ثم نبه ربنا هذا امتنانه على بني ادم بتنويهه بذكرهم في الملأ الاعلى قبل ايجادهم فالانسان لم يكن شيئا مذكورا ثم ذكر ثم خلق وسخر له ما في السماوات والارض واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويثبت الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون واذ قال ربك اي واذكر لهم يا محمد اذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة وخليفة اسم جنس يراد به الجمع اي قوما يخلف بعضهم بعضا. قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ولا على وجه الحسد لبني ادم بل على حسب الطبيعة التي منها يخلق ابو البشرية ادم فالنفوس الارظية تربة من شأنها ان تنبت الاخلاق الذميمة ما لم تسقى بماء الايمان الطاهر وتشرق عليها شمس علم الدين الصحيح وتهب عليها رياح التذكير الحكيم فهو اذا سؤال استعلام واستكشاف من الملائكة عن الحكمة في خلق بني ادم يفسد فيها الافساد في الارض يكون بالكفر وارتكاب المعاصي ويسفك الدماء يسيل الدماء بالقتل والجرح وسفك الدماء داخل في الافساد في الارض وقد ذكر تعظيما وترهيبا من القتل لخطورته ونحن نسبح بحمدك نبرأك من كل سوء وننزهك ونقول سبحان الله وبحمده فان كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك اي نعبدك ولا يصدر منا شيء من ذلك الافساد فهلا وقع الاقتصار علينا ونقدس لك وننزهك عما لا يليق بك ونعظمك والملائكة يندن من خلق الله ركز الله فيهم العقل والفهم وفطرهم على الطاعة واقدرهم على التشكيل باشكال مختلفة وعلى الاعمال العظيمة قال اني اعلم ما لا تعلمون. اي من اظمار ابليس العزم على المعصية ومن سيكون صالحا من بني ادم ومن فيكون دون ذلك ممن تهلكه المعاصي