يجوز للانسان ان يتعجل في اليوم وهذا الحديث الذي ذكره المصنف رحمه ومنها ايضا خاتمة اما بعد فاوصيكم ونفسي ايها المسلمون بتقوى الله عز وجل. فهي سبيل النجاة في الدنيا والاخرى ايها الاحبة من الايات التي تبدد الحزن وتزول معها غمامات الهم الله عز وجل من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. فتأمل يا عبد الله كم في هذه الاية من الطاف فقد عمم الله عز وجل الوعد ووعده حق لكل عامل للصالحات من الذكور والاناث. ثم اكد وعده عز وجل وهو اصدق من وعد. فقال فلنحيينه حين يقرأ الانسان كلام المفسرين في بيان معنى الحياة الطيبة الواردة في الاية الكريمة. فسيجد منهم من فسرها بالقناعة واخرون بالرضا واخرون بالرزق الحلال الطيب في الدنيا. وكل هذه معانيه صحيحة وصورة من صور الحياة الطيبة. لكن ابن القيم رحمه الله يلفت النظر الى معنى اعم يشمل هذه المعاني كلها ثم يفسر الحياة الطيبة فيقول هي حياة القلب ونعيمه وسروره بالايمان. ومعرفة الله ومحبته والانابة اليه. والتوكل عليه. فانه لا حياة اطيب من حياة صاحبها. ولا نعيمة ولا نعيم فوق نعيمه الا نعيم الجنة. كما قال بعض العارفين انه لتمر بي اوقات اقول فيها ان كان اهل الجنة في مثل ما انا فيه انهم في عيش طيب. واذا كانت واذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح. فانه ملكها ولهذا جعل الله عز وجل الضنك لمن اعرض عن ذكره. وهي عكس الحياة الطيبة. وهذه الحياة تكون في الدور الثلاث دار الدنيا والبرزخ والقرار ودار القرار والمعيشة الضنك ايضا تكون في في الدور الثلاث فالابرار في النعيم هنا وهنالك. والفجار في الجحيم هنا وهنالك. قال الله عز وجل للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير. انتهى كلامه رحمه الله ايها المسلمون اننا اليوم في زمن كثرت فيه اسباب الهموم والاحزان. ونزلت بالناس غوائل بهم اودية القلق. ومع ان الحياة المعاصرة ابدعت في ابتكار اساليب الرفاهية والمتعة الجسدية الا انها لم تستطع جلب الحياة الطيبة وراحة النفس. فبالغت في الاكتشافات التي تستهدف اللذات الحسية واهملت اللذات القلبية والمعنوية التي يذوق بها العبد الحياة الطيبة. لقد ظن بعض الناس خاصة في من هم في مقتبل العمر من الشباب والفتيات ان الحياة الطيبة مقترنة بالاضواء والشهرة او المناصب الكبيرة او الارصدة الضخمة او المساكن الراقية او المراكب الفخمة. وبحث عنها اخرون في اس الخمر وتعاطي المخدرات والانغماس في اوحال الشهوات فعادت عليهم ظنونهم بالخيبة فلم يرجعوا الهم والنكد. وبحث عنها اخرون. لكن في مواضع اخرى بحثوا عنها في بيوتهم الله وفي تلاوة كلامه والانكسار بين يديه بحثوا عنها في بر الوالدين وفي الصدقة وفي صلة الارحام بحثوا عنها في العفو والصفح في العفو والصفح عمن اساء فعادوا بانواع من سرور لا يمكن التعبير عنها بعبارة. الم يقل الله من عمل صالحا فكيف يذوق هذه الحياة الطيبة من يترك العمل الصالح ويعصي من بيده اسباب الحياة الطيبة. اتعصيه؟ وتطلب منه ان يسعدك لقد اختصرت الاية السابقة يا عباد الله شروط الحصول على هذه الحياة الطيبة في شرطين لا ثالث لهما العمل الصالح المقترن بالايمان بالله. الايمان الذي يجعل العبد يرضى عن الله ويحب الله ويستسلم في حكمه وقضائه وقدره. الايمان الذي يملأ قلب العبد يقينا بان الله هو الخالق الرازق. القابض المعز المذل. النافع الضار. الذي بيده ملكوت كل شيء. الايمان. الايمان الذي يجعل يفعل العبد لا يبتغي العزة الا في طاعة الله والتذلل لعظمته ولا يتعلق قلبه باحد سواه ويلجأ اليه وحده في كل ما يلم به من المصائب والشدائد. لانه يعلم انه لجأ الى ملك الملوك واماني الخائفين وجابر قلوب المنكسرين. فمن كان كذلك تحقق له امن القلب. وطيب العيش وطمأنينة النفس. ايها الاخوة واذا ذكر العمل الصالح الذي تستجلب به الحياة الطيبة. فان اركانه ثلاثة اعمال بدنية عملية واعمال قولية واعمال قلبية واس الاعمال البدنية الصلاة المفروضة فهي من اعظم اسباب نيل الحياة الطيبة وانشراح الصدر تتبدد معها اثقال الحياة وشدائد ولهذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم اذا حزبه امر فزع الى الصلاة. واما عس الاعمال القولية الجالبة للحياة الطيبة فهو ذكر الله جل وعلا. فما طابت الدنيا الا بذكره. ولهذا كان اطيب الناس عيشا الذاكرون. الذاكرون الذين يتلذذون بذكره ومناجاته. ويكون الذكر لهم اعظم من الماء للسمك. لو انقطعوا عنه لوجدوا من الالم ما لا يطيقون. الذاكرون هم السابقون الذين قال عنهم صلى الله عليه وسلم سبق المفردون. قالوا يا رسول الله من المفردون؟ قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات. لا تعجب فالذاكر لربه يستجلب به نزول السكينة وغشيان الرحمة فالملائكة كما اخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. ولو لم يكن للذاكر الا ان دوام ذكره ربه يوجب الامان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده. فان نسيان الرب جل وعلا يوجب نسيان نفسه ومصالحها. قال تعالى ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم الفاسقون. واذا نسي العبد نفسه اعرض عن مصالحها ونسيها واشتغلت واشتغل عنها فهلكت وفسدت ولابد. كمن له زرع او بستان او ماشية او غير ذلك. مما صلاحه وفلاحه بتعاهده والقيام عليه. فاهمله ونسيه واشتغل عنه بغيره. وضيع مصالحه. فانه يفسد ولا ايها المسلمون واذا ذكرت الاعمال القلبية فان اسها الاخلاص وتوجيه القلب لله لا يلتفت في قوله ولا في عمله لغير الله لا يرجو سواه وجهه معلق بمولاه. واذا وقع من قلبه التفات الى غير تالت ندم وتألم ليقينه بان العمل الصالح متى ما فارقه الاخلاص صار كالجسد بلا روح يقول ابن تيمية رحمه الله فان القلب اذا ذاق طعم عبادة الله والاخلاص له. لم يكن عنده شيء قط احلى من ذلك ولا الذ ولا امتع ولا اطيب. والقلب اذا ذاق حلاوة عبوديته لله ومحبته له لم يكن شيء احب اليه من ذلك حتى يقدمه عليه. وبذلك واسمعوا كلمته وبذلك عن اهل الاخلاص لله السوء والفحشاء. كما قال تعالى كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء لم؟ انه من عبادنا المخلصين. وفي قراءة وانه من عبادنا المخلصين. فان المخلص لله ذاق من حلاوة عبوديته لله ما يمنعه ما يمنعه عن عبوديته لغيره. وذاق من حلاوة محبته لله ما يمنعه من محبة غيره. اذ ليس عند القلب السليم احلى ولا الذ ولا اطيب ولا ولا انعم من حلاوة الايمان المتضمن عبوديته لله ومحبته له واخلاص الدين له. وذلك يقتضي انجذاب القلب الى الله فيصير القلب منيبا الى الله خائفا منه راغبا راهبا. انتهى كلامه رحمه الله الله اللهم اجعلنا ممن اخلصوا لك فاخلصتهم واحبوك فاحببتهم وذكروك فذكرتهم. بارك الله لي ولكم في القرآن السنة ونفعني واياكم بما فيهما من الايات والحكمة. اقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم. الحمدلله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه. واشهد ان لا اله لا اله الا الله وحده لا شريك له. تعظيما لشأنه. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واخوانه اما بعد. فان الحياة الطيبة يا عباد الله كما تنال بالعمل الصالح. فهي تنال ايضا بمعرفة حقيقة هذه الحياة الدنيا. وانها لو كان لو كانت حيازتها مصدرا اساسا وكبيرا للسعادة وطيب الحياة. دون ايمان وعمل صالح. لكان لكان اولى الناس بها محمد من صلى الله عليه وسلم لكن الله عز وجل زواها عنه واختار له حياة القلب ونعيم الدنيا الذي وجده صلى الله عليه وسلم في العمل الصالح ووجده في قيامه بين يدي مولاه حتى تفطرت قدماه وتشققت من طول القيام وجدها صلى الله عليه وسلم وجدها وهو الذي كان يمر الهلال والهلال والثلاثة وما اوقد في ابياته التسعة نار يطبخ عليه طعام. وقد كان اهنأ الخلق عيشا واطيبهم حياة صلى الله عليه وسلم. فعلى رسلكم على رسلكم يا من اخطأتم طريق السعادة فظننتموها في في شهرة او حسن بزة او كثرة مال على رسلكم يا من ظننتم طريق عادة يمكن ان يدرك بغير العمل الصالح. اللهم احينا حياة السعداء وامتنا ميتة الشهداء. اللهم اجعلنا ممن طابت حياتهم وطاب مماتهم وطاب عليك قدومهم برحمتك يا ارحم الراحمين