الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاطر السماوات والارض جاعل الملائكة رسلا اولي اجنحة اجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء ان الله على كل شيء قدير ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم يا ايها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض لا اله الا هو فانها تؤفكون هذه السورة العظيمة سورة فاطر وتسمى سورة الملائكة وهي من السور المكية التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة شرفها الله قبل ان يهاجر الى المدينة صلوات الله وسلامه عليه وهذه السورة رابع السور التي تبدأ الحمد لله بعد سورة الفاتحة التي هي ام الكتاب وهي تتحدث عن نعم الله جل وعلا التي انعم الله جل وعلا بها على عباده دنياهم واخرتهم الاولى سورة الفاتحة التي هي عم الكتاب وسورة بعدها سورة الانعام وسورة الكهف وسورة سبأ وسورة فاطر اربع السور بعد الفاتحة وضعت بالحمد لله وهي من السور المكية التي نتحدث عن نعم الله جل وعلا وعن دعوة العباد الى توحيد الله جل وعلا وافراده بالعبادة يقول الله جل وعلا الحمدلله فاطر السماوات والارض حمد الله جل وعلا نفسه لانه هو المستحق الحمد المطلق الحمد المستغرق يعني الالف واللام للاستغراق اي جميع انواع المحامد لله جل وعلا يستحقها وحده لا شريك له الحمدلله فاطر السماوات والارض حمد جل وعلا نفسه على خلق السماوات والارض وايجادهما وابداعهما على غير مثال سبق فهو جل وعلا يستحق الحمد لعظمته لانه خلق العظيم من مخلوقاته ويستحق الحمد لنعمه لانه جل وعلا سخر ما في السماوات وما في الارض لمصلحة العباد فما في السماوات من الشمس والقمر والنجوم وما ينزل منها من المطر وما في الارض مما اوجد في الارض كله لمصلحة العباد فاستحق الحمد جل وعلا لذاته. ولعظمته استحق الحمد لنعمه جل وعلا المتوالية التي تترى على العباد خاطر السماوات والارض خالق ومبدع وموجد السماوات والارض علي ابن عباس رضي الله عنهما قال ما عرفت معنى فاطر حتى تخاصم عندي اعرابيان في بئر وقال احدهما انا فطرتها يعني انا اوجدتها تعرفت معنى فاطر ومن المعلوم ان بعض كلمات القرآن تدرك وتعرف باللغة العربية باللغة العربية ولذا فدراسة اللغة العربية لخدمة القرآن ولفهم الكتاب والسنة لانه اذا عرف لغة العرب معرفة صحيحة عرفة كثيرا من معاني كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويأتي فطر بمعنى شقا كما يقال للبعير اذا شقت الرباعية وخرجت يقال فاطر اذا شقت نابه وارتفعت يقال هذا فاطر يعني سنه التي علامة هذه علامة بلوغ هذه السنة والسن تشق فتخرج تبين فهو جل وعلا مبدع السماوات والارض وخالق السماوات والارض وموجد السماوات والارض على غير مثال سبق هذا من كمال قدرته جل وعلا وحكمته لان ايجاد الشيء على نحو ما سبق اسهل من ايجاد شيء لم يسبق له مثيل الحمدلله فاطر السماوات والارض شاعل الملائكة رسلا من حكمته جل وعلا وكمال قدرته وكونه جل وعلا للعلوم مستو على عرشه كائن من خلقه خلق الملائكة لمصالح عظيمة لعبادته جل وعلا وليكونوا رسلا منه جل وعلا الى من شاء من عباده فمنهم رسل للمرسلين ومنهم رسل للانبياء ومنهم رسل للصالحين يسددونهم ويعينونهم ومنهم رسل للمجاهدين في سبيل الله ومنهم رسل لحفظ ما اراد الله جل وعلا حفظه ومنهم رسل لايصال ما اراده جل وعلا من بطش وشدة بالكافرين والظالمين وهم رسل الله جل وعلا الى خلقه الاخيار منهم والاشرار من عباد الله الذين ابوا ان يعبدوا الله وحده فيسلط الله جل وعلا عليهم ويرسل اليهم رسله للقضاء عليه ولما يريده الله جل وعلا بهم شاعل الملائكة رسلا اجنحة وهم الملائكة لهم اجنحة وهم متفاوتون في هذا اولي اجنحة مثنى وثلاثا ورباع يزيد في الخلق ما يشاء مثنى يعني منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة اجنحة ومنهم من له اربعة اجنحة ومنهم من يزيد اكثر من ذلك وقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام وله ستمائة جناح وقد سد الافق ونقل بعض المفسرين ان النبي صلى الله عليه وسلم احب ان يرى جبريل على صورته فقال له انك لا تستطيع فاحب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فخرج صلى الله عليه وسلم الى الفضاء في ليلة مقمرة فرأى جبريل وقد سد الافق وله ست مئة جناح وخشي على النبي صلى الله عليه وسلم فجاء جبريل عليه السلام يهدئ روعه عليه الصلاة والسلام وقال له لو رأيت فلانا من الملائكة يعني كأنه اكثر منه واكبر منه شكلا والله اعلم ولا ينبغي للانسان ان يتصور سورة الملائكة لانه لا يحيط بها ولا يدركها ما يستطيع المرء ان يدرك شيئا الا شيئا قد اخبر عن صفته سورة الملائكة على شكل الله اعلم بذلك والنبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل على صور متعددة وعلى اشكال ويأتيه احيانا في صورة رجل من العرب كما جاءه صلى الله عليه وسلم احيانا على صورة دحية الكلب رجل مشهور فكان يأتي على صورته فيظن من حضر ان هذا دحية الكلب وجاء على صورة رجل غريب لا يعرف كما في حديث جبريل المشهور الذي يسأل فيه جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاسلام والايمان والاحسان وعن ساعة وعن اماراتها وهو كأنه رجل غريب جاء من بعد. يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن امر الدين ليتفقه الصحابة رضي الله عنهم بذلك لانهم يسمعون جواب النبي صلى الله عليه وسلم ولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء يعني يزيد بعض الملائكة سيكون اكثر من اربعة اجنحة يزيد في خلق من شاء من عباده هذا يمتاز على الاخرين بالطول هذا يمتاز على الاخرين بحسن الخلق هذا يمتاز على الاخرين بحسن الخلق هذا يمتاز على الآخرين حسن اللفظ والبيان هذا يمتاز على الاخرين بكذا وكذا وامور كثيرة يزيد في الخلق ما يشاء يعني ما شاءه من خلق شيء اوجده جل وعلا ولا يقتصر خلق الله جل وعلا على شيء محدد بل حسب ما اراده جل وعلا وشاءه ان الله على كل شيء قدير ناسب خشم ختم هذه الاية الكريمة بهذه بهذين باثبات كمال القدرة لله جل وعلا. ان الله على كل شيء قدير فهو جل وعلا قادر على كل شيء المخلوق قد يكون عنده شيء من القدرة لكن يقدر على شيء ولا يقدر على شيء والله جل وعلا على كل شيء قدير وبعد ذكر زيادة الخلق قال تعالى ان الله على كل شيء اراده قادر على ذلك جل وعلا ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها اذا اراد الله جل وعلا شيئا خيرا للعباد لا احد يستطيع رده اراد الله لهؤلاء توبة لابد ان تحصل اراد الله جل وعلا لهؤلاء نعمة لابد وان تحصل اراد الله جل وعلا لهؤلاء شيئا من الاشياء اي شيء ما احد يستطيع رده لا احد يستطيع ان يرد ما شاءه الله جل وعلا وما يمسك يمنع له من بعده لا احد يستطيع ان يرسل ما منع الله لا احد يستطيع ان يعطي شخصا شيئا من الاشياء لم يرده الله جل وعلا فما اراد الله اعطاءه لا احد يستطيع منعه كائنا من كان وما اراد الله جل وعلا منعه لا يستطيع احد ان يأتي به هنا الضمائر في قوله تعالى ما يفتح الله للناس برحمة فلا ممسك لها جاء مؤنث ابو امير لها وما يمسك سلام ارسل له جاء مذكر والمتقدم ماذا ماء ما يفتح الله وما يمسك كلها ماء جاءت في الاول مؤنث باعتبار معنى ماء ولمجانسة ما قبلها الرحمة وما يمسك فلا مرسل له. باعتبار معنى ماء التذكير وهو العزيز الحكيم وهو العزيز القوي الغالب الحكيم الذي يضع الاشياء مواضعها وناسب ختم هذه الاية الكريمة في هاتين الصفتين العظيمتين لان فيهما عزة انه لا يستطيع احد ان يرد او يمنع او يعطي ما منعه الله لا احد يستطيع ان يعطي ما منعه الله ولا يستطيع احد ان يمنع ما اعطاه الله لانه عزيز وحكيم جل وعلا نسب ذلك لانه جل وعلا يعطي ويمنع لحكمة يعطي عطاء لحكمة ويمنع المنع لحكمة جل وعلا فهو لا يكون العطاء من باب الصدفة او يعطي من لا يستحق العطاء ويمنع من لا يستحق المنع بعض الناس ويمكن ان يكون في الدنيا يعطى من لا يستحق العطاء ويمنع من يستحق العطاء اما الله جل وعلا لا يتأتى اليه هذا ولا يمكن ان يوصف بهذا فهو اذا اعطى اعطى لحكمة والى منع منع لحكمة جل وعلا وتصرفاته جل وعلا على ما يشاء مع كمال القدرة وكمال الحكمة وحسن التصرف من الله جل وعلا والله جل وعلا بين في هذه الاية انه هو المنعم المتفضل وحده لا شريك له فهو المعطي وحده وهو المانع فهو المنعم وكما قال الله جل وعلا وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها وكلمة الرحمة التي يرسلها الله جل وعلا تشمل جميع نعمه الصحة والمال والولد والعلم والبصيرة والعقل وحسن التصرف والتوفيق للعمل الصالح والمنع من العمل السيء كل هذه نعم الله ونعمه كثيرة. وقد قال جل وعلا وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ونعمه على العبد من حين ان القي في رحم امه نطفة الى ان يتوفاه الله جل وعلا الى ان يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار والناس يتقلبون في نعم الله جل بعد ما بين جل وعلا كما لا قدرته وحسن صنعته وتفضله وانه هو المعطي المانع خاطب الناس جل وعلا بخطاب واضح بليغ يعرفونه ويدركونه بعد ما بين لهم نعمه التي عرفها كل عاقل قال يا ايها الناس اذكروا نعمة الله عليكم وليس المراد بالذكر هنا التعداد وانما شكر النعمة شكر النعمة ومن اعظم شكر النعمة افراد الله جل وعلا بالعبادة يا ايها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله هل اوجد وخلق واعطى ومنع احد غير الله هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض تأملوا في ارزاق الله جل وعلا التي تأتيكم منها ما ياتي من السماء ومنها ما يخرج من الارض وكلها هل يستطيع احد من المخلوقين ان ينزل المطر على الناس هل يستطيع احد من المخلوقين او من الاصنام التي يعبدونها ان ينبتوا الارض ويخرج النبات هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض لا اله الا هو هم يعترفون لانه لا يوجد غير الله ولا يوجد رازق غير الله ولا يوجد يوجد محيي ولا مميت الا الله لانهم كما هو معلوم يعترفون بتوحيد الربوبية الكفار يعترفون بتوحيد الربوبية وانما ينكرون توحيد الالوهية والله جل وعلا استدل عليهم باثباتهم لتوحيد الربوبية بوجوب اثباتهم لتوحيد الالوهية اذا كان هو الخالق هو الرازق هو المحيي هو المميت والمعطي هو المانع فهل يليق بك ايها المخلوق ان تعبده وتعبد معه غيره اذا كان واحد في ربوبيته فيجب عليك ايها المخلوق ان توحده في الوهيته يخلق هو ويعبد الصنم يرزق هو ويعبد الصنم تعالى الله وتقدس هل من خالق غير الله هل يوجد خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض ثم انه جل وعلا قرر وحدانيته ليعترف بها الخلق لا اله الا هو هو الواحد الاحد وكما انه الخالق والواحد في الخلق فهو الواحد في الوهيته لا اله الا هو فان تصرفون يعني كيف فان تؤفكون كيف تصرفون عن عبادته لعبادة ما سواه كيف تؤفقون تصرفون انتم في هذا اذا صرفتم العبادة لغيره كنتم عفاكين او مأفوكين كاذبين في ذلك والافك اشد انواع الكذب كما قال الله جل وعلا ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم كذبوا على عائشة رضي الله عنها واختلقوا عليها ما هي براء منه رضي الله عنها وارضاها اذكروا نعمة الله عليكم فهم معترفون بها وانما يأمرهم جل وعلا بشكرها وذكرها انهم معترفون بالنعمة اذا اعترفوا بالنعمة لزمهم الاعتراف بالوحدانية في العبادة ومن المعلوم ان انواع التوحيد ثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات توحيد الربوبية توحيد الله جل وعلا بافعاله وهذا يعترف به المشركون توحيد الله بافعاله. ما هي الخلق والرزق والاحياء والاماتة ولايجاد والاعدام وغير ذلك توحيد الالوهية توحيد الله جل وعلا بافعال العباد ان توحد الله جل وعلا بعبادتك. بصلاتك بصيامك بطاعتك لله. بذبحك باستغفارك بسؤالك بخوفك برجائك وهكذا ان توحد الله بافعالك توحيد الاسماء والصفات ان توحد الله جل وعلا باسمائه الحسنى وصفاته العلى يعني لا تشبهه بصفات المخلوقين اذا المرء عبد الله وعبد معه غيره هل وحد الله بافعاله اذا اعترف لان الله واحد في خلقه ورزقه هذا ايمان بتوحيد الربوبية وهذا وحده لا يكفي لان كفار قريش مؤمنون بتوحيد الربوبية توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية والنار من وحد الله جل وعلا بالوهيته كان من اهل الجنة ومن كفر بالله جل وعلا في الوهيته كان من اهل النار وتوحيد الاسماء والصفات ان نصف الله جل وعلا بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم وبما وننفي عن الله جل وعلا صفات النقص والعيب ومذهب اهل السنة والجماعة في اثبات الاسماء والصفات ونفي الند والشبه والنظير لله جل وعلا الاثبات اجمالا الاثبات تفصيلي والنفي اجمالا الاثبات لا نثبت الا ما ثبت في الكتاب او السنة والنفي اجمالا نقول ليس كمثله شيء ما يشبه المخلوقين جل وعلا وهو السميع البصير وهنا الاثبات بالتفصيل لا نثبت لله جل وعلا صفة لم يثبتها الله جل وعلا في كتابه. ولم يثبتها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته والله جل وعلا في هذه في هذه الايات الكريمة يبين كما لا قدرته وعز وكمال عزته جل وعلا ان ما شاءه كان وما لم يشأه لم يكن ويبين كمال حكمته جل وعلا بانه في ان جميع تصرفاته جل وعلا لحكمة ويذكر العباد جل وعلا بنعمه عليهم ثم يأمرهم ويبين لهم انهم يلزمهم اذا اعترفوا بذلك ان يعترفوا بوحدانية جل وعلا وحده لا شريك له والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين