واصر على التراجع حتى قام في الصف فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس وبعد الصلاة قال له يا ابا بكر ما لك لم تصلي بالناس وقد اشرت اليك فقال يا رسول الله ما كان لابن ابي قحافة ان يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الادب يعني صغر نفسه ما كان لابن ابي ما قال ما كان لابي بكر لان الكنية الا اذا قارنه بالتدبر الفهم ان تفتح قلبك بهذا القرآن الكريم فلا يقتصر القرآن على الاذان فقط ولكنه يصل الى قلبك اذا وصل الى وعاء القلب ان ذلك سترى هذا هذا الاثر البالغ بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله ان الله سميع عليم يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقبول كجهد بعضكم لبعض. ان تحفظ اعمالكم وانتم انتم لا تشعرون ان الذين يغصون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحنوا الله قلوبهم للتقوى. لهم مغفرة واجر عظيم. ان الذين ينادون الحجرات اكثرهم لا يعقلون. ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم الله غفور رحيم بارك الله فيك سنبدأ الصوت ما يحتاج قل هذا كافي للعلم الجوع شوية بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على رسوله الامين وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اما بعد ايها الاخوة فان كتاب الله اوثق شافع واغنى غناء واهبا متفضلا وخير جليس لا يمل حديثه وترداده يزداد فيه تجملا الله سبحانه وتعالى ايها الاحبة انزل على الناس كتابه الكريم وقرآنه العظيم ليكون هداية لهم في هذه الحياة الدنيا يهديهم الى احسن السبل والى اقوم المناهج والطرق ويحقق لهم السعادة في الدنيا وفي الاخرة كما قال الله عز وجل في كتابه فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى وكما قال سبحانه طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى القرآن انزله الله سبحانه وتعالى ايها الاحبة بسعادة الانسان من اراد السعادة بحذافيرها وبمفهومها الشامل فعليه بكتاب الله تبارك وتعالى واعظم مقاصد القرآن الكريم ايها الاخوة هو هداية الخلق الى الحق في هذه الدنيا وفي الاخرة كما قال الله عز وجل في كتابه ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم القرآن يهدي الناس الى اقوم المناهج واحسن السبل في الحياة وفي الاخرة بل هو اعظم ما يؤثر في قلب الانسان اعظم ما يؤثر في قلب الانسان ونفسه هو كلام الله سبحانه وتعالى اعظم تأثيرا من كلام الشعراء والادباء والفلاسفة وغيرهم اعظم من ذلك كله هو كلام الله سبحانه وتعالى ولهذا قال الله عز وجل لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله فالجبل على صلابته وعلى قساوته وغلظه لو انزل الله عليه القرآن لا لان وخشع فما بالك ايها الانسان فاعظم ما يؤثر في قلب الانسان وفي نفسه هو كلام الله سبحانه وتعالى ولهذا قال في الاية الاخرى ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كل ما به الموتى بل لله الامر جميعا طبعا جواب الشرط هنا محذوف وتقديره عند بعض العلماء لكان هذا القرآن يعني لو ان هناك قرآنا يؤثر بهذا التأثير مكانه وهذا القرآن الذي انزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وبعض العلماء يقدر الجواب المحذوف هنا بقوله لكفرتم بالرحمن ورجح هذا شيخ مشايخنا الشيخ الامين الشنقيطي رحمه الله تعالى رجح هذا بناء على ان الغالب الجواب المحذوف ان يكون من جنس ما ذكر قبل الشرط والله تعالى ذكر في هذه الاية وهم يكفرون بالرحمن فكان الانسب ان يقدر الجواب لك فرج بالرحمة للاشارة الى شدة عنادهم وان الله سبحانه وتعالى لو اظهر لهم اثر القرآن الكريم بتسيير الجبال وتفجيرها وبتقطيع الارض وتكليم الموتى لو فعل هذا لاصروا على كفرهم وعنادهم فالقرآن الكريم ايها الاخوة هو اعظم كلام يؤثر في نفس الانسان وهو اقوم مقوم لاخلاق الانسان وادابه ومن اراد ان يعالج قلبه واخلاقه فانه لن يجد مثل القرآن علاجا لذلك ولهذا امرنا الله سبحانه وتعالى بان نتلو هذا القرآن وان نتصل بهذا القرآن الكريم لان هذا القرآن هو الاعظم ذخيرة لاصلاح هذا القلب ولكن هذا الاثر ايها الشباب لا يظهر في قلب الانسان لكتاب الله سبحانه وتعالى افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها القلوب اذا كانت مغلقة باقفال الشهوات والشبهات فانها لا تتأثر بكلام الله سبحانه وتعالى ولكن اذا قارنها التدبر والاستكانة والخضوع فان هذا القرآن الكريم سيترك اعظم الاثار في قلب الانسان فاذا اردنا في مناهجنا التربوية وفي تربيتنا لانفسنا واولادنا اذا اردنا اقوى عامل يؤثر في اخلاقهم علينا بالقرآن الاقبال على كتاب الله سبحانه وتعالى بشرط التأمل والتدبر لا نجعل القرآن مجرد كتاب لجلب الحسنات. وان كان هذا مشروعا ومقصودا والله تعالى من كرمه يعطيك على الحرف الواحد عشر حسنات ولكن اعظم مقصود للقرآن هو ان يهدي القلوب الى الله سبحانه وتعالى ويربطها بعلام الغيوب سبحانه وتعالى ومن هذا المنطلق ايها الاخوة تأتي هذه الوقفات وهذه التأملات آآ في كتاب الله تبارك وتعالى وسنبدأ بالتأملات في هذه السورة المباركة بسورة الحجرات وهذه السورة انما سميت بالحجرات لذكر لذكر الحجرات في هذه السورة لورود هذا اللفظ في هذه السورة كما في قوله تعالى ان الذين ينادونك من وراء الحجرات وهذا الغالب في تسمية سور القرآن ان السورة تسمى باسم لفظ ورد فيها مثل سورة ال عمران وسورة البقرة سورة المائدة سورة النساء سورة النمل سورة يوسف الغالب على تسمية سور القرآن انها تسمى بلفظ ورد في هذه السورة والمقصود ايها الاخوة من هذه السورة الكريمة المقصود من هذا من تسمية القرآن الكريم بهذا الاسم المقصود من ذلك هو حجرات النبي صلى الله عليه وسلم وبيوته ومساكنه وهذه الحجرات تضاف احيانا الى النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار انه بانيها وساكنها واشرف من سكنها كما قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبي فاضاف هذه البيوت الى النبي صلى الله عليه وسلم واحيانا يضيفها النبي صلى الله عليه وسلم يضيفها الله عز وجل الى ازواج النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عز وجل واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ايات الله والحكمة فاضاف هذه الحجرات الى ازواج النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار انهن ينتفعن بهذه البيوت ويسكن في هذه الحجرات المباركة والحجرات كما اشرت في حديثي هي مساكن النبي صلى الله عليه وسلم وامهات المؤمنين وهذه الحجرات لم يبنيها النبي صلى الله عليه وسلم الا بعد ان بنى مسجد المدينة باهمية العقيدة ومصلحة الامة وغرس الايمان في نفوس الناس على المصالح الشخصية فالنبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المدينة اول ما نزل في بيت ابي ايوب الانصاري ثم اول ما شرع لم يشرع ببناء بيت الله ولكنه قدم مصلحة الامة ومصلحة الدين على مصلحته الشخصية فبنى عليه الصلاة والسلام مسجده عليه الصلاة والسلام المعروف ولما انتهى من بناء هذا المسجد شرع بعد ذلك في في في بناء حجراته صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يبنيها هكذا دفعة واحدة وانما بناها بالتدريج وكان كلما تزوج امرأة بنى لها حجرة وبدأ بحجرة سودة رضي الله عنها ثم بعد ذلك بحجرة عائشة رضي الله تعالى عنه تعالى عنها وهذه الحجرات كانت بعضها في الناحية الشرقية من المسجد وهي اكثر الحجرات وبعضها هو ثلاث منها كانت في الشمال الغربي من المسجد حجرة صفية ورملة وجويرية كانت في الناحية الشمالية الغربية ولكن اكثر الحجرات كانت بجوار او في الناحية الشرقية من مسجده صلى الله عليه وسلم واقربها حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها التي هي مدفنه عليه الصلاة والسلام هذه الحجرات بناها حجرة حجرة حتى بلغت تسع حجرات وكانت اية في التواضع تعكس للانسان مدى تواضعه صلى الله عليه وسلم ومدى هوان الدنيا عنده فهي من اللبن والطيب وبعضها من الحجارة وجريد النخل وارتفاعها لا يجاوز خمسة اذرع بناها النبي صلى الله عليه وسلم بجوار المسجد وكان الوحي يتنزل على هذه الحجرات وهي حجرات مباركة ولهذا قال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه ما في قصيدته المشهورة بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتحمد الى ان قال بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد فبوركت يا قبر الرسول وبوركت بلاد ثوا فيها الرشيد المسدد صلى الله عليه وسلم فهذه الحجرات كان يتنزل فيها هذا الوحي عليه الصلاة والسلام ومنه كانت الامة تستفيد من هذه التوجيهات وهذه الايات التي اشرت الى تأثيرها وفضلها ومكانتها في حياة الامة الى ان قدمت هذه الحجرات في عهد الوليد بن عبدالملك ثم اراد ان يوسع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فكتب الى عمر ابن عبد العزيز اميره بالمدينة ان يهدم هذه الحجرات لتوسعة المسجد فهدمت الا حجرة عائشة رضي الله عنها باعتبار انها مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبنى عليها عمر بن عبدالعزيز بناء اه مخمس الاضلاع لا ابواب له حتى لا يتخذها الناس قبلة ويدخلون اليها فهدمت وادخلت في المسجد قالوا وما كان اكثر باكيا بالمدينة يومها الا يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالناس كانوا يودون ان تظل هذه الحجرات حتى يأتي اخر هذه الامة ويرون كيف كان يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم في تواضعه وبساطته عليه الصلاة والسلام فهذه الحجرات النبوية اشير اليها في هذه الاية ومن اجلها سميت هذه السورة بهذا الاسم الكريم هذه الحجرات النبوية على صاحبها افضل الصلاة والسلام كانت ابرز ملمح اشارت اليه الاية الكريمة وجاءت هذه السورة لتوجه الامة من خلال الحدث الذي وقع متعلقا بهذه الحجرات وهذا الحدث كما رواه البخاري في الصحيح ان وفدا من بني تميم قدموا الى النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة من الهجرة وهو عامل الوفود كما يسمى في السنة والسيرة فلما وفدوا الى المسجد وما وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم فاخذوا يصيحون يا محمد اخرج الينا بهذا اسلوب الاعرابي الغليظ والبعيد عن الادب مع النبي صلى الله عليه وسلم فانزل الله تعالى هذه السورة وقال الله عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله بدأ هذه السورة الكريمة بهذا النداء المحبب الى قلوب المؤمنين وتكرر هذا النداء في هذه السورة خمس مرات الاشارة الى ان هذه الاداب هي من لوازم الايمان ولهذا نقول دائما بان الادب والخلق وفرع عن الايمان وفرع عن العقيدة فسلامة الايمان والعقيدة يستلزم ادبا رفيعا وخلقا حسنا ولهذا ربطه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وثاق وشيج فقال عليه الصلاة والسلام لما سئل اي الناس اكمل ايمانا قال اكملهم خلقا. وفي رواية احسنهم خلقا بالاخلاق والاداب مرتبطة بقضية الايمان كلما علا نصيب الانسان من الايمان فرض عليه ذلك ان يكون اكمل الناس ادبا وخلقا كما هو حال اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تربوا على يديه وتشير اليه هذه السورة بعكس الاعراب الذين عاشوا بعيدا عنه صلى الله عليه وسلم فانه لم يتأدبوا بهذه الاداب الفاضلة فجاء هذا النداء يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله هذه قراءة الجمهور لا تقدم وقرأ يعقوب رحمه الله لا تقدموا بين يدي الله ورسوله وعلى الاول يكون هذا الفعل متعديا لا تقدموا ثم حذف المفعول لافادة العموم لان حذف المفعول عند علماء اللغة والاصول يفيد العموم لا تقدموا بين يدي الله ورسوله لا نقدم ماذا؟ سكت عنه فكان المعنى لا تقدموا بين يدي الله ورسوله شيئا من الاشياء وبالتالي يكون عاما في كل قول وفعل يشمل جميع الافعال والاقوال وبالتالي لا يسبقونه بالكلام اذا جاء وقت الحديث ولا يسبقونه في الطعام اذا حضر الطعام ولا يسبقونه في اي شيء لان من لوازم الايمان والاتباع التأخر التابع لا يكون امام المتبوع التابع يكون متأخرا عن المتبوع فاذا امنتم بهذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وهو قائدكم وامامكم فلا تتقدموا بين يديه والتقدم هنا عام واما اذا قلنا لا لا تتقدموا بالمعنى الاخر فهو فعل لازم يعني لا تكونوا قدامه وامامه وبين يديه عليه الصلاة والسلام المعنى اذا واحد وفيه هذا العموم الذي اشرت اليه وهو النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله التقدم بين يدي الله ورسوله. بعض الناس يفهمه فهما قاصرا ومحدودا بينما هو فهم عام يستوعب مجالات كثيرة في الحياة فاول مظاهر عدم التقدم بين يدي الله ورسوله هو التسليم للوحي ان نسلم انفسنا للوحي المتمثل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا نقدم عليهما شيئا من الاشياء لا نقدم عليهما رأيا من الاراء ولا فكرا من الافكار ولا عقيدة من العقائد ولا مذهبا من المذاهب ولا رأي شيخ من الشيوخ ما له التقديم هو الوحي لا نقدم بين يدي الله ورسوله عقولنا الضعيفة كثير من الناس يقرأ هذه الاية ولكن اذا جاءته المسائل والافكار قدم رأيه وفكره وعقله وذوقه على كلام الله ورسوله وذهب يبحث في حياته وفي سلوكه وفي منهج حياته عما قاله الشرق والغرب من النظريات والكلمات وترك هذا الكنز العظيم وهو الوحي الذي انزله الله سبحانه وتعالى فيكون كمن قدم علم الناس على علم رب العالمين على علم رب الناس الذي خلقهم لا تقدموا بين يدي الله ورسوله من مقتضيات هذا ان اسلم نفسي لوحي الله عز وجل ولا اقدم عليه رأيا فاذا اتضح كلام الله ورسوله وكان واضحا في الدلالة او نصا في الدلالة كان موقفك هو التسليم هذا هو اساس الايمان اساس الايمان ان تسلم لله ورسوله. حتى وان غاب سره وحكمته عن عقلك لان الايمان بالغيب ليس معناه ان تؤمن بما وراء هذا الكون فقط تصديقا لله ورسوله بل تؤمن بكل ما غاب عنك ما غاب عنك حكمته وسره مما جاء عن الله ورسوله الذين يؤمنون بالغيب حتى الحكمة بعض الناس اليوم يقول والله انا لا يعني لا اعمل الا بما اقتنع به ما اقتنع بالشيء ويدخل في دماغي واعرف سره وحكمته وعملت به وهذا المنطق يشترك فيه المؤمن والكافر لان الكافر ايضا اذا اقتنع بالشيء ووجد فيه مصلحة فانه يستجيب اليه فما الفرق بين المؤمن والكافر المؤمن يسلم بما جاء عن الله ورسوله حتى وان يدي الله ورسوله ولا يدرك هؤلاء ان العقل وان كان نعمة من نعم الله على الانسان بل هو الجوهر الذي يمتاز به الانسان ولكنهم جهلوا ان العقل يمتاز بصفات اولها المحدودية بمعنى ان العقل طاقة محدودة كسائر طاقات الانسان فانت بصرك لا ترى به الا الى مدى معين وبعد ذلك تحتاج الى مساعدة خارجية وسمعك لا يسمع الا الى بعد معين ويدك لا تحمل الا وزنا معينا وما زاد على ذلك يحتاج الى مساعدة وهكذا كل طاقات الانسان ومنها العقل العقل كذلك يفهم ويدرك ويستوعب ولكن الى مدى معين بعد ذلك يحتاج الى عون ومساعدة خارجية من الله سبحانه وتعالى ولهذا شبه العلماء علاقة الوحي بالعقل بالشمس مع البصر كما ان البصر وحدها في الظلام الدامس لا تفيدك ولا ترى شيئا لكنك تحتاج الى اضاءة كما في هذا المصلى او تحتاج الى الشمس المضيئة كما في خارج هذا المبنى في العقل الانسان محدود ثم بعد ذلك يمتاز بميزة اخرى وهي الاختلاف والتفاوت بمعنى ان هناك قدرا متفقا عليه من المعلومات بين الخلق وتسمى بالضروريات عند العلماء لكن ما زاد على ذلك تتفاوت فيه العقول فعقل يستحسن هذا الفعل وعقل اخر يستقبحه عقل يقبله وعقل يرفضه فمن سمات العقل انه مع كونه محدودا هو متفاوت ومختلف وفيه الميزة الثالثة وهي الخطيرة انها قوة غير معصومة غير معصومة بمعنى انها غير معصومة من الخطأ يمكن للانسان ان يفكر في شيء فيظن ان الصواب فيه كذا وكذا ولكن بعد فترة يتضح له انه ان عقله قد اخطأ في هذا المعنى قد تنقدح له شبهة من الشبه في حكم من احكام الله ورسوله كما فعل ابو العلاء المعري طب والعلاء المعري شاعر ورجل ذكي والذكاء من العمى وشعره يدل على ذكائه لكن هذا الذكي لما لما رأى ان اليد تقطع في ربع دينار وان ديتها نصف دية النفس خمس مئة دينار قال هذا تناقض كيف قدرناها هنا بربع دينار وهنا نقدرها بخمس مئة دينار فقال يد بخمس مئين عسجدا وديت ما بالها قطعت في ربع دينار. تناقض ما لنا الا السكوت له. وان نعوذ بمولانا من مع هذا بقي مؤمنا يعني نعوذ بمولانا من النار ولكن هذا الذكي لو اعمل عقله لرأى ان هذا التشريع هو عين الحكمة والعقل فان الله لو جعل دية اليد ربع دينار لتجرأ الناس على قطعها. يقول لك ايش هي يعني في النهار ربع دينارا ادفعه ولو جعل النصاب بالسرقة خمس مئة دينار لضاعت اموال الناس يعني كل من سرق اقل من هذا ما فيها قطع وبالتالي يتجرأ الناس على سرقة اموال الناس فعين الحكمة هو فيما شرعه الله سبحانه وتعالى لكن الانسان صاحب العقل الضعيف قد يظن انه ان العقل يفرض كذا وكذا ولكنه لو تأمل وتأنى ودقق وتدبر لرأى ان ما شرعه الله سبحانه وتعالى هو عين العقل والحكمة فمن هنا نقول ان هذه الاية تربي الامة على هذا المنهج وهو منهج ان نقدم الوحي على كل شيء اذا جاء عن الله ورسوله شيء وضعناه على رؤوسنا هذا هو اساس الايمان وهذا هو اساس التسليم ولا تقوم قدم الاسلام الا على ظهر التسليم والاستسلام. كما قال الطحاوي رحمه الله فهذا مبدأ نحتاج اليه ولا سيما في عصرنا هذا والمناهج الارضية والبشرية تعصف بالناس يمنة ويسرة اشتراكية رأسمالية علمانية القاب ما انزل الله بها من سلطان المؤمن في هذا العصر يتذكر هذه الاية. يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ويدخل في هذا التقديم ايضا ان الانسان يخوض في هذه الحياة وآآ يلقي الحبل على الغارب ولا يسأل عن حكم الله فيما يزاوله من الاعمال كثير منا سيدخل في التجارة ولا يكلف نفسه ان يسأله العلماء عما احل الله وما حرمه وهذا من التقدم بين يدي الله ورسوله وكل من بغير علم يعمل اعماله مردودة لا تقبل ومن هنا وجب على الانسان ان يتعلم ولا يمارس عملا الا ويعرف حكم الله فيه وهل هو مباح او غير مباح لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله ان الله سميع عليم سميع لاقوالكم وعليم بافعالكم ثم يأتي ليكرر النداء يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي هذا الغرض الثاني من السورة الهدف الاول من السورة تربية الامة على تقديس الوحي وتقديمه على كل شيء والادب الثاني او الغرض الثاني هو تربية الامة على الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض حتى في رفع الصوت لان الاعراب الذين جاءوا رفعوا اصواتهم بالنداء فناسب ان يوجهه القرآن الى هذا الادب وهذا من اساليب القرآن في في تربية الامة انه يربيهم من خلال الاحداث والمواقف ما يجمعهم هكذا في محاضرة نظرية وتنتهي الامور لكن القرآن نزل منجما فكان كلما وقعت حادثة جاء القرآن يعلق عليها لماذا؟ لان التربية بالاحداث هي التي تبقى ما ينساها الانسان لانها مرتبطة بحدث عملي التربية العملية اجدى في تغيير النفس من التربية النظرية البعيدة عن الواقع ولهذا جاء التوجيه هذا وتأخر الى ان وقعت هذه الحادثة وكان من اسباب هذه الحادثة ان النبي صلى الله عليه وسلم شاور اصحابه لمن يولي على هؤلاء القوم على بني تميم فاشار ابو بكر رضي الله عنه بان يولي القعقاع بن معبد وعمر رضي الله عنه اشار عليه بالاقرع بن حابس فتلاحي مع الجدل حتى ارتفعت اصواتهما بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدلنا على ان الناس يختلفون في تقويم الرجال وان نظرات الناس متفاوتة والشخص الواحد يختلف الحكم فيه بين الناس فابو بكر رضي الله عنه رأى قعقاع بن معبد هو اولى برئاسة هؤلاء وعمر رأى غير ذلك وتقويم الرجال دائما لا يجري على سنن واحد بل هو مظنة للاختلاف والتقويم وبعض الناس يقدمون فلانا واخرون يفضلون فلانا والنبي صلى الله عليه وسلم اقرهم على هذا الاختلاف في تقويم الرجال ولكن القرآن ما اقرهم على المبالغة في هذا الاختلاف حتى يصل الى ارتفاع الصوت والتلاحي بينه الطرفين فلما انزل الله هذه الاية استجابت قلوب ابي بكر وعمر رضي الله عنهما لانها قلوب نقية فقال ابو بكر والله يا رسول الله لا اكلمك الا كاخي السرار يعني كما يكلم الاخ اخاه في سر وعمر رضي الله عنه كذلك ولما نزلت هذه الايات جلس ثابت بن قيس بن شماس في بيته حزينا خائفا من حبوط عمله حتى افتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارسل رجلا يسأل عنه فلما دخل عليه قال والله اني رجل جهير الصوت واني اخشى ان اكون قد حبط عملي فانا من اهل النار وفي القلوب النقية التي يعني تحاسب نفسها وتخاف من الله عز وجل فلما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال له اما ترضى ان تعيش حميدا وتموت شهيدا وتدخل الجنة فشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بهذا فكان الصحابة يقولون وكنا نرى رجلا من اهل الجنة يمشي بيننا بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهكذا النفوس الطاهرة المؤمنة استفادت من هذا التوجيه وتنقاد سريعا الى التوجيه. بمجرد نزول الايات استجابت هذه القلوب وما عاندت وجادلت كما يفعل الذين في قلوبهم مرض ويحاولون ان يقدموا على امر الله اذواقهم ونفوسهم واستحساناتهم ونحو ذلك فهذا الادب علمه الله سبحانه وتعالى لهذه الامة وهو ادب كما يقول العلماء باق حتى بعد موته صلى الله عليه وسلم كما قال مالك رحمه الله حرمته يعني النبي صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا ولهذا مالك لما كان يحدث في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلب منه ان يتخذ مستمليا المستملي هو الشخص الذي يكون بجوار الشيخ ولكنه يرفع صوته بما يقول الشيخ لماذا ليبلغ البعيدين بكلام الراوي فتلا رحمه الله هذه الاية. يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض فرفض هذا ان يتخذ مستوليا كان شيخنا الشيخ عمر فلاتي رحمه الله يأخذ بهذا الادب وحلقته كانت اقرب حلقة الى الروضة الشريف وقيل له لم تتخذ آآ اما تتخذ مكبر الصوت فقال لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض قال بعض العلماء في هذه الاية بان الجهر هنا بمعنى النداء يعني لا تنادونه كما ينادي احدكم صاحبه باسمه الصريح يا محمد كما فعل الاعراب هؤلاء كما ينادي بعضكم بعضا ولكن نادوه بما يقتضي التبجيل والتأدب معه ويقال يا ايها النبي ويا رسول الله ونحو ذلك من الالفاظ بل ان هذا الادب هو الادب الذي جاء به القرآن فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في سياق النداء والخطاب الا بهذه الصفات يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك يا ايها النبي لما تحرموا ما حل الله لك وما خطب يا محمد بعكس الانبياء الاخرين يا ادم يا نوح يا ابراهيم حتى ابراهيم خليل الرحمن فالقرآن خاطبهم باسمائهم ولكن لما ياتي الى النبي صلى الله عليه وسلم ويخاطبه بهذا الوصف يا ايها الرسول كما في الاية الاخرى في سورة النور لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا فعلمهم الادب بالحديث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا تربوا على هذا النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في منتهى الصحابة رضي الله عنهم كانوا في منتهى الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال آآ اسامة بن شريك اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين اصحابه كانما على رؤوسهم الطير يعني من الهدوء والسكينة كأنما على رؤوسهم الطير لان الذي على رأسه طير يحاول ان يكون ساكنا وهادئا حتى لا يطير هذا كأنما على رؤوسهم الطهير وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم احب الناس اليه وما كنت استطيع ان املأ عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني من تعظيم الادب مع رسول الله ما كانوا يحدقون ويطيلون النظر في وجهه عليه الصلاة والسلام وانما كانوا يغضون البصر كما يغضون الصوت في مجلسه عليه الصلاة والسلام حتى قال عروة بن مسعود يا معشر قريش والله لقد اتيت لقد اتيت كسرى في قومي وهرقلة في قومي والنجاشي في قومه ووالله ما رأيت احدا يعظم احدا كما يعظم اصحاب محمد محمدا صلى الله عليه وسلم وضعت للتعظيم ولكن العرب اذا ارادت ان تصغر الانسان نسبته الى الابن ابن فلان لقد امر ابن ابي امر ابن ابي كبش لكن اذا ارادوا ان يعظموا الانسان كالنوم فهو في مقام فكانوا في منتهى الادب وحتى كما جاء في بعض الروايات اذا قرعوا بابه قرعوا بابه بالاظافر حتى لا يعني آآ يزعجوه ويؤذوه عليه الصلاة والسلام فكانوا في منتهى الادب وهذا ادب كما قال العلماء يعني ادب عام لم ينسخه شيء الى يوم القيامة الادب الان مع اه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يذكر يذكر بالادب بل حتى عندما يذكر حديثه وتذكر سنته صلى الله عليه وسلم يكون الانسان في منتهى الادب كأنما رسول الله بين يديه وهكذا كان عبدالرحمن بن مهدي ومالك بن انس وغيره من العلماء اذا ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم انصتوا وامروا الناس بالانصات عملا بهذه الاية الكريمة ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى يعني اخلصها للتقوى وهذا يدلنا على ان الامتحان فائدته هو تربية النفس. الله تعالى يمتحن الانسان ويبتليه ويبتلي عباده الصالحين حتى تزداد تألقا كما قال بعض السلف دخل الامام احمد في الفتنة وخرج منها كالذهب الاحمر يعني الفتنة هذه زادته تألقا وزادته ايمانا وزادته تباتا على على الطريق والله سبحانه وتعالى مدح هؤلاء بهذه الاداب وهي اداب باقية لان حرمته صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا بل كان من اه ادب السلف رضي الله عنهم انهم يمزحون وآآ يتبسطون في القول والفعل ولكن اذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خشعت قلوبه كما قال بعض الرواد في الزهري قال كان من اقرب الناس واكثرهم فكاهة صاحب انس وابتسامة ونكتة وطرفة فاذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعرفك ولم تعرفه كأنه رجل اخر لماذا تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وادبا له فهذا الغرض الثاني والادب الثاني الذي نتعلمه من هذه السورة الادب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والادب مع رسول الله ادب مع سنته صلى الله عليه وسلم يتأدب مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونعظمها ونحترمها ثم قال بعد ذلك ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى. لهم مغفرة واجر عظيم ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون وهذا يدلنا على ان الادب والخلق كما ذكرت في اول حديثي هو مرتبط بالايمان والعقيدة ومرتبط بالعقل ايضا بمعنى ان كلما كان الانسان اعقل كلما كان اكثر ادبا ولهذا يقول العلماء الادب عنوان سعادة المرء كما ان قلة الادب عنوان شقاوته وما استجلب خير الدنيا والاخرة بمثل الادب كما قال ابن القيم رحمه الله وهذا كله ادب هذه الايات التي ذهبت من اولها الى اخرها هي ادم تدل على كمال الانسان وان الانسان المؤمن يجب ان يكون صاحب ادب رفيع في كلامه في افعاله في علاقاته هذه الاية يسميها العلماء هذه السورة يسميها العلماء سورة مكارم الاخلاق لماذا؟ لانها تعلمك هذه الاخلاق وهذه الاداب وتنظم ايضا علاقتك بالاخرين الادب مع الله ورسوله في اول اية بعد ذلك الادب مع رسول الله وبعد ذلك سيأتي الادب مع المؤمنين بالحقوق الاخلاقية النهي عن سوء الظن النهي عن الغيبة والنميمة وغير ذلك هذه كلها اداب واخلاق فالادب مرتبط بالعقل كلما كان الانسان عاقلا كلما كان مؤدبا وكلما كان الانسان ضعيف العقل احمق كلما كان اسوأ ادبا فالادب هو عنوان سعادة الانسان كما ان قلته عنوان شقاوته ولاحظوا ادب ابي بكر رضي الله عنه عندما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم لامر خرج اليه في بني عمر ابن عوف فجاء بلال الى ابي بكر رضي الله عنه وقال لقد حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم واني ارى ان تصلي بالناس لانه جاء وقت الاقامة وتأخر النبي صلى الله عليه وسلم فتقدم ابو بكر وصلى بالناس وهو قائم في الصلاة جاء النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ما احس به ابو بكر لانه كان يقبل في صلاته ولا يلتفت الى شيء في عالم اخر حتى اكثر الناس وصفقوا فانتبه فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يديه وحمد الله ثم رجع القهقرة فاشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم نصلي بالناس يناسبه التواضع فقال ما كان لابن ابي قحاف ان يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن القيم يقول هذه الخطوات التي اطه ابو بكر للخلف هي كانت في الظاهر رجوعا الى الخلف ولكنه تقدم بها الى الامام مراحل تنقطع فيها اعناق المطيء حتى قاد امة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده وهكذا الادب هكذا الادب يوصل الانسان الى هذه المقامات الرفيعة ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم لو صبروا بدل هذا هذا الزعيق ورفع الاصوات اخرج الينا يا محمد فان مدحي زيد وذمي شين لو انهم صبروا حتى يخرج اليهم النبي صلى الله عليه وسلم فكان هذا خيرا له ولهذا كان ابن عباس وبعض الصحابة يتأولون هذه الاية حتى في في لزوم العلماء والاخذ عنه فكان اذا جاء الى باب احد من العلماء الانصار لا يطرق عليه الباب بل ينتظر حتى يخرج وربما جلس عند الباب تسفه الريح بالتراب لكن يصبر متأولا لهذه الاية ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا له