الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. سم الله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم قل ان الاولين والاخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم ثم انكم ايها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من فشاربون عليه من الحميم. فشاربون هذا نزلهم يوم الدين هذه الايات الكريمة من سورة الواقعة جاءت بعد قوله جل وعلا واصحاب الشمال ما اصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم انهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون ائذا متنا وكنا ترابا وعظاما ان لمبعوثون اباؤنا الاولون قل ان الاولين والاخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم الايات لما ذكر جل وعلا مآل اصحاب الشمال وهم المعرضون عن طاعة الله وما اعده الله جل وعلا لهم عقوبة لافعالهم السيئة بين جل وعلا الشباب عقوبتهم هذه فقال انهم كانوا قبل ذلك مترفين متنعمين في الدنيا لم يقوموا بالتكاليف الشرعية. وسبق ان قلنا ان التنعم في الدنيا مع القيام بما اوجب الله جل وعلا على العبد لا عيب فيه لان الله جل وعلا يقول قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق. قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة. فالذي يستمتع بما احل الله جل وعلا له في الدنيا وبما رزقه ويقوم بما اوجب الله عليه من التكاليف الشرعية ويحذر ويبتعد عن الوقوع في المحرمات. لا لوم عليه وانما ذم الله جل وعلا هؤلاء بقوله انهم كانوا قبل ذلك اي في حال الدنيا مترفين وكانوا يصرون على الحنس العظيم. والحنس الذنب الذنب العظيم واعظم الذنوب واكبرها واشدها وافظعها هو الشرك الله جل وعلا فهو اظلم الظلم وكانوا يصرون يستمرون وهم دائمون عليه ولا يفكرون بالتوبة منه. يصرون على الحنث العظيم. وكانوا يقولون اذا متنا وكنا ترابا وعظاما. ائنا لمبعوثون. ينكرون البعث وانكار البعث كفر صريح كفر اكبر كما في قوله جل وعلا زعم الذين كفروا ان لن يبعثوا قل بلى اوربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير والله جل وعلا بين سبب تعذيبهم لان الله جل وعلا لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون فهم لا يقومون بما اوجب الله جل وعلا عليهم لا يقومون بالتكاليف الشرعية وهم واقعون في المحرمات وفي اعظمها وهم ينكرون البعث ولذا استحقوا هذه العقوبة وانكارهم البعث في قوله جل وعلا عنهم اذا متنا وكنا ترابا وعظاما ائنا لمبعوثون ها واباؤنا الاولون الماظون الذين ماتوا من مئات السنين يبعثون بعد ان كانوا ترابا وعظاما يستبعدون هذا وينكرونه. والاستفهام هنا للانكار قال الله جل وعلا لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. قل قل لهم يا محمد جاوبهم على ما زعموا في قولهم اإذا متنا وكنا ترابا وعظاما انا لمبعوثون او اباؤنا الاولون قل لهم ان الاولين والاخرين لمجموعون الاولون الاوائل منذ ادم عليه السلام ان الاولين والاخرين انتم ومن يأتي بعدكم كلكم لمجموعون يجمعون جميعا وبعثهم يكون في وقت واحد من زمن ادم الى اخرهم الذين تقوم عليهم الساعة وهم شرار الخلق لا تقوم الساعة الا على شرار الخلق لان الساعة تقوم حين لا يقال في الارض الله الله. يكون اناس في الارض الحمير واخس لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا. ولا يدينون بدين يقوم عليهم الساعة وقبل قيام الساعة هي رسل الله جل وعلا ريحا طيبة تقبض روح كل من في قلبه مثقال ذرة من ايمان واذا بقي شرار الخلق عليهم قامت الساعة لمجموعون الى ميقات يوم معلوم. معلوم عند الله جل وعلا. لان علم ووقت الساعة مما استأثر الله جل وعلا به لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل حينما سأل جبريل عليه الصلاة والسلام محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله بعد ان سأله عن الاسلام والايمان والاحسان قال متى الساعة قال محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل والصحابة يسمعون ما المسئول عنها الذي هو الرسول في اعلم من السائل الذي هو جبريل علمي وعلمك في الساعة سواء. ما عندي فيها علم زائد يخفى عليك ما المسئول عنها باعلم من السائل قال اخبرني عن اماراتها فاخبره الرسول عليه الصلاة والسلام. ومن امارات الساعة بعثة محمد صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام بعثت انا والساعة كهاتين يعني لانه عليه الصلاة والسلام هو اخر الرسل للميقات الى لمجموعون الى ميقات وقت محدد لا يتقدم ولا يتأخر الى ميقات يوم معلوم معلوم لمن لله وحده ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت. هذه الخمس مما استأثر الله جل وعلا بها لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل قد يقول قائل ان الاطباء بدأوا بالطب الحديث يعرفون ما في الرحم ذكر او انثى يقول ليس هذا وحده هو المقصود. لان الله جل وعلا قال ويعلم ما في الارحام. ما قال يعلم ما في الرحم ذكر انثى انثى نقول تعلمه الاطباء وعرفه لا قالوا ويعلم ما في الارحام. يعلم جل وعلا هل هو شقي او سعيد يعلم هل هو يولد حيا او ميتا يعلم جل وعلا مدى عمره يعلم جل وعلا ماذا سيكون عمله يعلم جل وعلا ماذا سيكون مآله اهون من اهل الجنة ام من اهل النار يعلم جل وعلا كل شيء عن هذا الذي في الرحم والاطباء قد يميزون يقولون ذكر او انثى وقد لا يستطيعون ذلك فوقت الساعة لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل فظلا عن غيره ثم الترتيب مع التراخي يعني بعد هذا البعث وبعد اهوال القيامة وبعد الفزع الشديد وبعد ما يلاقون من المصائب والالام بعد هذا كله ثم انكم ايها المكذبون ثم انكم ايها المخاطبون المنكرون للبعث وقد سجل الله عليهم جل وعلا خطأين عظيمين الظلال والبعد عن الصواب مع الكذب لان المرء في الدنيا قد يكون ظال لكن اذا هدي الى الصراط المستقيم اهتدى يكون تائه اذا قيل له الطريق من هنا مسك الطريق هؤلاء جمعوا بين الضلال والكذب. بانكار ما هو محقق لا محالة الذي هو البعث ثم انكم ايها الضالون المكذبون سجل عليهم جل وعلا هذين الوصفين الذميمين ماذا سيكون مآلكم قال لاكلون من شجر من زقوم من شجر من زقوم هذا الشجر من زقوم هذا الزقوم الشجر قيل ينبت في الدنيا في تهامة وهو شجر كريه الرائحة كريه المنظر مر المذاق لا خير فيه هذا طعامهم وما يأكلونه في الدار الاخرة وبقدرة الله جل وعلا والله جل وعلا على كل شيء قدير جعل هذا الزقوم ينبت في النار من المعلوم ان النار في الدنيا لا ينبت فيها شجر ولا يعيش يأكله النار فجعل الله جل وعلا هذا الزقوم ينبت في النار وسماه بهذا الاسم وهو اسم معروف عند من يعرف هذا الشجر الا ان بعض كفار قريش من تهكمهم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا ماذا يعدنا محمد في الدار الاخرة يعدنا الزقوم اسألوا عن الزقوم هذا ما هو فالتقوا بعربي فقالوا له ماذا تسماه والزقوم عندكم قال الزقوم عندنا التمر والزبد فكان ابو جهل لعنه الله يدعو من حوله ويقدم لهم التمر والزبد ويقول تزقموا هذا الذي يعدكم محمد في الدار الاخرة وهم يتهكمون كثيرا بمحمد صلى الله عليه وسلم. والله جل وعلا يحلم عليهم ولم يعاجلهم بالعقوبة ومما قاله ابو جهل قال ان محمد يقول النار عليها تسعة عشر من الملائكة موكلون بتعذيب اهل النار. انا اكفيكم سبعة عشر فهل تستطيع ان اثنين؟ قالوا نعم اذا كفيتنا سبعة عشر اثنين اتركهم لنا وملائكة النار كما وصفهم الله جل وعلا عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون دون ما يؤمرون حبب اليهم تعذيب الطواة والظلمة من بني ادم كما حبب الى بني ادم الاكل والشرب يتلذذون بهذا لان الله جل وعلا خلقهم لذلك ثم انكم ايها الضالون المكذبون لاكلون من شجر من زقوم واكلكم هذا ليس اكل عادي فاللي شدة الجوع والشفقة على الاكل لان الله جل وعلا جاء بسم قبل هذا دلالة على ان الاكل لا يحصل لهم الا بعد شدة الجوع ثم انكم ايها الضالون المكذبون لاكلون والجائع الجوع الشديد يكثر الاكل ويأكل بنهم فيأكلون من هذا الكريه المر البشع المؤذي ويملأ بطونهم فاذا ملأوا بطونهم الاكل يريد ماء وماذا سيكون الماء الذي يقدم لهم قال من شجر من زقوم فمالئون منها اي من هذا الشجر او من الزقوم منها والشجر جمع الذي هو اسم جنس يجوز فيه التأنيث والتذكير مثل كلمة رجال تقول جاء الرجال وجاءت الرجال يصح فمالئون منها يعني من الشجر او فمالئون منه يجوز هذا وهذا في اللغة العربية فمالئون منها البطون. يعني يملأ بطنه من هذا الشجر الكريه فاذا احتاج الى الماء ماذا سيشرب؟ قال فشاربون عليه من الحميم. شاربون عليه على هذا الشجر. وعلى هذا الزقوم من الحميم والحميم هو الماء الحار الشديد الحرارة كما ورد في الحديث انه اذا قربه الى وجهه سقطت فروة وجهه في الماء. من شدة حره والعياذ بالله ومهما تصور الانسان عذاب اهل النار فانه لا يستطيع ان يدركه كما انه مهما تصور نعيم اهل الجنة لا يستطيع ان يدركه فهو في كلا الحالين فوق ما يتصور ابن ادم في الدنيا فشاربون عليه من الحميم الذي هو الماء الحار شديد الحرارة. فاذا شربوا منه اخذ يغلي في بطونهم ويقطعوا امعائهم فشاربون شرب الهيم بين جل وعلا الشرب قد يقول قائل هل فيه تكرار فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم نقول لا الشرب الاول يختلف عن الشوربة الثاني الشرب الاول شرب انسان عطش يشرب يظن انه سيروى من اول شربة فاذا بشربه هذا يزيده عطشا فلو شرب ثانيا وثالثا ورابعا ما روي وانما يشربون شرب الهيم والعياذ بالله. والهيم ما هي؟ الابل التي اصيبت بداء في اجوافها مهما شربت لا تروى الهيم الابل العطاش وليس عطشا عاديا اذا شربت واكثرت من الماء رويت لا كلما شربت زاد عطشها. لانها مصابة بمرض. حرارة في الجوف مهما شربت ما ينفعها الشر. وقيل في معنى الهيم انها الارظ الرخوة الرملية مهما صب فيها من الماء يذهب ولا تروى مشاربون شرب الهيم. هذا نزلهم يوم الدين. اقرأ يقول تعالى قل ان الاولين والاخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم اي اخبرهم يا محمد ان الاولين والاخرين من بني ادم فيجمعون الى عرصات القيامة لا نغادر منهم احدا كما قال تعالى ذلك يوم مجموع له الناس. وذلك يوما مشهود. كل الناس يجتمعون فيه. الاولون والاخرون من ادم الى اخر من تقوم عليهم الساعة يجمعون في عرصات القيامة لا يتخلف منهم احد لقد احصاهم وعدهم عدا وكلهم اتيه يوم القيامة فردا وما نؤخره الا لاجل معدود يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه. فمنهم شقي وسعيد ولهذا قال ها هنا لمجموعون الى ميقات يوم معلوم اي هو مؤقت بوقت محدد لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص ثم انكم ايها المكذبون لاكلون من شجر من زقوم منها البطون وذلك انهم يقبضون ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منها بطونهم فشاربون عليه من الحميم شاربون شرب الهند هو الماء الحار شديد الغليان والعياذ بالله في سموم وحميم كما تقدم. نعم فشاربون شرب الهند وهي الابل العطاش واحدها اهيم والانثى هيم ويقال هائم وهائمة قال ابن عباس ومجاهد وسعيد ابن جبير الابل العطش الظمأ الهيم الابل العطاش الظمأ وعن عكرمة انه قال الهن الابل المرظ تمص الماء مصا ولا تروى مهما شربت لا تروى هذا نزلهم يوم الدين اي هذا الذي الهائمة في الارظ شبه الشاردة ما ترعى وانما هي شاردة سائرة في الارض على غير هدى هذا نزلهم يوم الدين. هذا نزلهم هذا الذي سمعتم يخاطب الله جل وعلا الكفار يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بان يخبرهم هذا نزلهم والنزل الضيافة النزل هو اول ما يقدم للضيف وعادة الكريم يقدم للضيف ما يناسبه في الوقت الذي جاء فيه يقدم له الشيء الذي يرتاح له وهل الكفار يرتاحون لهذا الذي سيقدم لهم؟ لا وانما هذا على سبيل التحكم. يعني هذه الظيافة التي عندنا لكم كما قال الله جل وعلا فبشرهم بعذاب اليم هل البشارة بالعذاب بشارة يسر بها الانسان لا وانما هي بشارة من حيث اللغة يعني اخبار بخبر يظهر اثره على البشرة ويتهكم الله جل وعلا بهم مقابل ما تهكموا برسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. هذا عايز اقوم والحميم والشرب شرب الهيم نزولهم يعني طعامهم وشرابهم ورزقهم وما اعده الله جل وعلا لهم في الدار الاخرة نزل النون والزاي ويصح فيه قراءة سبعية بضم النون وتسكين الزاء يعني نزل يوم الدين يعني يوم الجزاء والحساب يوم القيامة هذا نزلهم يوم الدين. ومن رحمة الله جل وعلا بعباده واقامة الحجة عليهم ام بين جل وعلا مآل الاخيار ومآل الاشرار في الدنيا حتى تقوم الحجة على العباد فمن اعرض عن طاعة الله ما يقول او يحتج على الله بانني ما علمت ان كل هذا العذاب لمن عصى ربي يقال له قد علمت ذلك وقد قامت عليك الحجة بارسال الرسل وانزال الكتب نعم هذا نزلهم يوم الدين اي هذا الذي وصفناه وضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم كما قال في حق المؤمنين ان الذين امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا. يعني ضيافة اولئك في جمات الفردوس وهؤلاء والعياذ بالله في الزقوم والماء الحار شديد الغليان. نعم فهذه ضيافة وكرامة المؤمنين والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين