يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واوفوا بعهدي واوفوا بعهدي اوفي بعهدكم واياي فارهبون بعد ان ذكر الله الناس جميعا بنعمه عليهم ليحملهم بذلك على اخلاص العبادة له وتصديق رسوله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ومن بين هذه النعم خلق ادم واظهار فضله على الملائكة جاء الخطاب الى طائفة خاصة من الكافرين المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم وهم بنو اسرائيل استمالة لقلوبهم نحو الايمان بالله وكسرا لعنادهم ومجادلهم والزاما الحجة عليهم مع بيان حالهم قديما وحديثا فقال يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واوفوا بعهدي اوفوا بعهدكم واياي فارهبوني يا بني اسرائيل يا اولاد يعقوب والابن من البناء لانه بناء ابيه وفي خطابهم بني اسرائيل تهييج لهم بالالتزام وتذكير لهم بابيهم العابد الصالح ليقتدوا به ففي هذا الخطاب تشريف وتكريم اذكروا اي اشكروا وذكر النعمة هو شكرها واذكروها كي لا تنسوها نعمتي يعني نعمي ونعمه التي انعم بها على بني اسرائيل جل ذكره اصطفاؤه منهم الرسل وانزاله عليهم الكتب واستنقاذه اياهم مما كانوا فيه من البلاء والضراء من فرعون وقومه الى التمكين لهم في الارض وتبذير عيون الماء من الحجر واطعام المن والسلوى فامر جل ثناؤه اعقابهم ان يكون ما سلف منه الى ابائهم على ذكر فنعمة الله على الاباء هي نعمة الله على الابناء فامر ان لا ينسوا صنيعه الى اتلافهم وابائهم فاذا نسوا يحل بهم من النقم ما احل لمن نسي نعمه عنده. منهم وسفرها وجحد صنائعه عنده التي انعمت عليكم يعني فلقى البحر والانجاء من فرعون وتضليل الغمام الى سائر ما انعم الله تعالى به عليهم والمراد بقوله عليكم اي على ابائكم فكما قلنا ان النعمة على ابائهم نعمة عليهم وشكر هذه النعم طاعته بالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم صرح بذلك بقوله واوفوا بعهدي. اي اوفوا بطاعتي وعهدي الذي عهدت اليكم بالثورات ومن ذلك الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما عاهدتم به بالايمان بنبي الرحمة والكتاب المعجز اوصي بعهدكم ادخلكم الجنة واسعدكم في الدنيا فالمعنى واوفوا بما عاهدتموني عليه من الايمان بي والطاعة لي والتصديق برسلي اوفي بما عاهدتكم عليه من التمكين في الارض في الدنيا والسعادة في فاخرة واياي فارهبون فخافوني في نقض العهد اي فاخشوني واصله فارهبوني بالياء لكن حذفت الياء. واقيم الكسر مقامها وارهبوني فيما تفعلون وتذرون. اي خافوني ولا تخافوا سواي ولتكن قلوبكم عامرة بخشية وهبي فان ذلك يعينكم على طاعتي ويبعدكم عن معصيته وقد امر الله عباده جميعا ان يكونوا دائما على خوف من عقابه. لاجل ان يعملوا ولا يتكلوا وهذه الاية الكريمة جاءت بالامر بذكر النعم فهي وان كانت خاصة الخطاب ببني اسرائيل الا ان الخطاب عام كما في الاية الثالثة من سورة فاطمة فقد امر الله بالتفكر بالنعم والقيام بشكرها والتبكير بالنعمة امر لا بد منه والتذكير بالنعمة لان الانسان غيور حسود بالطبع فاذا نظر الى ما انعم الله على غيره حملته الغيرة وحمله الحسد على الكفران والسخط وان نظر العبد الى ما انعم الله به عليه حمله حب النعمة على الرضا والشكر وفي الاية بيان ان الخوف لا يكون الا من الله وان العبد يأتي بالطاعات للخوف والرجاء وهما كالجناحين للطائر يرأسهما حب الله المنعم الذي يجب علينا اداء شكر نعمه