والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد سم بالله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم الم نهلك الاولين نخلقهم من الم نخلقكم ماء مهيب فجعلناه في قرار مكين الم نجعل الم نهلك الاولين ثم نتبعهم الاخرين الم نهلك الاولين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين الم نخلقكم ماء مهين فاجعلناه في قرار مكين ويل يومئذ للمكذبين الم نجعل الارض كفاة احياء وامواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات واسقيناكم ماء فراتا ويل يومئذ للمكذبين حسبك هذه الايات الكريمة من سورة المرسلات جاءت بعد قوله جل وعلا واذا الرسل اقتت لاي يوم اجلت ليوم الفصل وما ادراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين نهلك الاولين ثم نتبعهم الاخرين. كذلك نفعل بالمجرمين الايات يقول الله جل وعلا محذرا كفار قريش ومخوفا لهم لانهم ان لم يؤمنوا محمد صلى الله عليه وسلم اتاهم ما اتى الامم قبلهم من لدن ادم الى مبعث محمد صلى الله عليه وسلم وقال تعالى الم نهلك الاولين الاستفهام توبيخ وهو للتقرير اي اهلكنا الاولين الاستفهام التوبيخي نفي ودخل على النفي ونفي النفي اثبات ويلزم المخاطب بان يقر بما تظمنه الم نهلك الاولين يقول نعم المخاطب اي قد اهلكنا الاولين ونفي النفي اثبات والمراد بالاولين اولان للمفسرين رحمهم الله المراد بالاولين من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم جميع الامم السابقة لما كذبت الرسل اهلكهم الله جل وعلا والمراد بالاولين ما كان قبل محمد صلى الله عليه وسلم ثم نتبعهم الاخرين. نتبعهم الاخرين يعني كما اهلكنا السابقين الاولين نهلك من جاء بعدهم نهلككم انتم يا كفار قريش اذا فالمراد بالاخرين كفار قريش من استمر على كفره وقد اهلكهم الله جل وعلا ففي هذه الاية توعد والا ما حصل الى الان حين نزول الايات لان هذه الايات مكية قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم واهلاك صناديد كفار قريش بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة في السنة الثانية من الهجرة في موقعة بدر الكبرى الم نهلك الاولين ثم نتبعهم ولا يصح على هذا ثم نتبعهم لانه من الان ما اهلك حال نزول الايات ويوضح هذا اكثر قراءة عبد الله بن مسعود ثم سنتبعهم الشين التسويف الذي سيأتي فيها تنفيس وامهاد ثم سنتبعهم يعني سنتبعكم اياهم ان لم تؤمنوا الم نهلك الاولين ثم سنتبعهم الاخرين الاخرين الاتيين بعدهم يعني انتم وقراءة الرفع على انها الاستئناف ثم نتبعهم يعني يحصل هذا لمن جاء بعدهم وانتم هم ولا يصح على هذا الجزم ثم نتبعهم ما يصح لان الجزم يترتب عليه انه معطوف تابع لما سبق وان اهلاك الاخرين حصل والى الان ما حصل حالة نزول الايات ما حصل وانما حصل بعد وفيها وعيد واخبار عما سيكون في المستقبل القول الاخر ان المراد للاخرين الانبياء وامم الانبياء المتأخرين المراد بالاولين مثلا قوم نوح وعاد وثمود هؤلاء المتقدمون والمراد بالاخرين قوم شعيب وموسى من اهلكه الله جل وعلا من الامم المتأخرة الذين سمعت باخبارهم كفار قريش ويعرفونهم وعلى هذا يكون تصح قراءة الجزم ثم نتبعهم يعني اتبعناهم من جاء بعدهم من قوم شعيب وموسى وغيرهم ولوط وغيرهم ثم قال جل وعلا كذلك نفعل بالمجرمين. مثل هذا الفعل الذي حصل بالسابقين هذا وعيدنا لكل مجرم لكل من رد دعوة الرسل لكل من كفر بالله وكذب المرسلين. كذلك يعني مثل هذا الفعل الذي حصل وعلمتم عنه نفعل بكل مجرم فلستم بمنأى عن ذلك ولا بسلامة ان لم تؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويل يومئذ للمكذبين ويل يومئذ يعني يوم نزول العذاب ويل ليوم نزول العذاب لكل مكذب وتقدم ان هذه الاية كررت في هذه السورة عشر مرات وان فيها التكرير للتأكيد وهذا وارد او التكرير بتوعد كل من اتصف بصفة من صفات الكفر والضلال ويل لمكذب الرسل ويل لم الكذب بالبعث ويل لمن اشرك بالله وهكذا والويل اذا اريد به ويل الدنيا فهو العذاب ويرد بمعنى وادم في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره وهو الذي توعد الله جل وعلا به المتشاغلين عن الصلاة وقال تعالى فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ومن رحمة الله جل وعلا بعباده انه قال الذين هم عن صلاتهم ساهون ولم يقل تعالى الذين هم في صلاتهم شاهون قال الذين هم عن صلاتهم يعني يا ينشغلون عن الصلاة ويؤخرونها عن اوقاتها توعدون بالويل بخلاف الشاهي في الصلاة الذين هم في صلاتهم ساهون فهذا يحصل لكل احد وحصل للنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو افضل الخلق على الاطلاق ويل يومئذ يعني يوم نزول العذاب للمكذبين. يعني لا يلوم الا نفسه سيحصل عليه الويل الشديد سيحصل عليه العذاب لا رحمة حينئذ لانه لا يستحق الرحمة وهو لم يرحم نفسه اولا. لان المرء لو رحم نفسه لاطاع الله واتقى الله واجتنب معصية الله. لكنه هو نفسه ما رحم نفسه عرض نفسه للخطر والهلاك انتهاكه لمحارم الله جل وعلا يقول تعالى الم نهلك الاولين يعني من المكذبين للرسل المخالفين لما جاءوهم به ثم نتبعهم الاخرين اي ممن اشبههم ولهذا قال تعالى كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين ثم قال تعالى تخويفا وزجرى واستدلالا على القدرة على البعث وانه سهل على الله جل وعلا وقال الم نخلقكم من ماء مهين انتبه يا ابن ادم انظر من اين نشأت؟ ما هي بدايتك من ماء مهين مهين ضعيف حقير منتن الم نخلقكم من ماء مهين وهو المني يخرج من الرجل مع مليء المرأة فيتكون منهما الولد ذكرا كان او انثى يا ابن ادم كيف تتكبر عن عبادة الله وهذا اصلك كيف تتكبر عن عبادة الله والله خلقك اول الامر كيف تنكر البعث لانه غير قادر على البعث. وقد انشأك من هذا الم نخلقكم من ماء مهين ضعيف حقير قذر منتن كما قال جل وعلا ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين في سورة السجدة فجعلناه يعني هذا الماء المهين في قرار مكين في مستقر متمكن محفوظ ما يعرض له الفساد الا باذن الله جل وعلا اذا اراد ذلك وهو الرحم يجتمع ماء الرجل وماء المرأة باذن الله ويستقر في الرحم حتى يتطور من طور الى طور حتى يحين وقت الولادة الى قدر معلوم الى قدر يعني وقت معلوم جعله الله جل وعلا والله جل وعلا يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيظ الارحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه الى قدر معلوم الى وقت معلوم قدره الله جل وعلا وقد يكون ستة اشهر وقد يكون تسعة اشهر وقد يكون اكثر من ذلك واقل مدة الحمل ويعيش فيها الجنين ستة اشهر واكثر مدة الحمل كما ورد اربع سنين فقد يبقى الحمل في بطن امه اربع سنين ويولد حيا سليما وغالبه تسعة اشهر الى قدر معلوم الى وقت محدد قدره الله جل وعلا كتب متى خروجه فقدرنا فقدرنا للتخفيف او فقدرنا فنعم القادرون قراءتان سبعيتان قدرنا بمعنى قدرنا بمعنى التقدير وبمعنى استطعنا ذلك وقدرنا عليه وقدرنا بمعنى التقدير بالتشديد قال بعض المفسرين القراءتان بمعنى واحد يفهم منها القدرة ويفهم منها التقدير فنعم القادرون يعني المستطيعون نعم القادرون نحن المخصوص بالمدح محذوف دل عليه السياق فنعم القادرون نحن فهو قادر جل وعلا وهو قدر هذه النطفة وقدرها على ما يريده او سعيدة يولد حي او يولد ميت يولد يعيش ثمنا طويلا او العمر قدر ذلك جل وعلا كله وهو الجنين في بطن امه حينما يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر باربع كلمات بكتب رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد والله جل وعلا قدر ذلك وهو جنين في بطن امه بعد الحمل به بمئة وعشرين يوما يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح بعد اربعة اشهر فهو الذي يعلم حاله قد يقول قائل قوله جل وعلا ويعلم ما في الارحام وقوله تعالى فقدرنا فنعم القادرون او قدرنا الان اصبح الاطبا يعرفون الحمل هو ولد ولا بنت ذكر او انثى وهل يؤثر على مفهوم الاية الكريمة لا لان الله جل وعلا قال ويعلم ما في الارحام يعلم ذكر او انثى يعلم شقي او سعيد يعلم يولد حي او ميت يعلم يطول عمره او يقصر يعلم ماذا يكون مآله بعد ولادته يعلم ما هي صنعته وعمله بعد كبره ماذا سيكون يكون عامل عالم. يكون مهندس. يكون طبيب. يكون يعلم ذلك جل وعلا وكون الاطباء مثلا يعلمون اهو ذكر ام انثى هذا لا اشكال فيه ولا يؤثر على الاية لانهم يستطيعون بالات يطلعون على ما في الرحم فيرون الة الذكورية والة الانوثية. يرى بالعين وهذا مما توصل اليه الطب الحديث علي ولا يتنافى مع الاية الكريمة لان قوله جل وعلا يعلم ما في الارحام يعني من كل وجه واما الطبيب مثلا يعرف يقول الحمل هذا ذكر لانه رأى ذكره او يقول هذا انثى لانه رأى فرجها تراه بالمجهر وبالشيء الاشياء التي يستطيعون مثلا رؤية ما تحت الجلد وقد رمى بالتخفيف او فقد درناه. فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين ويل يومئذ يوم نزول العذاب للمكذب بذلك المكذب بقدرة الله جل وعلا ويل للمكذب بجحد نعمة الله لان الواجب على العاقل انه يعامل من احسن اليه معاملة حسنة لو احسن اليك واحد من الخلق لوجب عليك عقلا ان ترد الاحسان اليه تعامله بالمثل فكيف ان الله جل وعلا يخلق العبد وينعم عليه ويطوره من طور الى طور ويتولاه ويرزقه ويجري عليه رزقه وفي بطن امه ويتولاه جل وعلا بعنايته الى ان يولد ثم يجري له رزقه ويسوق الله جل وعلا له الرزق وهو في بطن امه يأتيه الغذاء هذا الحيض الذي يتوقف عن الحامل يسير ينقلب بقدرة الله جل وعلا غذاء للجنين اللي في البطن فاذا ولدت الحامل خرج الدم الزائد مع النفاس ثم يكون منه ما يتوجه الى الثديين يكون غذاء للطفل بعد ولادته والزايد يخرج الحيض ولهذا قل ان تحيض الحامل وقد لا تحيض المرفع كثير من المرضعات يتوقف عنها الحيض بالرضاع لان الحيض ينقلب باذن الله غذاء لدى جنين للولد المولود بعد ولادته. فيكون حيض المرضع قليل وكثير من النساء في حال رواعها ماء ما تحيض فلذا يتوقف حيظها وتختلف عدتها لو طلقت في حال الرظاع وبعض المطلقات مثلا تطلق وهي مرظع فتطول العدة لانها ما تجيها العادة والحيض ما يجيها شهريا يختلف اختلاف كثير بسبب تحول دم الحيض هذا الى غذاء المولود بعد ولادته عن طريق الثدي وغذاه في حال الحمل به عن طريق السر باذن الله بقدرة الله جل وعلا يجري له رزقه من آآ جسم امه ويل يومئذ للمكذبين لمن كذب بهذا كذب قدرة الله على الخلق اولا. ثم قدرته على البعث ثانيا كذب نسبة الله جل وعلا الى عدم العلم الله جل وعلا قدر كل شيء وقدر هذا الجنين كم يأخذ في بطن امه ومتى يولد؟ ومتى وماذا سيكون وهو جل وعلا يعلم ما الخلق عاملون قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة الم نخلقكم مما هين اي ضعيف حقير بالنسبة الى قدرة الباري عز وجل فجعلناه في قرار مكين جمعناه في الرحم وهو قرار الماء من الرجل والمرأة والرحم معد لذلك حافظ لما اودع فيه من الماء الى قدر معلوم يعني الى مدة معينة من ستة اشهر الى تسعة اشهر ولهذا قال تعالى فقدرنا فنعم قادرون ويل يومئذ للمكذبين ثم قال تعالى الم نجعل الارض كفاتا. هذا امتنان اخر امتنان من الله جل وعلا على عباده. الم قد جعلنا الم نجعل الارض كفاتا احياء وامواتا الكفات ما يكفت فيه يعني ما يحويه بكذا بمعنى حواه بكذا او جعله فيه او ادخله فيه والله جل وعلا يقول قد جعلنا الارض كفاتا حاوية لكم الحي على ظهرها والميت في بطنها وهذه نعمة عظيمة كما امتن الله جل وعلا على ابن ادم لقوله ثم اماته واقبره فالقبر نعمة من الله جل وعلا وهو الذي وفق عباده لان يفعلوا هذا الفعل ويتقابروا والا ابن ادم الاول لما قتل اخاه حاجة اسمها يدري كيف يصنع جثة اخيه بين يديه بها فارسل الله جل وعلا له هذا الغراب الذي يبحث في الارض ليريه كيف يواري سوى تأخيه كما قص الله علينا جل وعلا في كتابه العزيز الله جل وعلا تفضل على العباد وامتن عليهم بان جعل الارض مأوى لهم والتفاتا فيها يكفتون فيها يعني يجتمعون فيها ويوارون فيها الحي على ظهرها والميت في بطنها انا من اجعل الارض كفاتا احياء وامواتا. هذا هو القول الراجح للمفسرين رحمهم الله قول اخر رحمهم الله يقول بعضهم الم نجعل الارض صنفين نفس العرض منها ما هو حي ومنها ما هو ميت الارض المنبتة حية اذا نزل عليها المطر حية وانبتت وارض لو نزل عليها المطر بكميات هائلة ما انبتت او جبلية او نحو ذلك ما تنبت احياء وامواتا يعني مأوى لكم. احياء وامواتا او ان الارض نفسها منها ما هو الحي المنبت ومنها ما هو الميت الذي لا نبات فيه وجعلنا فيها اي الارظ رواسيا جبال راسية صفة لموصوف محذوف معلوم من السياق رواسي شامخات مرتفعات عظيمات والجبال اوتادا والله جل وعلا ثبت الارظ بهذه الجبال العظيمة وهي منة من الله جل وعلا على العباد لان لا تتحرك بهم وتروج الله جل وعلا اول ما خلق الارض تحركت ثم ثبتها جل وعلا بهذه الجبال العظيمة واجعلنا فيها رواسي خاتم مرتفعات عظيمة ثقيلة قوية يثبت الارض بمثابة الوتد الذي يثبت الشيء واسقيناكم منة عظيمة ماء فراتا! ماء علج الفرات العذب سواء كان نازل من السماء او نابع من الارض المطر النازل من السماء والعيون النابعة من الارض ولو كانت المياه النازلة مرة او مالحة ما استفاد منها الناس ولو كانت كلها حلوة لعدم كثير من المصالح والله جل وعلا جعل الانهار حلوة استفيدوا منها الناس في شربهم وزروعهم غير ذلك من حاجاتهم وجعل البحار مالحة ليستفيدوا منها من نواحي اخرى لان البحار لو لم تكن مالحة ما عاشت فيها كثير من الحيوانات واللؤلؤ قيل انه من البحار واسقيناكم ماء فراتا. يعني عذبا زلالا نعمة من الله جل وعلا. اجرى لكم هذا الماء واراد ان اربعة من انهار الدنيا هي من انهار الجنة سيحون وجيحون والفرات والنيل وليست بالجنة على صفتها هذه بل ما في الجنة كله خال من القذى والاذى والتراب وغير ذلك واسقيناكم ماء فراتا ويل يومئذ للمكذبين بهذه النعمة هذه نعم عظيمة يجب على المؤمن ان يحمد الله جل وعلا عليها ويشكره. ويؤمن به ويؤمن برسله فمن سفر مع هذه النعم ومع هذا التقرير والايضاح والبيان فالويل له. ويل يومئذ للمكذبين بذلك الم نجعل الارض كفاتا احياء وامواتا قال مجاهد يكفت الميت فلا يرى منه شيء وقال الشعبي بطونها لامواتكم وظهورها لاحيائكم وكذا قال مجاهد وقتادة وجعلنا فيها رواسي شامخات يعني الجبال رسى بها الارظ لان لا تميد وتضطرب واسقيناكم ماء فراتا اي عذب زلل من السحاب او مما انبعه من عيون الارض ويل يومئذ للمكذبين اي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمته. الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين