واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم اي واذكروا اذ يرفع ابراهيم واسماعيل البيت لبناء بيت الله المعظم ورفع القواعد يكون بابرازها من الارض واعلاءها لتصير جدارا فالبناء اذا اتصل بعضه ببعض صار كالشيء الواحد والجدار اذا اتصل بالاساس صار الاساس مرتفعا واثر صيغة المضارع مع ان القصة ماضية استحضارا لهذا الامر ليقتدي الناس به في اتيان الطاعات العظيمة مع الابتهال في طلب قبولها ولان اجر ابراهيم واسماعيل مستمر كلما قصد البيت معظم له واذكروا حال كونهما يقولان ربنا تقبل منا وتقبل الله العمل تلقيه بالرضا والاثارة ربنا منادى حذفت منه ياء النداء واصله يا ربنا فحذفت ياء النداء للبداءة بالمدعو والمنادى هو الله الذي يربنا بالنعم انك انت السميع العليم اي المجيب لدعائنا والعليم بنياتنا واعمالنا وخص هاتين الصفتين لتناسبهما مع حالهما وفي دعائهم دليل على انهما بنياه ورفع قواعده لكل من اراد ان يعبد الله تقربا الى الله بذلك والسميع اي لجميع المسموعات التي من جملتها دعاؤنا والعليم بكل المعلومات التي من زمرتها نياتنا في جميع اعمالنا من فوائد الاية اولا المعاونة في فعل الخير ثانيا بر الابن لابيه ثالثا نظر العبد المؤمن لعمله بعين النقص مهما كان تواضعا لله وفرارا من الاغترار والعجب رابعا ان من احكام البناء تأسيسه على قواعد وفي القرآن ذكر صلاح الدنيا والاخرة خامسا اهمية القبول. وان المدار في الحقيقة عليه وليس على مجرد العمل سادسا مشاركة اسماعيل تبع بدليل الاية اذ لم يعطف مباشرة على ابراهيم وافرد الخليل اظهارا لشرفه لكونه السبب الاعظم سابعا الانسان اذا عمل خيرا فيستحب ان يدعو الله بالقبول لاجل ان لا يرد عليه عمله فيضيع سعيه ثامنا كل عمل يقبله الله يثيب صاحبه ويرضاه منه تاسعا في هذه الاية الكريمة بيان لما عدد الله وجوه عنايته بسرقة العرب كما عدد وجوه نعمته على بني اسرائيل وفي التذكير بالنعم امر بحفظها باداء شكرها عاشرا عظم الرب وصغر العبد امام عظمة الله بدليل ما يقتضيه الدعاء بالقبول مع اكمال العمل واتمامه حادي عشر في الاية الكريمة بيان شرف ابراهيم ومكانة الكعبة المعظمة وفي ذلك يظهر للمرء لماذا نذكر ابراهيم في كل صلاة ثاني عشر ينبغي ان يكون حال المؤمن ممزوجا بالخوف والرجاء كما كان حال الخليل وولده هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته