واذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا قطة نغفر لكم خطاياكم. وسنزيد المحسنين ثم جاء الاسلوب وانتقل من خطاب بني اسرائيل الى الحديث عنهم بظمير الغيبة بقصد الاتعاظ بهادهم وتعريضا بانهم متمادون في غيهم وبيثوا مستفيقين من ضلالهم فهم بحيث لا يقرون بانهم ظلموا انفسهم فقال تعالى واذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين وفي هذه الاية الكريمة بيان لنعمة مكنوا منها ولم يفتنوا فيها ولم يستقبلوها بما يحبه الله ادخلوا هذه القرية القرية لغة مجتمع الناس للسكنى ثم غلب استعمالها في البلاد الصغيرة وليس ذلك بالمراد هنا بل المراد المدينة الكبيرة لان الرغبة لا يتسنى الا فيها والرغد الهنيء بالسعى وفيه اشعار بكمال النعمة عليهم واتساعها وكثرتها حيث اذن لهم في التمتع بثمرات قرية واطعمتها من اي مكان شاؤوا فمعنى الاية ابحنا لكم ووسعنا عليكم فتعيشوا فيها انا شئتم بلا تضييق ولا منن وهو تمليك لهم بطريق الغنيمة وذكر الاكل بانه معظم المقصود وهذا يدل على ضعف الانسان. فغالب حاله منصرف الى الاكل والشرب والمشتهية وقوله رغد نحت لمصدر مهدوب اي اكلا رغدا اي واسعا لذيذا طعن اخيه ولا تعب والقرية هي بيت المقدس ويدل عليه قوله تعالى في سورة المائدة يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم وقوله وادخل الباب يعني بابا من ابوابها. سجد منحنينا متواضعين اي لله تعالى على ما انعم به عليهم من الفتح والنصر والظفر ورد بلدهم اليهم وانقاذهم من التيه والضلال اي ساجدين شكرا لله تعالى على ما انعم به عليهم وان اخرجتكم من الظلمات الى النور. ومن الذل الى العزة. ومن الظلم المرهق الى العبد المنصف وان اعطيتكم ما تحبون من طيب العيش وما تشتهون من حلال رزقك والسجود المأمور به هو سجود ركوع وانحناء تواضعا لله وشكرا على نعمة الفتح ويفهم من هذا ان نعمة الفتح ينبغي ان تشكر بالسجود لله ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة صلى الضحى ثمان ركعات في بيت ام هانئ كما في صحيح البخاري وقولوا حطة وذلك انهم اصابوا خطيئة بابائهم على موسى عليه السلام دخول القرية فاراد الله تعالى ان يغفرها لهم فقال لهم قولوا حقا. اي مسألتنا منك ان تحط عنا خطايانا نغفر هذا جواب الامر اي اذا فعلتم ما امرناكم غفرنا لكم نغفر لكم خطيئاتكم والخطايا جمع خطيئة والخطيئة الذنب على عمل يقال خطأ ما صنعه عمدا وهو الذنب واخطأ ما صنعه خطأ غير عمد وقوله وسنزيد المحسنين الذين لم يكونوا من اهل تلك الخطيئة سنزيدهم احسانا وثوابا وسعة اي من كان محسنا منكم كانت تلك الكلمة سببا في زيادة ثوابه ومن كان مسيئا كانت له توبة ومغفرة والمحسن هو من اتقن واجاد فعل الخير والمعنى ان الله تعالى يغفر لهم ما ارتكبوا من اثام كبيرة كانوا قد تعودوها حتى صارت يغفرها سبحانه وتعالى ثم وعد سبحانه وتعالى ووعده الحق انه سيزيد المحسنين وينعم عليهم بالتوفيق اذا تابوا وامنوا ويجزيهم احسن الجزاء والمسلم لا يعدل في تفسيرها عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله لما سأله جبريل عن الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فيكون معنى الاية الذين كانوا اشد مراقبة لله في اعمالهم سيزيدهم الله من خيره وفضله ونوره واحسانه وبركته لان العمل الذي يراقب صاحبه الله يكون ثوابه اكثر ممن هو اقل منه مراقبة وهذا من كرم الكريم سبحانه وتعالى فقد امرهم بامر يسير وعمل غير شاق ورتب عليه فضلا كبيرا وحاصل الامر كما قال ابن كثير انهم امروا ان يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول وان يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها والشكر على النعمة عندها والمبادرة الى ذلك من المحبوب لله تعالى اذا انهم امروا بان يدخلوا الباب على وجه الخضوع وان يذكروا بالسنتهم التماس حق الذنوب حتى يكونوا جامعين بين ندم القلب وخضوع الجواب والاستغفار باللسان