واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون في هذه الاية الكريمة بيان السمة الثالثة للمنافقين وهي تلونهم بالوان مختلفة تبعا لمصالحهم الدنيوية فبين ربنا ما يظهرونه من النفاق للمؤمنين وما يضمرونه ويقومون به من الوفاق للكافرين واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا امنوا الايمان الشرعي وهو التصديق بالله وبكل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان المنافقون اذا لقوا المؤمنين قالوا امنا اي اظهروا لهم الموافقة في العلانية وهم يضمرون خلاف ذلك في السر قالوا ذلك نفاقا ومصانعة وتقية واغراء وخداعا ولاجل ان يشركوهم فيما اصابوا من خير ومغنم واذا خلوا الى شياطينهم والشيطان كل غاو متمرد من الجن والانس تم بذلك لعتوهم وتمردهم وبعدهم من الخير وقد سمي كبراؤهم بالشياطين لظهور تمردهم وذريعة الشيطان التمرد والعتوب فاطلق اسمهم على كل ما شابههم قالوا انا معكم اي في الدين والمعتقد اي انا معكم على دينكم وظهراؤكم على من خالفكم فيه واولياؤكم دون اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم انما نحن مستهزئون بالله وبكتابه وبرسوله واصحابه وقد خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية امنا اما مخاطبتهم لشياطينهم فبالجملة الاسمية المؤكدة بي ان لانهم غسلوا بخطابهم للمؤمنين مجرد ادعاء وبخطابهم الكفار تحقيق ثباتهم على ما كانوا عليه من الكفر انما نحن مستهزئون قالوه تأكيدا لما قبله لان المستهزئ بالشيء مصر على خلافه ومن حقر الاسلام فقد عظم الكفر وهم قصدوا انما نحن مستهزئون بمحمد واصحابه بما نظهر من الاسلام لنأمن شرهم ونجف سرهم ونأخذ من غنائمهم وهذا تفريع لما قبله والحكم بانهم مستهزئون يتضمن الحكم بانهم لا يؤمنون لان من يؤمن بشيء لا يستهزء به وهم تجاوزوا حد الكفر الى ابعد ما يكون فاستحقوا الدرس الاسفل من النار والمنافق له اكثر من حياة يحرص عليها امعانا في حب الدنيا فانية وزهدا في الاخرة الباقية وفي الاية الكريمة الماح ان المنافقين يتهربون من لقاء المؤمنين فاذا لقوهم قالوا قولتهم الكاذبة اما مجالستهم الشياطين فكانت مجالس رغبة يؤخذ هذا من لقو وخلوا وتأمل جمال التعبير القرآني واذا خلوا فمنهج الشيطان يدعوك الى مكان لا يراك فيه احد لان العلن عنده فضيحة