كتاب الله كتاب الله كتاب الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد في هذا اللقاء باذن الله عز وجل نتكلم عن اخر مسألة في ابرز قواعد التفسير الفقهي وتتعلق بالتعارض والترجيح يراد بالتعارض ان يتقابل دليلان فيدلان فيدلان على مدلولين متقابلين وقد قيل في تفسير التعارض بانه تقابل الدليلين على سبيل الممانعة واما المراد بالترجيح وهو تقوية احد الطريقين او الدليلين المتقابلين على الاخر التعارض لا يقع في ادلة الشريعة في ذاتها وذلك لان الله جل وعلا قد عصم هذه الشريعة من ان يكون بينها تظاد كما قال تعالى فلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فدلت الاية على ان التعارض لا يمكن ان يوجد في القرآن ومثل ذلك في قوله تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول دلت هذه الاية على ان الكتاب والسنة لا يمكن ان يوجد بينها تعارض في ذاتها ولكن التعارض يمكن ان يكون في ذهن المجتهد فيقع في ذهن المجتهد ان الدليلين متعارضان ولا يكون الامر كذلك ولا يكون التعارض تعارضا صحيحا في ذهن المجتهد الا بعدد من الشروط الشرط الاول ان يكون الدليلان المتعارظان ثابتين يحتج بهما فاما اذا كان احد الدليلين ضعيفا فانه لا يصح ان يقابل به الدليل الاخر مثال ذلك اذا جاءنا في تفسير اية استنباط حكم فقهي ثم جاءنا حديث نبوي لكن ذلك الحديث لا يثبت اسناده للنبي صلى الله عليه وسلم احب حينئذ لا يكون تعارضا حقيقيا ومن امثلة ذلك مثلا بالايات القرآنية الواردة اثبات مشروعية الايات القرآنية التي جاءت بغسل آآ القدمين في الوضوء. فهذه الايات ايات ثابتة ومن ثم لا يصح ان نقابلها بما ورد من احاديث اه ظعيفة. هكذا ايظا اه الشرط الثاني ان يكون الدليلان متضادين في الدلالة. فيدل احدهما على اثبات مثلا والاخر يدل على نفي فاما اذا كان الدليلان يدلان على مدلول واحد آآ متماثل فهذا ليس من التعارض في شيء كذلك يشترط ان يكون الدليلان واردان ان يكون الدليلان واردين على محل واحد اما اذا كان احد الدليلين في مكان والاخر في مكان اخر فلا تقابل ولا تعارض بينهما كذلك يشترط ان يكون الدليلان يدلان على الحكم في وقت واحد اما اذا دل على اه الحكم في وقتين مختلفين فهذا لا يكون من التعارض في شيء. مثال ذلك في قوله تعالى تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا اه في هذه الاية استدل بعضهم اه بهذه الاية على حل الخمر لان الله جل وعلا قد امتن على الناس بذلك في قوله تتخذون منه سكرا فلا يصح هذه الاية نزلت اولا فلا يصح ان يقال بانها تعارض قوله تعالى يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام نجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. لكون الدليلين مختلفين في آآ الوقت وهكذا ايضا لابد ان يكون تقابلهما في وقت واحد بالنسبة للمكلف او باعتبار فاتن واحدة. اما اذا كان كل واحد منهما يرد على اه محل مغاير للمحل الاخر فلا يقال بان هذا من التعارض. مثال ذلك في قوله تعالى لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ثم في قوله احل لكم صيد البحر وطعامه فهنا اجاز الصيد البحر. الصيد البحري ليس فيه قتل. ومن ثم اه فان المحلين بين هذين الدليلين ليس محلا اه واحدا وانما هي محال متعددة مختلفة وتقدم معنا ان الادلة تنقسم او الدلالات تنقسم الى دلالات آآ عقلية ودلالات لفظية ودلالات طبيعية والدلالة اللفظية هي اه ما او ما يفهم من الدليل اللفظي بحسب اه معناه اذا تقرر هذا فانه قد يقع اذا وقع التعارض بين الادلة فحين اذ اولا نحاول الجمع بين الدليلين بحمل احد الدليلين على محل والدليل الاخر على محل اخر فان لم يمكن الجمع بين الدليلين نظرنا الى الدليل المتأخر وحكمنا عليه بانه ناسخ للدليل المتقدم اما اذا لم يمكن آآ معرفة التاريخ فاننا ننتقل الى الترجيح فننظر الى اي الدليلين ننظر اه اي الدليلين اقوى من الدليل الاخر فنعمل به الترجيح بين ادلة الشريعة من الامور الثابتة ومن ويدل عليه ادلة كثيرة متعددة منها قوله جل وعلا اتبعوا احسن ما انزل اليكم وقوله جل وعلا الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اي ارجحه واقواه. ومنه آآ وهناك آآ ادلة شرعية كثيرة تدل على آآ العمل بالترجيح بين الادلة آآ عند تعارضها في ذهن المجتهد فلا بد ويلاحظ في الترجيح انه لابد ان يكون الدليلان المتعارضين اما اذا كان الدليلان لا تعارض بينهما فلا مدخل للترجيح في ذلك اذا تقرر هذا فان التعارض بين الادلة يكون على وجوه متعددة ومن هذه الوجوه المتعددة في التعارض بين الادلة ان يتعارض دليلان اه عامان كل منهما يدل على مدلول فحينئذ يمكن ان يكون الدليلان قد دلا على آآ قد تعارض من كل آآ وجه فحينئذ اه التعارض بين الادلة العامة في ذهن المجتهد ممكن وليس فيه اه وليس فيه اه استبعاد وقد وقع ومن امثلة ذلك معارضة قوله تعالى وان تجمعوا بين الاختين الا ما قد سلف النهي عن عموم الجمع بين كل اختين فهذا قد يفهم منه انه يتعارض مع قوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين. حيث دلت على الاذن بجواز الوطئ بعموم ملكه اليمين اه سواء كانتا اختين او غير اختين اذا تقرر هذا فانه اذا وقع آآ تعارض فلابد من البحث عن آآ امكانية الجامع بين الدليلين المتعارضين. فاذا لم يمكن الجمع فحينئذ ننظر الى اقوى العمومين فنعمل به والقوة الدليل العام تؤخذ من كثرة المخصصات او قلتها. فالدليل الذي يرد عليه الدليل العام الذي ليرد عليه مخصصات كثيرة فاننا حينئذ نقول عمومه اضعف من عموم الدليل الاخر وبالتالي فاننا نقوم بتخصيصه ففي قوله جل وعلا والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم وردت مخصصات كثيرة فمنعت الشريعة مثلا من وطأ المرأة المملوكة المتزوجة منعت ايضا من وطأ المملوكة اذا كان بينها وبين سيدها رظاع ونحو ذلك وحينئذ يكون اه الدليل الاخر اقوى من هذا الدليل لان المخصصات اه وهي وقوله تعالى وان تجمعوا بين الاختين اه الا ما قد سلف فالمخصصات لهذا الدليل اه اقل من المخصصات للاخر ومن ثم فاننا نقول بترجيح آآ العام الاقوى الذي لم يرد الا مخصصات قليلة ويمكن ايظا بعظ اهل العلم قال آآ آآ ننتقل ايضا الى بعض اهل العلم قال هنا تعارض عامان احدهما قد اقترن به ما منعوا عمومه دون الاخر اه فقوله تعالى وان تجمعوا بين الاختين هنا منع من كل جمع بينهما بالنكاح والتسري وقوله تعالى او ما ملكت ايمانهم هذه تدل على حل ملك اليمين مطلقا ومنه الجمع بين الاختين فالاية الاولى لم تقترن بما يمنع عمومها. اما الاية الثانية فقد اقترن بها ما يمنع من وهو ان العامة في هذه الاية كان في معرض المدح للمؤمنين والعام اذا كان في معرض المدح او الذم آآ اللفظ العام اذا كان في معرض المدح او الذم هل يدل على الاستغراق وشمول جميع الافراد؟ هذا من مواطن الخلاف بين الفقهاء. وقد قرر بعض اهل العلم ان اقتران اللفظ بارادة المدح او الذم يمنع من آآ العموم آآ وبالتالي آآ فعموم هذه الاية اضعف من عموم الاية الاخرى وآآ كذلك في آآ قد يتعارض قد يتعارض دليلان عامان احدهما مخصص اكثر من الاخر ومثلوا لذلك بقوله تعالى وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم فهو يدل على عموم حل طعام اهل الكتاب قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه يدل على المنع من الذبائح التي ذكر عليها اسم غير الله فلايتان عامتان الاولى تحل طعام اهل الكتاب ولو ذكروا عليه اسم غير الله والثانية تمنع من ريحة ما ذكر عليه اسم غير الله فحينئذ نقول بان اية وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم قد خصصت بعدد من المخصصات مثلا طعام الذين اوتوا الكتاب من الخنازير لا يحل لنا وطعام الذين اوتوا الكتاب من الميتات لا يحل لنا. ومن هنا قل هذه الاية ورد عليها مخصصات اكثر وبالتالي نقدم آآ لاية الاخرى التي آآ هي اقل مخصصة ومن المسائل المتعلقة في هذا انه اذا تعارض عامان احدهما امس بالمقصود فحينئذ يقدم. والمراد انه اذا ورد دليلان عامان متعارضان ولكن احدهما يتناول قال له ايه المقصود ويبين الحكم المختلف فيه اصالة بخلاف العام الاخر فانه اه يتناول المسألة المتنازع فيها لكن تناوله لذلك الفرض المتنازع فيه ليس مقصودا اصالة بايراد الدليل العام. فحين اذ يقدم الدليل العام الذي يكون امس بالمقصود من الذي لم يقصد به بيان الحكم وقد يمثلون له بالمسألة السابقة لقوله تعالى وان تجمعوا بين الاختين الا ما قد سلف مع قوله والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فان الاية الاولى قصد بها آآ تحريم النكاح. فالمراد بها بيان عموم تحريم الجمع بين الاختين سواء في الوطئ بنكاح او بملك يمين واما الاية الثانية ليست فليس المقصود بها بيان حل او حرمة الجمع بين الاختين. ومن هنا فان الاية الاولى امس فامس بالمقصود والصق به في آآ حكم الجمع بين الاختين ومن هنا يترجح حرمة الجمع بين الاختين في التسري لانه مقصود بعموم النهي كذلك من آآ من المسائل آآ الواردة في هذا انه اذا كان عندنا عامان احدهم هما قد ورد لسبب والثاني ورد لغير آآ سبب فاننا حينئذ نقدم آآ العموم الثابت على سبب اه في محل سببه على الاخر ومثاله قد يمثلون لذلك بحديث من بدل دينه فاقتلوه فانه يتناول بعمومه المرأة و ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء فنهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء وارد على سبب وهو الحرب. فتعارض احدهما عامان احدهما آآ فتعارض عامان احدهما يرد على سبب وهو الحرب والاخر على غير سبب فتعارضا في غير موطن السبب وهو المرأة المرتدة اه هل نحكم عليها بحديث من بدل دينه فاقتلوه او بحديث نهى عن قتل النساء والظاهر في هذا ان العام المطلق يقدم على العام الواردي على سبب وذلك لان ما ورد على آآ ذلك لان العام المطلق عمومه اقوى من من عموم اللفظ الوارد على سبب ومن هنا فان آآ فاننا نرجح حديث من بدل دينه فاقتلوه على عموم النهي عن قتل النساء في ما عدا السبب اه الذي ورد من اجله اللفظ وهو حال الحرب والقتال ايضا من امثلة التعارض بين عامين ما لو تعارض عامان احدهما ورد بخطاب شفاهي كما في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. هذا خطاب موجه اه شفاها موجه اصالة آآ فيه توجيه الخطاب للمؤمنين ولو وردنا عام اخر ليس موجه اصالة للمؤمنين. فحينئذ يقدم الخطاب الموجه للعموم لان عمومه حينئذ آآ اقوى من المسائل المتعلقة بهذا ايضا ما لو آآ تعارض عامان لو تعارض عامان احدهما بلفظ الجمع المحلى والاخر باسم الجنس فحينئذ آآ نقوم نقول بان العام العام الثابت بلفظ جمع مكترن بال مقدم على العام باسم آآ الجنس المعرف. وهكذا ايضا اذا تعارض عاما احدهما عمومه بالنكرة في سياق النفي ولا عمومه بالجمع المحلى بالالف واللام فاننا نرجح العام الثابت بالنكرة المنفية على العام الوارد بالجمع المحلى بالالف واللام من انواع التعارض ان يقع التعارض بين دليلين اه خاص بين دليلين خاصين ففي هذه المسألة نقوم الترجيح بينهما بتقوية احدهما بوجه من وجوه الترجيح المختلفة وكذلك لو تعارض عام وخاص في مثال ذلك في قوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنوا المشركات عام يشمل اهل الكتاب ثم تعارضت مع قوله تعالى والمحصنات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم. والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب والاية الاولى عامة في حرمة كل مشركة والاية الثانية تفيد حل نسائية للكتاب خاصة اه فحينئذ نعمل بالخاص في محل الخصوص ونحمل العام فيما عدا ذلك. كما قال جمهور ولا نلتفت الى اه التاريخ. ومن امثلة ذلك قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن سيدنا اربعة اشهر وعشرا. فهذه الاية عامة في كل متوفى عنها زوجها. سواء كانت حاملا ام غير حامل. ثم بعد ذلك ورد قوله تعالى وولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن. فهذه الاية خاصة في الحامل اه تجعل بوضع آآ الحمل وآآ من اه اوجه الترجيح هنا ان آآ آآ من اوجه الترجيح بين التعارض عند التعارض بين الدليلين الخاصين ان يكون احد الدليلين الخاصين اقوى في آآ الدلالة ولعل ذلك يأتي ان شاء الله فيما يأتي آآ قد ايضا يرد التعارض بين عامين من وجه وخاصين من وجه آآ فاذا ورد دليلان شرعيان في ذهن المجتهد احدهما عام من وجه ولكنه خاص من وجه اخر. والاخر عكسه فمثال ذلك قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا. فهذه خاصة توفى عنها ولكنها عامة من جهة تناولها للحامل والصغيرة والكبيرة والايسة وغير الحامل وقوله تعالى وولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن. هذه خاصة في الحامل. لكنها عامة من جهة نوع مفارقة هل هي بوفاة ام بطلاق ام نحو اه ذلك فحينئذ آآ ننظر الى اقوى الدليلين في العموم فنرجحه وآآ من امثلة ذلك ما لو كان هناك مخصصات لاحد آآ الدليلين دون الاخر كذلك من آآ المسائل المتعلقة بهذا ما لو تعارض عام محرم وخاص مبيح نعمل بالخاص المبيح في محل الخصوص ونعمل بالعامي فيما عدا ذلك. مثال ذلك قوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم تعارضت مع قول النبي صلى الله عليه وسلم احل لنا ميتتان ودمان. السمك والجراد والكبد والطحال الحديث خاص بالسمك والجراد الميت وهو مبيح. والاية عامة في جميع الميتات وهي حاضرة. ويرجح وهنا الخاص المبيح على العام المحرم ولعلنا ان شاء الله تعالى في آآ لقاءنا القادم ان نعرظ الى بعظ انواع الترجيح بين الادلة المتعارضة المتعلقة بانواع اخرى من انواع الدلالات واسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين كتاب الله. كتاب الله