واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى اعوذ بالله من الشيطان الرجيم واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفسي شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة. ولا هم ينصرون واتقوا يوم احذروا واجتنبوا عقاب يوم القيامة فالاتقاء ان تجعل بينك وبين ما يضرك وقاية اي اجعلوا بينكم وبين ذلك اليوم وقاية تقيكم مما يقع فيه من الاهوار والاوجاع وعظائم الاحوال وذلك بامتثال اوامر الله واجتناب نواهيه لا تجزي اي لا تقضي ولا تغني نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل اي لا يقبل منها فداء كما قال تعالى ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من احدهم ملء الارض ذهبا. ولو اهتدى به وقال سبحانه ان الذين كفروا لو ان لهم ما في الارض جميعا ومثله معهم ليفتدوا به من عذاب يومي من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب اليم وقال تعالى وان تعدل كل عدل لا يؤخذ منها وقال تعالى فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا فقوله تعالى ولا تنفعها شفاعة اي لا تنفع من اي نفس شفاعة لنفس اخرى اذا كانت كافرة على الاطلاق كما قال تعالى فما تنفعهم شفاعة الشافعين وقال سبحانه عن اهل النار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم اما المؤمن فتقبل منها ان كانت الشفاعة باذن الله تعالى مع رضاه سبحانه عن المشفوع له كما قال تعالى وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى ولا تنفعها شفاء الشفاعة التفض للغير بدفع مضرة او جلب منفعة سميت بذلك كما قال العلماء لان الشافعي اذا انضم الى المشفوع له صار شفعا بعد ان كان وترا. فالشفاعة لاهل النار ان يخرجوا منها كفاعة لدفع مضرة والشفاعة لاهل الجنة ان يدخلوا الجنة. شفاعة في جلب منفعة ولا هم ينصرون هذه الاية العظيمة يتأمل الانسان ما فيها اي ليس لهم احد ينقذهم من عذاب الله تعالى كما قال تعالى فما له من قوة ولا ناصر وقال سبحانه ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون وقال عز وجل فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا الهة. بل ضلوا عنهم ايها الاخوة اتقاء ما في يوم القيامة يكون بالعمل الصالح وعدم التفريط فيه وحفظ النفس والجوارح والظاهر والباطن والحذر الاكبر من المعاصي فالمعاصي مهلكات في الدنيا والاخرة وقد جاء هنا تأخير الشفاعة للاشارة الى من ميله الى حب المال اكثر من حبه لنفسه وعكسه فيما مضى عند الاية الثانية والاربعين وجاءت الكلمة شيئا اي لا كبيرا ولا صغيرا. وانما ينفع الانسان عمله الذي قدمه. فالارض التي نعيشها الان لا تقدس احدا. انما يقدس الانسان عمله ولا يقبل منها عدل حذاء كما يكون في الدنيا ولذلك قيل للفدية عدل لمعادلته اياه من غير جنسه ولا هم ينصرون ولا هم يمنعون من عذاب الله والمعنى لا يؤخذ منها فداء او بدل في ذلك اليوم ان هي استطاعت احضاره على سبيل الفرض والتقدير وهي لا تستطيع احضار شيء ولا يجدون من يعينهم ويمنعهم من عذاب الله يوم القيامة قال الطبري علينا وعليه رحمة الله وهذه الاية ترهيب من الله جل ثناؤه للذين سلفت عظته اياهم بما وعظهم به في الاية قبلها يقول لهم واتقوا يا معشر بني اسرائيل المبدلين كتابي وتنزيلي المحرفين تأويله عن وجهه المكذبين برسوله محمد صلى الله عليه وسلم عذاب يوم لا تقضي فيه نفس عن نفس شيئا ولا تغني عنها غناء ان تهلكوا على ما انتم عليه من كفركم بي وتكذيبكم رسولي فتموت عليه فانه يوم لا يقبل من نفس فيما لزمها فدية ولا يشفع فيما وجب عليها من حق لها شافع ولا هم ينصرهم ناصر من الله. اذا انتقم منها بمعصيتها اياه يقول الشيخ ابن عثيمين لما فسر الاية من فوائد الاية اولا اثبات يوم القيامة وان هذا اليوم شديد يجب اتقاؤه والحذر ثانيا ومنها ان ذلك اليوم لا تغني نفس عن نفسي شيئا حتى الوالد لا يجزي عن ولده شيئا ولا المولود عن والده شيئا كما قال تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ثالثا ومنها ان من استحق العذاب ذلك اليوم لا يقبل منه عدل. قال تعالى ان الذين كفروا لو ان لهم ما في الارض جميعا ومثله معهم ليهتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم رابعا ومنها ثبوت اصل الشفاعة في ذلك اليوم لقوله لا تنفعها شفاعة وثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم يشفع في اهل الموقف ان يقضى بينهم وانه صلى الله عليه وسلم يشفع في اهل الكبائر ان لا يدخل النار وفي من دخل النار ان يخرج منها فعلى هذا يكون العموم في قوله تعالى ولا تنفعها شفاعة مخصوصا بما ثبتت به السنة من الشفاعة قائم الذنب ومنها ان الكافرين لا تنفعهم الشفاعة لقوله تعالى في اية اخرى فما تنفعهم شفاعة الشافعين سادسا ومنها ان لا ينصر احد احدا من عذاب الله لقوله ولا ينصرون وقال الشيخ ابو بكر الجزائري ختم الله لنا وله بالصالحات الهداية وجوب اتقاء عذاب يوم القيامة بالايمان وصالح الاعمال بعد التخلي عن الشرك والعصيان استحالة الفداء يوم القيامة وتعدوا وجود شافع يشفع لمن مات على الشرك لا باخراجه من النار ولا بتخفيف العذاب عنه. اللهم ارحمنا في الدنيا وارحمنا في الاخرة. يا ارحم الراحمين وادفع عنا وعن امة الاسلام هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة رحمة الله وبركاته