الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد وفي اواخر لقائنا السابق تكلمنا عن الايلاء بان يقسم الزوج الا يطأ الزوجة مدة مدة معينة وقلنا يترتب على ذلك ان يؤجل ان كان لي الى اقل من اربعة اشهر فانه مباح وحينئذ اما ان يكفر ويطأ واما ان ينتظر هذه المدة قد ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم الة من نسائه شهرا واما اذا كانت المدة اكثر من ذلك فانه بعد مضي الاربعة اشهر نوقفه ونقول احد امرين اما ان تطلق واما ان تكفر عن يمينك وتأتي زوجاتك ومما يلحق بهذا ان بعض الناس قد يضار بامرأته فيهجرها يزار بالمرأة فيهجرها. فاذا هجرها اربعة اشهر فحينئذ يقول له انت قد اظررت بالمرأة فاما ان تصلح حالك وتعود الى امرأتك واما ان تطلق المرأة متى طلبت الزوجة ذلك متى طلبت الزوجة ذلك ثم قال جل وعلا والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء فيه جواز الطلاق وانه يترتب على الطلاق الفرقة بين الزوجين ويترتب على الطلاق وجوب العدة بان تلبس المرأة مدة بعد هذا الطلاق وان كانت المطلقة من ذوات الحمل فعدتها بوضع الحمل. كما في قوله وولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن وان كانت المرأة ليست حاملا وتحيظ فعدتها ثلاثة قرون كهذه لهذه الاية يتربصن بانفسهن ثلاثة اقوام وان كانت لا تحيض لكبرها او صغرها فعدتها ثلاثة اشهر لكن وقع اختلاف في قول النبي صلى الله عليه وسلم والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرون. ما هي القرون قال احمد وابو حنيفة هي الحيض وقال مالك والشافعي هي الاطهار وبالتالي فانه اذا طلقها في طهر فانه عند احمد وابي حنيفة تنتظر ثلاث حيض وبعد الحيضة الثالثة في نهاية الحيضة الثالثة تنتهي عدتها وعند ما لك هو الشافعي بثلاثة اطهار قيل يحتسب الطهر الذي طلقها فيه وقيل وهو الاكثر عندهم الطهر الذي طلقها فيه فبداية الحيضة الثالثة هي نهاية العدة عندهما والمسألة خلافية والخلاف فيها قديم وكان من حجة من من قال بان القروء هي الحيض قول النبي صلى الله عليه وسلم دعي الصلاة ايام اقرائك فسمى ايام الحيض ايام قرء الطلاق لابد ان يكون في الوقت المحدد شرعا بان يكون في طهر لا في حيظ. وبان يكون ذلك الطهر لم يجامع الزوج زوجته فيه ويشترط او ويجب الا يطلقها اكثر من طلقة لا يطلق الا طلقة واحدة ولا يجوز ان يطلق باكثر من طلقة وقد وقع اختلاف بينهم في من طلق في وقت الحيض فهو اثم عاص بالاتفاق وهل يقع طلاقه؟ قال الجمهور نعم وقال طائفة بعدم الوقوع ومنشأ هذا ان ابن عمر طلق زوجته وهي حائض ووقع التردد في حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة له هل قام احتساب هذه الطلقة او لم يكن باحتساب هذه الطلقة وفي قوله تعالى ولا يحل لهن اي لا يجوز لهن اي للمطلقات في وقت العدة ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن الى المراد ان لا يكتمن الحيض بل تخبر حتى نعرف متى تنتهي عدتها. وقيل المراد به الحمل فلا يجوز للمرأة ان تكتم الحمل الذي في بطنها في وقت عدتها من اجل ان يكون الزوج على بينة من امره يراجعها او لا يراجعها وقد يكون مجموع الامرين مرادا وفي قوله ان كن يؤمن بالله واليوم الاخر فيه دلالة على ان الايمان بالله وباليوم الاخر يدفع العبد الى التزام احكام الشريعة وفيه تهديد شديد ووعيد اكيد لمن كتمت ما في لمن كتمت ما في رحمها وفي قوله تعالى وبعولة حنا وبعولتهن احق بردهن في ذلك. عدد من الفوائد اولها ان المطلقة الرجعية في مدة العدة لا زالت زوجة لها احكام الزوجات تجب عليها النفقة تجب لها النفقة ويجوز لها ان تكشف لزوجها ولا يجب عليها التستر منه ويجب عليه ان يسكنها واخذ منه ان المطلقة البائن لا تجب لها نفقة ولا سكنى وانها ليست بزوجة لانه لا يحق له مراجعتها وقوله احق بردهن فيه جواز المراجعة بعد الطلقة والطلقتين وفيه ان المراجعة تكون في وقت العدة لقوله في ذلك اي في مدة الثلاثة القرون وفي قوله هنا احق بردهن دلالة على ان الزوجة لا تستشار في امر الرجعة بل للزوج الحق في ان يراجع ولو لم ترظى الزوجة طيب لو قدر ان الزوجة لا تريد الرجل الذي طلقها فنقول لها الحق في في الخلع. تطلب من القاضي ان يخلعها من هذا الزوج اما هو فله الحق في ذلك وفي قوله ان اراد اصلاحا دلالة على انه لا يجوز للزوج ان يراجع متى كان يريد المضارة بالزوجة وانه يأثم بذلك وقوله ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف به ايجاب المعاشرة بالحسنى والمعروف بين الزوجين وفيه وجوب احسان الصحبة بينهما وقوله وللرجال عليهن درجة اي للرجال حق وفي نفس الوقت عليهم واجب فان الرجل عليه من الواجبات ما ليس على المرأة ولذلك كان له من الحقوق ما ليس للمرأة وقد اخذ هذه الدرجة قيل بان الدرجة في الميراث حق الزوج في الميراث علم الحق الزوجة وقيل بان هذه الدرجة في وجوب الطاعة للزوج فلا تخرج الزوجة من بيت الزوجية الا باذن الزوج لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا اماء الله مساجد الله. وقيل بالطاعة لقوله تعالى فان طعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا وقيل بان المراد به حق الخدمة كما هو مذهب المالكية وطائفة وقوله جل وعلا قال بعد ذلك الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح باحسان فيه ان الطلقات الثلاث فارقة بين الزوجين تصبح المرأة مفارقة بائن من زوجها وان الرجعة لا تحل الا بعد الطلقة الاولى والطلقة الثانية قوله الطلاق مرتان اي الطلاق الذي يكون بعده رجعة الطلاق الاول والطلاق الثاني دون الطلقة الثالثة وفي قوله جل وعلا فانساكم بمعروف اي بالرجعة في حل الرجعة بشرط ان يكون بمعروف والمراد بما تعارف الناس على حسنه او تسريح باحسان اي مفارقة باخلاق طيبة والفاظ حسنة ولذلك يظن كثير من الازواج انه بعد الطلاق ساءت العشرة وانتهت العلاقة لا حينئذ يجب على الزوجين ولو كان بينهما طلاق ان يحسن كل واحد منهم للاخر ومن الاحسان الا يذكر معايبه عند الاخرين ثم قال ولا يحل لكم ان تأخذوا مما اتيتموهن شيئا ايه تحريم اخذ الزوج من الزوجة شيئا من المال سواء من المهر الذي دفعه سابقا او من مالها ما يجوز للرجل ان يأخذ من ماله. والنفقة على الرجل الا في حالة واحدة وهي حالة الخلع فاذا كانت المرأة ترى ان العيش مع الزوج مستحي او ترى انه يلحقها اثم ببقائها معه لكونها تعصي الله اما بمعصيته واما استجراره هو لها لتفعل شيئا من المعاصي فحينئذ تتخلص منه بطريق الخلع بدفع شيء من العوظ من اجل ان يفارقها قال فان خفتم الا يقيم حدود الله استدل بهذه الايات او تسريح باحسان على ان لفظ التسريح يقع به الطلاق وبعضهم قال هو الصريح في الطلاق يقع الطلاق به ولو لم يكن معه نية. والجمهور كما قال الشافعي والجمهور يقولون لا. هذا من الكنايات لا يقع الطلاق به الا مع النية ووقع اختلاف في الرجعة هل تحصل بواسطة الوطء او لا تحصل فقال احمد مم اذا وطأ الزوج مطلقته حصلت الرجعة بذلك وقال الشافعي وابو حنيفة لا تحصل الرجعة بالوطء. لابد من اللفظ وقال الامام ما لك بانه ان نوى بالرجعة ان نوى بالوطء الرجعة ثبتت الرجعة والا واما اذا نوى بوطأه انه يزني بهذا فحين اذ لا تحصل الرجعة. ولعل مذهب الامام ما له في ارجح الاقوال في هذه المسألة ومن المسائل المتعلقة بهذا هل يشترط في الرجعة الاشهاد او لا وبعضهم استدل بالاية على عدم وجوب الاشهاد لانها لم تذكر في هذه الايات وقع اختلاف في الخلع. هل هو طلاق او ليس بطلاق فقال الجمهور هو طلاق لانه مفارقة ثابتة من طريق القضاء او بالتراضي فثبت انها طلاق. تحسب في عدد الطلقات وقال الامام احمد الخلع ليس بطلاق. فانه قال الطلاق مرتان ثم ذكر الخلع ثم قال فان طلقها اي طلقة ثالثة فلا تحل له من بعد مما يدل على انه لم يحتسب الخلع كطلقة من الطلقات ولعل قوله ارجح في هذه المسألة ثم قال تعالى تلك حدود الله فلا تعتدوها قيل بان المراد وجوب طاعة الزوجة لزوجها وكيل المراد احكام الطلاق والخلع المذكورة في هذه الايات ثم قال قوله فلا تعتدوا اي لا تتجاوزوا الاحكام المتعلقة بالنكاح والطلاق ونحوها وبعض اهل العلم قال تعالى فان طلقها استدل به بعض الحنفية على ان المرأة المخالعة يقع عليها الطلاق لماذا؟ قالوا لانه بعد ان ذكر الخلع قال فان طلقها والجمهور على ان المخالعة لا يقع طلاقها. لانها ليست في ذمة الانسان بل هي مفارقة بين ولعل قولهم نجح وقوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد اي اذا طلقها الطلقة الثالثة حرمت على الانسان ولا يجوز له ان يعود اليها حتى تنكح زوجا غيره في هذا دلالة على ان المطلقة بالثلاث اذا تزوجت زوجا اخر نكاح رغبة ثم طلقها الزوجة جاز للاول ان يتزوجها برضاها وبمهر جديد وعقد جديد لقوله فلا يناح عليهما ان يتراجعا فجعل المراجعة هنا مشاركة بينهما يتراجع واستدل بعضهم بقوله حتى تنكح زوجا غيره على ان الولي ليس بشرط في النكاح والجمهور على ان الولي شرط في النكاح استدلوا على ذلك بالاية التي بعدها في قول الله جل وعلا واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن فلو كانت المرأة تزوج نفسها بدون الولي لما نهى الولي عن عضل للمرأة ثم قال تعالى فلا جناح عليهما ان يتراجعا ان ظن ان يقيما حدود الله. فيه دليل على ان الزواج يشترط فيه ان يكون كل واحد من الزوجين يرغب ان يكون زواجهما لا محرم في او لا مخالفة للشرع فيه وقوله جل وعلا واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن اي العدة او قيل انتهت العدة وقيل قارب انتهاء العدة وقوله فامسكوهن بمعروف يعني قبل انتهاء العدة بالرجعة او سرحوهن بمعروف اي اتركوهن ولا حتى تنتهي العدة فتصبح اجنبية وقوله بمعروف اي ان الامساك او المسارحة لابد ان تكون بما يتعارف الناس على حسنه ثم قال ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا فيه انه يشترط في الرجعة ان يكون الزوج قاصدا الاحسان ثم قال ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه اي من امسك الزوجة بقصد الاضرار بها فهو ظالم. ثم قال ولا تتخذوا ايات الله هزوا احكام الطلاق والنكاح والرجعة هذه هي ايات الله هنا فعندما يستعملها الانسان في غير مقصد الشرع فيكون قد اتخذ ايات الله هزوا وقد جعل بعضهم من اتخاذ ايات الله يوزوا ان يطلق الانسان زوجته الثلاث الطلقات ثلاثة طلقات ثم قال تعالى واذكروا نعمة الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب عن القرآن والحكمة يعني السنة يعظكم به فيه دلالة على مشروعية تكون المواعظ بالدليل من الكتاب والسنة بارك الله فيكم ووفقكم الله لخيري الدنيا والاخرة هذا والله اعلم صلى الله على نبينا محمد وعلى اله اله وصحبه اجمعين