق انفسنا تجاه رغباتنا وشهواتنا في مخالفة امر رب العزة والجلال. كما قال سبحانه ولا تتبع الهوى فيظلك عن سبيل الله. وكما قال تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم ولذلك فالوصية للجميع ان يستجيبوا لاوامر الله مسارعين مبادرين. ولذا جاء في ثنايا ايات تحويل القبلة فاستبقوا الخيرات اينما تكونوا يأتي بكم الله. فالمسارعة والمسابقة الى هو شأن العقلاء واما التسويف والامهال فليس من شأن العقلاء في شيء ولعلنا ان نقف في فاصل قليل نستذكر فيه بعض القصص والاحوال التي وقعت للصحابة بعد تحويل القبلة حياكم الله واهلا وسهلا ومرحبا بكم في لقاء نتدارس فيه موقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من تحويل القبلة. كان شأن الصحابة ان يستجيبوا لما جاءهم من اوامر الله ومن اوامر رسوله صلى الله عليه وسلم. ولذلك لما نزل تحريم الخمر وكانوا قد اعتادوه لسنوات طوال وارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه ينادي بان الله قد حرم الخمر القوا ما في ايديهم من الخمر حتى ان سكك المدينة تسير من الخمور التي القوها ولما اخذوا لحوم الحمار وطبخوها في غزوة في غزوة آآ خيبر وكانوا محتاجين الى الطعام فارسل النبي صلى الله عليه وسلم مناديه ينادي ان الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الاهلية استجابوا وامتثلوا مع انه قد طبخت هذه اللحوم في القدور وكانت على وشك الانضاج وما ذاك الا للسمع والطاعة لله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم وبذلك كانوا ممن فاق العالم في درجات الايمان بسبب سرعة استجابتهم لاوامر الله عز وجل واوامر رسوله صلى الله عليه وسلم كان من الحوادث التي ذكرها آآ البراء بن عاشب انه ذكر ان بعض الصحابة كانوا يصلون صلاة العصر فجاء ها هم المنادي ينادي ويخبرهم بان القبلة قد تحولت فاستجابوا لذلك وتحولوا وهم في صلواتهم يقول عبدالله بن عمر بين الناس يصلون في مسجد قباء صلاة الصبح صلاة الفجر. اذ جاءهم ات فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انزل عليه الليلة قرآن. وقد امر ان يستقبل القبلة الا فاستقبلوها الا فاستقبلوها. قال فاستقبلوها في صلواتهم. وكانت وجوه الناس الى الشام. متجهين الى الى بيت المقدس فاستداروا كهيئتهم بوجوههم فتوجهوا الى الكعبة واستمر ذلك من شأنهم ومن احوالهم. فانظر الى سرعة استجابتهم رضوان الله عليهم كيف تحولوا وهم في صلواتهم وهكذا شأن الانسان ان يستجيب لاوامر الله عز وجل واوامر رسوله صلى الله عليه وسلم وانظر الى هذه الواقعة وهي تمثل نماذج من طعن اهل الديانات الاخرى في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي تعاليمه وآآ تمسل جانبا من جوانب تشكيكهم في دعوة النبوة. وكذلك تمثل جانبا من جوانب استجابة والسرعة والمبادرة الى امتثال الاوامر الالهية والنبوية من قبل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم و هكذا استمر الناس يحرصون على بناء مساجد لهم في احيائهم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلون فيها صلوات الفروض لتكون قريبة من مساكنهم. وكانوا في صلاة الجمعة يصلون مع رسول بالله صلى الله عليه وسلم. وقد امرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بان يتهيأوا لهذه الصلاة والاغتسال والتطيب مما يدل على فضيلة هذا الدين حيث كانت الطهارة جزءا من تعاليمه وكانت الطهارة عبودية يعبد الناس بها ربهم سبحانه وتعالى فيكونون بذلك ممن حصل الامرين طهارة ونظافة وفي نفس الوقت اجرا وثوابا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب اصحابه عند ذهابهم لصلاة الجمعة ان يغتسلوا وان يتطيبوا وان يكون من شأنهم تنظيف ثيابهم. وهكذا استمر عليه شأن الناس بعد ذلك. اخوتي الاعزاء ان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم كانوا يحرصون على اداء الصلوات في المساجد حتى ان الرجل لا يؤتى به يحمله اثنان يهادى بينهما ورجلاه تخطان في الارض ما يمنعه ذلك من ان يصلي مع الجماعة في المسجد. ولذلك كان من شأنهم ان يتعارفوا وان يتعاونوا وان يتعاضدوا وان يكون بينهم تواصل وتعاون على البر والتقوى. بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين