الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا هو اللقاء السادس عشر من لقاءاتنا في تدارس سورة البقرة حيث نتدارس ايات الاحكام يقول الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون بهذه الايات عدد من الاحكام اولها ان الاكل من حيث هو اكل مأمور به شرعا والاصل في الاوامر ان تكون ليه الوجوب ولكن نوع المأكول غير معين وقيل بان الاكل هنا محصور بالطيب ومنشأ الخلاف هل من هنا بيانية او ان من هنا تبعيضية ان قلنا الاول بان من بيانيك انه قال لا تأكلوا الا الطيب وان قلنا من تبعيضية قلنا بان الامر هنا لتعيين المأكول وفي هذا دلالة على ان الطيب الحلال قبل ورود الشرع فحسن الاشياء وطيبها ونفعها ثابت لها قبل ورود الشرائع واذا جانا الشرع باباحة شيء دل هذا على طيبه فالشرع لا ينشئ الطيب والحسن وانما يدل عليه وبذلك قال الجماهير خلافا للاشاعرة في هذه الايات التذكير بفظل الله عز وجل على العبد وهو انه يرزق العبد الطيبات التي ينتفع بها وفي هذه الايات ايظاء الامر بشكر الله عند اكل الطيبات تقدم معنا ان الشكر قلبي وقولي وعملي وفي هذه الايات ان الشكر عبادة يتقرب بها لله عز وجل واستدل الجمهور بالاية على ان الاكل يستطيع العبد ان يجعله عبادة يتقرب بها لله بالنية الصالحة بان ينوي تقوية بدنه على طاعة الله وفي هذه الايات النهي عن طريق الكفار الذين يحرمون الطيبات ثم قال تعالى انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله فانما اداة حصر تبين ان الاصل في المطعومات الحل وان التحريم والحظر محصور في اشياء معينة في هذه الايات نماذج للمحرمات يلحق بها ما مثلها في هذه الايات تحريم الميتة المراد بها ما مات بدون زكاة او قتل بدون زكاة وقوله الميتة لفظ عام لانه اسم مفرد معرف باهل الاستغراقية فيفيد العموم وظاهره انه يشمل جميع الميتات وقد ورد في الخبر باستثناء السمك وما لا يعيش الا في الماء والجراد فان ميتة تحل وظاهر قولها الميتة ان جميع اجزاء الميتة تكون محرمة وقد استثنى العلماء من ذلك ما لا تحل الحياة فيه ومن امثلته الشعر وقد وقع الاختلاف في الصوف وقع الاختلاف في الجلد فقال الحنابلة بنجاسته وتحريمه اخذا من هذه الاية ولحديث لا تنتفع من الميتة بايهاب ولا عصب وارهاب الجلد والجمهور على ان جلد الميتة يحل بالدباغ. ويطهر بالدباغ استدلوا عليه بما ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ايما ايما جلد ايما جلد ميتة دبر فهو طهوره واستدل بالاية على نجاسة الميتة لان ما حرم فانه يكون نجسا والتحريم يدل على الفساد وقول حرم عليكم الميتة الميتة اسم ذات والاحكام لا تتعلق باسماء الذوات وبالتالي يقدر تاني فبعضهم قال نقدر الفعل المناسب وهو الاكل واخرون قالوا نقدر كل فعل الا ما ورد استثناؤه ماذا يترتب على هذا؟ هل يحل بيع الميتة يقول لا يحل بيع الميتة اذا قدرنا كل فعل وهو الصواب هذه تسمى دلالة الاكتظاء ان يكون في الكلام حذف لا يفهم الا بتقديره قد اختلف العلماء في عموم دلالة الاكتظاء فقال طائفة لا عموم لها ونقدر فعل مناسب وقال اخرون بل دلالة الاقتضاء عامة نقدر جميع الافعال الممكنة الا ما ورد دليل بتخصيصه فكأنه قال حرمت عليكم الميتة اي حرم عليكم الانتفاع باي نوع من انواع الانتفاع بالميتة ويترتب على ذلك تحريم الانتفاع بالشحوم والدهون من الميتة وتقدم ان ميتة البحر مستثناة لحديث هو الطهور ماؤه الحل ميتته والمراد بها ما لا يعيش الا في البحر القسم الثاني من المحرمات الدم وقوله الدم هنا من الفاظ العموم لانه اسم جنس معرف باهل الاستغراقية ليشمل جميع انواع الدم والدم حرام نجس في الجملة لا يؤكل ولا ينتفع به وقد ورد تقييده باية الانعام او دما مسفوحا وحينئذ فالدم الموجود في العروق لا يدخل في التحريم وقد اختلف العلماء في الكبد والطحال وقال طائفه ومستثنى من الحديث ومستثنى من الاية لحديث احلت لنا ميتتان ودمان الميتتان السمك والجراد والدمان الكبد والطحال وهذا الحديث وقع اختلاف بين العلماء باسناده هل يثبت او لا وقد اختار المؤلف تحريم الكبد والطحال اختار او نسب المؤلف الى مالك انه يمنع من الكبد والطحال باعتبار انهما دمان ولكنه قال الصواب انها ليست دماء وانما هي لحوم فاجازها لانها لحم فلا تكن اصلا داخلة في منطوق هذه الاية والنوع الثالث من انواع المحرمات لحم الخنزير الاية صريحة في تحريم لحم الخنزير ويلحق به بقية اعضاءه كالشحم والمصران والمخ والعصب والعظم فانها مختلطة مع اللحم غير مفارقة له فانتقل التحريم والنجاسة اليها والجمهور على ان الاية لما حرمت لحم الخنزير استفيد منها ان لحمه نجس بالتالي لا بد من طهاء من غسل اثره وقال ما لك بانه طاهر ما دام حيا وظاهره واستدل بعضهم بهذه الاية ولحم الخنزير على ان جميع اجزاء البعير ينتقض الوضوء بها قال هنا اطلق لحم الخنزير واريد به جميع اجزاء الخنزير هكذا في حديث الوضوء لما بين ان لحم الجزور ناقض قال جميع اجزائه تنقظ كما قلنا بتفسير هذه الاية والصواب ان بينهما فرقا وذلك لان لحم الخنزير محرم نجس والنجاسة تنتقل الى بقية الاجزاء بخلاف انتقاض الوضوء فانه ليس من الاوصاف التي تنتقل من مكان الى اخر لذلك لو وضع لحم الخنزير في محل انت قلت النجاسة لما وضع لحم الخنزير فيه ولكن لو وضع لحم الابل في مكان مع اطعمة اخرى لم ينتقل حكم انتقاض الوضوء اليها والنوع الرابع من المحرمات ما اهل به لغير الله الاهلال رفع الصوت والمراد به ما ذبح لغير الله جل وعلا فان هذا يكون ميتة ولو ذكي ومن ثم عندنا ما ذكر اسم الله عليه فهذا حلال وما ذكر عليه اسم غير الله فهذا حرام وعندنا ما لم يذكر عليه اسم الله ولا اسم غيره الاية ظاهرها لا يشمل هذا النوع لم يقل وما لم يذكر عليه اسم الله ولذلك محل هذا الحكم والاختلاف هو في سورة الى انعام ويلاحظ هنا انه قال وما اهل به لغير الله بينما في مواطن اخر قال وما اهل لغير الله به قالوا هنا لما كان الحكم يقصد به اصالة اللحم قدم ذكر المذبوح ما اهل به وفيه المواطن الاخرى كان الحديث منصبا على الذبح لله ولغيره فمن ثم قدم ذكر ما سيق الكلام من اجله هناك وقوله فمن اضطر اختلف العلماء بالاضطرار ما حده فقال طائفة وما ترتب عليه فوت حياة او عضو وقال اخرون بل المراد به ما لحق به الظرر وهذا القول الثاني اقوى بموافقته الدلالة اللغوية والظرر الشر والسوء الذي يقابل النفع بهذا دلالة على ان التحريم يرتفع عند وجود الاضطرار لا لارتفاع الخبث والنجاسة وانما لكون النفع المرجو منهما اكبر هذه قاعدة عند الاصوليين ان غلبة الظرر على الشيء لا يحرم مناسبته وانما يتعلق بها الحكم الشرعي وقوله فمن اضطر الاضطرار يرفع التحريم بعدد من الشروط اشير فيها الى اشير الى الاية في الاية الى شيء منها من تلك الشروط الا يمكن ازالة الظرر الا بفعل المحظور لو امكن ازالة الظرر بطريق اخر لم يحل المحظور ومن ذلك يكون ان يكون الاضطرار حقيقيا لا متوهما ومن ذلك ان يكون الاضطرار اعظم من المحظور ومن ذلك ان يندفع الاضطرار بفعل المحظور ومن ذلك الا يستباح من المحظور الا بقدر ما يندفع به الظرر ومن امثلة ذلك امرأة مريظة هل يحل لها ان تكشف عند رجل نقول لابد من توفر الشروط السابقة ان يكون الظرر حقيقيا لا متوهما قالت ابكشف يمكن فيني مرظ يقول لا يحل الكشف عند الرجل ومنها ان يكون الاضطرار اعظم من المحظور كان فيها الم سهل لا يحل لها الكشف عند فيها نفرة يسيرة مثلها يزول عادة ما يبيح لها ان تكشف عند الرجل ومثله لو كان هناك تجميل تجميل ليس فيه ليس في تركه ظرر ومن هذا الا يكون هناك سبيل اخر لدفع الظرورة الا بفعل المحظور لو وجد طبيبة ما تذهب للطبيب من ذلك الا تفعل من المحظور الا بقدر ما يزيل الضرورة بقدر ما يزيل الضرورة قدمها تؤلمها لا تكشف جزءا اخر من بدنها للطبيب ومن ذلك ان يغلب على الظن زوال الاضطرار بهذا بفعل المحظور مثال ذلك لو وجد عندنا شخص عطشان لم يجد الا خمرا يشرب او لا يشرب نقول لا يجوز الشرب لماذا لان الخمر تزيد العطش ولا ترفعه فلا يزيل المحظور الضرر وهكذا لو جاءنا وقال اريد التداوي بالخمر نقول المرض لا يزال بالخوف وقد جاء في الحديث ان الله لم يجعل شفاء امتي فيما حرم عليها ولذلك هناك مسائل يقع الاختلاف فيها هل هي من باب التداوي او من باب الطعام الطعام يحل بالمحظورات والمحرمات بخلاف التداوي ولذلك مثلا وظع صمام هذا ليس تداوي وانما هو بمثابة الطعام فيحل وضعه بغير والطاهرات متى لم يوجد سواها كصمامات تصنع من الخنزير ونحوه هذا الشيء من بالاحكام المتعلقة بهذه الاية. ولذلك في قوله غير باغ ولا عاد اي الا يكون سبب الاضطرار محظورا كالمسافر لقطع الطريق والا يزيد من المحظور زيادة فوق ما تندفع يندفع به الاضطرار اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين