كتاب الله. كتاب الله كتاب الله. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد ارحب باخواني واصحابي وتلاميذي بمقرر المنهج الفقهي في مناهج تفسير القرآن وبعد تكلمنا في لقائنا السابق عن التعصب وعن ما هيته واحكامه واسبابه ولعلنا باذن الله عز وجل نذكر في لقائنا هذا اليوم ما شيء من الاثار المترتبة على التعصب الفقهي في تفسير ايات القرآن اول هذه الاثار الاثم فان من فسر القرآن بناء على مذهبه الفقهي متعصبا له فحينئذ سيخالف مراد الله عز وجل ومن ثم يكون ممن تكلم على الله بلا علم ويكون ممن اضل عباد الله وصد عن سبيل الله فيكون من اهل الاثم ولذا قيل قال شيخ الاسلام كل هؤلاء كل هؤلاء ممن يتعصب بالباطل ويتبع الظن وما تهوى الانفس ويتبع اه هواه بغيره هدى من الله مستحق للذم والعقاب كذلك من الاثار المترتبة على التعصب في تفسير القرآن ايقاع الظلال في الناس وابعادهم عن الحق وتفسير كلام الله بغير مراد الله بحيث يفسر القرآن بمعان لم يردها رب العزة والجلال. بناء على التعصب لمذهب او شخص او لرأي شيخ او لهوى او لرغبة او ذما للاخرين كذلك من الاثار المترتبة على تفسير القرآن بناء على التعصب الفقهي كثرة الاختلاف والتفرق والتنازع بين الامة فان من فان الناس متى تعصب كل واحد منهم الى مذهب امامه وطعن في غيره ادى ذلك الى التفرق والاختلاف والتنازع بل يؤدي الى تمكن الاعداء من هذه الامة الاثر الرابع ان التعصب في تفسير القرآن يؤدي الى بغي الناس بعضهم على بعض وبل قد يؤدي الى القتال ومنازعة الامة ولذا آآ قال شيخ الاسلام وهكذا مسائل النزاع التي تنازعت فيها الامة في الاصول والفروع اذا لم ترد الى الله والرسول لم يتبين فيها الحق بل يصير فيها المتنازعون على غير بينة من ربهم فان رحمهم الله اقر بعضهم بعضا. ولم يبغي بعضهم على بعض. وان لم يرحموا وقع بينهم الاختلاف المذموم. فبغى بعض على بعض اما بالقول مثل تكفيره وتفسيقه واما بالفعل مثل حبسه وضربه وقتله من اثار التعصب في تفسير القرآن ان يكون هناك ردة عن دين الاسلام. نعم بان المغالاة في التعصب قد تؤدي الى الاشراك بالله عز وجل. لان في ذلك نوع اتخاذ انداد من دون الله جل وعلا يقول شيخ الاسلام ابن تيمية نجد المنتسب الى الشافعي يتعصب لمذهبه على مذهب ابي حنيفة حتى يخرج عن الدين والمنتسب الى ابي حنيفة يتعصب لمذهبه على مذهب الشافعي وغيره حتى يخرج عن الدين ويقول ومن المعلوم ان هذا من المنكرات المحرمة وهو الالزام بامر لم يوجبه الله ومن المعلوم ان هذا من المنكرات المحرمة بالعلم الضروري من دين المسلمين. فان العقاب لا يجوز ان يكون الا على ترك واجب او فعل محرم ولا يجوز اكراه احد على ذلك والايجاب والتحريم ليس الا لله ولرسوله. فمن عاقب على فعل او ترك بغير امر الله ورسوله. وشرع ذلك دينا فقد جعل لله ندا ولرسوله نظيرا بمنزلة المشركين الذين جعلوا لله اندادا او بمنزلة المرتدين الذين امنوا بمسيلمة الكذاب وهو ممن قيل فيه ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله كذلك من اثار التعصب ان يكون هناك مشابهة لاصحاب الفرق الضالة المبتدعة من اصحاب الاهواء ينهجون الى مخالفة النصوص الشرعية وتأويلها وتحريفها عن معانيها لموافقة مذاهبهم ليس لاحد ان ينصب للامة شخصا يدعو الى طريقته ويوالي عليها ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم بل فعل هذا من انواع او من افعال اهل البدع الذين ينصبون لهم شخصا او كلاما يفرقون به بين الامة يوالون على ذلك الكلام ويعادون هذا هو حال اهل البدع والظلم كالخوارج وامثالهم يظلمون الامة ويعتدون عليهم اذا نازعوهم في بعظ مسائل الدين وكذلك بكسائر اهل الاهواء فانهم يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم فيها كما تفعل الرافضة والمعتزلة والجهمية وغيرهم يمتحنون الناس ببدعة ببدعهم التي ابتدعوها وكذلك من اثار التعصب الاعراض عن الكتاب والسنة فانه اذا فتح باب التعصب ولاحد من الناس اعرضوا عن امر الله وعن امر رسوله ويبقى كل امام في اتباعه يجعلون بمنزلة النبي الكريم في امة ويشبه حال النصارى الذين عابهم الله بقوله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله و ينبغي بنا ان نسعى دائما الى معالجة هذا التعصب والنظر في طريقة معالجته فهناك امور لابد من زرعها عند المفسرين الذين يفسرون القرآن خصوصا من رغب ان يفسر القرآن على المنهج الفقهي اول ذلك ان يكون مقصود الناس ارضاء رب العزة والجلال لا يكون من مقصودهم الانتصار للنفس ولا يكون من مقصودهم الرفعة على الخلق. ولا يكون من مقصودهم اقصاء المخالف وذمه والقدح فيه انما يكون مقصود الجميع ارضاء رب العزة والجلال هكذا ايضا من الامور التي تتم بها معالجة التعصب ان يقصد الناس اتباع الحق والسير عليه فان الانسان اذا فقصد الحق وحرص على اتباعه بغض النظر عن قائله فانه حينئذ يبتعد عن التعصب يسير على النهج الصحيح ويؤدي ما اوجب الله جل وعلا عليه ومن هنا فان من كان كذلك فاذا كان منتسبا لاحد الائمة ورأى في مذهب في بعض المسائل ان مذهب غير امامه اقوى من مذهب امامه فانه حينئذ يتبع الاقوى الارجح وهذا من الامور المطلوبة بل هو معيار العدالة والتقوى ولا يقدح ذلك في دينه ولا عدالته بلا نزاع بل من كان كذلك يكون اولى بالحق واحب الى الله ورسوله ممن يتعصب لشخص معين غير النبي صلى الله عليه وسلم اذا بلغ الرجل فعليه ان يلتزم طاعة الله ورسوله حيث كانت ولا يكون ممن اذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله؟ قالوا بل نتبع ما الفينا ليه اباءنا كذلك من معالجة التعصب نشر العلم في الامة وليس المراد اه بذلك آآ العلم باقوال الائمة وانما آآ السير ومعرفة المنهج الحق في طريقة التعامل مع آآ اقوال العلماء واختلافاتهم فان الانسان متى كان عنده علم صحيح ومنهج صحيح فحينئذ يتمكن من التمييز بين الاقوال ويعرف من المرجوح ومن هنا يقدم القول الراجح وبالعلم يبتعد الانسان عن التعصب لقول او مذهب وغاية المتعصب ان يكون جاهلا بقدر امامه في العلم والدين وبقدر الاخرين. فيكون حينئذ جاهلا ظالما. وهذا يتنافى مع ما امر الله جل وعلا به من العلم عدل وما نهى عنه من الجهل والظلم يقول شيخ الاسلام ابو حنيفة وغيره من الائمة يقول القول ثم تتبين له الحجة في خلافة فيقول بها. فيقول بالقول خالف له ولا يقال له مذبذب فان الانسان لا يزال يطلب العلم والايمان. فاذا تبين له من العلم ما كان خافيا الايه؟ اتبعه وليس هذا مذبذبة بل هذا مهتد زاده الله هدى ولذلك ينبغي للانسان ان يعود نفسه التفقه الباطن في قلبه والعمل به كذلك من طرق معالجة التعصب ان يربى الانسان على العدل وعدم اه الظلم والعدل يكون باعطاء كل ذي حق حقه. ومن ذلك ترجيح القول الراجح وقال شيخ الاسلام غاية المتعصب لواحد منهم ان يكون جاهلا بقدره في العلم والدين وبقدر الاخرين فيكون جاهلا ظالمة والله يأمر بالعدل والعلم وينهى عن الجهل والظلم النهي عن التعصب لامام من الائمة لا يعني استنقاص. ذلك الامام بل شرعنا وديننا يدعو الى احترام الائمة وتقديرهم مع النصح لهم اذا وقعت منهم زلة او هفوة بابعاد الناس عن زلتهم وهفوتهم نحن عندما كذلك ينبغي تربية نفوس الناس على انهم عندما يدعون الى القول الحق يدعون اليه لانه شرع الله لا لانه مذهب الامام الفلاني او يقول به آآ اصحاب فلان من الناس وليس لاحد ان يدعو الى او يعتقدها لكونها قول اصحابه. ولا يناجز عليها بل يدعو اليها ويأمر بها ويناضل في فيها لاجل انها مما امر الله به ورسوله. او اخبر الله به ورسوله. لكون ذلك طاعة لله ورسوله كذلك ينبغي ان يكون الترجيح بين اقوال الائمة على الاسس العلمية. وآآ يكون على ما ذكره علماء الشريعة في قواعد علم الاصول كذلك اه بعض اتباع الائمة قد يتردد في رد ما جاء عن امامه لانه يعتقد ان امامه معه دليل. فلا يرد قول امامه لمجرد عدم علمه بالدليل حتى يبحث. فلا يجد ذلك الدليل وهذا لا يدخل في التعصب لانه لم يعلم المسألة آآ بتمامها. ولعلنا نورد نموذجين من نماذج التفسير الفقهي الذي تعصب فيه احدهما وخالف الحق من اجل ترجيح مذهب اصحابه من امثلة هذا مثلا بتفسير احكام القرآن لابي بكر الرازي الجصاص فانه في هذا التفسير قد تعصب لاصحابه في مواطن كثيرة من هذا الكتاب تعسف في تفسير الايات بما يتوافق مع مذهب فقهاء الحنفية من امثلة ذلك مثلا في مسألة اشتراط الولي لما جاء في تفسير قوله جل وعلا واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا قضوا بينهم بالمعروف قام بالتعسف في تفسير هذه الاية حتى قال بان هذه الاية تدل على جواز بالنكاح بلا ولي وقام ايراد بعض الطرائق المخالفة للغة العرب في تفسير هذه الاية ايه بينما ظاهر هذه الاية يدل على خلاف هذا القول فان الاية واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا تراضوا بينهم بالمعروف في هذه الاية نهى الاولياء عن عضل الزوجات المطلقات بعد انتهاء عدتهن اذا اردنا الرجوع والعودة الى ازواجهم السابقين فلو كان الولي غير مشترط لما نهى الاولياء عن العضل. لان الاولياء لا يكون عندهم سلطة حينئذ. ولان المرأة يجوز لها ان تزوج نفسها. بينما اه بينما هذه فاذا هذه الاية تدل على آآ خلاف آآ ما قاله وما قرره آآ مؤلف. في مواطن كثيرة تدل على اه تعصب اه هذا اه العالم في تفسير اه الايات القرآنية المتعلقة بتقرير بعض اه الاحكام النموذج الثاني الذي اورده آآ وقد ترك المؤلف فيه التعصب وسار على منهج سوي في الترجيح بين الاقوال مرات يذكر اقوال العلماء في المسألة آآ ويذكر كل قول بدليله ويجيب عن بعضها. وينتقل بعد ذلك بدون ان يرجح قول امامه على قول وفي مرات يقوم الترجيح بناء على ما يصل اليه من دليل مقنع. وفي مرات يرجح خلاف مذهب امامه هذا هو الامام آآ ابو عبد الله محمد ابن احمد القرطبي صاحب كتاب الجامع لاحكام القرآن. فان هذا الكتاب من آآ الكتب العظيمة التي حرص المؤلف فيها على ان يكون آآ بعيدا عن التعصب في تفسير الاية القرآنية ونضرب لذلك عددا من آآ الامثلة التي سار فيها المؤلف على العدل فيما بالاية في تفسير آآ الايات آآ القرآنية المشتملة على احكام فقهية اه نضرب لذلك امثلة مثال ذلك في آآ قول الله آآ جل وعلا في تفسير سورة الفاتحة لما ذكر المؤلف اقوال الفقهاء في قراءة الفاتحة قال المسألة الرابعة عشرة اجمع العلماء على ان لا صلاة الا بقراءة واجمعوا على ان لا توقيت في ذلك بعد فاتحة الكتاب قال مالك وسنة القراءة ان يقرأ في الركعتين الاوليين بام القرآن وسورة. وفي الاخريين بفاتحة الكتاب وقال الاوزاعي يقرأ بام القرآن فان لم يقرأ بام القرآن وقرأ بغيرها اجزأه وقال الثوري يقرأ في الركعتين الاوليين بفاتحة الكتاب وسورة ويسبح في الاخريين ان شاء وان شاء قرأ قال وهو قول ابي حنيفة وقال سفيان وقد رأوا روينا او روينا عن علي انه قال اقرأ في الاوليين وسبح في الاخريين. قال سفيان فان لم يقرأ في ثلاث ركعات اعاد صلاة وقال ابو ثور لا تجزئ صلاة الا بقراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة كقول الشافعي المصري وعليه جماعة اصحاب الشافعي وكذلك قال ابن خويزي من داد المالكي قال قراءة الفاتحة واجبة عندنا في كل ركعة وهذا هو في المسألة هكذا ايضا لما جاء الى مسألة التأمين اه ذكر اقوال اهل العلم في اه الجهر امين وهل يقولها؟ فقال ذهب الشافعي ومالك الى ان الامام يقولها ويجهر بها. وقال الكوفيون لا يجهر بها. وقال لابن بكير هو مخير. وروى ابن القاسم عن مالك ان الامام لا يقول امين. وانما يقول ذلك من خلفه وهو قول ابن القاسم والمصريين من اصحاب مالك ثم قال والصحيح الاول ثم اورد قال لحديث وائل ابن حجر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قرأ ولا الضالين قال امين يرفع بها آآ صوته هكذا ايضا في آآ مسألة اخرى في مسألة آآ شروط الصلاة واحكام الصلاة قال مثلا اما التسبيح في الركوع والسجود فغير واجب عند الجمهور للحديث المذكور يريد حديث المسيء في صلاته واوجبه اسحاق بن راهوية وان من تركه اعاد الصلاة لقوله عليه السلام اما الركوع فعظموا فيه الرب واما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمنوا يستجاب لكم ولم يرجح في هذه المسألة وترك ذكر كل قول بدليله وانتقل الى المسألة التي بعدها. قال واما الجلوس والتشهد العلماء في ذلك فقال مالك واصحابه الجلوس الاول والتشهد سنتان واوجب جماعة من العلماء الجلوس الاول ثم اه ذكر ادلة من يرى وجوبه وادلة من اه يرى عدم اه وجوبه ثم يقال واختلفوا في حكم الجلوس الاخير في الصلاة وما الفرق من ذلك؟ وهي ثم ذكر فيه خمسة اقوال الاول ان الجلوس فرض والتشهد فرض والسلام فرض وهو قول الشافعي ورواية عن احمد وحكاه ابو مصعب عن مالك. وبه قال داوود. والقول الثاني ان الجلوس والتشهد والسلام ليس بواجب. وكل ذلك اسنة وهذا قول بعض البصريين ثم اورد دليلهم. القول الثالث ان الجلوس مقدار التشهد فرض. وليس التشهد ولا السلام بواجب فرظا. قاله وابو حنيفة واورد لهم اه دليلا. القول الرابع ان الجلوس فرض والسلام فرض وليس التشهد بواجب وممن قال هذا ما لك بن انس واصحابه واحمد بن حنبل في رواية ثم اورد لهم دليلهم ثم قال الخامس ان التشهد والجلوس واجبان وليس السلام بواجب. قاله جماعة منهم اسحاق بن راهوية وثم اورد آآ دليلهم. قال الدارقطني اذا فرغت من قوله اذا فرغت من هذا فقد تمت صلاتك ادرجه وبعضهم الى ان قال المسألة الثامنة عشرة واختلف العلماء في السلام ولم يذكر ترجيحا في المسألة السابقة قال قيل بان السلام واجب وقيل ليس بواجب والصحيح وجوبه. والصحيح وجوبه ثم اورد بعد ذلك عددا من الخلاف في مسائل فقهية اه متعلقة الصلاة آآ مثال اخر لما آآ ذكره المؤلف آآ القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير اوائل سورة البقرة انه جاء في قول لله آآ جل وعلا آآ في قصة ادم اني جاعل في الارض خليفة واورد عددا من المسائل التي خالف فيها آآ اقوال الامام ما لك من آآ واختار قول الجمهور في عدد من آآ المسائل. فالمقصود اننا اخذنا في هذا اللقاء شيئا من اثار التعصب الفقهي في تفسير القرآن وكيفية اه معالجته. ثم اخذنا نموذجين احدهما اشتمل على اه تعصب مزموم في تفسير القرآن والثاني خلا من التعصب. نسأل الله جل وعلا للجميع المغفرة والرحمة. كما نسأل جل وعلا ان يحسن النيات وان يصلح الاحوال وان يرزق الجميع العلم والفقه والورع والتقوى هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين كتاب الله كتاب الله كتاب الله