وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد سم بالله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم هل اتاك حديث موسى اذ رأى نارا. اذ ناداه. اذ ناداه ربه بالوعد المقدس طوى اذهب الى فرعون انه طغى فقل هل لك الا ان تزكى واهديك الى ربك فتخشى فاراه الاية الكبرى فكذب وعصى ثم ادبر يسعى فحشر فنادى فقال انا ربكم الاعلى فاخذه الله نكال الاخرة والاولى ان في ذلك لعبرة لمن يخشى. حسبك هذه الايات الكريمة في سورة النازعات جاءت بعد قوله جل وعلا قلوب يومئذ واجفة ابصارها خاشعة يقولون ائنا لمردودون في الحافرة فاذا كنا عظاما نخرة قالوا تلك اذا كرة خاسرة وانما هي جزيرة واحدة فاذا هم بالساهرة هل اتاك حديث موسى الايات هذه الايات الكريمة هل اتاك حديث موسى اذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى الايات مسوقة والله اعلم تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وجبرا لخاطره لانك وان كذبك قومك فانت على حق وقد كذبت الرسل من قبلك فليس التكذيب لك وحدك لتقصير منك بالدعوة والبيان وانما التكذيب لعناد الكفار وظلمهم وفيها وعيد وتهديد لكفار قريش لانكم اذا استمررتم على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فلستم باقوى ولا باعتى من فرعون لما كذب موسى اخذه الله جل وعلا اخذ عزيز مقتدر يا تسلية وفيها تهديد ووعيد للكفار انتبهوا اذا استمررتم على تكذيبكم اتاكم ما اتى المكذبين من قبلكم وفي قوله جل وعلا هل اتاك حديث موسى هل قال السؤال هذا للتحقيق بمعنى قد اتاك لانه نزل عليك خبره في ايات سابقة من سور القرآن واذا كانت هذه الايات هي الاولى من خبر موسى على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام وخبر فرعون فهي بمعنى سيأتيك انتبه لها الاتاك للانتباه والاهتمام والنبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يسأل الصحابة رضي الله عنهم عن امر لا يريد منهم الجواب ويعرف عليه الصلاة والسلام انهم لا يستطيعون الجواب وانما لاجل الانتباه والاهتمام في هذا السؤال وجوابه الذي سيأتي اي سيأتيك هل اتاك كأن الله جل وعلا يقول انا اخبرك عن حديث موسى اذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى اذ ناداه النداء والمنادات معلومة وفيها اثبات صفة الكلام لله جل وعلا بالندى اذ ناداه ربه الله جل وعلا هو المتكلم وهو المنادي سبحانه فليس غيره بل هو المنادي اذ ناداه ربه في الوادي المقدس الواد المقدس وصفه الله جل وعلا بانه مقدس والاماكن يفضل بعضها على بعض بتفضيل الله جل وعلا والله يفضل بعض البقاع على بعض كما فضل جل وعلا مكة على سائر البقاع وفضل المدينة على سائر البقاع دون مكة وفضل جل وعلا هذا الوادي بالتقديس لانه نزل فيه الوحي نزل فيه النور نزل فيه ما يخرج الناس من الظلمات الى النور فهو قدس بهذا التنزيل الذي نزل فيه والمفظل لبعظ البقاع على بعظ والله جل وعلا ولا يملك المرء ان يفضل شيئا على شيء من تلقاء نفسه وعلى سبيل المثال مثلا لو نذر ان يعتكف في مكان لا فضل فيه فله ان يعتكف في غيره مثلا لو نذر ان يعتكف مثلا في الطائف فله ان يعتكف في غير الطائف في اي البقاع لكن اذا نذر الاعتكاف في المسجد الحرام فلا يسوق له ان يعتكف ولا يصح منه ان يعتكف في غيره. لان المسجد الحرام هو الافظل ولو نذر الاعتكاف في المسجد النبوي فله ان يعتكف في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي ولا يسوق له ان يعتكف في غيره مثلا من الاماكن ما دام نذر الاعتكاف في المسجد النبوي واذا نذر الاعتكاف في مكان فاضل فله ان يعتكف فيه ولا يعتكف في غيره الا في ما هو افضل منه والله جل وعلا يفضل بعض البقاع على بعض كما يفضل بعض الامكنة في البلد الواحد على بعض كما جاء في الحديث الصحيح احب البلاد الى الله مساجدها وابغض البلاد الى الله اسواقها المساجد هي احب البقاع الى الله في البلد الواحد لانها موطن الصلاة وما موطن الذكر وموطن قراءة القرآن وموطن التعلم والتعليم وحلق العلم فلذا فظلت وابغض البلاد الى الله اسواقها لانها في الغالب ما يكون فيها الكذب والايمان الفاجرة اليمين الغموس ويكون فيها الغش ويكون فيها بيوع الربا والخداع والمعاملات التي تسخط الله جل وعلا ولذا صارت الاسواق هي ابغض الى الله بما يصدر فيها وقد يصدر فيها خير ولكن الغالب في الاسواق هو ما يحصل فيها من المخالفات الشرعية. فلذا صارت هي ابغض البلاد الى الله فالله جل وعلا فضل هذا الوادي على سائر البقاع سوى ما هو افضل منه. من مكة والمدينة الوادي المقدس طوى فيها قراءات قراءتان التنوين وعدم التنوين طوى او طوى والصرف على انه اسم نكرة غير معين وعدم الصرف على انه اسم معرفة معين وادي طوى بين مكة ومصر وقيل وبين المدينة ومصر وقيل هو في الشام وهو الذي كلم الله جل وعلا عليه موسى على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام اذهب الى فرعون انه طغى. يقول الله جل وعلا هذا التكليم لموسى اذهب الى فرعون فرعون هو حاكم مصر في وقته وهو فرعوني فهو ملك الاقباط اقباط مصر اذهب الى فرعون انه طغى والطغيان هو مجاوزة الحد يعني تجاوز حده فهو عبد مخلوق وادعى الربوبية ادعى الالوهية فهو طاجن بمعنى تجاوز الحد والطغيان مجاوزة الحد اذا تجاوز المرء حده يقال طغى يعني تجاوز ومعنا ومثل هذا لغة لما طغى الماء يعني تجاوز حده المعقول العادي بمعنى جاد نعم اقرأ يخبر تعالى عن رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم عن عبده ورسوله موسى عليه السلام انه بعثه الى فرعون وايده الله بالمعجزات ومع هذا استمر على كفره وطغيانه حتى اخذه الله اخذ عزيز مقتدر وكذلك عاقبه عاقب من خالفه وكذب بما جاء به ولهذا قال في اخر القصة ان في ذلك لعبرة لمن يخشى فقوله تعالى هل اتاك حديث موسى اي هل سمعت خبره اذ ناداه ربه اي كلمه نداء بالوادي المقدس طوى اي المطهر هو وهو اسم الوادي على الصحيح كما تقدم في سورة طه فقال له اذهب الى فرعون انه طغى اي تجبر وتمرد وعثى وقل هل لك الى ان تزكى وقل هل لك الى ان تزكى الفاء هذه يعبر عنها العلماء بانها الفاء الفصيحة يعني يعني عن جملة مقدرة لان فيه كلام كثير اختصر ادت الفاء معناه يعني اشارت اليه يعني اذا ذهبت اليه وقل له كذا وقل هل لك الى ان تزكى هذا فيه توجيه من الله جل وعلا لموسى عليه الصلاة والسلام بان يتلطف مع فرعون حتى وان كان اعتى واشقى اهل الارض والله جل وعلا يعلم اجلا ان فرعون لا يتذكر ولا يخشى ولكن الله جل وعلا يعلم رسله ويعلم عباده التلطف في الدعوة الى الله جل وعلا. كما قال تعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فقل هل لك اتريد اترغب ان تتزكى اترغب ذكاء العمل وزكاء النفس هل ترغب ان تؤدي ما يزكيك عند الله جل وعلا هل ترغب هذا؟ هذا عرض ما امره بالزام وامر بقوة وانما على سبيل العرض وهكذا ينبغي للداعية الى الله جل وعلا ان يتلطف بالمدعو ان يتلطف بالمدعو ويرفق به سواء كان قريبا او بعيدا وكما تلطف ابراهيم الخليل على نبينا عليه افضل الصلاة والسلام في دعوته لابيه يا ابتي يا ابتي يا ابتي يكرر ويرفق به لعله ان يستجيب وقل هل لك الى ان تزكى يعني تزكي نفسك شهادة ان لا اله الا الله تزكي نفسك بالايمان بالله واتباع ما يسعدك في الدنيا والاخرة واصلها تتزكى ادغمت التاء في الزاي وشددت وفيها قراءتان هل لك ان هل لك ان تزكى او تزكى؟ بالتخفيف والتشديد وتزكى بمعنى تزكي نفسك. او تزكى بمعنى تدفع الزكاة التي تطهر نفسك ومالك واهديك الى ربك فتخشى اهديك ادلك وكما تقدم لنا الهداية نوعان هداية بمعنى الدلالة والارشاد وهذه من الله جل وعلا بالكتب والرسل ومن الرسل ومن الدعاة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة. فهم يهدون الناس بمعنى يرشدونهم الى الطريق الصواب والى الطريق الموصل الى رضوان الله وجنته هذه هداية بمعنى الدلالة والارشاد وهداية بمعنى التوفيق والالهام وهذه لله جل وعلا وحده لا يملكها ملك مقرب ولا نبي مرسل وكلاهما في القرآن الكريم في قوله تعالى انك لا تهدي من احببت انك لا تهدي من احببت. حينما حرص صلى الله عليه وسلم على هداية عمه ابي طالب قال الله جل وعلا له انك لا تهدي من احببت لا تستطيع ان توفق الى الصراط المستقيم والى الايمان من احببته والهداية الاخرى في قوله تعالى وانك لتهدي الى صراط مستقيم وانك لتهدي بمعنى ترشد وتدل قد يقول قائل كيف اثبتها الله جل وعلا لمحمد صلى الله عليه وسلم في اية ونفاها في اية اخرى اقول لان المثبتة غير المنفية والمثبتة هي هداية الدلالة والارشاد كل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني من اتبع المصطفى صلى الله عليه وسلم يدعو الى الله على بصيرة يدل ويرشد ويهدي والاخرى المنفية هي هداية التوفيق والالهام يعني التوفيق والالهام بيد الله جل وعلا هو الذي يهدي من شاء رحمة به ويظل من شاء بعدله جل وعلا وهو سبحانه لا يظلم الناس شيئا واهديك الى ربك فتخشى يعني تخشى الله اذا دعوتك ودللتك على الصراط المستقيم اوجد هذا عندك خشية من الله جل وعلا والخشية اعلى درجة من الخوف لان الله جل وعلا وصف العلماء بها. فقال انما يخشى الله من عباده العلماء فاهل الخشية هم العلماء بالله جل وعلا واهديك الى ربك فتخشى تخشى الله جل وعلا وتخافه يحدث هذا عندك الرغبة في الخير والبعد عن الشر فقل هل لك الى ان تزكى اي قل له هل لك ان تجيب الى طريقة ومسلك تزكي به اي تسلم وتطيع واهديك الى ربك اي ادلك الى عبادة ربك فتخشى فتصير فيصير قلبك خاضعا له مطيعا خاشعا بعدما كان قاسيا خبيثا بعيدا عن الخير قال العلماء رحمهم الله الخشية مرتبة على الهداية يعني ما يكون ما يمكن ان يخشى الله انسانا لا يهتدي الهداية اول ثم ينتج عنها باذن الله الخشية التي هي اعلى من الخوف ولهذا قال واهديك الى ربك تخشى اذا هديتك وذللتك صار عندك خشية من الله جل وعلا يقول الله جل وعلا فاراه الاية الكبرى اراه ارى يعني موسى عليه السلام ارى فرعون الاية الدالة على صدقه لانه ما من نبي ارسله الله جل وعلا الا واعطاه من الايات ما على مثله امن البشر يكون حجة له وبرهان وغالبا ما تكون الايات باذن الله من جنس ما برع به قوم هذا النبي واشتهر عندهم ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم هي اعظم المعجزات لان معجزات الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين تنتهي بنهاية النبي ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم باقية ما بقي في الارض احد حتى يرفع الله جل وعلا في اخر الزمان القرآن من المصاحف ومن الصدور ومعجزة موسى على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام من جنس ما برع به قومه وليست سحرا وانما هي على غراره ومن جنسه وانما هي حقيقة لا سحر لانهم هم يموهون وعصى موسى ابتلعت ما بين ايديهم ولم يرى له اثر ما هو بمجرد رأي في العين السحر تخييل وهم يرى للمسحورين ان هذا يمشي وان هذا كذا يتحرك وهكذا لكن بالنسبة لمعجزة موسى على غرار من جنس لكنها ليست بسحر بل هي حقيقة ابتلعت كل ما في الوادي من الحبال والعصي ونحوها مما خيل لهم انها تسعى جاءت هذه العصا البسيطة التي كانت في يد موسى فذهبت ومعجزة عيسى على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام. احياء الموتى وابراء الاكمة والابرص من جنس ما برع في قومه بالطب وكانوا برعوا بالطب فاعطاه الله جل وعلا المعجزة التي لا يستطيعون ان يأتوا بها ولا يقدرونها وهي احياء الموتى باذن الله وابراء الاكمه والابرص باذن الله ومعجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذا القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو امي لا يقرأ ولا يكتب لا يعرف اسمه عليه الصلاة والسلام والامية في حقه صلى الله عليه وسلم تكريم ومفخرة لانه مع اميته اتى بهذا القرآن بخلاف غيره فالامية نقص الذي يقرأ ويكتب افضل من الذي لا يقرأ ولا يكتب محمد صلى الله عليه وسلم امي لا يقرأ ولا يكتب واعجز البلغاء والفصحاء بما اتى به من هذا القرآن العظيم تحداهم ان يأتوا بمثله فلم يستطيعوا واتحداهم ان يأتوا بعشر سور مثله فلم يستطيعوا فاتحداهم ان يأتوا بسورة من مثله فما استطاعوا وهم البلغاء الفصحاء ارباب البلاغة والفصاحة والشعر والبيان لانه كلام الله جل وعلا ما يستطيع البشر ان يأتوا بمثله فاراه الآية الكبرى ما هذه الاية هي العصا وقيل اليد وقيل هما معا وقيل الايات التسع الاولى ان تكون اليد او العصا او هما معا لانها كلاهما على اول ملاقاة فرعون ابرزها عليه الصلاة والسلام اراه الاية الكبرى العصا تنقلب حية حتى اتجهت الى فرعون فخاف منها خوفا شديدا واحدث ما استطاع ان يقف وان يصبر وان يتماسك وهي متجهة اليه. وهي كانت عصا بيد موسى عليه السلام يقول اتوكأ عليها واهش بها على غنمي. يضرب فيها الشجر حتى يتساقط الورق فتأكله الغنم عصا عادية باذن الله تنقلب بامر الله جل وعلا الى حية تسعى ثم تنقلب الى حية تأكل ما في الوادي كله من الحبال والخشب والحديد ثم تعود عصا بيد موسى كما كانت كل هذا يذهب واليد يدخلها في جيبه ثم يرفعها فاذا هي تتلألأ كالشمس من غير سوء من غير مرض ولا برص ولا الم تنقلب مضيئة ثم يدخلها في جيبه فترجع كما كانت باذن الله والايات التي اعطى الله جل وعلا موسى كثيرا منها ما هو لفرعون وقومه ومنها ما هو بعدها اهلاك فرعون وقومه واراه الاية الكبرى ويصح ان يكون المراد بالاية ايات لانها كلها بمثابة اية واحدة دالة على صدق موسى عليه الصلاة والسلام اراه الاية الكبرى فكذب وعصى كذب موسى وعصى موسى وعصى الله جل وعلا ولم يقبل الهدى الذي جاء به موسى ثم ادبر يسعى ادبر يسعى يسعى في الارض فسادا ويجمع السحرة ويجمع خيله ورجله ويجمع اعوانه ويستشير جنده فيما يتخلص به من موسى عليه الصلاة والسلام ثم ادبر ان يسعى فحشر يعني جمع جمع جيشه واعوانه ووزراؤه وحشر فنادى يعني ناداهم باعلى صوته او كلف من ينادي وقال انا ربكم الاعلى قال عتوا وتجبرا وعنادا انا ربكم الاعلى وهذا على سبيل الجزم يقول وان كان لكم الهة اصنام لكن انا ربكم ورب اصنامكم انا الهكم وهذه الكلمة الاخيرة التي جاء بها افظع من الاولى الاولى يقول ما علمت لكم من اله غيري. يعني ما اعلم ان لكم اله يعني يجوز ان لكم اله في التعبير العربي يجوز ان لكم لكن انا ما عندي علم ان لكم اله غيري لكن الاخيرة افظع منها قال انا ربكم الاعلى وقال انا ربكم الاعلى فاخذه الله. اخذه الله اخذ عزيز مقتدر. اهلكه وعذب لكان الاخرة والاولى اخذه نكال نكل به عن الكلمة الاخيرة التي الفظيعة هذي انا ربكم الاعلى وعن الكلمة الاولى التي قالها وهي قوله ما علمت لكم من اله غيري وقيل ان بينهما عشرون سنة ما علمت لكم من اله غيري اول ثم قال في الاخير انا ربكم الاعلى. وقيل المراد بالاخرة والاولى الحياة الاخرة يعني عاقبه الله جل وعلا العقوبة الشديدة في الاخرة وفي الاولى الدنيا بالغرق عاقبه الله جل وعلا بالغرق بهلاكه في الماء الذي افتخر به انتقم منه جل وعلا بما افتخر به قال وهذه الانهار تجري من تحتي فجعل الله جل وعلا هلاكه بالماء الذي افتخر به وذلك ان موسى عليه السلام امره الله جل وعلا ان يتوجه الى جهة البحر ومعه بنو اسرائيل حشر فرعون اعوانه وجنوده وجيشه العظيم وقال نتبعهم ونقضي عليهم فهم شرذمة قليلة شي بالنسبة لنا فلما قرب موسى من من البحر قال له قومه هلكنا البحر امامنا وفرعون من خلفنا اين الخلاص قال كلا لا هلاك ان معي ربي سيهدين الله جل وعلا وجهني هذا ولن يهلكني فلما وصل الى البحر امره الله جل وعلا ان يضرب البحر بهذا العصا الذي يهش به على غنمه ما في معدات ولا الات ولا معدات ثقيلة ولا غيرها وانما عصى فضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم. فارسل الله الريح ضربت على قاع البحر فيبس وكانه لم يكن فيه ماء ابدا عبر موسى عليه السلام ومن معه ثم لما وصل فرعون الى البحر وقد انفلق فالتفت الى اصحابه وقال انظروا وهذي البحر يخاف مني ويهيئ لي ملاحقتي لاعدائي. فانفلق لي لاجل ان الحقهم فلما استكمل موسى ومن معه في الخروج واستكمل فرعون ومن معه الدخول في البحر ولم يخرج منهم احد وكلهم قد دخلوا في البحر امر الله جل وعلا البحر ان ينطبق عليهم. فرواه اجسامهم للغرق ارواحهم للحرق عندها لما رأى الهلاك قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين قيل له الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين لان المرء اذا عاين الهلاك ما تنفعه التوبة وليست التوبة للذين يأمنون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان التوبة قبل المعاينة تصح باذن الله ما لم يغرغر الله جل وعلا امهل عبده الى التوبة ما لم يغرغر فاذا عاين الملائكة العذاب حينئذ ما تنفع التوبة فاخذه الله نكال عقوبة الاخرة الكلمة الاخيرة والاولى او عقوبة الاخرة الحياة الاخرة والحياة الدنيا فاراه الاية الكبرى يعني فاظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليلا واضحا على صدق ما جاء به من عند الله فكذب وعصى فكذب بالحق وخالف ما امر به من الطاعة ما امر به من الطاعة وحاصله انه كفر بقلبه فلم ينفع فلم فلم ينفع لموسى بباطنه ولا بظاهره وعلمه وعلمه بان ما جاء به حق لا يلزم منه انه مؤمن به لان المعرفة علم القلب والايمان عمله وهو الانقياد للحق والخضوع له ثم ادبر يسعى اي في مقابلة الحق بالباطل وهو جمعه السحرة ليقابلوا ما جاء به موسى عليه الصلاة والسلام من المعجزات الباهرات فحشر فنادى اي في قومه فقال انا ربكم الاعلى قال ابن قال ابن عباس وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله ما علمت لكم من اله غيري باربعين سنة قال الله تعالى فاخذه الله نكال الاخرة والاولى اي انتقم الله منه انتقاما جعله به عبرة ونكالا لا مثال له من المتمردين في الدنيا ويوم القيامة بئس الرفد المرفود. كما قال تعالى وجعلناهم ائمة يدعون الى النار يوم القيامة لا ينصرون وهذا هو الصحيح في معنى هذه الاية ان المراد بقوله نكال الاخرة والاولى اي الدنيا والاخرة وقيل المراد بذلك كلمتاه الاولى والثانية وقيل كفره وعصيانه والصحيح الذي لا شك فيه الاول ان فداء ان في ذلك لعبرة لمن يخشى هذه القصة عبرة وموعظة كيف نصر الله جل وعلا رسوله موسى عليه السلام على فرعون الذي هو اعتى واشقى اهل الارض في زمنه واعطي من القوة والجبروت ما الله به عليم لكن الله جل وعلا اذا اراد شيئا فلا راد لامره انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. ان في ذلك لعبرة موعظة واعظة لمن يخشى الله جل وعلا او لمن يخاف عذاب الاخرة ان في ذلك لعبرة لمن يخشى اي لمن يتعظ وينزجر والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين