الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبيه الامين. اما بعد فلا زلنا في سياق الكلام عن ايات الاحكام من سورة البقرة. وكنا توقفنا عند قول الله عز وجل كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون. فيها امتنان الله على هذه الامة بتحويل القبلة هذه نعمة من الله عز وجل. وفيها امتنان الله عز وجل على هذه الامة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وهذه نعمة عظيمة وفي هذه الاية امتنان من الله بان الايات القرآنية والشرعية لا تزال تتلى في هذه الامة وفي هذه الايات الامتنان على العباد بهذه الشريعة بانها تطهرهم من الشرك والمعاصي والاخلاق السيئة والاقوال الرديئة وهذا معنى قوله ويزكيكم اي يطهركم في هذه الايات الامتنان على الامة بانزال القرآن ووجود السنة. ولذا قال ويعلمكم الكتاب والحكمة الكتاب يعني القرآن والحكمة يعني سنة النبي صلى الله عليه وسلم مما يدل على ان سنة حجة وطريق شرعي لاخذ الاحكام. وانها نعمة من عند الله وهذه الاية ليست خطابا للصحابة فقط بل هي خطاب للامة الى قيام الساعة وبالتالي فان السنة حجة الى قيام الساعة وفي هذه الايات فضل العلم. خصوصا العلم بشرع الله. والعلم بسنن الله في الكون والعلم بقصص الانبياء واتباع الانبياء سابقا ولاحقا ولذا امتن على العباد بانه يعلمهم ما لم يكونوا يعلمون وفي قوله فاذكروني اذكركم بمشروعية ذكر الله عز وجل وذكر الله على نوعين ذكر قلبي بان تخاف من الله وان تستشعر مراقبة الله وان ترجو الله وان تتوكل على الله وان اندم الى الله بما فاتك. فهذا ذكر قلبي. وهو المذكور في قوله ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون وهو المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي والنوع الثاني من انواع الذكر الذكر اللساني. وهو المقصود بقوله ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وهذا ينقسم الى قسمين الاول بذكر الله وتسبيحه صفاته والثاني بتبليغ امره وشرعه ووحيه ولذلك كان مجلسنا هذا من مجالس الذكر الذي ورد في النصوص بيان فضلها وفضيلة حضورها لان هذا ذكر لاحكام الله. فهو ذكر لله عز وجل ويقابل الذكر النسيان قال تعالى نسوا الله فانساهم انفسهم يعني جعلهم لا يهتمون بما يصلح احوالهم الحقيقية. ولذا نجد العبد اذا ابتعد عن الطاعة اشتغل بما لا ينتفع به. تلقى عنده له كثير وعبث كثير واذا كان من اهل الذكر خف عنده اللهو والعبث وفي هذه الايات الامر بالشكر لله. قال واشكروا لي والشكر يتضمن ثلاثة اشياء الاعتراف القلبي بان النعم من عند الله ولا تحسبوا ان هذا من الامور الهينة. الناس يعجبون بانفسهم. من اين لك هذا المال فيقول كما قال فرعون كما قال قارون انما اوتيته على علم عندي يعجب يقول انا عندي مهارة وانا عندي قدرة وانا الذي افتتحت الشركة وانا الذي عملت المكتب وانا الذي جلبت الزبائن يا اخي هذا من الله. كم من انسان يماثلك في صفاتك ومع ذلك لم يستجب شيئا من الدنيا والنوع الثاني من انواع الشكر الشكر اللساني قال تعالى واما بنعمة ربك فحدث. والثالث يكون بصرف النعم في مرض الله قال تعالى اعملوا ال داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور. وقليل من عبادي وثمرة الشكر الزيادة لئن شكرتم لازيدنكم. وثمرة الشكر رضى رب العزة الجلال وان تشكروا يرضه لكم والشكر كما يكون في النعم الدنيوية يكون في النعم الدينية الله جل وعلا ارسل الينا محمدا هذي نعمة. وانزل الينا الكتاب القرآن العظيم هذي نعمة. وهدانا لدين الاسلام هذه نعمة ينبغي بنا ان نشكر الله عليها. الناس يغفلون عن شكر الله على هذه النعم والله جل وعلا يرظى من العبد بالقليل. لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله ليرضى عن العبد يأكل الاكلة فيحمده عليها وفي هذه الاية نهي عن الكفر وعلى نوعين. الاول كفر بالايمان الذي يظاد اصل دين الاسلام والذي يحرم صاحبه من دخول الجنة كما قال ان الله حرمهما على الكافرين والنوع الثاني كفر النعمة. بعدم شكر الله عز وجل عليها. اما بنسبتها لغير الله واما بصرفها في معصية الله. ومن انواع الصرف معصية الله الاسراف والتبذير وفي هذه الايات الامر بطلب العون من الله عز وجل بفعل ما يرظيه سبحانه وتعالى. وقال يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة وفيها فظيلة الصبر وعظم اجره. سواء كان صبرا في فعل الطاعات وترك المعاصي او صبرا على ما ينزل على العباد من المصائب. وقد قال تعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب وفي هذه الايات عظم اثر الصلاة على العباد. فانها من اكبر العون على امور الحياة ولذلك الصلاة يصلح الله بها حال العبد. والعبد بالصلاة ينوي اجر الاخرة. ما ينوي الدنيا فيكون هذا من اسباب صلاح احوال العبد في الدنيا وفي هذه الايات اثبات المعية الخاصة لله. ولله معيتان الاولى معية العلم والاحاطة وهذه تكون مع جميع الناس ما يكون من نجوى ثلاثة الا كان رابعة ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا كان معهم. هذه معية عامة بالحفظ بالعلم اعطى والاطلاع على الاسرار. تكون مع المؤمن والكافر. والثاني احاطة خاصة. علم خاص معية خاصة. معية خاصة. تكون مع اهل التقوى والايمان ما معنى النصر والتأييد والعون. ومنها هذه المذكورة في هذه الاية ان الله مع الصابرين ان ينصرهم ويعينهم ثم قال جل وعلا ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات. بل احياء ولكن لا تشعرون بهذه الاية دلالة على فضل الشهيد. وعظم اجره عند الله عز وجل وقد استدل الجمهور بهذه الاية على ان الشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه خلافا للامام ابي حنيفة فانه قال الشهيد يصلى عليه. كان من استدلال الجمهور ان هذه الايات تدل على ان الشهيد حي وهي حياة خاصة حياة برزخ. وليست موتا وعدما والادلة الدالة لمذهب الجمهور هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يكن يغسل ولا يصلي عليهم انما يكفنهم في ثيابهم ويكبرهم بها وفي هذه الايات ان نزول المصائب بالعبد لا يدل على نقصان اجره عند رب العزة والجلال هذا النبي وهؤلاء الصحابة يقول الله عز وجل لهم ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وهم افضل الامة. نبيهم افضل الانبياء وفي هذه الايات دلالة على ان المعيار في الموازنة بين الخلق ليس في امور الدنيا وانما في امور الاخرة في هذه الايات ايضا دليل على اثبات نعيم القبر وعذابه لانه قال عن الشهداء بل احياء ولكن لا تشعرون. هذي حياة برزخ الله اعلم بحقيقتها بهذه الايات فضيلة الصبر. ولذا قال وبشر الصابرين اي بشرهم بالعاقبة الحميدة فالمصايب تصيب الجميع المؤمن والكافر. لكن المؤمن تكون المصيبة له والكافر تكون المصيبة عليه ولذا لا يجزع الانسان من حلول المصائب به. لانها لاعلاء درجته عند الله عز وجل في هذه الايات مشروعية قول انا لله وانا اليه راجعون عند حلول المصائب سواء بوجود الموت او بغيره من المصائب كالخوف والجوع وذهاب الاموال هذي كلها مصائب يقال فيها انا لله وانا اليه راجعون. ومعنى انا لله اي نقر باننا مملوكون لله عبيد له سبحانه. وان ترى الله يجري فينا واننا نرظى بقظاء الله وانا اليه راجعون. اي سنموت ونقف بين يديه سبحانه وتعالى ليحاسبنا ليحاسبنا على مع نداء وفي هذه الايات ان الصلاة من الله ليست هي الرحمة بل هما امران متغايران. ولذا قالوا عليهم صلوات من ربهم ورحمة. مما يدل على التغاير بين صلاة الله للعبد وبين رحمته به ولذا قيل الصلاة من الله ثناء الله على العبد ثم قال جل وعلا ان الصفا والمروة من شعائر الله الصفا والمروة بجوار الكعبة هما طرفا جبلين موجودين في مكة احدهما جبل ابو قبيس ويقع جنوب الكعبة ففيه طرف يقال له الصفا سمي بهذا الاسم لان حجارته صافية. لا اعوجاج فيها ولا تكسر والثاني جبل قيقعان ويقع شمال الكعبة الشمال الشرقي وفي طرفه لسان يقال له المروة حجارته تشبه حجارة البحر. ولذا يقال لها المروة وفي هذه الاية ان السعي بين الصفا والمروة نسك يتقرب به لله عز وجل. وانه شعيرة وقول الثمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما دليل على ان السعي لا يكون الا في حج او عمرة وانه لا يشرع السعي في غير الحج والعمرة وقوله ومن تطوع خيرا اي بالحج والعمرة وليس بالسعي. فان الله شاكر عليم. وقد استدل بهذا على ان السعي ركن في الحج. كما قال الشافعي واحمد ولكن كونه من شعائر الله لا يعني انه ركن والصواب انه من الواجبات واجب في الحج. من تركه عليه دم وليس ركنا اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد محمد وعلى اله وصحبه اجمعين