وقوله لا تعضلوهن ورد ان معقل ابن يسار زوج اخته من رجل فطلقها فلما انتهت عدتها جاء زوجها يخطبها فقال اكرمتك وزوجتك ثم طلقت اختي والله لا ازوجك ابدا فيا الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فلا زلنا نتحدث عن ايات الاحكام في سورة البقرة وقد وصلنا الى قوله جل وعلا واذا طلقتم النساء فانها اجرة حلال ثم قال تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا في ان عدة المرأة المتوفى عنها غير الحامل اربعة اشهر وعشرة ايام بهذه الاية ابلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا تراضوا بينهم بالمعروف فقوله بلغنا اجلهن الجمهور يقولون بان المراد قاربن من انتهاء العدة ولم تنتهي العدة بعد وقوله فلا تعضلوهن خطاب للاولياء بمنع المراجعة وقال اخرون بان المراد هنا فيما بعد انتهاء العدة لقول فبلغن اجلهن يعني بعد انتهاء العدة لا تحل الا بعقد جديد ومهر جديد وحينئذ يكون للاولياء تصرف وهذا القول الثاني اظهر انزل الله عز وكانت المرأة تريده فانزل الله عز وجل هذه الاية وفي قوله اذا تراضوا بينهم بالمعروف استدل به على ان من شرط عقد النكاح التراضي بين الزوجين فلا يجوز ان يجبر احد في عقد النكاح واستدل به مالك وابو حنيفة على ان البكر يشترط رضاها في عقد النكاح خلافا للشافعي واحمد اشتراط الرضا اولى لهذه الاية ثم قال تعالى والوالدات يرظعن اولادهن حولين كاملين فيه ان الرضاعة مأمور بها في الشرع وتحتاج اليها الصبي وفيه ان الاصل تعين الوالد لرظاعة اولادها من الذكور والاناث وقوله حولين كاملين فيه دلالة على ان الرضعات المحرمة هي ما كان في الحولين كما قال الشافعي واحمد وقال مالك ما كان قريبا من الحولين يدخل معهما قال ابو حنيفة يثبت التحريم في الرضاع الى شهرين الى ستة اشهر بعد الحولين الى ستة اشهر بعد الحولين. والقول الاول اظهر لظاهر هذه الاية وقوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف به وجوب نفقة الولد على الوالد وفيه ان الزوج ينفق على زوجته ثم قال تعالى بالمعروف اي ان مقدار النفقة يكون بحسب ما يتعارف الناس عليه في مقدارها والاصل في النفقة ان يكون بما يحتاج اليه. مأكل ومسكن كسوة ملبس ولكن لو اتفقت الزوجة والزوج على ان يدفع شيئا معينا من مال او غيره فهما على رضاهما والاصل ان النفقة تكون بحسب نوعها المأكل والمشرب كل يوم بيومه لكن لو اتفقت اتفق الزوج والزوجة على الزوج والمطلق ومطلقته على ان تكون النفقة شهرية او اسبوعية او نحو ذلك جائز وهذه الاية في نفقة المولود هذه في ما اذا كانت امه لا زالت زوجها او كانت مطلقة قوله والوالدات يرضعن اولادهن الجمهور قالوا في تلياله على ان الرضاعة حق للولد ما يجوز للمرأة ان تمتنع عنه وبعضهم قالوا بل للمرأة الحق في الامتناع منه فهو حق للوالدة قالوا ولها حق ان تمتنع منه والحق بعظهم بالرظاعة الحظانة وقالوا الحضانة للام لان الرضاعة عندها وللعلماء تفاصيل في مسائل الحضانة ثم قال جل وعلا لا تكلف نفس الا وسعها اي ان نفقة الولد بحسب قدرة الوالد ثم قال لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده يعني ان الام لا تمتنع عن ارظاع ولدها رغبة في الاظرار بالاب وان الاب لا يجوز له ان يمنع الام من الرضاعة اضرارا بها وقوله وعلى الوارث مثل ذلك استدل به احمد وجماعة على وجوب نفقة القريب وجوب نفقة القريب متى كان المنفق يرث من المنفق عليه هل يجب على الانسان ان ينفق على اخيه؟ يقول ننظر لو قدر موت الاخ ورثه صاحب المال فعلى صاحب المال ان ينفق عليه وهذا فيما اذا لم يكن للاخ ولد ذكر ولم يكن له اب فانه اذا ورثه وجب عليه ان ينفق عليه وفي هذه الحال لا يجوز له ان يعطيه زكاة ما له لانه سيغتني بالنفقة التي ستدفع له اما لو كان الاخ له ولد او كان الاب موجودا فيجوز للاخ ان يعطي زكاة ما له ليه اخيه وقوله تعالى فان اراد فصالا عن تراض منهما الفصال ترك الرضاعة فيجوز ان يقلل في وقت الرضاعة عن السنتين بشرط الا يكون هناك ظرر بالمولود وفيه دلالة على انه يمكن ان يكون هناك اجتهاد سواء اجتهاد في استخراج الحكم او اجتهاد في تطبيق الاحكام على مواطنها لان او كل هذا الحكم الاجتهاد الى ابويه وقوله تعالى وان اردتم ان تسترظعوا اولادكم فلا جناح عليكم اذا تركت الام الولد بدون رظاعة او كانت الام تقصر في رظاع ولدها فحين اذ لا حرج على الاب ان يستأجر مرظعة تقوم بارظاع الولد في قوله تعالى فلا جناح عليكم اذا سلمتم ما اتيتم بالمعروف في جواز اخذ الاجرة على الرضاعة وفيه ان المرظعة اذا اخذت الاجرة على رظاعة غير ولدها الشهر الاول والشهور تكون شهورا قمرية بحسب رؤية الهلال لان هذا هو خطاب الشارع ومعنى التربص انها لا تتزوج وانها تحاد والمحادة تكون بثلاثة اشياء اولها ترك الزينة وثانيها ترك الطيب وثالثها اللبس في المنزل الذي جاءها فيه وعي نعي زوجها وهذا معنى قوله يتربصن في قوله جل وعلا فاذا بلغنا اجلهن اي انتهت العدة اربعة اشهر وعشرة ايام فلا جناح عليكم فيما فعلنا في انفسهن بالمعروف اي يحق لها حينئذ ان تتطيب وان تتزين اذا لم يشاهد الرجال الاجانب. اذا قال بالمعروف وفيه انه يحق لها الخروج بعد ذلك. يحق لها ان تتزوج قال والله بما تعملون خبير وهذه الاية عامة في كل زوجة توفي عنها زوجها سواء دخل الزوج او لم يدخل بخلاف الطلاق لو طلقها قبل الدخول فلا عدة عليها اما في عدة الوفاة فانه يجب عليها عدة الوفاة دخل الزوج او لم يدخل ولا يلتفت الى الحيض لو لم تحض لا يلتفت اليه لان العبرة بالعدة الا اذا كانت حاملا فتكون عدتها بوظع الحمل وظاهر الاية ان الكتابية تماثل المسلمة في هذه العدة خلافا لبعض المالكية قوله فاذا بلغن اجلهن يعني انقضت العدة فلا جناح عليكم يعني ان تخطبوهن ثم قال تعالى ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء المراد بالنساء المتوفى عنهن ازواجهن في وقت العدة هل تجوز خطبتها؟ يقول خطبتها على نوعين. التصريح فهذا حرام. ولا يجوز والثاني التلميح كما لو قال انا ابحث عن زوجة لوجد مثلك لاستقرت احوالي فهذا تعريظ ومن انواع التعريض ان يتكلم مع وليها لا معها عند بعض الفقهاء ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء او اكننتم في انفسكم اي اظمرتم من الرغبة بالزواج من مثل هؤلاء علم الله انكم ستذكروهن فهذا الذكر لا حرج فيه ولكن لا تواعدوهن سرا اي لا توعدوهن بالزواج لا تتفق معهم ولا تخطبوهن صراحة وليس المراد مواعدة المرأة الاجنبية الا ان تقولوا قولا معروفا فهنا في قوله الا ان تقولوا قولا معروفا يعني التعريض الجائز الذي ذكرناه قبل قليل ثم قال ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله. اي لا تجزموا بالخطبة حتى تنتهي مدة العدة وهنا فيه ذي مشروعية تكرار الحكم من اجل ان يستقر في الاذهان لو واعدها وخطبها صراحة في مدة العدة ثم تزوجها بعد انتهاء العدة. فحينئذ استحب ما لك ان يفارقها والجمهور يقولون لا يؤثر هذا على عقد النكاح وفي الاية دلالة على انه لو عقد عليها وقت وقت العدة فالعقد باطل ثم قال تعالى لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرظوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتل قدره متاعا بالمعروف النساء المطلقات اربعة انواع النوع الاول مطلقة بعد الدخول والمهر فحينئذ يكون لها المهر كاملا مطلقة بعد الدخول وبعد تسمية المهر فهذه لها المهر كاملا الثانية مطلقة بعد الدخول والمهر لم يسمى فحينئذ يثبت لها مهر المثل نسأل امثالها كم يعطين؟ الاولى لها المهر المسمى والثانية لها مهر المثل والثالثة مطلقة قبل الدخول وبعد التسمية قبل الدخول وبعد التسمية فهذه لها نصف المهر المسمى والرابعة مطلقة بعد العقد وقبل الدخول وقبل التسمية فهذه لها المتعة المذكورة في قوله ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتل قدره قد قيل بان اقل المتعة كسوة ثوب يسروا المرأة واعلاه خادم يعني مملوك يدفع لها. وقد يأتي يكون مثله في زماننا لو اعطاها سيارة ركوب او نحوه اذا المتعة واجبة في حق المطلقة قبل الدخول وقبل تسمية المهر واما ما عداها من الاصناف الثلاثة فقد قيل بانه يجب للاصناف الثلاثة الباقية المتعة. لقوله والمطلقة وللمطلقات متاع بالمعروف والقول الاخر يقول لا المتعة لا تجب الا لهذا الصنف الاول واما الاصناف الباقية فالمتعة مستحبة وليست بواجبة وقوله حقا على المحسنين فيه ايجاب المتعة على المطلقة التي فالتي طلقها قبل الدخول وقبل تسمية المهر وهناك اختلافات يسيرة في اه هذا الباب ثم قال تعالى وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم كما تقدم الا ان يعفون فاذا عفت المرأة عن حقها في في المهر سقط او يعفو الذي بيده عقدة النكاح قيل المراد يعفو الزوج بحيث يعطي جميع المهر كاملا وقيل بان المراد ان يعفو الولي فيسقط النصف الاول من المهر وممن قال ان الولي وممن قال ان الولي هو ان الولي هو الذي يعفو ابن عباس وجماعة من العلماء وممن قال بان المراد اذا ممن قال ان المراد بالاية او يعفو الذي بيده عقدة النكاح الولي الامام احمد وورد عن الامام مالك والقول الثاني ان الذي يعفو هو الزوج وهذا هو قول ابي حنيفة والشافعي وقد احتج كل منهم بادلة متعددة اه بيان المراد بهذه الاية ثم قال تعالى ولا تنسوا الفضل بينكم ولا تنسوا الفضل بينكم رغبهم في ان يعطي الانسان من حقه لغيره ان الله بما تعملون بصير اسأل الله يعني مما يؤخذ من هذه الاية ان المشاع يجوز التصرف فيه بالهبة وبغيرها لان الجزء هذا الباقي من المهر هو مشاع اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين