بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اتقاد لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون قوله تعالى ام كنتم شهداء؟ بمعنى اكنتم شهداء والمراد به ما كنتم شهداء والشهداء جمع شهيد بمعنى الحاضر اي ما كنتم حاضرين اذ حضر يعقوب الموت اي ما كنتم حضورا حين قرب يعقوب من الموت فيكون المعنى اكنتم شهداء يا معشر اليهود المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم عندما دنا اجل يعقوب وحضره الموت والاستفهام للانكار. اي انكم لم تكونوا حاضرين حينئذ فلا تفتروا على يعقوب وتقديم يعقوب وهو مفعول على الموت للاهتمام لان الاية نزلت في معرض اقامة الحجة على الكفار واقامة الحجة انما هي الامر الى يعقوب لا الى الموت وقوله اذ قال لبريه ما تعبدون من بعدي. اي ما صفة المعبود الذي تعبدونه من بعدي وهو اراد ان يطمئن على اسلام اولاده لله تعالى وطاعتهم له وحده اذا هو قاد لبنيه على وجه الاختبار ولتقر عينه في حياته بامتثالهم ما وصاهم به ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق قدموا اسماعيل على اسحاق لانه اكبر منه وجعلوه من جملة ابائه وهو عمه لان العم بمنزلة الاب احتراما وتقديرا الها واحدا اي معبودا واحدا لا يستحق غيره العبادة والطاعة ونحن له مسلم اي في اقوالنا وافعالنا وعلاقاتنا ومواقفنا ومواقعنا وفي جميع مجالات حياتنا العامة والخاصة خاضعون مستسلمون والاسلام هو ملة الانبياء قاطبة. وان تنوعت شرائعهم واختلفت مناهجهم قال ابن عاشور وهذه الوصية جاءت عند الموت وهو وقت التعجيل بالحرص على ابلاغ النصيحة في اخر ما يبقى من كلام الموصي فيكون له رسوخ في نفوس مصن وجاء يعقوب في وصيته باسلوب الاستفهام لينظر مقدار ثباتهم على الدين حتى يطلع على خالص طويتهم ليلقي اليهم ما سيوصيهم به من التذكير. وجيء في السؤال بما الاستفهامية دون من لان ما هي الاصل عند قصد العموم لانه سألهم عما يمكن ان يعبده العابدون وقوله ونحن له مسلمون ان قوله تعالى على لسانهم نحن له مسلمون جملة في موضع الحال من ضمير نعبد جيء بها اسمية لافادة ثبات الوصف لهم ودوامه بعد ان افيد بالجملة الفعلية المعطوف عليها معنى التجدد والاستمرار. نعبد يفيد معنى والاستمرار وقدم له على مسلمون لما يدل عليه التقديم من معنى اختصاصه سبحانه باسلام انفسهم له تبارك وتعالى من فوائد هذه الاية الكريمة اولا جاز اطلاق اسم الاب على العم تغليبا واحتراما لقولهم واسماعيل فعم الرجل صنم ابيه. ثانيا اهتمام الانبياء بصلاح الاولاد في حياتهم وحرصهم على ذلك بعد وفاتهم لقوله ما تعبدون من بعدي ثالثا على الوالد ان يتثبت من عقيدة اولاده وعبادتهم وان يتعاهد نصيحتهم رابعا في الاية الكريمة مشهد عظيم عند سكرات الموت يتعاهد الاب اولاده على عقيدة التوحيد وهو الارث العظيم لمن اراد الله والدار الاخرة خامسا الموت على غير الاسلام موت لا خير فيه كما في ادخال حرف النهي على غير منهي فلا تموتن سادسا موت السعداء الموت على الاسلام وهو باب السعادة بعده سابعا عند تخريجنا للاحاديث نرتب على الوفيات كما انهم اضطردوا بذكر اسماء الاباء مرتبة على الميلاد ولذلك طالب العلم يأخذ من كل شيء فائدة ثامنا عند سكرات الموت يأمن المؤمن ان يلج باب الاخرة على الاسلام وكذلك يحرص ان يودع ذريته على ذلك حرصا عليهم ولاجل ان يكونوا امتدادا لحياته بعد وفاته تاسعا يا سياق الاية تبكيتا لبني اسرائيل ان يعقوب ممن اوصى بنيه بالاسلام وجاءت امتدادا لنجاح دعوة ابراهيم عاشرا اهمية الوصية عند حضور الاجل ومن شرط صحتها ان يكون الموصي يعي ما يقول هذا وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ونسأل الله تعالى ان يحيينا حياة السعداء وان يميتنا ميتة الصالحين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته