الف لام ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين هذا اول سورة البقرة وهي اكبر سورة في القرآن فيها اية الكرسي والخواتيم نزل بالخواتيم والفاتحة ملك مرسل مبينا انهما نور وبشارة وسورة البقرة اخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة اي السهر وهذه السورة احدى تسع وعشرين سورة ابتدأت بالحروف المقطعة وقد ابتدأت سورة البقرة للاسلام ومعناه هذا القرآن مؤلف من هذه الحروف ولا يستطيع الانس والجن ان يأتوا بمثله فعليهم الايمان به والعمل بما فيه والا كانوا وقودا للنار وهو كلام من له الخلق والامر فهذه الحروف المقطعة في هذه السورة وغيرها هي انتصار للقرآن وبيان ان القرآن معجز اعجز الخلق ان يأتوا بمثله ولا بعشر سور مثله ولا هذه صورة ثم جاء قوله تعالى ذلك الكتاب لا ريب فيه قد تقدم ان الحروف المقطعة انتصار للقرآن وجاء هنا ذكر القرآن ببيان عظمته ذلك الكتاب والكتاب هو القرآن وهو النور المبين قال تعالى وانزلنا اليكم نورا مبينا يعني القرآن سمي نورا بانه يظهر به الحق كما تظهر المرئيات من نور وهو كتاب لا يمحوه الماء ولا يخلق عن كثرة الرد وسمي الكتاب كتابا لانه جمع حرف الى حرف وكلمة الى كلمة وهو جمع بعضه الى بعض وفي تسمية القرآن بالكتاب الماح بانه يجب ان يعتنى به مكتوبا كما يجب ان يعتنى به مقروءا ذلك الكتاب اي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين من العلم والحق المبين والبلاغة والفصاحة والاعجاز والقرآن الكريم احسن الكلام واطفاه واغلاه وفي ترتيب هذه السورة بعد سورة الفاتحة تنبيه كريم فلما قرأ العبد بتوفيق ربه الذي رباه بالنعم عامة وبالدين تربية خاصة قرأ القارئ مبتهلا قائلا اهدنا الصراط المستقيم جاءت هذه الاية في الصفحة الثانية ذلك الكتاب لا ريب فيه بمعنى هو مطلوبك وفيه حاجتك وهو الصراط المستقيم وهو يحتاج الى وعاء وقلب صاف اذ قال تعالى هدى للمتقين اي الذين ينتفعون به هم المتقون والقرآن الكريم انزله الله هداية للناس اجمعين لكن المنتفعين به هم المتقون والتقوى من الوقاية وهي فرض الصيانة وشدة الاحتراز والاحتراس من المكروه ومنه قول العرب فرس واق اذا كان يقي حافره اذنى شيء يصيبه وفي قوله تعالى لا ريب فيه اخبار وانشاء بمعنى لا ترتاب فيه انه من عند الله ولا ريب انه منزل على ايدي الامناء والثقات ونفي الريب يستلزم ضده وهو اليقين لا ريب فيه ومعنى نفيه عن الكتاب انه في علو الشأن وسطوع البرهان وليس فيه مظنة ان يرتاب في حقيقته وكونه وهيا منزلا من عند الله هدى للمتقين انما يهتدي من يقبل الاهتداء وهم المتقون لا كل احد واذا عمر القلب بالتقوى انتفع العبد بالقرآن وبعظيم نفع القرآن فقد متنه الله بالنظر كما في الاية السابعة عشرة من سورة الرعد فانه اذا وجد ارضا طيبة كان كالربيع يدهش العقول والابصار هدى للمتقين اي هاد لهم ودال على الدين القويم المفظي الى سعادة الدنيا والاخرة والمتقون هم الذين يحذرون من عقوبته ويرجون رحمته المتقون هم الذين يحذرون من الله عقوبته ويرجون رحمته ويحبونه الحب الذي يقدمون محبته على انفسهم واولادهم وابائهم والناس اجمعين ويوالون فيه ويعادون فيه قال تعالى يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الجابرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم