بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى ام تقولون ان ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط كانوا هودا او نصارى قل اانتم اعلم ام الله ومن اظلم ممن كتب شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون في هذه الاية الكريمة انتقال من توبيخ الذين يحاجون في الله ويجادلون في توحيده الى توبيخ اخر وفيه تلقين لتقرير العقيدة والتوبيخ على دعوى المخالفين ان رسل الله كانوا يهودا او نصارى وقد نفى الله هذه المزاعم في سورة ال عمران بقوله ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ومعلوم ان سورة ال عمران تتناسق مع سورة البقرة في كثير من المواضع وكانت الحجة في ابطال دعواهم استعمال التأريخ فقال تعالى يا اهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما انزلت التوراة والانجيل الا من بعده افلا تعقلون فموسى ارسله الله بعد ابراهيم بزمن وعيسى بعد ابراهيم بزمن فكيف يكون ابراهيم يهوديا او نصرانيا وقوله تعالى في الاية الكريمة واسماعيل هو اكبر اولاد ابراهيم واسحاق اخو اسماعيل الولد الثاني لابراهيم ويعقوب هو ابن اسحاق ويسمى اسرائيل ايضا والاسباط وهم ابناء يعقوب الاثني عشر والسبط والجماعة الذين يرجعون الى اب واحد والسبق في اللغة الشجر الذي يرجع بعضه الى بعض وقوله كانوا هودا او نصارى اي تزعمون ان كل هؤلاء كانوا على الديانة اليهودية او النصرانية وبالاضافة الى استعمال حجة التاريخ في الرد على مزاعمهم فقد ابطل الله تعالى دعوة اليهود والنصارى هذه بطريق اخر فقال ها هنا قل اانتم اعلم ام الله ولا يستطيعون ان يقولوا انهم اعلم من الله فمن المعلوم انه سبحانه وتعالى اعلم وهذا كقوله االله خير ام ما يشركون وهذا الاستفهام من اجل افحام الخصم والزامه فاذا قال الله شيئا وقال هؤلاء شيئا يعارضه فكلام من المعتبر والمصدق لا شك انه كلام الله وكانه يقول للمجادلين اانتم اعلم بدين هؤلاء الرسل؟ ام الله الذي له الاحاطة كلها اعلم بدينهم قال السعدي في تفسيره سورة الجواب مبهم وهو في غاية الوضوح والبيان حتى انه من روحه لم يحتج ان يقول بل الله اعلم وهو اصدق ونحو ذلك لانجلائه لكل احد وقوله تعالى ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله اي لا احد اشد ظلما في باب جثمان الشهادة ممن اخفى وستر عن الناس شهادة ثابتة عنده في كتاب دينه من الله صادرة منه عز وجل قال قتادة وابو العالية في قوله تعالى ومن اظلموا هم اليهود والنصارى كتموا الاسلام وهم يعلمون انه دين الله واتخذوا اليهودي والنصرانية وكتموا محمدا وكتموا محمدا صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون انه رسول الله وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل ثم قال الله تعالى في ختم هذه الاية الكريمة وما الله بغافل عما تعملون فربنا جل جلاله لا يغفل ولا يسهو عن عمل المجرمين ومنهم اولئك الذين يكتمون ما انزل الله بل هو عالم بهم محاسب لهم فهذا وعيد شديد توعدهم الله به من فوائد هذه الاية الكريمة اولا عظم ذنب كتم العلم والعالم بالشريعة عنده شهادة من الله بهذه الشريعة وكل انسان يكتم علما فقد اكتسب شهادة عنده من الله ثانيا لا احد اظلم لا احد اظلم ممن كتم شهادة موجودة عنده كلفه الله ادائها ثالثا ابطال الدعاوى الكاذبة والرد عليها رابعا اليهود والنصارى جمعوا بين كتم الحق وعدم النطق به واظهار الباطل والدعوة اليه خامسا ختم الاية في ذكر العلم عقب الكلام المتظمن الاعمال التي يجازى عليها يفيد الوعد والوعيد والترغيب والترهيب وهو وعيد للظالم وتعزية للمظلوم سادسا في قوله تعالى وما الله بغافل عما تعملون وعيد واعلام انه لا يترك اعمال العباد سدى وان اعمالهم تحصى عليهم وانهم يجازون عليها تابعا لا يخفى على الله شيء من المعلومات فكونوا على حذر من الجزاء على اعمالكم بما تستحقونه من العذاب ثامنا في الاية الكريمة رسالة الى كل من في عنقه كلمة حق يجب ان ينطق بها مفاد هذه الرسالة ليس الله بساهم عن كتمان الشهادة التي لزمكم القيام بها لله تاسعا تفاوت الظلم بحسب الاثار المترتبة عليه وكتمان العلم من الظلم الكبير فهو رد رحمة الله ومن كتم العلم استحق اللعنة نسأل الله تعالى ان يرحمنا وان يرحم امة الاسلام اجمعين ونسأل الله تعالى ان يرزقنا العلم النافع المؤدي الى العمل الصالح والى رحمة الله تعالى هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته