الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فيقول الله جل وعلا يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما هذه الاية جاءت في التمهيد لتحريم الخمر الذي نزل في سورة المائدة وفيه مشروعية التمهيد للناس فيما قد يستنكرونه او فيما يزيل مآلفوا عليه واعتادوا الخمر اسم لكل ما يخامر العقل ويغطيه وليس خاصا بمشروب العنب فقط بل كل مشروب من شأنه ان ان يغطي العقل فانه محرم فانه يدخل في اسم الخمر حتى لو لم يكن مسكرا لكن من شأنه الاسكار والمراد بالميسر ما فيه نفقة مجزوم بها وعائد غير متحقق منه كما في اليا نصيب وفي غيره. وفي هذه الاية دلالة على ان الاحكام الشرعية تلاحظ الغالب في الشيء ولا تلاحظ الجانب الاقل فما كان فيه مصلحة ومفسدة وكانت المصلحة غالبة وعالية فانها تراعى وفي هذه الى ايات ايضا انه لا ينبغي ان يلتفت الى مجرد المصلحة متى كانت المفسدة غالبة وفيه ايضا ان النظر العقلي عند الناس بجعل شيء منفعة لا يعني اجازة هذا الفعل لهم لان نظر الشارع ادق من نظر المكلفين وآآ في هذه الاية دلالة على ان الشريعة قد جاءت بمراعاة المصالح والمقاصد وفي قوله سبحانه وتعالى ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو المراد بالعفو ما زاد عن حاجة الناس عن حاجة الانسان في قوله جل وعلا ومنافع للناس يراد به التجارة فيه دلالة على ان التجارة في الحرام مفسدة وانها امر محرم. ولو كثرت الاموال بها ولو كثرت الاموال بها وفي قوله جل وعلا كذلك يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون فضل الله جل وعلا على الامة ببيان احكام الشريعة. قوله لعلكم تتفكرون في الدنيا والاخرة فيه ان النظر من المؤمن لا يقتصر على الدنيا فقط من مصلحة الاخرة اعظم من مصلحة الدنيا. ومن نوى الاخرة جعل الله الدنيا تأتيه وهي راغمة وفي قوله سبحانه ويسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير. وان تخالطوهم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء لاعنتكم المراد باليتيم من فقد اباه وقد امر الله عز وجل الوالي على اليتيم بان يصلح له بحيث لا يعمل به او بماله الا ما يعود عليه بالمصلحة ومن ثم لا يجوز لولي اليتيم ان يتصدق من مال اليتيم صدقة تطوع. لان هذا ليس من الاصلح له وفي هذه الايات الاذن لولي اليتيم ان يخالط بماله مال اليتيم. على جهة الاصلاح له فان التجارة اذا كانت بمال اكثر كان هذا اكثر تحصيل الارباح فيه وفي هذا ايظا ان ولي اليتيم يتعامل مع اليتيم تعامل الاب مع ابناءه وقوله وان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ثم قال جل وعلا ولا تنكحوا المشركات فيه تحريم الزواج بالمشركة قد جاء في النص استثناء الكتابية استثناء الكتابية بشرط ان تكون طاهرة عفيفة قالوا وفي قوله تعالى والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وفي هذا دلالة على ان من عقد على امرأة مشركة فان عقدها عقد النكاح عقد فاسد لان النهي يقتضي الفساد وفيه دلالة على ان من تركت الصلاة فلا يجوز العقد عليها حتى تصلي اذا قلنا بان تارك الصلاة يكفر بذلك على مقتضى النصوص وتؤمر بتجديد العقد معها في هذه الايات ترغيب الناس في المؤمن ولو كان اعجابهم به اقل واذا كان هذا في النكاح كان في غيره بهذه الايات تحريم تزويج الكافر بالمسلمة وان عقده عليها عقد فاسد. قال ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا راى بعضهم ان هذه الاية تدل على جواز الزواج بالايماء المملوكات قد جاء في اية النساء المنع من الزواج من زواج الحر بالامة الا عندما لا يستطيع قول الحرة وعندما يكون محتاجا الى النكاح وفي هذه الايات في قوله جل وعلا والله يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه في ترغيب الناس في عمل صالح يؤدي الى مغفرة الله عز وجل وفي قوله ولو اعجبكم استدل بعضهم بان الاعجاب ببعض اعمال الكافرين لا يمنع منه. كما لو كان هناك كرم من كافر او شجاعة او نحو هذا لكنه لا يؤدي الى التعلق بالفاعل فان ادى الى التعلق بالفاعل واستحسان جميع ما يفعله فانه يمنع منه لانه يخالف ما جاء جاءت به النصوص فيما يتعلق بالتعامل مع الكفار وفي قوله تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض تحريم وطأ المرأة في وقت الحيض وفيه جواز المباشرة من وراء حائل قد اختلف العلماء في مباشرتها عندنا الوطء في الفرج حرام بالاجماع ومباشرتها فيما آآ هو اعلى من السرة وادنى من الركبة جائز باتفاق واختلفوا فيما بينهما فاجازه الحنابلة ومنعه الجمهور واستدلوا على ذلك بهذا بهذه الاية فاعتزلوا النساء في المحيض وفي قوله ولا تقربوهن حتى يطهرن نهي عن الجماع وقوله حتى يطهرن اي يتوقف المحيض فاذا تطهرنا اي اغتسلنا. ولذلك رأى الجمهور ان الحائض لا يجوز جماعها الا بشرطين توقف الحيض والاغتسال بهذه الاية خلافا لابي حنيفة في من تجاوزت فيمن فيما اذا كان الامر بعد عشرة ايام من بدء الحيض وقوله تعالى فاتوهن من حيث امركم الله. فيه دلالة على ان الجماع لا يكون الا في القبل وانه لا يجوز الجماع في الدبر. ومن فسر او من حكى عن بعض الائمة خلاف ذلك فقد اخطأ على هؤلاء الائمة واستدل بهذه الاية على ان دم المحيض دم نجس والحق به الجمهور وهو مذهب الائمة الاربعة بقية انواع الدماء وفي هذه الاية دلالة على ان الحائض لا تصلي. لانه قابل بين حالها وحال الطهارة قد استدل بهذه الاية على ان الحائض لا تلبث في المساجد لقول الله جل وعلا قل هو اذى بيان الدليل بيان العلة التي من اجلها ثبت حكم تحريم وطأ النساء في في هذا الوقت قد استدل الجمهور بهذه الاية على ان من وطئ الحائض فلا كفارة عليه لانه لم يذكر الكفارة هنا وذهب احمد الى ان من وطأ الحائط فعليه ان يتصدق بدينار وهو قرابة الخمسة جرام من الذهب او بنصف دينار لورود حديث في السنن من طريق ابن عباس واسناده جيد مذهب احمد في هذا اقوى وفي هذه الايات مشروعية تكرار التوبة بتكرار الذنب فانه قال يحب التوابين وليست المنقصة في كثرة التوبة. وانما المنقصة في عدم التوبة وطبيعة ابن ادم الخطأ وقوله جل وعلا نساؤكم حرث لكم المراد بالنساء هنا الزوجات والايماء لانه اظاف النساء الى الظمير. فدل على الاختصاص وهذا لا يكون الا في الزوجة والامة وقوله حرث لكم قوله جل وعلا حرث لكم ان يجوز لكم وطوهن في محل الحرف الذي يأتي منه الولد كما هو حرث الزراعة لا يكون الا في موطن تأتي منه ثمرة فدل هذا على تحريم الوطء في الدبر وقوله فاتوا حرثكم انا شئتم. اي يجوز للزوج ان يجامع الزوجة في الفرج مقبلا او مدبرا المراد طريقة الوصول وليس المراد الدبر وفي قوله تعالى وقدموا لانفسكم اي تقربوا لله عز وجل بهذا الوقت. فان من وطئ تقربا لله كان مأجورا قد ورد في الحديث وفي بظع احدكم صدقة واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه. في وجوب الايمان الجزاء يوم القيامة. مقال وبشر المؤمنين. بشر المؤمنين في مشروعية البشارة بين اهل الايمان ثم قال تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم. اليمين هو تأكيد الكلام قام بذكر معظم فيه اليمين المشروعة القسم بالله او بصفة من صفاته سبحانه وتعالى في هذه الاية النهي عن كثرة الحلف كما ان فيها النهي عن ترك المستحبات او الواجبات من اجل اليمين. وقد قال النبي صلى الله عليه عليه وسلم والله لاحلف على شيء فارى غيره خيرا منه الا اتيت الذي هو خير وكفرت عن ميني وقوله ان تبروا اي لا تكن اليمين مانعا لكم من البر. والعمل الصالح ثم قال جل وعلا لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم اي لا يعاقبكم الله ولا يرتب عليكم الاثم باللغو في ايمانكم اي بانت بان تقسموا من غير قصد للقصد للقسم. فمرات فمرات تخرج اليمين والمقسم لا يريد ذات اليمين فهذه اليمين التي تخرج بدون قصد يقال عنها اللغو. وبالتالي لا يطالب الانسان فيها بكفارة ثم قال تعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة اشهر. فان فاؤوا فان الله غفور رحيم الايلاء المراد به ان يقسم الزوج الا يأتي زوجته فان كان الايلاء اقل من اربعة اشهر فهو مباح وان كان الايلا لمدة اكثر من اربعة اشهر فهو ممنوع منه ولا يجوز لهذه الاية فالايلاء القسم على ترك الوطئ. والمحرم منه ما يكون لمدة اكثر من اربعة اشهر والايلاء اذا كان لمدة اكثر من اربعة اشهر فانه بعد الاربعة اشهر يخير صاحبه بين التطليق ويطلق زوجته لئلا يضار بها وبين ان يكفرها كفارة يمين كفرها كفارة يكفر كفارة يمين فتنحل يمينه ثم قال تعالى وان عزموا الطلاق. في بعض القراءات وان عزموا الطلاق فيهن يعني في الاربعة اشهر ولذلك قال الامام ابو حنيفة انما يخير في داخل الاربعة اشهر وقال الجمهور التخيير بعد الاربعة اشهر بعد الاربعة اشهر هذا ما يتعلق بتفسير هذه الايات ولعلنا ان شاء الله في لقاء قادم نذكر احكام الواردة في هذه السورة العظيمة سورة البقرة. بارك الله فيكم ووفقكم لخيري الدنيا والاخرة. وجعل الله واياكم من هداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين