عند الله عهد ان شاء عذبه وان شاء غفر له وفي هذه الايات فظل هذه الامة فانه قد هداهم ولذلك قال وكذلك اي هديناكم الى الحق وانعمنا عليكم بنعمة اخرى وهي انه جعلكم امة وسطا وجعلكم شهداء على يوم القيامة. ولم يضيع الله اجركم السابق وفي قوله جل وعلا قد نرى تقلب وجهك في السماء. كان النبي صلى الله عليه وسلم يحول وجهه في السماء مرة بعد مرة ينتظر نزول الوحي بتحويل القبلة من بيت المقدس الى الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فلا زلت اتحدث عن تفسير ايات الاحكام من سورة البقرة وكنا في قوله تعالى قل لله المشرق والمغرب وهذه الاية تدل على سعت علم الله عز وجل وانه محيط بجميع ما في الكون لان جميع الجهات مملوكة لله عز وجل وفي قوله وما كان الله ليضيع ايمانكم. ان الله بالناس لرأوه الرحيم قال المؤلف اتفق العلماء على انها نزلت في من مات وهو يصلي الى بيت المقدس ثم ذكر اقوالا ونقل عن الامام مالك انه قال ان المراد به صلاتكم. قال مالك اقام الناس يصلون نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا. ثم امروا بالبيت قال الله وما كان الله ليضيع ايمانكم اي صلاتكم الى بيت المقدس وقال واني لاذكر بهذه الاية قول المرجئة المرجية الذين يؤخرون العمل عن مسمى الايمان قالوا ان الصلاة ليست من الايمان لان الصلاة عمل ثم ذكر المؤلف شبهة لبعضهم قال فان قيل فان كانت الصلاة من الايمان فلما قال مالك ان تاركها غير كافر وهذا تناقض والجواب عن هذا ان اجزاء الايمان منها ما يفقد الاصل بفقده ومنها ما لا يفقد الاصل بفقده مثال ذلك الشجرة جذعها اذا فقد فقدت الشجرة. وهو جزء من الشجرة. واغصانها جزء من الشجرة. واذا فقد لا تفقد الشجرة فمن قال بان تارك الصلاة كافر شبهها بالجذع. ومن قال بانه لا يكفر شبهها. بالاوصف وبالتالي نحقق مقتضى الايات التي وردت بان العمل يدخل في مسمى الايمان. قال الله تعالى انما المؤمنون الذين فاذا ذكر الله وجلت قلوبهم. الى قوله الذين يقيمون الصلاة. ثم قال في الاخر اولئك هم المؤمنون قال المؤلف وهناك قول معتبر يقول بان تارك الصلاة يعتبر كافرا قال وكذلك لا ايبعد ان يسمى تاركها كافرا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة كما ورد ذلك في الصحيحين وحينئذ نعلم ان الصواب ان الايمان يدخل في مسماه الاعتقاد والقول والعمل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وستون او سبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله قول وادناها اماطة الاذى عن الطريق وهذا عمل والحياء هو من اعمال القلوب شعبة من شعب الايمان ونقل المؤلف عن اصحابه قال وعلماؤنا الفقهاء قالوا عن الصلاة هي من الايمان. وتارك المشيئة واستدلوا على ذلك بحديث خمس صلوات كتبهن الله على عباده في اليوم والليلة. من جاء بهن لم يضيع شيئا منهن استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد ان يدخله الجنة. ومن لم يأت بهن فليس له قبلة يحبها ويرظاها وهي المسجد الحرام بمكة ولذلك نزلت هذه الايات قد نرى تقلب وجهك في السماء. فلنولينك قبلة ترضاها. فولي وجهك شطر المسجد الحرام المراد بالشطر الجهة فاراد الله فامر الله عز وجل المؤمنين عند الصلاة ان يتوجهوا الى الكعبة. وفيه دليل على ان الاصل ان الصلاة لا تصح الا باستقبال القبلة واستثني من ذلك حالان الاول صلاة النافلة في السفر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم والثاني حال المسايفة في القتال فاذا جاءت الصلاة وهم يقتتلون يصلون على حالهم. ما يؤمر باستقبال قبلة ولا بغيرها يسايف الناس متى وجد فراغا اكمل صلاته. حتى يتمها ما يحتمل الامر الا ذلك. ولا تؤخر الصلاة لقول الله تعالى ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وفي هذه الايات انه ليس كل منكر للحق صادق في انكاره فقد ينكر الحق من يعلم انه حق ولذا قال وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم بمعنى ان هذا الحكم كان مقررا في كتبهم السابقة وكانوا يعرفونه بهذه الايات تهديد العالم بالحق المنكر له. ولذا قال وما الله بغافل عما يعملون وفي هذه الايات تنوع او اخذ من قوله فولي وجهك شطر المسجد الحرام ان المراد الجهة وليس المراد اصابة عين الكعبة يعني قال شطر وهذا عند الفقهاء فيمن لم يكن معاينا للكعبة اما من عاين الكعبة وشاهدها فيلزمه ان يصيب عينها وقوله شطر المسجد الحرام. كلمة المسجد الحرام تطلق بثلاثة معالم اولها الكعبة وثانيها مسجد الكعبة. وثالثها الحرم كله فحينئذ ينزل كل نص بحسب ما يدل عليه من السياق ووقع اختلاف فيمن غاب عن مشاهدة الكعبة. هل يلزمه استقبال عين الكعبة او يكفيه استقبال الجهة والجمهور على انه يكفيه استقبال الجهة لان استقبال العين مع بعد البلدان يعجز عنه عندك ايش؟ امر دقة بحيث تصيب الكعبة ولان الله قال فولي وجهك الشطر والشطر يطلق على القصد ويطلق على نصف الشيء ولاجماع العلماء على صحة صلاة اهل الصف الواحد ولو تباعد طرفاه ولو كان المقصود اصابت العين لما كفى منهم صف واحد مستو وفي قوله ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل اية ما تبعوا قبلتك ايه؟ ان ايراد الحجج الكثيرة والبراهين لا يلزم منه استجابة المقابل لانه قد يكون معاندا او متعصبا لقول وبالتالي لا ينفع معه ايراد الحجج والبراهين وفي هذه الاية التقسيم القبلة التي يتوجه الناس اليها ثلاثة اقسام اليهود يستقبلون ماذا؟ بيت المقدس والنصارى ماذا يستقبلون؟ جهة المشرق والمسلمون يستقدموا يستقبلون الكعبة المشرفة ولذا قال ما تبيع قبلتك؟ ما هي قبلته المسجد الحرام. وما انت بتابع قبلتهم. قبلة اليهود المسجد الاقصى وما بعظهم بتابع قبلة بعظ. النصارى قبلتهم المشرق وفي هذه الايات النهي عن اتباع اهواء اهل الكتاب ورغباتهم وانه ظلم من العبد لنفسه. ولذا قال ولئن اتبعت اهواهم من بعد ما جاءك من العلم انك اذا لمن الظالمين وفي هذا تهديد ووعيد لمن اتبع اهواء المخالفين للشريعة وفي هذه الايات ان كثيرا من اليهود والنصارى يعرفون صحة دين الاسلام وصدق النبي صلى الله عليه سلم وصحة الكتاب ومع ذلك يتركوه نهو ولا يؤمنون به. فقال الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون في هذه الايات ان العبد المؤمن يجب عليه ان يكون موقنا بما نزل من عند الله لا يتشكك فيه ولا يتردد في شيء منه رونه ولكل وجهة هو موليها. اي لكل امة من الامم السابقة قبلة. يؤمر بان يتجه اليها في صلاته فهذه قد يراد بها ان كل اهل ملة لهم قبلة كما تقدم وقد يراد بها ان اهل كل بلد لهم جهة يتجهون اليها انتم هنا تتجهون جهاد الغرب واهل الشام والمدينة يتجهون لجهة الجنوب واليمن الشمال واهل مصر والسودان الشرق ولهذا قال ولكل وجهة هو موليها وقد يكون المراد لكل واحد من العباد مقصد يسعى اليه فتكون فيكون الجزاء مبني على نيته ومقصده ولذلك على العبد ان يحسن نيته مع الله وفي هذه الايات الامر بالمسارعة الى الخيرات فقال فاستبقوا الخيرات والاستباق هو المبادرة الى هذا العمل. بحيث يفعله قبل ان يفعله غيره وهناك اتفاق من العلماء على استحباب المبادرة لفعل الطاعات في الجملة وان كان هناك جزئيات قد يقع الاختلاف فيها فمثلا في صلاة الفجر الجمهور يقولون الاولى المبادرة. قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بغلس والحنفية يقولون الافضل الاسفار الافضل الاسفار هذا قول جمهور اهل العلم وهكذا ايضا صلاة المغرب يستحب التبكير بها طيب صلاة الظهر نقول الافضل تقديمها الا في حال الحر الشديد. ويستحب الابراد واما بالنسبة لصلاة العصر فالجمهور على استحباب التبكير. وصلاة العشاء اه العلماء يستحبون التأخير لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لولا ان اشق على امتي لاخرتها وقد كان من قول موسى عليه السلام وعجلت اليك ربي لترضى. ولذلك ينبغي ان يبادر الى الطاعات اذا كان هناك مشروع خير ليكون انت اول الناس اليه. حتى ولو بالقليل. اذا كان هناك عمل صالح بادر وقد ورد في هذا نصوص كثيرة واحكام كثيرة ثم قال جل وعلا اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا للدليل على قدرة الله عز وجل ثم كرر الحكم ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام والاية التي بعدها ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا. قال وان انه للحق من ربك لماذا كرر هذا الحكم لان حكم غير مألوف بالنسبة لاهل ذلك الزمان ولذلك قد يكون من الاحكام الشرعية ما يكون غير مألوف عند الناس بالتالي يحتاجون الى كثرة الموعظة فيه ومن ثم كثرة المواعظ في موظوع واحد لعدم الف الناس له من الامور المشروعة وقد استدل به بعضهم على استحباب ان يتفق الدعاة والمصلحون على الامر غير المألوف ليكرروا المواعظ فيه. لتألفه النفوس ويقبلوه في هذه الايات في قوله لان لا يكون للناس عليكم حجة استحباب تبليغ الحكم وان لا ينبغي ان نخاف من المخلوق وانما نخاف من الخالق سبحانه ولذلك قال فلا تخشوهم واخشوني ثم رتب على الدعوة الى غير المألوف صلاح احوال الناس. قال وليتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة. وان يجعلنا واياكم من هداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين