يزداد بالاحسان. الله جمله. كما يا رمضان عقد من الايمان ازداد بالاحسان. الله جمله بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. مرحبا بكم معشر الصائمين القائمين والقائمات على مأدبة القرآن. وكنا في حلقة مضت قد رأينا من تدبير الله تعالى لعبده موسى عجبا. لقد مضى موسى عليه السلام يلتمس النور المادي يلتمس قبسا فهداه الله الى النور المعنوي. لقد مضى موسى عليه السلام نحو تلكم النار يلتمس هدى اي هداية الطريق. فاعاظه الله تعالى بالهداية الايمانية الشرعية وهذا من حسن صنيع الله تعالى بعبده حيث قاده الله تعالى الى اشرف موضع في اشرف حال تمر به. حيث كلمه الله وناداه وناجاه. وناديناه من بالطور الايمن وقربناه نجيا. عرفه الله تعالى بنفسه. قال انني انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلاة لذكري ان الساعة اتية اكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى. ولما ربه واراه ايتين عظيمتين من اياته امره ان يلقي العصا فاذا به يستحيل الى افعى وامره ان يدخل يده في جيبه فاذا هي بيضاء تلوح من غير سوء. امتلأ قلبه تعظيما لربه واجلالا له ومحبة له وتعلقا به ثم بعد ذلك خاطبه ربه بخطاب بين واضح قائلا له اذهب الى فرعون انه طغى. بهذا صار رسولا وهذا يدل يا كرام على صحة قول من قال في الفرق بين الرسول والنبي ان الرسول هو من ارسل الى قوم مخالفين وان النبي هو الذي يبعث في قوم موافقين. فالرسول هو الذي يبعث الى قوم مخالفين ليدعوهم الى الله تعالى ويخرجهم من الظلمات الى النور. واما النبي فهو الذي يبعث في قوم مؤمنين موافقين ليعلمهم ويقضي بينهم وتأملوا قول الله عز وجل عن فرعون انه طغى. نعم ان الطغيان هو تجاوز ذو الحج وقد بلغ الطغيان بفرعون مبلغا لم يبلغه بشر. طغيان في نفسه وطغيان في عملا. اما طغيانه في نفسه فادعاؤه العريض. الربوبية والالوهية. لقد قال ذلك البشر الذي خرج من شق من شقوق الارض قال ذلك البشر انا ربكم الاعلى. وقال ما علمت لكم من اله غيري كما انه طغى بفعله حينما جعل اهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح ابناءهم تحكي نساءهم. لهذا انبأه الله تعالى بما هو مقدم عليه. وان الذي ارسله اليه من وصفه الطغيان وهذا من الحكمة وهو انه ينبغي لمن كلف بمهمة ان يبصر بها وان يعرف ما هو مقدم عليه. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه الى اليمن قال انك تأتي قوما اهل كتاب ليكون الداعية الى الله على بينة بمن يدعوهم ومعرفتهم بحالهم. ثم تأملوا ايها الكرام ويا ايتها الكريمات ومن بلغ رد فعل موسى عليه السلام. هل هل تردد؟ هل اعترض؟ هل قال كلا ولكن ربما لعل لا والله. لقد تلقى ربه عز وجل بانشراح صدر فرأسا قال لربه رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة مني لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من اهلي هارون اخي اشدد به ازري واشركه في امري. وهكذا ينبغي في ان يكون حال المؤمن حال حال القبول اذا اتاه امر الله تعالى تلقاه بالقبول والرضا والطمأنينة وعدم الاعتراض انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا يقول الله عز وجل فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما ما قضيت ويسلم تسليما. وبعض المسلمين حينما يقال لهم قال الله قال رسوله تجد منهم ترددا وتلكأ وربما اعترض بعضهم وقال لماذا كيف لما الى غير ذلك؟ ما هكذا يكون حال المؤمن بل حال المؤمن كحال موسى عليه السلام لم يعترض على امر ربه بل استعان بمعبوده للوصول الى مقصوده. وفي هذه الدعوات الطيبات التي دعا بها موسى عليه السلام بيان لاركان الدعوة. تأملوا معي قال رب اشرح لي صدري. اذا من مقومات الدعوة انشراح الصدر. ويسر لي امري وتيسير الامور. واحلل عقدة من لساني البيان والفصاحة يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من اهلي المعين والمشير الذي يعبده ويشده تأملوا فيها واحدة واحدة. اما اولى هذه الاوصاف فهي انشراح الصدر. لا يمكن للداعية الى الله عز وجل ان يكون ضيق العطن. ان يكون ضيق الصدر لانه اذا كان كذلك فلن يتمكن من تحمل اعباء دعوة وما يقع عليه من الاذى المعنوي والاذى الحسي. سوف يتشوش لادنى ملابسة. سوف يتعكر ومزاجه ويضيق ذرعا بالناس. وحينئذ لن يتمكن من الاستمرار. فمن تصدى لامر الدعوة الى الله الله عز وجل يجب ان يكون واسع الصدر. يجب ان يكون منشرحا لامر ربه متهيأ لتقبل كل ما يقع عليه. اذا هذا اول الشروط وهو انشراح الصدر. ويطلب من الله عز وجل. قال رب اشرح لي ادري ويسر لي امري. والسؤال بتيسير الصدر بتيسير الامر يتناول جميع الامور بان هيأ الله تعالى للداعية الاسباب التي تعينه على تحقيق مقاصده. سواء كانت اسبابا فنية او عملية وهذا امر آآ ينبغي ان يجتهد الداعية الى الله عز وجل في توفيره. وتدبيره لكي يحصل له مراد تيسير الامور انما يكون من الله عز وجل. فلا يعتمد الانسان على كد يمينه وعرق جبينه بل لابد له من سؤال ربه عز وجل ان ييسر امره. واحلل عقدة من لساني. قيل ان هذا الدعاء لان موسى عليه السلام كان فيه نوع آآ حبس في اللسان. ويدل على هذا قوله تعالى في السورة الاخرى واخي هارون هو افصح مني. فقد كان هارون اطلق لسانا منه. وقد علم موسى عليه سلام ان من شأن الدعوة الى الله عز وجل ان يكون الانسان ذا بيان لكي يتمكن من ايصال دعوته وفكرته الى المخاطبة فهذا من اعظم الامور التي ينبغي فهذا من اعظم الامور التي ينبغي للداعية الى الله ان يسعى في تحصيلها وهو ان اه يرفع من مستواه البياني بحيث يجلي عن الحقيقة بوجه مشرق ويجعلها محل تشوق من السامعين. فان من البيان لسحرا وان من الشعر لحكمة فهذا امر مما ينبغي التفطن له. واما ما قد قيل في بعض الاسرائيليات ان موسى عليه السلام في صغره اراد ان يمتحنه فرعون فقدم له تمرة وجمرة فاخذ الجمرة في فيه فهذا محظ خيال. لان المرء عن الطفل لا يتمكن من الامساك بالجمرة فضلا عن ان يضعها في فيه. فهذا مجرد نسج خيال لا صحة له. وانما كان موسى عليه السلام ربما كان يعاني مما يعاني منه بعض الادميين من صعوبات النطق فسأل الله سبحانه وتعالى ان لسانه وبيانه. لهذا قال وحل العقدة من لساني يفقه قولي. ذلكم يا كرام ان من قبول الدعوة ان يفقهها السامع فان لم يفقه فانه لن ينتفع. قال الله تعالى افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها؟ فاذا كان على القلب قفل يمنع من قبول الحق فلا يمكن ان يحصل المراد لهذا كان لا بد من الاجتهاد في بيان المراد. وان يكون المتكلم بامر دعوة مفوهة قادرا على ان ينقل الفكرة الى المخاطبين بايسر عبارة واجمل اسلوب ثم انه قال بعد ذلك واجعل لي وزيرا من اهلي هذا يدلنا يا كرام على انه لا غنى للمؤمن من اخيه اخاك اخاك ان من لا اخا له كساع الى الهيجا بغير سلاح. فلا غنى للمؤمن عن اخيه المؤمن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين اصابعه. ولما ذكر الله تعالى الدعوة قال سبحانه قل هذه سبيلي. ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني. اذا الدعوة مشروع جماعي لا يستقل به فرد واحد بل لابد له من اعوان وانصار يؤازرونه ويعينونه على مشروعه. وتأمل كيف ان موسى عليه السلام كان برا باقرب الناس اليه برا باهله. القرار هم اولى الناس ببرك. لهذا قال واجعل لي وزيرا من اهلي. فان اهل المرء وذووه فان اهل المرء وذويه هم اشد عاطفة تجاهه. واقرب اه الى ما ما في نفسه. فلذلك كانوا اولى بالبر. فما بر اخ اخاه ما بر به موسى هارون. حيث انه دعا ربه ان يجعله نبيا وان يشركه معه في امره. فنال هذه المرتبة العلية وهذا الشرف الكبير بفضل دعاء يا اخي لهذا قال واجعل لي وزيرا من اهلي هارون اخي اشدد به ازري واشركه في امري ثم ماذا؟ ما نتيجة هذه الدعوات الكريمات؟ ما هي الغاية المبتغاة؟ قال كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا انك كنت بنا بصيرا. ايها الكرام هذه هي غاية العبودية وهي حصول الذكر الكثير والتنزيه لرب العالمين. الم تروا ان الله تعالى قد قال في الاية التي تلونا انفا. قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله. فتسبيح الرب معناه تنزيهه في ذاته اسماءه وصفاته وافعاله وشرعه وقدره. يجب ان يمتلئ قلب المؤمن بهذا. فان هذا هو اعتقاد المثل الاعلى لله الذي امر به ولله المثل الاعلى. وله المثل الاعلى بان يكون بان يكون الله في قلبك لهن الوصف الاعلى الاكمل الذي لا يلحقه نقص بوجه من الوجوه. واذا بلغ الانسان هذه الدرجة صار ذكر الله يخالط قلبه وعقله ودمه. فهو في جميع تقلباته ذاكر حقق بذلك اعلى مراتب العبودية ان الذكر ايها الكرام ليس مجرد تمتمات تقال باللسان. بل لابد ان يواطئ اللسان القلب. لكي يحصل اثر الذكر فاذا حقق الانسان ذلك اتى باعظم العبوديات. لهذا قال الله قال النبي صلى الله عليه وسلم الا انبئكم بخير وازكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من انفاق الذهب والورق وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربوا اعناقهم ويضربوا اعناقكم. قالوا بلى يا رسول الله. قال ذكر الله. اذا هذا هو هذه المرتبة الشريفة مرتبة الذكر ولا ذكر الله اكبر. لهذا بين موسى عليه السلام الغاية من هذه الدعوات قال كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا. انك كنت بنا بصيرا. وهذا يدلنا على ان المؤمن لابد ان يستشعر معية الله تعالى له في جميع اموره. ان ان يشعر بانه تحت سمع الله وبصره وفي علمه انك كنت بنا بصيرا. وبعد هذه الدعوات الكريمات جاء الجواب من الله تعالى. قال قد اوتيت سؤلك يا موسى. ما اكرم الله. ما اكرم الله. ما انزل عطاياه. لم يجبه الى بعض ويدع بعضا. بل قال قد اوتيت سؤلك يا موسى. اي جميع مسائلك التي اه قدمتها مجابة. ما اسعده. ما اهنأه برب كريم وهكذا المؤمن اذا تجرد لله بالدعاء فليبشر بالاجابة. قال ربنا عز وجل في سياق ايات الصيام اذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون شدود ايها الكرام لا اكرم على الله من الدعاء. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم ان يقول المرء اللهم اغفر لي ان شئت اللهم ارحمني ان شئت فان الله سبحانه وتعالى لا يتعاظمه شيء دعي به فينبغي للانسان ان يستكثر من الدعاء ولا يستكثر على الله شيئا. ولما من الله تعالى عليه باجابة دعوته وقال قد اوتيت سؤلك يا موسى ذكره بمنن سابقة. والله عز وجل له المن وله الفضل. وله ان يذكر عباده بمنه وفضله عليهم. بخلاف ادميين. فليس لائقا بالادمي ان يمن على غيره. يا ايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم هم بالمن والاذى. اما الرب سبحانه فله المن المطلق سبحانه وبحمده. لهذا قال له ولقد مننا عليك مرة اخرى ولقد مننا عليك مرة اخرى اذ اوحينا الى امك ما يوحى ان اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له. والقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني ربه بصنيعه به في حال الصغر. وقد كان امرا عجبا اي والله لقد كان عجبا. لقد كان فرعون يقتل ابناء بني اسرائيل عاما ويدعهم عاما. فاتفق ان ولد موسى عليه السلام في العام الذي يقتل فيه فرعون ابناء بني اسرائيل فغمت امه غما عظيما ولكن الله تداركها برحمته واوحى اليها وحياة ان الالهام او شيئا تراه في المنام ان تضعه في تابوت. وهو الصندوق ثم تلقي بالتابوت في اليم. ثم تدع سماويا لله عز وجل. ايها الكرام اعلموا ان الله سبحانه وتعالى اذا اراد شيئا هيأ اسبابه وسخر له ملكوت السماوات والارض فكن الى جنب ربك. ولا تتعلق بالمخلوقين اعظم من من تعلقك برب العالمين ثق تماما ان الله تعالى اذا اراد امرا من الامور هيأ له الاسباب وسخر له الادوات في البر والبحر هذا ما جرى لموسى عليه السلام وضع في صندوق وهو بعد طفل رضيع وليد والقي في اليم في نهر النيل فيحتمله اليم على امواجه ليصل به الى الساحل المقابل في قصر عدوه فرعون. والدي خصومة ثم ان الله سبحانه وتعالى يلقي عليه محبة بحيث من اراه اسره اسره بمرآه وتعلق به واحبه. وهذا امر لا يقدر عليه الا الله عز وجل. فالان الله الجبابرة عتات امام هذا المشهد. فقبل فرعون صاغرا مرغما ان ينشأ في بيته. وقد علم من سيماه انه من بني اسرائيل ليس من ال فرعون لكن الله طوعه وقبل ان يتربى في قصره وبين اهله وولده وينشأ بينهم. هكذا الله تعالى اذا اراد امرا من الامور فثق بالله تعالى واعتصم به. لهذا ذكره الله تعالى بهذه العجيبة من العجائب فقال اذ اوحينا الى امك ما يوحى ان اقض فيه في التابوت فيه اي التابوت في اليم فليلقه اليم بالساحل لان اليم لا يعدو ان يكون جندا من من جند الله يأخذه عدو لي وعدو له والقيت عليك محبة مني. ولتصنع على عيني. اي تحت كلاءتي ورعايتي اراك بعيني ادبر امورك واصرف عنك السوء. كل هذا تم من غير علم موسى عليه السلام. لكن الله تعالى جعل ذلك له تهيئة له لهذا الامر العظيم الذي اعده له. ومن تمام منته عليه الرد الى امه وقد كان الله تعالى قد وعدها بما الهمها او اراها في المنام او سمعت من بعض الانام ان رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين. فلم يلبث الا ان عاد الى امه. كيف؟ اذ تمشي اختك. فتقول قولوا هل ادلكم على من يكفله؟ فرجعناك الى امك. كي تقر عينها ولا تحزن. لقد حرم الله عليه المراضع به ال فرعون يدفعونه الى كل مرضعة. فتأبى لا تريده لا يريدها. ينفر من ثديها. ثم دبت اخته وتسللت الى الجوار ورأتهم على هذا الحال فتلطفت في العرض. وهذا من الحكمة ايها الكرام ان من اراد امرا من الامور ينبغي ان يكون حسن التأتي. ان يكون متلطفا في الطلع. وان يبتعد عن العجلة. والتقحب حتى لا يشك في امره فقد قالت لهم على سبيل العرض ولم تبدي آآ شغفا او لهفا وقالت لهم هل ادلكم على اهل بيت نكرة؟ لم تقل بايت او امي او انا اخته هل ادلكم على اهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون وقال تعالى ها هنا هل ادلكم على من يكفله؟ فرجعناك الى امك كي تقر عينها ولا تحزن وقد كادت امه ان تفصح عنه وان تخرج ما في نفسها لولا ان ربط الله على قلبها كما هو شأن الامهات. وفي هذا دليل ايها الكرام على رحمة الله بالضعفاء. فالله سبحانه وتعالى يرعى يرحم الامهات ضعفاء والمساكين. والراحمون يرحمهم الله. فلم يدعها الله سبحانه وتعالى تقاس الهم والغم والفقد بل سرعان ما رد ابنها اليها فتربت في حضنها ورضع من ثديها. ثم ذكره الله تعالى بواقعة اخرى وقتلت نفسا فنجيناك من الغم. اي والله لقد جرى في غضون حياته حينما كان في قصر ال فرعون عون ان خرج يوما من الايام ووجد اسرائيليا وقبطيا يقتتلان فاستغاثه الذي من شيعته اي من بني اسرائيل على الذي من عدو اي القبطي فنصره موسى ووكس ذلك القبطي فخر ميتا. ولم يكن يريد قتلا. لكنه وقع ذلك فكان من قبل لقتل الخطأ. ولعله لحقه من جراء ذلك هم وغم. اذ انه خرج اه نحو ارض مدين فبقي تلكم المدة في مدين كما هو معلوم نحو ثمان او عشر او عشر سنين في القصة المعروفة فقد انكحه صاحب مدين احدى ابنتيه على ان يأجره آآ ثمانية حجج وان اتم عشرا فمن عنده. والغالب انه عليه الصلاة والسلام قضى اتم الاجلين. فكان ذلك ايضا من من الله عليه. وها هنا لطيفة اود التنبيه عليها وهي قول الله تعالى فنجيناك من الغم. ما الغم يا كرام؟ الغم هو اشد الهم. هو الذي يسمى بلغة العصر اكتئاب الشديد فبعض الناس يبتلى بهذا المرض النفسي. ويقع في دوامة من الغم لا يستطيع الخلاص منها. يريد ان يخرج يريد ان يتسلى. فما اشبهه بالغريق الذي يتمسك قشة ثق تماما ايها المؤمن انه لن ينجيك من الغم لا طبيب نفسي ولا عقار من العقاقير والادوية لن ينجيك الا نفحة علوية. من الله عز وجل فنجيناك من الغم. ولهذا قال الله تعالى عن يونس عليه السلام وذا النون اذ ذهب مغاضبا. فظن ان لن نقدر عليه. فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم. فالانجاء من الغم انما يكون من الله عز وجل فمن شيء من هذا البلاء فليفزع الى الله عز وجل وليعلم انه لن ينتشله منه الا رب العالمين. لهذا قال ها هنا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا. اي ابتليناك بانواع البلايا. والله تعالى يبتلي لحكمة لا تظن ايها المؤمن ان البلاء اذا وقع عليك انه بالضرورة عقوبة لا ربما اراد الله تعالى ان يستخرج خبيئة نفسك وما في باطنك من ايمان وينصع قلبك ويصفو آآ خاطرك وتعرف حقيقة ثقتك وحق ربك عليك. هذا لا يتأتى احيانا الا بالبلاء. فان المؤمن يبتلى فيمكن. يقول النبي صلى الله عليه وسلم اشد الناس بلاء النبيون. ثم الصالحون. ثم الامثل فالامثل. يبتلى الرجل على قدر دينه فان كان في دينه صلابة زيد له في البلاء. وان كان في دينه رقة خفف عنه. وليس معنى ذلك ان ينشد الانسان البلاء ويسأله لا سل الله العافية. فان ابتليت فاصبر. فانك لا تدري تصمد للبلاء وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اني اسألك العافية في الدنيا والاخرة. اللهم اني اسألك العفو والعافية. في ديني ودنياي واهلي ومالي. فعلى المرء ان يسأل الله العافية من كل بلاء نفسيا وبدني لكن ان وقع عليه شيء من ذلك فليعتصم بالله وليفزع اليه. قال تعالى فلبثت سنينه في اهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى. اي والله لقد كانت تلك السنوات حكمة بالغة من الله وليتزوج وليطمئن ولينضج ليكون مهيئا لهذه المهمة العظمى التي سيق اليها قال ثم جئت على قدر يا موسى. فلا تظنن ان مجيئك في هذه المناسبة وقع اه صدفة كما يعبر بعض الناس لا وكل شيء عنده بمقدار. بعض الناس يظن ان الامور تقع اه ضربة لازم فلته خبط عشواء كلا كل شيء عنده بمقدار. يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبدالله ابن عمرو ابن ابن العاص في صحيح مسلم ان الله كتب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة حتى فكل شيء عنده بمقدار. ثم ختم هذه الايات بهذه الجملة واصطنعتك لنفسي ما اسعده ما اهنأه ان يكون محل عناية الله. صنعه ورفقه وتدبيره. لان الادمي اذا اعتنى بادمي اخر اجتهد في تدبير اموره وتيسيره. فما ظنكم بمن اصطنعه الله لنفسه هذا وللحديث صلة ان شاء الله تعالى. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين