يزداد بالاحسان. الله جمله. كما يا رمضان عقد من الايمان ازداد بالاحسان. الله جمله ثم انه يطيب لي في هذه الامسية الطيبة من ليالي هذا الشهر المبارك شهر رمضان شهر القرآن ان نجتمع على مائدة القرآن كيف لا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدارسه جبريل القرآن في شهر رمضان. فحري بنا معشر المؤمنين والمؤمنات ان نولي كتاب الله تعالى اهتمامنا وعنايتنا وان نستنبط ما فيه من دروس وعبر وعظات وايات ودلالات. وسنشتغل في هذه اللقاءات المتتابعة بهذه السورة التي هي من انعم سور القرآن واحسنها سجعة وتطرب لها الاذن الا وهي سورة طه. فان هذه السورة العظيمة قد شغل معظمها بذكر قصة موسى عليه السلام وبقي جزء في اخرها ذكر الله تعالى حال فيه ما يجري في آآ ختام هذه الدنيا وكذلك ايضا طرفا من قصة ادم عليه السلام والايات المنتخبة في هذه الجلسة هي قول الله عز وجل وهل اتاك حديث موسى اذ انار فقال لاهلهم كثوا اني انست نارا لعلي اتيكم منها بقبص او اجد على هدى فلما اتاها نودي يا موسى اني انا ربك فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى وانا اخترتك فاستمع لما يوحى. انني انا الله لا اله الا انا فاعبدني. واقم الصلاة لذكري ان الساعة اتية اكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى. ايها الكرام ايتها الكريمات اول ما يلفت انتباهنا في هذا السياق هو هذا التفخيم والتعظيم لهذه الحادثة. اذ ان الله تعالى قد قال وهل ذاك حديث موسى مما يدل على التهيئة والعناية بهذه الحكاية. والقرآن العظيم يستخدم مثل كهذا الاسلوب في الامور العظيمة التي يريد لفت الانتباه اليها كقول الله تعالى هل اتاك حديث الغاشية فها هنا يقول وهل اتاك حديث موسى وحديث موسى حديث طويل له فصول متعددة لكن الله وتعالى ذكر ها هنا قطعة من سيرته عليه الصلاة والسلام لعلها اشرف حدث في حياته كما سيتبين فان قد علمنا من سيرته عليه السلام انه لبث في اهل مدينة بضع سنين نحو او عشر سنين فلما قضى موسى الاجل سار باهله. سار باهله في ليلة بارزة شاتية. ثم قدر الله تعالى ان يضل الطريق. فذكر الله تعالى هذا المشهد العجيب المهيب وهل اتاك حديث موسى اذ رأى نارا فقال لاهلهم كثوا. لا ريب ان ما انتهى الطريق يتحسس يمنة ويسرة ويطوح ببصره ليبحث عمن يدله على الطريق. فاذا به يلمح من بعد ما هو نار مضيئة فحين اذ قال لاهله امكثوا وها هنا ايها الكرام فائدة وهو انه ينبغي للتائهين لا يتفرق في الطلب. بل ينبغي ان يمكث بعضهم وان يذهب بعضهم. بحيث اذا رجع الذاهب رجع الى في موضع يجد فيه اصحابه ويمكن ان نستدل لهذا المعنى ايضا في قصة عائشة رضي الله عنها قصة الافك حينما سار قوم ولم يشعروا بانها ذهبت في قضاء حاجتها واحتملوا الهودج. فلما عادت لم تجدهم فمكثت في موضع حتى عاد من عاد. لهذا قال موسى وهذا من حكمته وحسن تدبيره قال لاهله يعني ومن معه معه في ركبه قد لا يكون فقط مجرد زوجته. امكثوا اني انست نارا. ثم بين لهم الحامل له على قص تلكم النار. قال لعلي اتيكم منها بقبس او اجد على النار هدى وهذا يدلنا يا كرام على ان الانسان لابد ان يحدد هدفه والا يتصرف تصرفا غير مدروس فان من الناس من قد يمر بالحادث المروري بتجمع من التجمعات فيقف ويذهب ويقتحم المكان وليس له هدف محدد سوى مجرد الاستطلاع. وذلك لا يغني شيئا. اما موسى عليه السلام فقد حدد هدف او احد هدفين مفيدين. فقال لعلي اتيكم منها بقبس. وجاء في اية اخرى جذوة من النار لعلكم تصطلون. اذ كانوا في ليلة شاتية مقرورة فهم بحاجة الى الدفء. فهذا غرض صحيح قال او اجد على النار هدى اي اجد عند تلكم النار من يدلنا الى وجهتنا فكلا الهدفين هدف مشروع المطلوب فمضى عليه الصلاة والسلام فلما اتاها اتى ماذا؟ اتى النار تبين ان تلكم النار هي حجاب الرب سبحانه وتعالى. اذ ان حجابه النور وفي لفظ حجابه النار. لو كشفه احرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه. هكذا جاء في الحديث الصحيح. قال حجابه النور لو كشفه لاحرق سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه. فهو نور مشرق ونار تحرق. وآآ اراد الله تعالى بهذا النبي الكريم كرامة ما بعدها كرامة. ان يكون كليم الرحمن. فحينئذ ومن ذلك الموضع في ذلك المكان المقدس في الوادي المقدس طوى ومن جانبه الايمن. من جانب الطور الايمن ناداه ربه فلما اتاها نودي يا موسى اني انا ربك. وفي هذه الجملة ما يدلنا على ان اعظم تعريف له سبحانه هو الرب. اذا ان هذا امر مركوز في الفطر. فان الرب هو الخالق المالك المدبر وهذا لا يخفى على احد. لا يمكن لاحد ان يتنكر للربوبية. ولهذا لما تنكر لما تنكر لها فرعون وملأه قال الله عنهم وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا. قال اني انا ربك فاخلع نعليك. وفي هذه الجملة ما يدل على انه ينبغي للمرء ان يتهيأ مناسباتي الكريمة ولمناجاة الرب عز وجل بما يليق. لهذا امره الله تعالى ان يخلع نعليه وقد قيل انه كان ينتعل نعلا من جلد حمار وهو نجس. ولكن هذا لا يثبت بحديث صحيح وانما ربما كان ذلك دليلا على ان هذا من التطهر والتنزه في شرع من قبلنا. واما ففي شرعنا فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يصلي في نعليه. قال له ربه فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى. فاخبره الله تعالى انه ربه واخبره بذلك المكان الشريف. ثم انه قال له سبحانه وانا اخترتك فاستمع لما يوحى. لله دره ما اعظم حظة ان يختاره ربه؟ وفي هذا دليل يا كرام ويا ايتها الكريمات ان النبوة والرسالة محض اصطفاء من الله الله عز وجل الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. ليست النبوة كما يدل كما يظن زنادقة الصوف انها تحصل بالرياضة والمجاهدة. كما حاول بعضهم ان يصل اليها بذلك. وليست النبوة ايضا ناشئة كما يزعم ملاحدة الفلاسفة عن اجتماع قوى معينة في الانسان. لا لا هذا ولا هذا وانما هي محض الصفات من الله كما قال ربنا عز وجل الله اعلم حيث يجعل رسالته. الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس واصطفاؤه واختياره عن علم وحكمة. وذلك لما اودع في هؤلاء الانبياء والمرسلين من الكمالات البشرية التي لا تجتمع في غيرهم. وانا اخترتك فاستمع لما يوحى. وفي هذه الجملة فاستمع لما يوحى دليل على وجوب لفت الانتباه للامور المهمة العظيمة حتى يوليها الانسان اهتمامه. وفرق بين السماع فان السماع امر عفوي يقع لكل احد بمجرد ان يقرع الصوت طبلة الاذن ولكن الاستماع كما قال الله عز وجل ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد فالقاء السمع يعني ان يتوجه الانسان بكليته لسماع ما يلقى عليه. الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه وفي هذا دليل ايها الكرام على عقيدة اهل السنة والجماعة وهو ان الله سبحانه وتعالى متصف بصفة الكلام وانه سبحانه وبحمده يتكلم بكلام حقيقي يليق بجلاله وعظمته لا يشبه كلام المخلوقين. يتكلم بكلام يسمعه من شاء من عباده فقد اسمعه الابوين في الجنة ويسمعه جبريل والملائكة او من شاء منهم اسمعه محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج واسمعه موسى ولهذا قال الله تعالى وكلم الله موسى تكليما ويكلم عيسى يوم القيامة ويقول اذكروا نعمتي عليك وعلى والدتك. ويقول له اانت قلت للناس اتخذوه وامي الهين من دون الله الى غير ذلك من الشواهد الدالة على ان الله تعالى له صفة الكلام قطعا. كما ان كلام سبحانه وتعالى يتصرف ويتنوع. فتارة يكون مناداة وهو الصوت لمن بعد. وتارة يكون مناجاة وهو الصوت لمن قرب وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا. اني انا ربك وكفى اخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى وانا اخترتك. فاستمع لما يوحى انني انا الله لا اله الا انا فاعبده واقم الصلاة لذكري. اي والله. ان هذا حقيق بالاستماع. لانه اساس الملة واصل الدين. وهو ان يعلم الانسان ان ربه هو مألوهه اي معبوده. اذ الاله معناه الذي تألهه القلوب محبة وتعظيما. وذلك لانه سبحانه قد جمع صفات الكمال ونعوت الجلال فكان حقيقا بان يعبد وحده لا يشرك معه احد غيره. لهذا قال انني انا الله لا اله الا انا. وهذه الجملة هي التي اتى بها جميع الانبياء والمرسلين والمرسلون. فما فبعث الله نبيا قط الا بادئ قومه بهذه الجملة. يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدوه فاعبدوه. لهذا قال ها هنا فاعبدني. والعبادة ايها الكرام هي وظيفة العبد هي وظيفة المخلوق. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وحقيقة العبادة هي كمال المحبة مع كمال الخضوع يعني كمال التأله والوله والتعلق والانجذاب نحو الله عز وجل مقرونا بالذل والخضوع. هكذا هكذا تكون العبادة. هذا لبها وهذه حقيقتها. اما العبادة من حيث المتعبد به فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والافعال الظاهرة والباطنة. لهذا قال فاعبدني واقم الصلاة والصلاة نوع من العبادة. لكن لما كانت الصلاة هي اشرف انواع العبادة خصها بالذكر. فيكون ذلك من باب عطف الخاص على العام. فاعبدني واقم الصلاة لذكري. ذلك يا كرام ان الصلاة تجمع انواع عبودية عبودية القلب وعبودية اللسان وعبودية الجوارح. فلا يجتمع ذلك في عبادة كالصلاة بقيامها وقعودها ودعائها وذكرها فامر الصلاة جد عظيم. الصلاة نور. وتأملوا قوله وهو اخص مما مضى واقم الصلاة لذكري. مما يدل على ان لب الصلاة والمقصود الاعظم منها تحقيق ذكر الله بان يكون القلب معمورا بذكر الله سبحانه وتعالى. فالمقصود من الصلاة هو ان يعمر القلب بوظيفته التي خلق من اجلها فيكون موصولا بالله سبحانه وتعالى. تأملوا قول الله تعالى اتلوا ما اوحي اليك من الكتاب واقم الصلاة. ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر. يعني اكبر من نهيها عن الفحشاء والمنكر. فاعظم ما يجب ان يحققه العبد في صلاته هو ان يذكر الله ان يكون قلبه موصولا بالله. ثم نبهه على امر قرين بالايمان به لا يكاد ينفك عنه شواهده في القرآن بالعشرات. الا وهو قول الله تعالى ان الساعة اتية اكاد اخفيها. فالايمان باليوم الاخر قرين الايمان بالله. كثيرا ما يذكر الله الايمان به ثم يقرن به الايمان باليوم ومن الاخر ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب. ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر. لقد كان لكم في رسول الله اسوة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر. والساعة هي اول احداث اليوم الاخر. اذ ان الساعة اذان بانكثار نظام العالم وتحلله وتفككه وما بعدها تبع لها. ولهذا قال ها هنا ان الساعة اتية اكى اخفيها. وذلك ان الله تعالى ظن بعلم الساعة فلم يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا. ولما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم قال فاخبرني عن الساعة. قال ما المسئول عنها باعلم من السائل؟ فاعظم رسول ملكي واعظم وصول بشري لا يعلمان متى الساعة. قال الله قال نبينا صلى الله عليه وسلم مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن الا الله ثم تلا قول الله تعالى ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث الى اخره. فكل من ادعى علم الساعة فهو كاذب. قل لا من في السماوات والارض الغيب الا الله وما يشعرون اي ان يبعثون. اذا ان الساعة اتية اكاد اخفيها وانما عبر بهذا التعبير لان الله تعالى قد جعل للساعة اشراطا وعلامات فهل ينظرون الا الساعة ان تأتيهم بغتة فقد جاء اشراطها. فقد جعل الله لها اشراطا كبرى واشراطا صغرى ليستعد الناس لها ويتهيأ ويستعد للقائها. لتجزى كل نفس كل نفس بما تسعى. اذا هذه حكمة الخلق فمحل الاهتمام والعناية بالساعة لما يترتب عليها من الجزاء وعلى الاعمال ان خيرا فخير وان شرا فشر واعلموا يا كرام ويا ايتها الكريمات ومن بلغ ان هذه الامور الثلاثة مقترنة في كل رسالة انزلها الله تعالى الا على كل نبي ارسله. الا وهي الايمان بالله والايمان باليوم الاخر والعمل الصالح. والدليل على ذلك قوله تعالى ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين. تأمل من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا. وقد اشار الى هذه الثلاث في هذا السياق. فقال انني انا الله لا اله الا انا فاعبدني. اذا ذكر عرف بنفسه وامر بعبادته ثم ذكر اليوم الاخر بقوله ان الساعة اتية اكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما ثم قال وهذا ملحظ مهم علينا ايها الكرام ان نوليه اهتمامنا وان نطبقه في واقعنا فلا يصدنا انك عنها من لا يؤمن بها واتبعها هواه فترضى. اي والله. هناك من يصدون عن ذكر الموت هناك من يصدون عن ذكر الساعة. هناك من يعيبون على الوعاظ. اذا ذكروا بالموت وبالاخرة قالوا انتم تنشرون ثقافة الموت انتم تعيشون في عالم اخر وينفرون منهم. ما اشبه هؤلاء بالنعام. النعامة تدس رأسها في التراب تظن ان الصياد لا يراها. فما هو الا ان يفجأهم الموت. بل قد قال نبينا صلى الله عليه وسلم اكثروا من ذكر هادم الموت لهذا قال فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه. اذا هم صنفان ملاحدة يشككون بالبعث وينكرون اخراج الله اخراج الله الموتى آآ من قبورهم. وهؤلاء ملاحدة. الصنف الثاني اصحاب الهوى والشهوات فلا يصدنك عنها بل لا يؤمن بها واتبع هواه. فان اصحاب الهوى والشهوات اعني بهم الدنيويين العلمانيين الذين لا يفكرون الا في الدنيا فقط هؤلاء يكرهون الموت والدار الاخرة ويرون ان الانسان ينبغي ان يستفرغ وسعه وجهده في جمع الملاذ والشهوات في هذه الدنيا والا يعكر مزاجه بذكر الموت والاخرة. لهذا حذر الله منهم. حذر عبده موسى ومن وراءه من المؤمنين فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى فان اتباع هؤلاء سبيل للوقوع في واختم ايها الكرام بهذه القطعة التي اراد الله تعالى بها ان ينفس الروعة ويذهبه عن عبده وكليمه موسى. فقد توجه سبحانه وتعالى له بالمسائلة. فقال وما تلك بيمينك يا موسى؟ وهذا ايها الكرام يدلنا على انه ينبغي ان يؤانس المخاطب. ولو بسؤاله عن امر يعلمه السائل. وذلك لكي يخرج ما في نفسه ويزول هذا التأزم الذي قد يصيبه. قال وما تلك بيمينك يا موسى؟ فحينئذ انطلق موسى عليه السلام قال هي عصاي اتوكأ عليها واهش بها على غنمي ولي فيها مآرب اخرى. وقد كان يكفيه عليه السلام يقول هي عصاي لكن لما كان السؤال محتملا للسؤال عن عينها ومنفعتها اطنب رضي الله عليه الصلاة والسلام في الجواب واسترسل. لانه كان متلذذا بالخطاب مع ربه. فاخبر عن ذاتها وحقيقتها فقال هي عصاي. ثم بين منافعها اتوكأ عليها. وذلك ان العصا تعين الانسان في مسيره فلو اه فقد توازنه واختل اتكأ عليها اتوكأ عليها وماذا ايضا؟ ثم نفع متعد الى الغير واهش بها على ومعنى اهش بها على غنمي لا كما يتوهم بعض الناس انه يسوق الغنم بها لا المراد انه يضرب الشجر بالذات شجر الخبط الذي فيه ورق فيضرب بها الشجر فيتحات الورق على الارض فتأكله غنمه. وهذا دليل على ان موسى عليه السلام آآ رفيق حتى بالبهائم. رفيق بالحيوان. ودليل على ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من نبي الا ورع الغنم. قال ولي فيها مآرب اخرى. فما احسن جوابه عليه الصلاة والسلام فقد ذكر عينها ومنفعتها ولم يستطرد في ذكر منافعه الاخرى واكتفى بالاجمال فقال ولي فيها مآرب اخرى قال القها يا موسى وهي لا تعدو ان تكون جدلا او جذعا من شجر فالقاها فاذا هي حية تسعى الله اكبر هذه العصا التي كانت منتزعة من شجرة من الشجر اذا بها تتحول الى ثعبان مبين يتراقص يتحرك ففزع موسى عليه السلام وفي موضع اخر انه ولى مدبرا ولم يعقب. وهذا دليل على ان الخوف لا يلام عليه صاحبه. بل حتى الفرار مما يؤذيه هذا رد فعل طبيعي لا يعاب عليه صاحبه. لكن الله فقال خذها ولا تخف. سنعيدها سيرتها الاولى. فمد موسى يده الى هذه الثعبان ملتوية فما ان وضع يده عليها حتى انتصبت عصا كما كانت على هيئتها الاولى كما اخبر الله تعالى قال خذها لا تخف سنعيدها سيرتها الاولى. وهذا ايها الكرام دليل على قدرة الله تعالى على قلب الاعيان. في قلب الشيء من شيء الى شيء. وان ذلك ليس مجرد تخييب. وتأملوا كيف انه قال في الاية. فاذا هي حية تسعى لماذا قال تسعى لكي يحقق الوصف الذي يدل على انها تحولت تحولا حقيقيا وان ذلك ليس مجرد تخييل للاعين. سنعيدها سيرتها الاولى. هذه واحدة. وادخل يدك في جيبك والجيب هو اه محل مدخل الرأس من الثوب وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء. سبحان الله وقال في اية اخرى واضمم يدك الى جناحك وجناح الانسان هو عضده اية اخرى فما ان ادخل يده جيبي في جيبه ووضعها تحت عضده. ثم رفعها واذا بها بيضاء. منيرة تتلألأ وليس ذلك عيب فيها لهذا قال تخرج بيضاء من غير سوء. وهذا يدلنا على انه ينبغي الاحتراز في المواضع التي يمكن ان تؤدي الى وهن. لهذا قال من غير سوء. يعني ان ذلك البياض ليس ناشئا عن برص او عيب او نحو ذلك. اية اخرى اراد سبحانه ان يطمئنه وان يريه عظيم قدرته. لكي يطمئن ويحس انه الى جناب ربه. لنري من اياتنا الكبرى. وهذا دليل على ان ايات الله تعالى تنقسم الى قسمين. كبرى وصغرى. فاما الايات الكبرى فقد اختص الله بها الانبياء. مثل انشقاق القمر لنبينا صلى الله عليه وسلم. ومثل اه تحول العصا الى حية ومثل انفلاق الصخرة لصالح وخروج ناقة عشراء منها. هذه ايات كبرى لا يخطر ببال البشر ان تقع ففيها خرق للعادة من غير سبق. وهناك ايات صغرى تقع للانبياء الاولياء فهناك ايات يمكن ان يجريها الله تعالى على يد بعض اوليائه من دون الانبياء تكون خرقا للعادة لكنها لا تبلغ في جنسها ونوعها مبلغ الايات الكبرى. هذه بعض الدلالات والفوائد والعبر والعظات من هذه الايات. وللحديث صلة ان شاء الله. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين