ومن يغضب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الاخرة لمن الصالحين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الاخرة لمن الصالحين قوله تعالى ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه اي لا احد يرغب عن ملة ابراهيم ويتركها معرضا عنها الا من استخف بنفسه واذلها وظلمها بسفهه وسوء تدبيره بتركه الحق الى الضلال حيث انه خالف طريق من اصطفاه الله في الدنيا بالهداية والرشاد من حداثة سنه الى ان اتخذه الله خليلا وجعله صافيا من الادناس ومن للاستفهام الانكاري ففيه توبيخ وتقريع للذين انحرفوا عن الملة التي ارادها الله في انحراف اليهود والنصارى والمشركين والعصاة والمراد به النفي اي لا يرغب ولا يعرض عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه وفي المقابل لا ارشد واكمل ممن رغب في ملة ابراهيم والملة هي الدين والشريعة وفي ملة ابراهيم خير الدنيا والاخرة دل على ذلك قوله سبحانه وتعالى بعد ذلك ولقد اصطفيناه في الدنيا اي اخترناه من بين سائر الناس وجعلناه صفيا من الخلق واكرمناهم وشرفناه بحمل رسالة التوحيد ودعوته وملته وملة الخليل قائمة على التوحيد والبراءة من الشرك واخلاص العبادة لله والبراءة مما يعبد من دون الله والشكر لنعم الله والصلاح في النفس والاصلاح للغير وانكار المنكر كما جاء هذا في القرآن الكريم مفصلا منه قوله تعالى قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين وقوله في الدنيا اي اتخذناه خليلا وبعثناه بحمل اعباء الرسالة والقيام بالدعوة والبلاغ وفي قوله ولقد اصطفيناه بيان لخطأ رأي من رغب عن ملة ابراهيم هو المعنى ايرغب عن ملته ومعه ما يوجب الترغيب فيها وانه جمع خير الدارين وفاز بالمنقبتين وافلح بالحسنيين وقد جاءت الجملة مؤكدة بمؤكدات ثلاثة وهي القسم المقدر واللام وقد والتقدير ووالله لقد اصطفيناه ولقد اصطفيناه فذكره بمظهر العظمة تعظيما له فان العبد يشرف بشرف سيده وتشريفا لاصطفائه فان الصنعة تجل بجلالة مبدعها قال الطبري علينا وعليه رحمة الله ويعني بقوله اصطفيناه اخترناه واجتبيناه للخل ولنصيره في الدنيا لمن بعده اماما وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن ان من خالف ابراهيم فيما سن لمن بعده فهو لله مخالف واعلام منه خلقه ان من خالف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو لابراهيم مخالف وذلك ان الله تعالى ذكره اخبر انه اصطفاه لخلته وجعله للناس اماما واخبر ان دينه كان الحنيفية المسلمة ففي ذلك اوضح البيان من الله تعالى ذكره عن ان من خالف فهو لله عدو لمخالفته الامام الذي نصبه الله لعباده ولما ذكر الله كرامة ابراهيم في الدنيا ذكر الله كرامته في الاخرة فقال وانه في الاخرة لمن الصالحين والاخرة هي التي يظهر فيها فائدة الصلاح في الدنيا وفيه التنبيه على ان ابراهيم بقي متمسكا بالحق مستقيما على طريقه الى اخر حياته وقد فصل ربنا ذلك في سورة النحل فقال ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لانعمه اجتباه وهداه الى صراط مستقيم واتيناه في الدنيا حسنة وانه في الاخرة لمن الصالحين اذا معنى قوله وانه في الاخرة لمن الصالحين اي الفائزين بالرضا والكرامة يوم القيامة المشهود له بالخير والاستقامة على رؤوس الاشهاد من فوائد الاية اولا ان المخالفين لدعوة الرسل سفهاء وان كانوا اذكياء في الدنيا مهما كان عندهم من العلم بالصناعة والخبرة بالسياسة والادارة ومهما اوتوا من شهادات دنيوية ومناصب عند البشر ثانيا من اكرمه الله بمعرفة لسان العرب او كان ممن فتق لسانه بالعربية فانه يتعين عليه تعليم لغة القرآن للمسلمين الذين لا يعرفون اللغة العربية وتأمل هنا رغب عنه بمعنى تركه ورغب فيه بمعنى طلبه ثالثا الرشد في اتباع ملة ابراهيم وهي الملة التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رابعا فضيلة إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حيث ان الله اصطفاه واختاره على العالمين خامسا الصلاة هو مقصد الانبياء والصديقين واذا كنت على الصلاح وهو الاستقامة على الخير فقد فزت بالقدح المعلى ونلت المقام الاسلم هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته