والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد بالله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام. واعد لهم اجرا كريما يقول الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا خطاب من الله جل وعلا لعباده المؤمنين مناديا لهم بصفة الايمان امرا لهم بان يذكروه ذكرا كثيرا قال ابن عباس رضي الله عنهما لم يفرض الله جل وعلا على عباده فريضة الا جعل لها حدا معلوما ثم عذر اهلها في حال العذر غير الذكر فان الله لم يجعل له حدا ينتهي اليه ولم يعذر احدا في تركه الا مغلوبا على عقله وقال اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم في الليل والنهار في البر والبحر في السفر والحذر الغناء والفقر الصحة والسقم في السر والعلانية وعلى كل حال يقول رضي الله عنه جميع الفرائض جعل الله لها حدا وفي حال العذر تسقط او ينتقل الى ما دونها الا الذكر فان الله لم يعذر احدا بتركه لانه ولله الحمد لا مشقة فيه وممكن ان يؤديه المرء مع اي عمل يقوم به والصلاة مشتملة على الذكر وقراءة القرآن فيها الذكر والتسبيح والتهليل والتحميد ذكر ويستكثر المرء من التهليل والتحميد والتسبيح لا اله الا الله والحمد لله والله اكبر سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ويتخير المرء الجوامع مما ورد في السنة فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من ام المؤمنين جويرية بعد صلاة الفجر ورجع اليها ضحى وهي في مصلاها وقال لها لا زلت في المكان الذي لا زلت على الحال التي فارقتك عليها وهي تذكر الله قالت نعم قال لقد قلت بعدك اربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ الغداة لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته اربع كلمات كررها صلى الله عليه وسلم هذه ثلاث مرات يقول تزنوا كل ما قلت لان هذي شاملة وورد تعليمه صلى الله عليه وسلم الامة بان يقولوا سبحان الله عدد ما خلق في السماء سبحان الله عدد ما خلق في الارض سبحان الله عدد ما خلق بينهما سبحان الله عدد ما هو خالق الى يوم القيامة والحمدلله مثل ذلك ولا اله الا الله مثل ذلك والله اكبر مثل ذلك ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. مثل ذلك فمثل هذه الكلمات كلمات عظيمة عامة شاملة لا يحصي عددها الا الله جل وعلا والذكر افضل الأعمال ما ورد هناك عمل افضل من ذكر الله جل وعلا والاعمال الفاضلة مشتملة على الذكر وكلمة التوحيد لا اله الا الله التي هي افضل الكلام هي الذكر ونحوها وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم اي العباد افضل درجة عند الله يوم القيامة قال الذاكرون الله كثيرا قلت يا رسول الله ومن الغازين في سبيل الله قال لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى يتكسر ويتخضب بالدما لكان الذاكرون افضل منه درجة وقال صلى الله عليه وسلم الا انبئكم بخير اعمالكم واذكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من اعطاء الذهب والورق وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربوا اعناقهم ويضربوا اعناقكم قالوا وما هو يا رسول الله؟ قال ذكر الله عز وجل وفي صحيح مسلم وغيره عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق المفردون قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذكروا الله حتى يقول المنافقون يعني وان عيرك المنافقون والجاهلون والمعرضون فاكثر من ذكر الله جل وعلا ورسالة عظيمة من ابراهيم الخليل يحملها المصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة التقائه به حينما عرج به الى السماوات العلى يقول صلى الله عليه وسلم ان ابراهيم يقول اقرئ امتك مني السلام واخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر او كما قال الله عليه وسلم وابراهيم الخليل على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام يبلغ امة محمد صلى الله عليه وسلم السلام ويخبرهم بهذا الخبر العظيم حاثا لهم على الاكثار من ذكر الله جل وعلا وحينما جاءه الرجل يسأله ومعه اخر احدهما يسأل اي الناس الخير قال صلى الله عليه وسلم من طال عمره وحسن عمله قال الاخر اي الناس افضل قال الذاكرون الله كثيرا وقال لاخر لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله حينما شكى عليه عجزه عن القيام في كثير من التكاليف الشرعية قال ان شرائع الاسلام ثقلت علي فاخبرني بشيء اتشبث به. يعني اتمسك به قال له صلى الله عليه وسلم لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله والله جل وعلا حث على ذكره في ايات كثيرة من كتابه وقال جل وعلا ولذكر الله اكبر والحمدلله انه لا يشق على العبد حتى مع شدة المرض والتعب بل يخفف عنه المه ويذكر الله جل وعلا سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ويعدد ويأتي بالالفاظ العظيمة الجامعة وسبحوه بكرة واصيلا التسبيح داخل ضمن الذكر وخصصه لاهميته ولمقامه لان التسبيح تنزيه الله جل وعلا لا يكن ذكرك ذكر غافل وانما ذكر من يستحضر عظمة الله جل وعلا وينزل الله جل وعلا عما لا يليق به وسبحوه نزهوه وعظموه بكرة اول النهار واصيلا اخر النهار ومعناه انه يشمل الوقت كله لانه كثيرا ما يرد في السنة الطرفين ويشمل الوسط معهما كما في قوله صلى الله عليه وسلم لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم الاول والاخر استاذنا الوسط لا بل هو داخل معهم وكذلك هنا وسبحوه بكرة واصيلا. اول النهار واخره وما بينهما اينزهوه عما لا يليق بجلاله وعظمته وقيل المراد البكرة صلاة الفجر واصيلا صلاة المغرب وقيل بكرة صلاة الفجر واصيلا صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء لانها كلها في العشي والاصيل كما قال اهل اللغة هو العشي وجمعه اصائل وقد صنف العلماء رحمهم الله كتبا عظيمة الاذكار والحث عليها ومن اجمعها كتاب الاذكار للامام النووي رحمه الله ويحصل المؤمن ان يحرص على اقتناعه ليستفيد منه فائدة كبيرة باذن الله كتاب الاذكار للامام النووي وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم حاثا لهم على الذكر والتسبيح والتحميد يقول سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لنا ايعجز احدكم ان يكتسب كل يوم الف حسنة فقال رجل كيف يكتسب احدنا الف حسنة يعني هذه من الصعوبة بمكان من يطيقها قال يسبح الله مائة تسبيحة سبحان الله فيكتب له الف حسنة ويحط عنه الف خطيئة اذا سبح الله مئة مرة كتب له الف حسنة وحط عنه الف خطيئة فهو التسبيح ثروة عظيمة في الحسنات وتخفيف للعبد من السيئات وسبحوه بكرة واصيلا الاكثار من التسبيح وقال بعض العلماء رحمهم الله المراد التسبيح سبحان الله مع اخواتها لانها وردت في الحديث جميع سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر هذه الاربع قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يضيرك بأيها بدأت سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر وهذا الذكر يقوله المريض والصحيح ويقوله المحدث والمتوظي ويقوله من عليه جنابة ومن سوى ذلك وتقوله الحائض وتقوله النفساء وفي كل الاوقات وفي كل الاحوال الا انه يتوقف عن الذكر لقضاء الحاجة تنزيها وتعظيما لذكر الله جل وعلا من ان يقال في مكان قضاء الحاجة البول او الغائط وكذا عند الجماع فيحصل بالمرء ان يذكر الله جل وعلا قبل ان يأتي اهله وفي حال اتيانه اهله يتوقف عن الذكر وعن الكلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لو ان احدكم اذا اتى اهله قال اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. او قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان باذن الله لأنه ابتدأ به بداية خير ذكر لله جل وعلا وثناء عليه ثم قال جل وعلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما الذي امركم الله جل وعلا بذكره وتسبيحه في كل الاوقات هو صاحب الفضل العظيم هو الذي يصلي عليكم والملائكة وجعل الملائكة تصلي عليكم من اجل ان يخرجكم من ظلمات الكفر والضلال الى نور العلم والايمان وكان بالمؤمنين رحيما هو رؤوف رحيم جل وعلا بالمؤمنين ارحب بالمؤمنين من الوالدة بولدها ومن الوالد بولده ولذا وصى الاولاد بالوالدين ووصى الوالدين بالاولاد وهو ارحم من الجميع الصلاة من الله جل وعلا الرحمة يرحمكم والصلاة من الله الثنا على عبده في الملأ الاعلى والصلاة من الملائكة الاستغفار والله جل وعلا وصفهم بانهم يستغفرون للذين امنوا الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين امنوا ربنا وسعت كل شيء شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك والله جل وعلا جعل الملائكة استغفر للمؤمنين يصلي عليكم وملائكته وملائكته معطوف على الظمير المستتر يصلي اي هو وهو الذي هو الذي يصلي هو عليكم وجاز العطف عطف الظاهر على الظمير المستتر لوجود الفاصل وهو عليكم ليخرجكم امركم بذلك وصلى عليكم وامر ملائكته بالصلاة عليكم ليخرجكم من الظلمات الى النور الظلمات جمع والنور مفرد لم قالوا قال المفسرون رحمهم الله لان اصناف الكفر وانواع الكفر ودرجات الكفر كثيرة متعددة ونور الايمان واحد. الايمان واحد لا يتعدد ليس ايمان هذا يختلف عن ايمان هذا وانما الايمان واحد واما الكفر وظلمات الضلال والجهل هذا مشرك عابد وثن وهذا مشرك استحل الحرام وهذا عبد هواه وهذا عبد الملائكة وهذا عبد عزير وهذا عبد المسيح وهذا عبد الجن وهذا وهذا الى اخره والجهل والضلال متعدد والايمان واحد ولذا قال جل وعلا ليخرجكم من الظلمات. ظلمات كلها نور العلم والايمان وكان بالمؤمنين رحيما صفته جل وعلا انه رحيم بالمؤمنين وهذه الخاتمة الحسنة اشعار من الله جل وعلا ان الرحمة عامة بكل مؤمن لئلا يتوهم متوهم ان الصلاة من الله جل وعلا لمن خاطبهم الله لمن نزل الخطاب على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بين اظهرهم وقال جل وعلا وكان بالمؤمنين رحيما. كل مؤمن الله جل وعلا رحيم به تحيتهم يوم يلقونه سلام تحيتهم يعني يحييهم الله جل وعلا يوم يلقونه متى عند الاحتضار تحيتهم يوم يلقونه عند القيام من القبور تحيتهم حينما يدخلون الجنة يصح في كل الاحوال هذه تحيتهم يعني يحييهم الله جل وعلا وقد ورد ان ملك الموت اذا جاء الى المؤمن ليقبض روحه يقول له ان ربك يقرئك السلام ثم تخرج الروح باذن الله بسهولة ويسر لانها استقبلت بالسلام من الله جل وعلا فعند الموت ملك الموت يبلغ المؤمن السلام وعند القيام من القبور الملائكة تتلقى العبد المؤمن وتسلم عليه تحيتهم يوم يلقونه سلام والله جل وعلا اذا دخل اهل الجنة الجنة يسلم عليهم قال بعض المفسرين تحيتهم يوم يلقونه سلام. يعني يسلم بعضهم على بعض اذا لقي المؤمن المؤمن عندما يلقون الله جل وعلا في الدار الاخرة كانت السلام فيما بينهم. يعني هم يسلم بعضهم على بعض او تحيتهم يوم يلقونه سلام. يعني تسلم عليهم الملائكة الملائكة تسلم عليهم ولا منافاة بين هذا لان الله جل وعلا اذا سلم عليهم سلمت عليهم الملائكة والله جل وعلا يقول والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم. فالملائكة تسلم على المؤمنين الجنة وتستقبلهم عند القيام من القبور وتحضرهم عند الوفاة كما قال الله جل وعلا ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة ولكم فيها اي في الاخرة ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون. نزلا من غفور رحيم والله جل وعلا يسلم عليهم والملائكة تسلم عليهم وهم فيما بينهم يسلم بعضهم على بعض واعد لهم اجرا كريما اعد لهم وهيأ لهم وانعم عليهم الاجر العظيم في الاخرة والله جل وعلا يضيفهم عند دخولهم الجنة بما لا يخطر على بالهم من التكريم كما قال الله جل وعلا في الحديث القدسي اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فالمؤمن اذا اتقى الله جل وعلا وعمل الصالحات واكثر من ذكر الله جل وعلا سعد في الدنيا والاخرة سعادة الدنيا بالطمأنينة وراحة البال والظمير والرضا في حاله على اي حال هو لانها من الله جل وعلا فان كان في حالة نعمة فيحمد الله جل وعلا على ذلك ويستعين بهذه النعمة على مرضاة الله جل وعلا وان كان في حال مرض او تعب او فقر او حاجة فيرضى بقضاء الله وقدره ويحتسب الاجر من الله جل وعلا فالله يأجره على احتسابه والمؤمن على كل حال هو في خير. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ان اصابته سراء فشكر كان خيرا له. وان اصابته ضرا فصبر كان خيرا له. وليس ذلك لاحد الا المؤمن والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين