الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد ارحب بكم احبتي الاعزاء واتشرف بان يكون بيني وبينكم هذه اللقاءات التي اسأل الله جل وعلا ان تكون زخرا عنده سبحانه وتعالى وان تكون سببا من اسباب حصولنا جميعا على الاجر والثواب به تزداد حسناتنا وبه تمحى سيئاتنا باذنه جل وعلا ولذا اؤمل ان نكون ممن تذكر هذه الايام في الدنيا حال نعيمه في الاخرة بفضل الله سبحانه وتعالى. لتكون هذه الايام اياما خالية كانت من اسباب ايام السعادة الدائمة في يوم القيامة من الوقائع العظيمة التي وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الوقعة الكبيرة التي كان لها اثارها ووقعها الا وهي وقعة الخندق غزوة الاحزاب وذلك ان اهل مكة بعد ما مر بهم من احداث وغزوات تمعلقوا وقالوا لن يكفي ان نغزو المدينة واهلها وحدنا بعد ان كثرت اعداد اهل المدينة ولذا رأوا ان يعقدوا مع بعض قبائل العرب عقدا يغزون به النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فبدأ التخطيط اجتمعت قريش وجمعت عدة ورجالها وعتادها وسلاحها ثم انها ايضا تمالأت مع بعض قبائل العرب قبائل غطفان وقبائل بكر وغيرها من قبائل العرب بل امتد التآمر الى ان يصل الحال الى داخل المدينة من خلال الاتفاق مع بعض قبائل اليهود في المدينة قبيلة بني قريظة الذين كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فارسل اليهم اهل مكة يخبرونهم بجمع قبائل العرب يطلبون منهم ان يناصروهم وان ينقضوا العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فكانت مصيبة عظيمة الا وهي اجتماع قبائل العرب واليهود على النبي صلى الله عليه وسلم ثم انفتحت عليهم نافذة عداوة اخرى داخل المدينة من المنافقين الذين بدأوا يحذرون ويستهزئون ويتكلمون في ذلك الظرف العصيب وكان ذلك الوقت وقت جوع ومسغبة وكان الناس في المدينة في جوع شديد وكان ذلك الوقت ايضا وقت برد شديد فاجتمعت ثلاثة امور كل واحد منها ادهى من الاخر حينئذ امر النبي صلى الله عليه وسلم ان يحفر الخندق وكانت المدينة يحيط بها من جهة جبل احد وهو جبل عظيم يمتنع على الاعداء ان يصعدوه ومن جهتين او ثلاث اخر الحارة وهي مناطق صخرية يبدو انها من اثار الزلازل لا تستطيع الدواب ان تقطعها بسهولة ويسر لكوني كثير من احجارها كان على صفة حادة. وكانت مسافاتها بعيدة فلم يبق الا مسافة يسيرة يدخل الناس منها للمدينة عادة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم بمشورة بعض اصحابه ان يحفر هناك خندق يكون هذا الخندق صادا للمشركين عن ان يدخلوا المدينة فيستبيحوها فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق قال البراء بن عازب رضي الله عنه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاحزاب يوم الخندق ينقل معنا التراب تراب الخندق حتى لقد رأيته وارى التراب قد كان على بياض بطنه وشعر رأسه وكان انا رجلا كثير الشعر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يردد رجز عبدالله ابن الرواحة رضي الله عنه. اللهم لولا انت ما اهتدينا ولا تصدقن ولا صلينا فانزلا سكينة علينا وثبت الاقدام ان لاقينا. ان الاولى قد بغوا علينا اذا ارادوا فتنة ابينا ابينا النبي صلى الله عليه وسلم صوته بذلك فهذه ابيات تنشط الناس على العمل وتجعلهم يقومون بذلك العمل على اه خير الوجوه حينئذ استمروا في حفرهم للخندق حتى تمكنوا من حفره ماذا كان بعد ذلك وما الذي وقع بعد ذلك اليوم؟ هذا ما نذكره ان شاء الله بعد الفاصل مرحبا بكم بعد هذا اصل الذي كنا نتكلم فيه عن اجتماع اهل الكفر في السنة الخامسة لقتال النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه و بدء النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق ليصدهم عن دخول المدينة قال جابر فا عرظت كدية لهم حصاة كبيرة وشديدة فجاءوا الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال فاخبروه بهذه الكدية وانهم عجزوا عن رفعها وقال اني قائم معكم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم وبطنه معصوب بحجر وذلك انه جاءهم جوع شديد. وقد لبثوا ثلاثة ايام لا يذوقون ذواقا قال فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول شبيه الفاس فظرب في الكدية فقلب الله تلك الحجارة لتكون رملا كثيبا اهيل فلما حفر الخندق وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف مبشرا اصحابه بانه يرى قصورك قيصر وكسرى واليمن يسخر منه اولئك المنافقون يقول احدهم لا يتمكن احدنا من قضاء حاجته وهذا يعدنا بقصور كسرى وقيصر واليمن يقول جابر بن عبدالله فلما حفر الخندق رأيت في النبي صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا اي جوعا شديدا فقلت يا رسول الله ائذن لي الى البيت فذهبت الى بيتي ودخلت على امرأتي فقلت اني رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا لا صبر عليه. فهل عندك كاينين شيء من اجل ان ادعو النبي صلى الله عليه وسلم فقالت امرأته نعم عندي شعير وعندي عناق صغير الماعز فاخرجت جرابا فيه صاع شعير وكان هناك بهيمة داجن فذبحت العناق وطحنت الشعير وبدأت تطبخ اللحم جعلته في البرمة فقطعت آآ ذلك اللحم في آآ ذلك القدر ثم قالت المرأة لجابر لزوجها لا تفظحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه وانما ادعوا لي النبي صلى الله عليه وسلم قال جابر ثم ذهبت الى النبي صلى الله عليه وسلم. فجئت النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان تهيأ ذلك الطبخ قد انعجن قد انكسر العجين البرمة بين اثاث النار قد كادت ان تنضج فاتيت الى النبي صلى الله عليه وسلم فسارفته بيني وبينه لا احد يسمع. فقلت يا رسول الله طعيم لي يعني اريد ان ادعوك له. فقم انت يا رسول الله ورجل او رجلان فقال النبي صلى الله عليه وسلم كم هو؟ فذكرت له انه عناق وانه صاع شعير فقلت يا رسول الله ذبحت بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا فتعال انت ونفر معك فقال النبي صلى الله عليه وسلم كثير طيب ثم صاح النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الناس فقال يا اهل الخندق ان جابرا قد صنع طعاما لكم فحي هلا بكم ثم قال لجابر لا تنزع البرمة اي ظع القدر على النار ولا تخرج الخبز من التنور ولا تخبزن عجينكم حتى اتي ثم قال لاصحابه قوموا فقام المهاجرون والانصار فذهبت قبلهم ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد قام وقام الناس معه والتعامق قليل ودخلت على امرأتي فقلت ويحك يعني فضيحة. جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والانصار ومن معهم فقالت المرأة بك وبك يعني لماذا دعوتهم جميعا وقد اخبرتك بان الطعام قليل. فقال جابر قد فعلت الذي قلت لي ولكن هذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت المرأة هل سألك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم. قالت اذا الامر اليه دخل النبي صلى الله عليه وسلم وقال لاصحابه ادخلوا ولا تظاغطوا واصبح يدخل منهم فريق بعدها فريق قال جابر فاخرجت له العجين فقرأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم وبرك ثم بعد ذلك ايضا ذهب الى القدر فدعا فيه ثم آآ طلب من يخبز الخبز من اجل ان يخبز وحينئذ قال القدر ضعوها على النار ولا تنزلوها من نار فجعل يأخذ من الخبز ويكسر منه ويضعه في آآ في يضعه مع آآ اللحم لاصحابه ويغطي ذلك القدر ويغطي التنور الذي فيه الخبز ويأخذ منه ويقرب الى اصحابه وهكذا يستمر ويدخل اصحابه طائفة بعد طائفة حتى شبعوا كلهم يقول جابر والله لقد بقي بقية بعد ذلك. واقسم بالله لقد اكلوا حتى تركوه وانحرفوا عنه وانه لاكثر مما كان عليه. وان برمتنا لتغط كما هي وان عجينتنا لتخبز كما هي ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم كلوا هذا واهدوا فان الناس اصابتهم مجاعة فانظر الى بركة طعام القليل كيف كفى الجماعة الكثير ولعلنا نذكر شيئا من وقائع غزوة الاحزاب بعد الفاصل الاتي حياكم الله بعد فاصل في غزوة الاحزاب بقي المشركون خلف الخندق لم يتمكنوا من مجاوزته وكانوا يرمون المسلمين ببعض النبال وكان ممن اصيب سعد ابن معاذ رضي الله عنه اصيب يوم الخندق رماه رجل من قريش يقال له حبان ابن العرقة رماه في عرق في يده يقال له الاكحل وكان درعه لم يكن سابقا عليه واصيب فضرب النبي صلى الله له عليه وسلم له خيمة في المسجد من اجل ان يتمكن من عيادته من قريب. المشركون كان يأتيهم رياح شديدة وسارت عليهم الريح التي لم تبق لهم قدرا ولم يبقى لهم شيء من احوالهم الا وافسدته الريح وكان ذلك من اسباب هزيمتهم ورجوعهم و قريظة دخل بينهم وبين قريش من تمكن من افساد مخططهم وافساد تآمرهم وكيدهم ومكرهم السيء وبالتالي انفك ما بينهم رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق بعد ان زال اعداؤه منه ووضع السلاح واغتسل حينئذ ارسل الله جل وعلا جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه من الغبار وقد عصب رأسه الغبار فقال قد وضعت السلاح والله ما وضعته اخرج اليهم. واشار جبريل الى بني قريظة فقال النبي صلى الله عليه وسلم الى اين؟ فاشار الى بني قريظة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بني قريظة فاتاهم وقال لاصحابه لا يصلين احد العصر الا في بني قريظة فبعض الصحابة صلى في الطريق على دابته يقول لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الا الاسراع واخرون لم يصلوا الا في بني قريظة فاتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصرهم ليالي متعددة ثم انهم دبة الهزيمة في قلوبهم وجاءهم الذل فانكسروا فقالوا بان بني النظير نزلوا على حكم بعض من كان بينهم وبينهم علاقة قبل الاسلام فكان ذلك سببا من اسباب حقن دمائهم ورأوا ان ينزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه فردوا الحكم فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم صلحا. ورأوا ان يحكم سعد بن معاذ فيهم طلب النبي صلى الله عليه وسلم من سعد ابن معاذ ان يحظر فحظر فرد اليه حكم بني قريظة فقال سعد بن معاذ اني احكم فيهم ان تقتل المقاتلة وان تسبى الذرية والنساء. وان تقسم اموالهم وذلك انهم قد وقع منهم نقض للصلح ووقع منهم نقض للعهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال سعد في ذلك اليوم اللهم انك تعلم انه ليس احد احب الي ان اجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسوله واخرجوك اللهم اني اظن انك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم يعني قريش. فان كان بقي من حرب قريش شيء فابقني له حتى اجاهدهم فيك وان كنت وضعت الحرب فافجرها يريد الجرح الذي عنده. واجعل موتتي فيها فانفجرت من لبته فلم يرعهم وهم في المسجد وكان في المسجد خيفة خيمة لجماعة من بني غفار جماعة ابي ذر ما علموا الا والدم يسيل اليهم دم سعد ابن معاذ رضي الله عنه توفي وعمره سبع وثلاثون سنة. كان في الاسلام ست سنوات اصبح فمنها في مقام عالي حتى ان عرش الرحمن اهتز لموته فقالوا يا اهل الخيمة ما الذي يأتينا منكم؟ فاذا سعد بن سعد بن معاذ رضي الله عنه يغزو جرحه دما فمات منها رضي الله عنه فاورثكم الله ارضهم وديارهم واموالهم وارضا لم تطأوها نعم فضل من رب العزة والجلال انقلبت الحال الشديدة الخوف الشديد والجوع الشديد والبرد والشديد الى انتصارات متتالية وغنائم وخيرات ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. بارك الله فيكم واسعدكم الله وجعلكم من الغانمين للخيرات هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين