ولو انهم امنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ولو انهم امنوا اي بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن واتقوا والتقوى اصلها وقى وهي اتخاذ وقاية من عذاب الله وذلك بفعل اوامر الله واجتناب نواهيه والصبر على المقدورات المؤلمة لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون. اي لو ان اليهود امنوا بالله حقا واتقوه لكان ثواب الله خيرا لهم مما هم عليه لو كانوا يعلمون ما ينفعهم والثواب في الاصل معناه ما رجع اليك من عائدة وحقيقته الجزاء العائد على صاحبه مكافأة لما فعل والثوب مشتق من هذا لانه ثابت لباسا بعد ان كان قطنا او غزلا فاصل ذلك من تاب اليك الشيء بمعنى رجع ثم يقال افبته اليك اي رجعته اليك ورددته فكان معنى كتابة الرجل الرجل على الهدية وغيرها ارجاعه اليها منها بدلا ورده عليه منها عوضا ثم جعل كل معوظ لغيره من عمله او هديته او يد له سلفت منه اليه مثيبا لها ومنه ثواب الله عز وجل عباده على اعمالهم بمعنى اعطائه اياهم العوظ والجزاء عليه حتى يرجع اليهم بدل من عملهم الذي عملوا لهم وتأمل الاية جيدا لمثوبة من عند الله فقد عبر من جملة الاسمية لافادة الثبوت والاستقرار والعمل الصالح لا يفرط به المؤمن بل يتوب اليه فانما سمي الجزاء ثوابا ومثوبا. لان المحسن يتوب اليه كما جعل الله البيت مثابة للناس واما وفي وصف المثوبة بكونها من عند الله تسخيم وتعظيم لها وانها تكون اعظم مما يتصوره العبد لان العطاء من العظيم عظيم وفيه اطمئنان العبد على حصولها لان الله سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد لو كانوا يعلمون اي انهم ليسوا على شيء من العلم الصحيح اذ لو كانوا كذلك لظهرت نتائجهم في اعمالهم ولا امنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ما اتبعوا لكنهم يتبعون الظن ويعتمدون على التقليد ومن جراء هذا خالفوا الكتاب. وساروا وراء اهوائهم وشهواتهم فوقعوا في الظلال البعيد