الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة. وبعد ما زال السياق متصلا في طرح ايات الاحكام في سورة البقرة. وكنا توقفنا عند قوله جل وعلا والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم استدل بعض اهل العلم بهذه الاية على مسألة الظفر بانه يجوز وقالوا بانه يجوز لمن اخذ شيء من حقه ان يستوفيه بنفسه ولم ولو لم يرجع الى القضاء والجمهور على انه لا يؤخذ الا بحكم الحاكم ومن اجازه قال لابد ان يكون من جنس المال ولابد ان يكون الحق ثابتا والجمهور قالوا قد يعتقد الانسان ان ما له اخذ ولا يكون الامر كذلك واحد القول بانه يرجع في ذلك الى القضاء اولى محافظة على الحقوق. ولان لا يكون امر الناس فوظى وذكر ذكر المؤلف مسألة جحد الودائع اذا جحد وديعتك وانت عندك وديعة له منهم من قال اجحده كما جحدك واختار المؤلف خلاف هذا قد ورد في الحديث لا تخن من خانك وقوله فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فيه دلالة على ان القصاص لابد فيه من المساواة والمماثلة وان القصاص فيما دون النفس لابد فيه من المماثلة ايضا واختلف العلماء في كيفية اقامة القصاص على القاتل على قولين مشهورين منهم من قال يقتل بالسيف ومنهم من قال يقتل بمثل ما قتل به واستدل اصحاب القول الثاني بهذا الحديث فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم عند الامام ابي حنيفة ان القود لا يكون الا بالسيف والقول الاخر يقول القود يكون بمثل الة القتل السابقة ما لم تكن محرمة ومن ذلك ما لو قتل بنار او قتل بمعصية قال المؤلف والصحيح من اقوال علمائنا ان المماثلة واجبة. الا ان تدخل في حد التعذيب فلتترك الى السيف وهذه المسألة فيها اقوال واستدلالات متعددة ثم قال الله جل وعلا وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة واحسنوا ان الله يحب المحسنين بهذه الاية الترغيب في النفقة في سبيل الله قد ورد من انفق زوجين في سبيل الله نودي من ابواب الجنة الثمانية هل هذه النفقة واجبة كما قال طائفة قالوا وانفقوا امر والامر للوجوب وقال اخرون بان المراد به نفقة المجاهد على نفسه. فلا يخرج للجهاد الا اذا كان عنده فقال لنفسه فانه قال لا تخرجوا بغير زاد وفي هذه الاية تحريم فعل الانسان بنفسه فعل يؤدي الى هلاكها. لقوله ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة ومن ذلك ان يفعل فعلا يؤدي الى سخط الله وفي هذه وليس في هذه الاية دلالة على مسألة انغماس الرجل في العدو وقوله واحسنوا فيها الامر بالاحسان ومن الاحسان استشعار مراقبة الله. ومن الاحسان تحقيق مصالح العباد وادخل بعضهم في تفسير الاية احسان الظن بالله ثم قال تعالى واتموا الحج والعمرة لله فيه دلالة على ان من ابتدأ الحج او العمرة وجب عليه اكمالهما. ولا يجوز للانسان ان الحج او العمرة بعد الدخول فيه وفي قوله جل وعلا لله وجوبا يخلص الانسان ادائه للنسك لله عز وجل لا يريد به رياء ولا سمعة بهذه الاية دلالة على مشروعية الحج والعمرة وقد ورد في النصوص ايجاب الحج مرة في العمر استدل الجمهور بهذه الاية على وجوب العمرة قالوا اذا وجب اتمامها فهذا دليل على ايجاب اصلها وذهب الامام مالك الى عدم وجوب العمرة روي عن الامام ابي حنيفة دلالة الاية على الايجابي جاب العمرة فيها نظر. ولكن قد ورد في عدد من النصوص الايجاب قال الصبي ابن معبد لعمر اني راية الحج والعمرة واجبتين في كتاب الله بمحظر من الصحابة فلم ينكر عليه وقوله فان احصرتم اي منعتم من الوصول الى اكمال الحج والعمرة وظاهره انه يشمل الاحصار بالعدو وبغيره هذا ظاهر الاية كما قال ابو حنيفة واحمد وجماعة قال المؤلف وحقيقة المنع عندنا العجز الذي يتعذر معه الفعل قول فان احصرتم فما استيسر من الهدي اي فان احصرتم فلم تستطيعوا الوصول الى البيت فاذبحوا ما استيسر من الهدي فيه دلالة على مشروعية الهدي في الحج والعمرة فيه دلالة على ان من احصر ذبح هديه وتحلل وفيه ظاهره انه بجميع انواع الحصر ومن ذلك اذا حصر بالمرض وقد استدل الحنفية والمالكية بهذه الاية على عدم مشروعية الاشتراط يعني لم يجعل طريقا للتخلص من النسك الا بذبح الهدي لكن قد ورد في حديث ضباعة بنت الزبير ان النبي صلى الله عليه وسلم امرها بالاشتراط ولا فائدة للاشتراط الا التحلل من الاحرام عند العجز عن اتمام الحج والعمرة وفي قوله ولا تحلقوا رؤوسكم دلالة على منع المحرم من اخذ شيء من شعره اذا كانت في الرأس فان شعر البدن يلحق به وفي هذه قال حتى يبلغ الهدي محله. المحل يعني الزمان الذي يجوز الذبح فيه الزمان الذي يجوز الذبح فيه ولذلك يجوز تقديم الحلق على النحر لان المقصود الزمان زمان النحر وفي هذا دلالة على ان حلق الشعر او تقصيره نسك من انساك الحج والعمرة كما قال الجمهور خلافا للشافعي يدل عليه نصوص الثناء على المحلقين والمقصرين وفي قوله فمن كان منكم مريضا او به يدا من رأسه يعني فحلق رأسه بهذه الايات ان الاحصار كما يكون في الحج يكون في العمرة وظاهر هذه الايات ان من احصر لا يجب عليه القضاء لا يجب عليه القضاء لان الله لم يجب عليه القضاء هنا. اجاز له التحلل بعد ذبح الهدي واما عمرة القضية فهي عمرة ناتجة عن الصلح وليست قضاء للعمرة الاولى ومن المسائل المتعلقة بهذا انه متى ذبح المحصر هديه جاز له ان يتحلل وفي هذه الايات بقوله فمن كان منكم مريظا اي فاحتاج الى حلق رأسه او به اذى كالقمل وما مات له فحلق رأسه فيجب عليه فدية. يخير فيها بين ثلاثة اشياء اما صيام ثلاثة ايام او اطعام ستة مساكين او ذبح شاة في مكة لمساكينها وفي قوله وهذه الاية نزلت في كعب ابن عجرة حينما كثر القمل في رأسه واصبحت تؤذيه وفيه دلالة على ان من احتاج لفعل محظور فانه يفعل المحظور ويقدم الفدية والفدية صيام اطعام ستة مساكين او صيام ثلاثة ايام اما من ترك واجبا من واجبات الحج فهذا عليه ذبح شاة لقول ابن عباس من ترك نسكا فعليه دم واذا عجز عن الدم صام عشرة ايام ومثله من احصر عن البيت فلم يجد هديا فانه يصوم عشرة ايام والاصل في الصدقة وفي الهدي ان يكون في مكة لقوله تعالى او هديا بالغ الكعبة وفي قوله تعالى فاذا امنتم فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي. فيه مشروعية حج التمتع والقران بالجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة وفيه ايضا ان ان المتمتع والقارن يجب عليهما الهدي ان المتمتع والقارن يجب عليهما الهدي وفيه دلالة على ان من رجع الى بلده بين حجه وعمرته فانه لا يكون متمتعا وفي قوله فاذا امنتم دلالة على انه عند خوف الطريق لا يأثم الانسان بتأخير الحج وقوله فما استيسر من الهدي الجمهور على ان المراد به شاة او سبع بدنة او سبع بقرة كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وفي هذه الايات دلالة على ان المتمتع العاجز عن الهدي يصوم سبعة ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجع الى اهله. وقوله في الحج اي بين عمرته وتمام حجه على الصحيح مما يدل على انه يجوز ان تصام الثلاثة ايام بعد العمرة ولو كانت في شوال بعضهم قال لا تصامي الا في ذي في ذي الحجة. لكن الاول ارجح لظاهر الاية قد اختلف العلماء في الافضل في الانساك فقال احمد والشافعي الافظل التمتع. وقال ما لك الافضل لافراد وقال ابو حنيفة الافظل القران كان من حجة الاولين انه هو المذكور في القرآن. فمن تمتع بالعمرة الى الحج قد ورد في الحديث لو استقبلت من امري ما استدبرت لما سقت الهدي ولتمتعت وفي هذه الاية جواز ان يتمتع المكي. بان يأتي بعمرة في اشهر الحج يحج في نفس العام وفيها دلالة على جواز عمرة المكي انه لا حرج فيها وليست مخالفة وفيها دلالة على ان المكي اذا تمتع فانه لا يجب عليه الهدي لا يجب عليه الهدي وفي هذه الايات ان المتمتع اذا رمى جمرة العقبة وجب عليه الهدي وظاهره ان الهدي لا يجزئ الا بعد منذ الا بعد الوقوف في عرفة. خلافا لبعض الشافعية الذين اجازوه من اول شهر ذي الحجة لانه قال حتى يبلغ الهدي محله اي الزمان الذي يذبح فيه لهذه الايات في قوله اذا رجعتم وسبعة اذا رجعتم المراد اذا اكملتم نسك الحج كما قال الجمهور وبعضهم قال اي اذا عدتم الى بلدكم وقد اختلف العلماء في من هم حاظروا المسجد الحرام الذين لا يجب عليهم الهدي اذا تمتعوا وقال طائفة هم اهل الحرم وقال اهل وقال طائفة هم اهل مكة خاصة وقال اخرون من كان ذهابه الى مكة اقل من مسافة السفر وقال اخرون من كان اقل او دون المواقيت وقد اختار المؤلف ان من تلزمه جمعة مكة فهو من حاضر المسجد الحرام وقوله من حاضر اهله حاضر المسجد الحرام معناه انهم ساكنون في المسجد الحرام مما يفيد ان من كان في الحرم او كان بناؤه متصلا ببناء الحرم فانه لا يلزمه الهدي ثم قال تعالى الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج بهذه الايات بيان اشهر الحج وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وقيل ذو الحجة كاملة ولعلنا ان شاء الله ان نشير الى احكام هذه الاية وما بعدها من الايات في يوم اخر اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم من هداة المهتدين هذا والله اعلم اعلم صلى الله على نبيه وعلى اله وصحبه اجمعين